الأحد، 2 فبراير 2014

هل سيعود تنظيم القاعدة إلى العراق ؟



هل سيعود تنظيم القاعدة إلى العراق ؟
بقلم : احمد ابو فرحة
لم يعد خافيا على احد , من الصغير إلى الكبير , ما وصل إليه الأمر من تباين للرؤى و اختلاف في الاستراتيجيات و السلوكيات بين الدولة الاسلامية في العراق و الشام و تنظيم القاعدة و خصوصا ابرز وجوهه ( جبهة النصرة ) . فالخلافات بين الأسرة الواحدة سمع بها القاصي و الداني و تدخل بها الكهل و الطفل , و لعب على أوتارها المنافق و المفسد , و استغلها المغرض و الحاقد , و سعر نيرانها الجاهل و أعوان الطاغوت , و اتسع الرقع على الراقع برغم كل الأماني بالتوحد و الدعس على جراح الفتنة أملا في رأب الصدع . و لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه !!
فالقاعدة بأدبياتها هي مشروع امة متكامل يهدف إلى إرجاع سلطان الله في الأرض من أقصى الدنيا إلى أقصاها و ذلك باستنهاض همم المسلمين و بمخاطبتهم على قدر عقولهم و التحبب إليهم و نصرتهم في أغلى ما يملكون دينهم و أعراضهم . و قد بذلت القاعدة الغالي و النفيس في سبيل ذلك الأمر. و قد أكدت القاعدة في أدبياتها مرارا و تكرارا أنها لا تهدف إلى الاستئثار بالحكم و الانفراد به , بل تهدف على العمل إلى  إيصال الحكم الإسلامي  بغض النظر عن الحاكم .المهم أن يحكم بالإسلام و أن يكون صالحا . و تهدف القاعدة على تجميع المسلمين بكافة انتماءاتهم الفكرية تحت مظلة الإسلام باتفاق الجميع . و هذه النقطة التي تعتبر تفرع لنهر القاعدة بالنسبة إلى الدولة الاسلامية في العراق و الشام التي تريد تطبيق الشريعة بالقوة و تحت ظل خليفة واحد و هو الشيخ أبو بكر البغدادي . هذا النهر الذي أصبح له تفرع قوي .
لم يعد الخلاف فقط في مسألة واحدة و اجتهاد معين , فالصراع اليوم إن صحت التسمية هو صراع بيعات و ولاءات و إثبات صحة وجهة نظر كل طرف . و للقاعدة في كل البلاد تقريبا فروع معتمدة تبايع الشيخ الظواهري باستثناء العراق الذي كان قبلة للقاعدة و جنودها و بذلت فيها الغالي و النفيس , و لأن القاعدة ملتزمة بأدبياتها بإيصال الحكم إلى الناس بالتراضي , فقد انخرط جنود القاعدة العشرة آلاف في دولة العراق الاسلامية وقتذاك بمباركة من قيادة القاعدة . لكن الذي حدث لاحقا ان هذه المباركة من قبل رأس حربة الجهاد في العالم كادت أن تنقلب على هذه الرأس لصالح خطة غير التي تعتمدها القاعدة . فالدولة الاسلامية بأدبياتها هي مشروع خلافة إسلامية تفرض بالقوة و الخليفة جاهز , ينقص فقط وقت الإعلان . و الخلافة الاسلامية بهذه الطريقة لا ترضاها القاعدة . فكثير من المناطق في العالم سيطرت عليها القاعدة , و كان سهلا جدا إعلان دولة أو حتى دول في تلك المناطق , و كان أكثر سهولة وقتها أن ينصب زعيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله أميرا للمؤمنين و من بعده الشيخ الظواهري , لكن كما أسلفنا ليست تلك منهجية القاعدة .
