الجمعة، 8 نوفمبر 2013

رسالة الظواهري من الورق إلى الصوت



رسالة الظواهري من الورق إلى الصوت
بقلم : احمد أبو فرحة
بعد الفتنة التي حدثت بين مجاهدي الشام في أوائل نيسان 2013 بإعلان الشيخ البغدادي إلغاء اسم جبهة النصرة و إلغاء دولة العراق الإسلامية لتصبح "الدولة الإسلامية في العراق و الشام " و من بعدها رد الجولاني بأدب برفض قرار الانضمام و رفع الأمر للشيخ الظواهري و بايع القاعدة , جاء رد الشيخ الظواهري برسالة مكتوبة وصلت لأطراف النزاع عبر القنوات المعتمدة للقاعدة , و صل الشيخ الجولاني نسخة و وصل الشيخ البغدادي نسخة و أبو خالد السوري نسخة . و كانت الرسالة تقتضي أن يعود الأمر كما كان عليه قبل الاندماج المعلن من البغدادي و وقف الجدال على الإعلام و على الملأ  , و هذا السبب الذي دفع الشيخ الظواهري لكتابة رسالة خطية .
و لكن جاء رد الشيخ البغدادي غريبا , فأولا شكك في الرسالة و صحتها , مع العلم انه يعرف مدى صحتها . ثم ثانيا , بدا للمستمع كأن دولة العراق الإسلامية لا تتبع القاعدة تنظيما . و ثالثا و الأهم كان هناك تجني على الشيخ الظواهري و اتهامه بأن الرسالة تحوي مخالفات شرعية و أن الشيخ الظواهري لا زال يتأثر بسايكس بيكو !!
كون الرسالة كانت مكتوبة , و كون جبهة النصرة من قام بنشرها على الأفراد و وصولها للإعلام , ظل كثير من الشباب الجهادي حائرا من المسألة , فكلام الشيخ البغدادي و من ثم العدناني و ردهما يوحيان أن الرسالة كاذبة أو إن صحت ففيها من المخالفات الشرعية الشيء الكثير . لكن يبقى للشيخ الظواهري اسمه و مكانته العالية لدى التيار الجهادي , فهو رأس الجهاد العالمي و أمير تنظيم القاعدة الذي له فروع كثيرة في العالم و يسعى لوصول حاكمية القرآن للحكم .
بعد ذلك , بدأت الخلافات الفكرية تتزايد بين أنصار القاعدة و أنصار الدولة , فبرزت كتب كثيرة كتبها أعضاء في الدولة الإسلامية أو مفكرين محسوبين عليها تدعوا الشباب الجهادي و غيره إلى بيعة البغدادي , و ساقوا الأدلة الكثيرة على وجوب البيعة للبغدادي أهمها انه قرشي النسب , في دلالة إلى أن البغدادي أميرا للمؤمنين .
و في الثامن من شهر نوفمبر 2013 , نشرت الجزيرة نسخة مسجلة للرسالة المكتوبة من الظواهري بصوته , و بالطبع فان الهجوم على الجزيرة و اتهامها بالخبث و العمل على الفتنة بين المجاهدين أول رد على خطاب الظواهري الصوتي . لكن المتتبع للتسجيل الصوتي الجديد للظواهري يرى التالي :
1- تبعية دولة العراق الإسلامية للقيادة الرئيسية للقاعدة , و هذا الذي حاول كثير من أنصار الدولة إنكاره و رده , لكن كلام الشيخ الظواهري لا يحتمل إلا كذبا أو صدقا , و ما عهدنا على الشيخ الظواهري كذبا , و نص الخطاب أتى بلغة الأمر , و كما انه قال : " اخطأ الشيخ البغدادي الحسيني في إعلان الدولة الإسلامية في العراق و الشام دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا بل و دون إخطارنا" . فما معنى دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا أو حتى إخطارنا ؟؟ إن لم يكن للشيخ الظواهري سلطة فلماذا هذه الصياغة ؟
2- مضمون الرسالة واحد , لكن النص مختلف , ففي الرسالة الخطية ذكر أن " أبو خالد " السوري سيكون حكما بين الطرفين , و في الخطاب الصوتي لم يذكر اسم أبو خالد السوري , في إشارة إلى عدم جدوى وجوده و عدم إمكانيته لحل النزاعات .
