في الذب عن الجبال الشاهقة من الغلاة المارقة
الدكتورين الفاضلين طارق عبد الحليم و هاني السباعي
بقلم : احمد ابو فرحة
لطالما عاهدت
نفسي ان احذف من قاموسي كلمة "الاستغراب او الاندهاش" عند التعامل مع
قضية الغلاة الذين يهوون بأنفسهم الى بوتقة الخوارج اكثر فأكثر يوما بعد يوم ,
لكنني و الله و في كل مرة لا تصدق عيني ما ترى و لا اذني ما تسمع من هول الكارثة
التي يفعلها هؤلاء . قوم تجردوا من أي شيء الا لحب هيكل نحتوه بأيديهم كما قال
الشيخ هاني السباعي . اقوام اقرب الى النساء في الكفر بالعشير , فما ان تمدح
البغدادي حتى تصبح من عباد الله المصطفين المختارين , حتى اذا انتقدته و بينت عوار
افكاره حتى تصير شيطانا رجيما توصف بأقذع الاوصاف و تكال لك التهم دون جمرك .
سب و تحقير و
شتم و تطاول على قمم العصر , اناس لها افضال لا تنسى و وقفات لا تاريخية , نحسبهم
من اهل الثقة في هذا العصر . لقد قالها الدكتور طارق عبد الحليم : شعب السيسي افضل
من كثير من هؤلاء . فشعب السيسي لم يتربى على الاسلام و لا يأبه للإسلام اصلا و
يحاربه و عادي جدا ان نرى منهم كل القذارات , اما ان ترى السب و الشتم و التحقير و
الاتهام بالعرض من اناس يرون في انفسهم و يدعون انهم سيرجعون الخلافة و يريدون
تحكيم شرع الله فتلك هي الكارثة .
و في هذه
العجالة سأخصص الذب عن علمين من اعلام التوحيد في عصرنا و هما الشيخان هاني
السباعي و الدكتور طارق عبد الحليم . و سبب حديثي عن هؤلاء الاثنين هو انه كثير من
الناس تعرضوا لهما سواء من الخوارج او من انصار الجماعات الاخرى . و لأنني شخصيا
متابع لهما منذ زمن سأتحدث بتسلسل يسير عن ما اعرفه عن هؤلاء الجبال .
تعلمنا من هؤلاء
المشايخ طريقة الرد المؤدبة على المخالف , حتى لو كان هذا المخالف مخالفا حتى في
مسائل كبيرة كالإخوان المسلمين , ففي مقالة كتبها الدكتور طارق عن الشيخ القرضاوي
بعنوان ( القرضاوي زلة عالم ام عالم من الزلات) ينتقد الدكتور طارق منهج الاخوان
من رأسه الى قعره , و يرد على القرضاوي بكل عنف مغلف بالأدب في مسائل كبيرة و مع
ذلك لا ينكر فضله و لا يكفره . هذا ما تعودناه من قبل الاكابر . و للأسف فإننا نرى
اليوم اقواما تعد زورا و بهتانا على التيار الجهادي ينسفون المخالف نسفا قد يصل
الى النسف الحقيقي كما في قتل الشيخ ابو
خالد السوري . و الادهى و الامر , انهم يستكثرون علينا قول خوارج عنهم !! و الله
ان الخوارج افضل و اكثر فروسية و شهامة .
و الشيخ هاني
السباعي , اكبر من ان يذود عنه شخص مثلي , لكن منه ايضا تعلمنا آداب الرد على
المخالف , ففي مقال له ايضا عن الاخوان المسلمين بعنوان (ما دخلوا ساحة قتال الا و
افسدوها ) يشرح و يسهب و يفضح في منهجهم دون التعرض لتكفيرهم انما لإصلاحهم , و
عندما ترى منه ما قال في جماعة الدولة اعلم ان الخطب جلل و المصيبة عامة و طامة .