و بعيدا عن من له بيعة في رقبة من , و من مسئول عن من , فقد تعدى الأمر ذلك بكثير , و أصبح مشروع القاعدة يضرب من قبل مشروع آخر , مشروع لا يرى صلاحا و صفاء للعقيدة إلا عنده , فإما أن تكون معي أو أنت عاصي لأنك شققت الصف بعدم إتباعك النهج الحق!!
حتى وصل للبعض من ذاك المشروع انه طالب الشيخ أيمن بالبيعة !! و ذلك لتوحيد صف المسلمين بحسب تلك الرؤية . اليوم نحن على أعتاب مرحلة جديدة , مختلفة كليا عن المرحلة السابقة , فالتيار في شتى بقاع العالم يكاد ينقسم على مستوى الأفراد و حتى على مستوى القيادات , و الطبطبة و اللملمة من قبل قيادة القاعدة لا يصب في صالح مشروعها , لان غالبية الشباب المتحمس لا يفرقون و حتى كثير من الشيوخ أصحاب الوزن . همهم الأوحد وحدة الصف الجهادي . لكن هذه الوحدة تضرب اليوم من قبل نكرات هنا و هناك و معرفات استخباراتية محترفة تجرف الشباب بشكل مهول نحو " اللا ضبط " في كثير من المسائل .حتى وصل بكثير من الشباب تسفيه و تحقير قيادات عالمية و مراجع ثقيلة لأنها لم توافق هوائهم !! و ما عاد لكثير من أنصار هذا التيار كبير يرجع إليه . إذا , فلا بد للقاعدة من وقفة حاسمة إنقاذا لمشروعها الاممي الذي بدأ يفقد كثيرا من الأنصار على حساب مشروع جهادي آخر . و في هذه النقطة , ليس المفاصلة في المشروع معناها التخلي عن أخوة الدين و إعلان الحرب كما يعتقد كثير من أصحاب النظرة الأحادية الضيقة و كثير من سقيمي النفوس , و ليس معنى هذه المفاصلة التخلي عن نصرة المجاهدين الآخرين كما يظن البعض . فالقاعدة تعاطفت مع الإخوان المسلمين في مصر و غيرها  برغم كل طوامهم و ذلك لرابطة الإسلام التي تجمع بينهما . و على منطق الدولة الاسلامية حينما أمر الشيخ أيمن برجوعهم إلى العراق , من الذي سيمنعنا عن نصرة أهلنا في سوريا ؟! و بنفس المنطق : من سيمنع نصرة القاعدة للعراق سيما و أن الشعب العراقي يتعرض للذبح و التنكيل ؟! و مما لا شك فيه أن في العراق كثيرون مؤيدون لسياسة القاعدة أو جبهة النصرة و هناك جماعات كبيرة مقربة لها وزنها و تاريخها في العراق مثل جماعة أنصار الإسلام و التي بدورها تعرضت كثيرا من الظلم ( بحسب بياناتها و مناشداتها للشيخ أيمن ) من قبل الدولة الاسلامية في العراق . ساحات الجهاد مفتوحة للجميع و كل له الحق في تطبيق ما يراه صوابا لنصرة الإسلام و المسلمين . يذكر أن بعض التقارير تؤكد وجود بعض الكتائب الصغيرة و المجاميع القتالية تعمل في العراق و تابعة للقاعدة و ليست منضوية تحت الدولة الاسلامية في العراق و الشام .
لذلك من المتوقع أن تستأنف القاعدة نشاطها في العراق بأي مسمى كان , يوافق إستراتيجيتها و يخضع لقيادتها . و إن حدث هذا الأمر فسيكون بمثابة ورقة طلاق تنهي خلافات الأسرة الواحدة و وقتها يكون تسريح بإحسان , و ليعمل كل بحسب ما يرى و لينصر كل من الرؤيتين الإسلام بالكيفية التي يريد .

هناك تعليق واحد:

  1. كلام جميل ولكن كيف ستتعامل القاعدة في العراق مع الدولة إن بدأت الدولة باستهداف مقرات القاعدة وسرقة سلاحها؟
    هل ستتعامل معها كما تعاملت جبهة النصرة سابقا أم كما تتعامل جبهة النصرة حالياً؟

    ردحذف