3- تبني جبهة النصرة كفرع للقاعدة في سوريا , و أن نهج جبهة النصرة هو النهج الذي تتبناه القاعدة الأم في حشد الناس و العوام ضد الطاغوت و الرفق في دعوتهم و أن وصول الإسلام للحكم هو الغاية الأسمى و ليس فقط وصول تنظيم معين و إن طبق أحكام الله . و بعد ذلك التركيز على قضية القاعدة الجديدة في إيجاد الحاضنة الشعبية لها في سوريا .
4- يأتي التسجيل الصوتي بعد أكثر من رسالة و توجيهات لأكثر من عالم معتبر من رموز التيار الجهادي , نذكر منها رسالة الشيخ الطريفي , و رسالة أبو الوليد الغزي الأنصاري , و كلام الشيخ حامد العلي , و رسالة الشيخ المقدسي , و رسالة أبي قتادة , و رسالة الشيخ الحدوشي التي اثنت على رسالة أبي قتادة . و كانت فحوى جميع تلكم الرسائل : يجب أن تكون الجهود موحدة و يجب أن يكون الجهاد أممي شعبي و بعدها يختار الشعب بوجود الكتائب الإسلامية قائدا له يحكم شريعته , و عدم فرض أي حاكم فرضا على الشعوب , و أن البيعات اليوم هي بيعات قتال و حرب لا بيعة خلافة كما يروج أنصار الدولة .
5- أكد الشيخ الظواهري على جواز القتال تحت أي راية إسلامية هدفها إعادة سلطان الله في الأرض , نافيا حصر مفهوم الطائفة المنصورة على جماعة معينة كما يحاول بعض أنصار الدولة إسقاط هذا المفهوم على تنظيم دولة العراق و الشام الإسلامية  في قوله " لا يعد خارجا من ينتقل من جماعة جهادية إلى أخرى و من جبهة إلى أخرى ". و مؤكدا أن القاعدة تقبل القسمة على الجميع و لا تريد أن تستأثر بالحكم , و مؤكدا أيضا على أن ليس كل من ضد الدولة الإسلامية جاسوس أو مخترق أو عميل أو عاصي !!
6- تعظيم حرمات المسلمين و عدم إراقة الدماء المسلمة إلا بعد قضاء شرعي واجب و إلا ستقف قيادة القاعدة موقف شديدا أمر بالمعروف و نهيا عن المنكر , و هذا من أهم البنود التي قالها الشيخ الظواهري تلافيا لا قدر الله لأي شيء قد يقع مستقبلا .
7- الشيخ الظواهري يرد في رسالته الصوتية ذات التوقيت الجديد و المضمون القديم على كثير من المعرفات و الحسابات و الأسماء على الشبكة العنكبوتية التي تعيث فسادا و تفسق هذا و تكفر هذا و تخون هذا و تتطاول على هذا باسم مناصرة الدولة الإسلامية , و الدولة الإسلامية منها براء , موضحا للمرة الألف  منهج القاعدة الذي يدعوا إلى الوحدة و الألفة و الإحسان إلى الناس و الرفق بهم و مخاطبة الناس على قدر عقولها ليصلوا بهم و معهم إلى حلم الدولة الإسلامية الشاملة التي ستقض مضاجع اليهود و الصليبيين و تسلم الراية إلى عيسى ابن مريم .
8- تأكيد الشيخ الظواهري على مصطلح "الولاية المكانية " سواء للشام أو للعراق أو أي مكان تتواجد به القاعدة مراعاة لافهام الناس و طبيعة الناس في كل بلد , و هذا ليس من رواسب سايكس بيكو كما يسوق البعض !! بل هي فهم السياسة الشرعية بشكل صحيح .
9 – الشيخ الظواهري يثبت نفسه قائدا للمجاهدين في كل العالم و انه صاحب الكلمة الفصل , و الشيخ الظواهري معروف معلوم و عبق سيرته أسمى من أن يلمزه لامز . الجهاد يحتاج إلى رأس و قيادة , و التسجيل الأخير يثبت من هي القيادة .
و أخيرا , ردي على من سيرد علي في مقالتي هذه , قائلا : ( باااااقية رغم أنوف الحاقدين ) , و هذا الرد الذي تعودنا عليه بعد رسالة أي شيخ أو عالم . أقول له : إن شاء الله يا أخي ستظل باقية و هذا أملنا , و نحن لسنا حاقدين , إنما أملنا أن تستمع الدولة الإسلامية إلى رأي العلماء و شيوخ الجهاد و أن تترك الحزبية , و أن تكون جزءا هاما من مكون الدولة الإسلامية المقبلة إن شاء الله , لا أن تكون هي "الدولة الإسلامية " و ما سواها سهل الطعن به . هذا أملنا و إن شاء الله باقية , باقية , باقية .