ففي بداية
الثورة السورية , ناصر الشيخان الكريمان الثورة و قفوا مع كل الفصائل المقاتلة بما
فيها الجيش الحر (قبل ان تصبح له ولاءات خارجية ) و مع قيام جبهة النصرة وقفوا
معها بالباع و الذراع و ذبوا عنها حين شكك بها كثيرون . و عندما حصلت المشكلة بين
البغدادي و الجولاني , وقف الشيخ هاني السباعي موقف الحياد التام بل و شبه الخلاف
الحاصل كالخلاف الذي حصل بين الصحابة و رفض أي مقال في موقعه يطعن في أي طرف و شدد
و عنف على اسد الجهاد و عبد الله بن محمد الذين فضحوا الدولة منذ ذلك اليوم و رفض موقع
المقريزي مقالات كثيرة منها ما قد كتبتها
شخصيا لأنها اعتبرت المقالات نصرة لجبهة النصرة على حساب الدولة . و وقف الشيخ
هاني مع الدولة نصرة للحق , و للحق فان عوار الدولة لم يكن واضحا للجميع , فعند
الشيخ هاني و الدكتور طارق , كانا يعلمان ان هناك خلل ما لكن الكبار مسؤولون عن أي
كلمة تخرج منهم , فمواقفهم ستغير مواقف كثيرة عند اناس كثيرين . و حتى تبين ان العدناني
نفسه و هو رأس في الدولة و قالها علانية دون مواربة , كان للشيخين موقف حاسم و
قاصم , طبعا بعد عدة دلالات و قرائن تم تجميعها . و هذا هو منهج الكبار . و هنا
نرد على الذين خاضوا في الشيخين من انصار الجماعات الاخرى المجاهدة , و نقول انه كان
عنده حق في الشبهات التي يطرحها ضدهم و هي للحقيقة مدخل سوء عند الخوارج للطعن في
الاخرين , و من هذه الشبهات هي بعض العلاقات المشبوهة عند اطراف من الجبهة
الاسلامية في بعض الدول العربية , و طبعا فان الجبهة الاسلامية حليفة لجبهة النصرة
و هنا تساؤل قوي ليس فقط عند الدكتور طارق و عند الشيخ هاني , لكن عند كثير من
المراقبين . و طبعا علامة الاستفهام هذه تبقى مجرد نظرة تحتاج الى دليل لا ثباتها
او نفي لها , لا ان تكفر الجبهة الاسلامية بالشبهات و من ثم تكفر النصرة لأجل
تحالفها مع الجبهة الاسلامية !!
اذا , فالشيخين
طارق و هاني كان لهم مبرراتهم في ترجيح كفة على كفة دون اقصاء , و لكن بعد ان تبين
لهم الحق , كان ردهما اقسى رد على الخوارج و الاكثر ايلاما , فلماذا رأينا شماتة
من البعض و لسان الحال : لماذا الآن ؟ و رد سفيه اخر طرحه انصار الخوارج و انصار
غير الخوارج , ان الشيخان طارق و هاني لم ينتفضا الا عندما تم المساس بالشيخ
الظواهري !! و هذا عجيب ايضا , فالشيخ هاني له كلمة عتاب قوية لانصار الدولة سجلت
بعد استشهاد محمد فارس من الاحرار و فيها كثير من التعنيف على انصار الدولة . و
قضية اخرى يثيرها البعض عليهم , بقول الدكتور طارق ان الدولة جماعة نقية . و في
هذه النقطة لم يقصد الدكتور انها منزهة كما فهم البعض , انما القصد منها ان الدولة
"نظريا" هي اصح الموجود . و في هذه فان كاتب المقال هذا معه في هذه
النقطة , لكن عمليا يختلف الوضع عن نظريا . و بعد كل هذا فان الشيخان اعلنا مفاصلة
و براءة و هذه تجب كل الاقوال السابقة . لكنني هنا اذب عنهم بما رأيته و بما ادين
به و لأنني متابع لهما منذ سنوات طوال افهم طريقة تفكيرهما و يسوئني التهجم عليهما
.
في نهاية المطاف
, كثيرون هم الذين تهجمت عليهم "الدولة" , ابتداء من المقدسي ثم ابو
قتادة ثم العلوان مرورا بالدكتور اكرم حجازي و القنيبي و الحدوشي , و كل اولئك
نجوم في هذا الزمان و لا يهمهم نباح من نبح . لكن الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو
حجم السيل الهائل من الشتائم القذرة في حق الدكتورين طارق و هاني , و لن اكذب
عليكم ان قلت لكم ان مئات الشتائم يوميا ضد الدكتورين في تويتر و فيسبوك بطريقة
عجيبة و صادمة ,و كل يوم مقالات جديدة ضدهم , و تهجم اخر و نوع من الشماتة من
اطراف اخرى ضد الدكتورين , فما بين شتم و شماتة , شحذ قلمي لكتابة هذا المقال ,
صدا و ردا و دفعا و ذبا عن عرض و سمو الجبال الشاهقة من قبل الغلاة المارقة , و
نسأل الله ان يجزي علمائنا و قادة المسلمين الصواب و الهداية و ان يكف الشر عنهم .