Game Over !
بقلم : احمد ابو فرحة
كنا في الطفولة
و عند القيام بلعب العاب الفيديو , نجهز اللعبة محضرين معنا كأسا من النسكافيه , و
قليلا من "الفوشار" و نجلس على الكرسي و نحضر كرسيا أخرى لنضع عليها
اقدامنا , و بكل اريحية و رخاء نبدأ باللعب في العابنا المضفلة . و بعد ان نتقدم
بمراحل عندها "نموت" فكيتب لنا الجهاز (Game Over ) فماذا نعمل وقتها ؟ بكل بساطة نبدأ اللعبة من
جديد . في الحقيقة لم تكن "الميتة" في اللعبة شيئا يؤثر علينا , لاننا
نستطيع اعادة اللعبة و نلعب من جديد و نستمتع اكثر . هذه الحالة , ان
"نموت" و نبدأ مرة اخرى و نحن مسترخيين , تصيب كثيرا من انصار الجهاد و
انصار الثورات و انصار المناهج و الافكار ( غير الفاعلين على الارض ) , فالثورات و
الاحداث الجهادية و ارواح البشر و مصائر الامم كله لا يؤثر عليهم بشكل حقيقي ,
اللهم انه يؤثر على استمتاعهم و قضاء و قتهم و اشغال انفسهم الفارغة باحداث الامة
الجلل . فان خربت البلاد و فشلت التجارب و ضاع ما ضاع , ما يؤثر على اولئك ؟ لا
شيء . ببساطة Game Over ! و بعدها يغيرون اهتمامهم الى ساحة اخرى من دماء
المسلمين , الى مرحلة اخرى تعبئ عليهم واقعهم الفارغ !
و احداث الامة
الجلل كثيرة و لا تنتهي الا بانتهاء الارض , و اولئك الذين يتابعون الاوضاع دون
الاحساس بما يجري على الارض متنعمين بالامن و الذين ينظرون على من يقبع تحت القصف
و المدافع , لا يفرقون شيئا عن متفرجي المباريات و عن لاعبي العاب الفيديو . بكل
بساطة يفتح الشخص حاسوبه بعد ان يعد كاسا من النسكافيه و يمد رجليه على الكرسي و
يتابع , و يكتب و يعلق و يزاود , بالضبط كمن يتفرج على المباراة و يقول لو فعل
المدرب كذا او لو مرر اللاعب كذا لكان كذا ... تسلية و تنظير لتعبئة الفراغ .
السؤال : ماذا لو كنت في الميدان الحقيقي ماذا ستفعل ؟
و ليس الامر ان
لا يتابع المسلم قضايا امته , فمتابعة قضايا المسلمين و نصرتها واجب على كل مسلم ,
لكن بنفس الوجع الذي يحسه المسلم و بنفس النظرة التي ينظرها و هو تحت القصف , بما
يخدم مصالح المسلمين المضطهدين لا بما يوافق هواك و فكرك الذي لا يمت بأي صلة
للواقع . يشمل هذا الكلام شيوخا و كتاب و مفكرين و اشخاصا عاديين متابعين و اصحاب
رأي , فقضية المسلمين ليست لعبة عندك و ان تذرعت باي ذريعة بانك حامي حمى التوحيد
او حامي حمى الثورة او او ... ف Game
Over هنا تعني خراب بيوت و قتل
للمسلمين اكثر و فساد بالارض .
على المسلم ان
يشغل نفسه بما ينفعه اولا و لا تكون قضايا الامة عنده بمثابة تسلية لتعبئة الفراغ
, لان الشيطان بارع في هذه الحيلة , فان كنت صاحب رأي مسموعا عند كثيرين فانتصر
لامتك و لا تنتصر لهواك او لحقدك . على اية حال , فان الامة اليوم قد تجاوزت كثيرا
من اولئك الذين ملأوا الدنيا و شغلوها بفراغهم , و ان كل من تربت نفسه الى Game Over او ما
يشابهها فان غربال الايام قد قال لهم : Game
Over !
الواقع الاليم
ينتصر على النظرية الجميلة , و اننا في مرحلة ارجاع عز المسلمين , و كل التشغيبات
من المشاغبين و " الهوائيين " ما عادت تؤثر على جيل قرر ان يغير و قرر
ان ينتصر للاسلام لا للعصبيات و الهوى , و ان نصر الله قريب .