8 – تشرين الثاني - 2013

الجمعة، 12 يوليو 2013

متى سيعود الأسد الى حكم الغابة ؟



متى سيعود الأسد إلى حكم الغابة ؟
حكاية قصيرة بقلم : احمد ابو فرحة

في زمان جميل لا ينسى , حكم الأسد الغابة بالعدل , وكانت جميع الحيوانات و الطيور تعيش في سعادة غامرة , لا اعتداء على احد , لكل حقوقه و واجباته . غابة خضراء جميلة مليئة بالأشجار و الأزهار و الأنهار . حياة مثالية بالنسبة لغابة .
و بعد أن شاخ الأسد و مرض , و أصبح ضعيفا بالنسبة إلى ذي قبل , تكالبت وحوش الغابة من نمور و ذئاب و ضباع  و كلاب برية إلى حياكة المؤامرات و دس الدسائس . وفي لحظة غابرة , في ليلة داكنة , معتمة مظلمة , تمكنت الوحوش من اسر الأسد وإبعاده عن حكم الغابة .
تغيرت الحياة كليا بعد غياب الأسد . ساد الجور والظلم والظلام , وأصبحت دماء الحيوانات جميعها تسال في الغابة , بسبب أو بلا سبب . كان حكم الوحوش للغابة دمويا احمرا , لا مكان للعدل فيه , إن لم تقتل فانك سوف تقتل !!
اجتمعت الحيوانات جميعها و من ضمنها الثعلب , يتدارسون الأمر , و ليجدوا طريقة يرجعون بها إلى حكم الأسد الرشيد . و كانت الخطة الوحيدة هي الانتفاضة الجماعية على الوحوش لإرجاع الأسد.
بدأت الحيوانات مجتمعة في حربها الضروس مع وحوش الغابة و كان للثعلب دور بارز في هذه الحرب , فالثعلب ماكر محترف , مقنع مقبول , سريع و خاطف . اشتدت المعارك بين الحيوانات و الوحوش و أنهكت الطرفين , و لم يفز أي احد في هذه المعركة , و بقي الأسد حبيسا ينتظر من يفك قيده ليرجع و يحكم الغابة بالعدل .
اتفقت وحوش الغابة على تعيين النمر ملكا للغابة , و في عهد النمر كان الذبح و القتل أيسر من جريان الماء , و انخفض عدد سكان الغابة إلى النصف في عهد النمر . و بعد ذلك , اجتمعت الوحوش و فكروا في حل يقلل من القتل و يمد في فترة حكمهم وسط انتفاضة الحيوانات و الطيور عليهم . فاتفقوا على تعيين الذئب حاكما للغابة . و على نهج سلفه , قتل الذئب من الحيوانات و الطيور أكثر مما تطلب غريزته القذرة . وكان عند استلام أي وحش من الوحوش الحكم , تشعر الحيوانات و الطيور بالاستضعاف و التكاتف و كان يميز تلك الفترة أن الحيوانات و الطيور تعلم من هو عدوها و كيف السبيل إلى الخلاص – إرجاع الأسد إلى الحكم .
و بعد كثرة التجارب و كثرة المحن و الفتك , تفتت الحيوانات و أصبح كل فصيل أو قطيع لا يهمه إلا نفسه و الحفاظ على كينونته . تلك البدعة ابتدعها الثعلب الذي كان كل همه هو الوصول إلى سدة الحكم . و كان قطيع الثعالب الأكثر تنظيما و الأكثر خبرة و تدريبا و حنكة . و كانت الثعالب تهتم بنفسها أكثر من البقية في عز البلاء والجور , فما كانت من بقية القطعان إلا تنتهج نفس النهج .
و مرة من المرات , اجتمع الثعلب بالبقية و ابلغهم انه يريد الوصول إلى الحكم و بعد أن يصل إلى حكم الغابة , فإنه سيرجع الأسد و سيفك قيده . تفاجأت الحيوانات و الطيور من طرح الثعلب , و صار الجدال أولا , فك قيد الأسد أولا , أم الوصول إلى الحكم و من بعدها فك قيد الأسد ؟!
تذرع الثعلب و جماعته بأنه الأقدر على الصراع بحكم انه منظم و خبير , و أن له أساليبه في المراوغة و القتال , و طلب من الجميع مساندته . و لم يكن خيار لدى بقية الحيوانات والطيور إلا أن يتعاونوا مع الثعلب و قطيعه وتصديقه . استمرت الحروب مع الوحوش بقيادة الثعلب و جماعته , و كان من أكثر المخلوقات شدة و ألما على الجميع هي العقارب و الأفاعي الموالية للوحوش , فهذه المخلوقات تعيش بين الحيوانات و تنقل الأخبار لأسيادها و كثير من المرات تضع السم في الأنهار فيموت من يموت , و مرات أخرى تلدغ من تتفرد به لحساب أسيادهم الوحوش . عداك عن بث الفتنة و الإشاعات .
كانت الحيوانات مجتمعة تعتبر الأفاعي و العقارب عدوا مثله مثل الوحوش , رغم أنها تعيش بينهم .
تغيرت معاملة الثعالب للأفاعي و العقارب و أصبح هناك شبه اتفاق بينهم على أن يغض كل من الطرفين الطرف عن الآخر . فاستغربت الحيوانات مثل هذا التصرف من الثعالب و كان التبرير دائما لأجل أن يصلوا للحكم و إطلاق سراح الأسد .
و كان من ضمن الثورة ضد الوحوش أسراب النسور و الصقور , و كانت الأشد فتكا في العدو , إلا أنها تفتقد ميزة و هي منطلق و حاضنة لها في قلب الغابة , إذ أن هذه النسور و الصقور تعيش في أعالي الجبال , صادقة , هدفها الوحيد إطلاق سراح الأسد وإرجاعه للحكم , و لا تبغي لنفسها حكما لأجل الحكم . لكن الثعالب حرضت البقية عليهم شأنها شأن العقارب و الأفاعي , و اتهمتهم بأنهم متوحشين محبون للقتل و لا يقلون وحشية عن بقية الوحوش . مع العلم أن النسور لا تأكل إلا لتعيش و ليست غرائزها للقتل فقط مثل الذئاب و النمور و الكلاب البرية . و كانت النسور دائما تقنع الجميع بأنه لا حل إلا إرجاع الأسد أولا ليحكم الغابة بعدله , لكن ثقة البقية بالثعالب كانت تطيل أمد بقاء حكم الوحوش .
و تمكنت الثعالب من فتح قنوات اتصال مع الوحوش , و كان بينهم اتفاق ضمني على أن تحكم هذه الثعالب شكليا , مقابل أن توافق الأغلبية الباقية . فاستطاعت الثعالب إقناع الجميع بأنها ستصل إلى الحكم , و على أمد بعيد ستغير في حكم الغابة , و سيأتي جيل يعيش في كنف من العدل سيرجع الأسد لا محالة . و هنا ماذا فعلت الحيوانات و الطيور ؟ فهي ما بين أمرين , إما حكم الوحوش و إما حكم الثعالب و غاب عن ذهنها أن من يحكم حقيقيا هم الوحوش . فاتفقت و بأغلبية على تنصيب الثعلب الأكبر حاكما للغابة , دونما اخذ القصاص من بقية الوحوش .
و بعد ذلك الاتفاق , حكمت الثعالب الغابة , و لم يتغير شيء في نظام الغابة , الوحوش تسيد و تميد و تقتل و تنهب و تسلب , و الأسد لا زال حبيسا , و الذي تغير فقط هو نفوذ الثعالب و من أيدهم فقط , و البقية لم يختلف عليهم الوضع إطلاقا .
شعرت الحيوانات و الطيور بحجم الكارثة التي حلت عليهم و بثقتهم خائبة الأمل في الثعالب , و صارت ململة في الغابة , و أصبح الوضع خطيرا على الثعالب و الوحوش .
جلست الثعالب و الوحوش فيما بينهم , و رسموا مخططا يضمن للثعالب الحكم و للوحوش السيادة .
و كان المخطط يقتضي هي إيهام الجميع بأن الثعلب سيتم الإطاحة به , وأنه سيتم تنصيب الكلب البري مكانه , و الكلب البري هذا معروف ببطشه و حشيته و لا رحمة في قلبه .
ما كان للحيوانات و الطيور مرة أخرى إلا أن يتمسكوا بالثعلب , لأنه سيبقى اقل بطشا من بقية الحيوانات . فيرجع الثعلب مرة أخرى للحكم . و هكذا دواليك , كلما اكتشف الجميع زيف الثعالب , خوفتهم الوحوش بأن بديله سيكون أكثر شدة و بطش .
و من هنا نرى كيفية نجاح الوحوش في تقزيم المطالب و القضية , من إرجاع الأسد و فك قيده إلى المحافظة على اقل الخسائر و هي حكم الثعلب .
و تبقى النسور و الصقور تعيش على رؤوس الجبال , لا يهمها من خذلها و من طعن بها , لا تصل الأرض إلا عندما تفترس آو تموت . تنتظر اللحظة الحاسمة لاقتناع الجميع بأن لا حل إلا بهم و بإرجاع الأسد على الحكم و لا شيء سوى ذلك .
و لكن هل ستصل الحيوانات و الطيور إلى هذه القناعة ؟
لا شك بأن حكم الأسد قادم لا محالة , لكن الزمان مرهون بيد الله .
11 - 7 - 2013


الاثنين، 8 يوليو 2013

مرسي و الكرسي و حكم الله المنسي



مرسي و الكرسي  و حكم الله المنسي !!
احمد ابو فرحة
بعد ما يسمى " الانقلاب العسكري " بحسب رؤية الإخوان , أو ما يسمى " تصحيح مسار الثورة" عند القومجيين و الفلول و العلمانيين و ما لف لفيفهم , أو بعد " الأحداث الغامضة " كما يؤثر طرف ثالث بتسميتها , نجد أنفسنا مرة أخرى وسط معمعة جديدة محورها أو بطلها " الإخوان المسلمون" .
رئيس إخواني منتخب أتى عبر صناديق الاقتراع الديمقراطية , يحمل منهج الإسلام الوسطي وصل للحكم , يعتلي كرسي الرئاسة , يطبق القوانين الوضعية متذرعا بالتدرج في تطبيق حكم الله من دون سقف زمني أو خطة حتى و لو لبعد ألف سنة !! ينتهج نهج أي رئيس عربي أو غربي في الاحتكام للقانون و يحارب المجاهدين في سيناء و يقتل من يقتل منهم , و لا تزال صورة المسلحين المتفحمة عالقة في الذاكرة لا تنسى . السينما كما هي في مصر مزدهرة منتشرة في عهد الرئيس الاخواني . قرض ربوي لإنقاذ البلاد . العلاقات مع إيران تزداد و الانفتاح الاقتصادي مع إيران  في ازدياد , و المذهب الشيعي ينتشر أكثر مما كان في عهد مبارك . السؤال هنا : ما الذي تغير في حكم الإخوان المسلمين ؟ أو السؤال الأصح – بفهمهم – ما الذي ينوى تغييره في عهد الإخوان المسلمين ؟
حسنا , لنضع هذا جانبا , فقد يقول قائل : ليس هذا وقتا للمناكفات السياسية !! لا بأس .
و لكن من حقنا أن نسأل أسئلة مشروعة , كوننا مسلمين إسلاميين نعد في هذه الفترة بالذات في خندق مع الإخوان و لو كانت المسافة شاسعة , المهم انه نفس الخندق , محاربة العلمانيين و أتباع النظام القديم .
هل الديمقراطية عند الإخوان وسيلة أم غاية ؟
سؤال لا بد للإخوان يجاوبوه , قبل أن يتورط معهم محبو الشريعة و مطالبو تطبيقها من عوام المسلمين . تذرع الإخوان طويلا بأنهم يريدون التدرج في الشريعة بخطة طويلة , و العمل على إيجاد أجيال تحب الدين و التي بدورها هي التي ستطبق الشريعة , و كتبوا الكتب في أن الديمقراطية سبيل للوصول إلى الحكم , حتى أن البعض ساواها بالشورى في احد كتبه !!. فها هي الديمقراطية تخونكم , فماذا انتم فاعلون ؟ الصناديق التي أتت بكم , ألغاها العسكر بدقيقة من خطاب , فأين هي السبيل البديلة لتطبيق حكم الله ؟
أم أنها حقا عند الإخوان الديمقراطية غاية , و هنا أصبح من الخطورة بمكان أن ينزلق معهم احد , فتزهق روحه هباء منثورا !! و هذه لا بد للإخوان من توضيحها . فالمعطيات تقول أن الإخوان يتشدقون بالديمقراطية و " الشرعية " و صناديق الانتخاب , حتى هذه اللحظة على لافتات و على السن و حناجر المعتصمين في ميدان رابعة العدوية . سؤال لا بد للإخوان أن يجيبوا عنه و بوضوح هل الديمقراطية وسيلة أم غاية ؟؟

ماذا لو قدر الله و أن توفي مرسي وفاة طبيعية هذه الأثناء ؟
سؤال مهم أيضا لا بد له من إجابة . هل يتعلق الإسلاميون بشخص أم بفكرة أم بمنهج أم بماذا ؟
هل إذا توفي مرسي انتهى كل شيء ؟ و ما مصير الدماء التي تراق ؟ لماذا التركيز على شخص الرئيس ؟
الإخوان اليوم على أعتاب مرحلة مفصلية أخرى , بحكم أنهم القوة الأكبر في الطاقات الإسلامية المصرية , و هم محور القضية . و اليوم يقف إلى جانبهم عوام المسلمين المتعاطفين المحبين للإسلام و كثير من الحركات الإسلامية التي تنادي بشرع الله , و هم اليوم مسئولون عن مصير الدماء التي تراق , و عن نجاح أو فشل القادم .
أمام الإخوان المسلمين أكثر من مسار , إما أن يقتنعوا بأن الديمقراطية وهم و زيف , فلا هي سبيل و لا هي غاية , و من أراد الإسلام فليعمل له بالطرق الشرعية , و اقلها الثورات الشعبية الحقيقية التي لا تبرح الميادين حتى يطبق شرع الله براية واضحة لا غبار عليها و بدستور واضح . و إما أن يستمر الإخوان في سلك الديمقراطية و السياسية الفارغة و يقدموا تنازلات أكثر من ذي قبل , فتصبح كلمة "إسلامية" مجرد اسم مستعار للحكم بأي طريقة . و إما أن يحل الإخوان أنفسهم و يعترفوا بأخطائهم و فشلهم و ضياعهم  و يتركوا لغيرهم المجال و يساعدوهم في العودة إلى حكم الله و هذا أفضل و الله اعلم .
7 – تموز - 2013

الخميس، 20 يونيو 2013

السلفية الجهادية بين منهجين – حقيقة لا مفر منها



السلفية الجهادية بين منهجين – حقيقة لا مفر منها
احمد ابو فرحة
ترددت كثيرا قبل أن اكتب , لكن بما أن المسألة أصبحت على الإعلام , و خطأ القادة بعضهم و انقسمت الكتائب , و خاض في الموضوع من خاض و تكلم به من تكلم , فلا ضير من قليل من التحليل و الله المستعان .
قد يكون عام 2013 هو العام الأكثر خطورة في تاريخ العمل الجهادي , ليس من  اختلاف الأفكار و الرؤى , فهذا أمر طبيعي فطري بين البشر و لو كانوا في نفس التنظيم . لكن المسألة العظمى هي بروز تلك الاختلافات و الرؤى على الإعلام و حدوث انقسام فعلي في معسكر المفترض انه واحد و يسعى لتطبيق هدف واحد .
و سأحاول أن أكون موضوعيا جدا في نقاش ابرز نقاط الاختلاف بين منهجي السلفية الجهادية حتى و إن كنت ميالا لطرف على حساب طرف و هذا أمر وارد , لكن من أدبيات الكتابة أن يكون الكاتب موضوعيا و يتحرى الدقة و الصدق .
السلفية الجهادية اليوم أضحت بشكل واضح بين منهجين مختلفين تماما , و إن اتفق المنهجان في الفكرة و العقيدة و الهدف , لكن الأسلوب و هو عامل مهم جدا في تطبيق المنهج , مختلف جدا .
نحن الآن ما بين منهج نخبوي يخاطب الفرد المنضوي تحت الجماعة بصفته نخبة و هو العامل الأهم في الصراع – بحسب رؤيتهم , و منهج عمومي يخاطب عموم الناس و مشاعرهم و يحاكي عقولهم و يكسب محبتهم مع الحفاظ على الثوابت العقائدية و الفكرية .
و قبل الدخول إلى قضية الملف السوري – الأزمة بين دولة الإسلام في العراق و الشام و جبهة النصرة , لا بد لنا من إلقاء الضوء على نماذج السلفية الجهادية في العالم العربي و بقية العالم .
نبدأ من مصر , حيث نرى الدكتور محمد الظواهري و الدكتور احمد عشوش ينزلون إلى ميدان التحرير و يشاركون في المظاهرات التي تدعو إلى إقامة حكم الله في مصر طبعا مع ثلة أخرى من المشايخ الكرام , يناقشون العلمانيين و الإخوان و غيرهم و يظهرون على شاشات التلفزة و خطابهم موجه للعامة للتحبيب في منهج السلفية الجهادية . ففي احد المناظرات التلفزيونية على قناة الرحمة التي تمت بين الشيخ احمد عشوش و الشيخ جلال أبو الفتوح مع شيوخ آخرين , كان الشيخان يتجنبان و بذكاء الهمز و اللمز و قضية التكفير بالتحديد , و ذلك كي لا يقعوا ضمن المصطادين في المياه العكرة و حتى لا يؤول كلامهم . و ليس ذلك خذلانا للدين إنما محاولة للتقريب من فهم الناس و محاولة للابتعاد عن كم التشويه الإعلامي القذر عبر عقود للسلفية الجهادية بالذات .
ننتقل الآن إلى وجه السلفية الجهادية في تونس بقيادة الشيخ الحكيم أبي عياض – أمير أنصار الشريعة . حيث أن هذا الشيخ ينتهج نهجا سلميا في الدعوة و قد صرح مرة ( أن ارض تونس ارض دعوة و ليس ارض قتال ) و هذا الكلام اثار حفيظة كثير من الشباب المتحمسين الذين تقودهم الحمية و العواطف , لكنه ماض برؤية ثاقبة و بتجميع اكبر قدر ممكن من المناصرين , فكما نعلم الإسلام غريب في كل البلدان العربية و بالذات تونس لأسباب معروفة عند الجميع .
السلفية الجهادية في قطاع غزة تتجنب الصدام مع حكومة حماس و مع الناس و يفضل قادتها برغم الملاحقات الأمنية من حماس إلا أن ينشروا الدعوة بالفكر أولا , و أن يلتحق من يريد القتال إما في سيناء مع مجلس شورى المجاهدين أو في الشام , متجنبين بشكل قاطع الاصطدام مع حماس مهما كلف الثمن أو الصدام مع الناس .
و المراقب لخطابات الشيخ الظواهري , نجده يخاطب الأمة دائما و الشعوب و هذا ما كان عليه الشيخ أسامة رحمه الله , يستغلون أي فرصة لبث روح العزيمة في المسلمين عامة و التحريض على الجهاد.
و لكن متى برز هذا النوع من الخطاب للقاعدة ؟
مما لا شك فيه أن لما يسمى ( الربيع العربي ) دور بارز في هذا الخطاب . فبعد أن تحررت الشعوب و لو ظاهريا , كان لا بد للشعب أو لفئة من الشعب أن تشارك في الهدف التي ترنو إليه السلفية الجهادية . فمن الأفضل أن يلجأ الناس بأنفسهم إليك من أن تفرض نفسك على الناس حتى و لو كنت على حق . و هذا ما تريده السلفية الجهادية في السنوات الأخيرة . أولا افضح المخالفين و بين عوارهم , ثم اطرح نفسك بأبهى حلة و سترى الناس أو معظمهم يقبلون إليك .
و موضوع الحاضنة الشعبية هذا مهم جدا , فلننظر إلى طالبان , ما كانت لتكون بهذه القوة لولا أن اغلب الشعب يريدها و بقوة و لم يساعد كل التشويه ضدهم من إيقاف محبة الناس لهم .
هذه بعجالة كانت بعض من مظاهر السلفية الجهادية في العالم العربي و خصوصا بعد الثورات العربية .
ننتقل الآن إلى الموضوع الأكثر صعوبة , و هي الفتنة التي حصلت بين أطراف السلفية الجهادية في العراق متمثلة بدولة الإسلام في العراق و الشام و جبهة النصرة .
لقد أثبتت دولة العراق الإسلامية أنها الفصيل الوحيد الذي قاتل المحتل الأمريكي بإخلاص , و ثبت عوار اغلب الفصائل التي كانت تتغطى بثوب الإسلام . ثبتت القاعدة في العراق مع بعض من الفصائل الجهادية الأخرى التي لم تبايع القاعدة و على سبيل المثال أنصار الإسلام . و كان لا بد من الجهاد في العراق و من كل الدماء التي سالت من ثمرة للمجاهدين . فكان العمل أولا على تأسيس مجلس شورى المجاهدين كحاكم إسلامي للمناطق التي يسيطر عليها ثم إعلان "دولة العراق الإسلامية".
و في هذا الإعلان انقسم مشايخ الجهاد و أنصاره إلى قسمين , قسم مع تسمية الدولة و قسم ضد التسمية . و الأصل في الاختلاف أن مسمى دولة يحتاج إلى بيعة و يترتب على البيعة تبعات كثيرة , و كان يخشى الطرف الذي ضد تسمية الدولة من تلك التبعات , و هذا ما حدث فعلا و في ظل حكومة يقودها الأمريكان ب " فاترينة " شيعية و سنة عميلة .
كان للجهاد في العراق ما كان , و أسس المجاهدون في العراق الدولة و كانت نصرتها واجبة إذ هي الراية النظيفة الوحيدة الموجودة . و مما لا ينسى , فانه في فترة كبيرة من الجهاد العراقي كان الرافد السوري أهم رافد للمجاهدين و بذلوا و ضحوا في سبيل الله تحت راية دولة الإسلام في العراق .
و كان الشيخ أبو محمد الجولاني احد الذين قاتلوا تحت ظل تلك الراية .
حتى انتدبت دولة العراق أبا محمد الجولاني إلى سوريا ليشكل جبهة النصرة هناك , و اخذ الجولاني من البغدادي الخط الأخضر لرسم السياسة المناسبة . و فعلا قام الجولاني بوضع الخطة , و كان من حقه أن يستفيد من التجربة العراقية و يتفادى الأخطاء التي كانت موجودة .
حققت جبهة النصرة بقيادة الجولاني الفذ العبقري نجاحا باهرا في فترات قتالها , و كانت و لا زالت الرقم الأصعب في المعادلة , و تجنب الجولاني و جنده أي مواجهة ضد الناس و ضد القوى المقاتلة الأخرى و تجنب أيضا نقل الصراع خارج حدود سوريا ليس كما يردف البعض اعترافا منه بسايكس بيكو إنما لحنكة . و فعلا لا زلنا نتذكر تلك الجمعة التي رفعها السوريون و كانوا ألوفا مؤلفة تحت عنوان " كلنا جبهة النصرة " ردا على إدراج أمريكا لجبهة النصرة على لائحة الشرف – لائحة الإرهاب .
إذا, فالجولاني يصب جام قوته و ضرباته على نظام الأسد و يتجنب استباق الأحداث , و البغدادي قلق بشأن الثمرة و قطفها , و هنا لا بد من إيضاح مسألة أن قضية قطف الثمرة قضية تؤرق السلفية الجهادية , ففي كل مكان قاتل به الجهاديون يضحون بالغالي و النفيس ثم يرجعون إلى أوطانهم غير مرحب بهم , يستقبلون بالاعتقالات و المطاردة .
لكن , هل قضية قطف الثمرة أولى أم كسب الحاضنة أولى ؟
و لا يقول عاقل انه يمكن الجمع بين الاثنتين بالذات في الحالة الشامية العراقية . كيف ستتصرف الدولة في العراق و الشام مع الفصائل التي لا تريد بيعتها مع إنها جهادية و ذات توجه سلفي جهادي؟ و غير جهادي ؟ أليس من حق الإسلاميين الآخرين إثبات حسن نيتهم في إقامة الدولة الإسلامية ؟
هل سيسقط البغدادي الحالة العراقية على الحالة السورية بافتراض انه لا مجاهدين مخلصين سوى القاعدة ؟ أم أن للشأن السوري طابع يختلف عن الشأن العراقي و عوامل و ظروف أخرى ؟
هنا مكمن الداء و وضوح الاختلاف و الرؤى . إذ لا يعقل أن نفترض في سوريا أن الجماعات المجاهدة ستنقلب كما انقلبت كتائب العشرين و الجيش الإسلامي و غيرهم . و إن حدث و انقلبت الجماعات فلكل حادث حديث , أما الاستباق يرفضه الجولاني و قيادات جبهة النصرة الأخرى .
نقطة أخرى مهمة , تؤخذ على البغدادي , و هي طريقة رفضه لطرح الظواهري . فالظاهري هو رأس الجهاد العالمي و له مكانة عند أتباع السلفية الجهادية و مناصريها في كل مكان في العالم , و لا يعقل أن يرد طرحه بأنه موافق لسايكس بيكو !!! ليس لأن الظواهري أو غيره من القادة معصومين من الخطأ و العياذ بالله , إنما لضرب أساس قامت عليه أصلا السلفية الجهادية و هي الحدود المرسومة , لذلك لم يكن البغدادي موفقا في الرد حتى و إن حسم موضوع الاندماج , فبكل تأكيد له نظرة , و لكن الرد و بهذه الطريقة سابقة في تاريخ السلفية الجهادية لأنه و بدون ادني شك لم يكن قصد الظواهري الاعتراف بسايكس بيكو و البغدادي يعلم ذلك .
و مما زاد الطين بلة , هو المناكفات التي حدثت في المنتديات الجهادية و غيرها , و سببه هو بروز الخلافات في الإعلام . و مما لا يحسب لبعض هؤلاء الأنصار هو التعصب الأعمى للقادة و الجماعات و ليس هذا من شيم و أخلاق و عقيدة السلفية الجهادية . من الطبيعي أن تميل لكفة على أخرى و لكن ليس من الطبيعي أن ترمي المجاهدين بالخيانة و التفسيق و العصيان و التحزب بهذا الشكل . هذه ليست من السلفية الجهادية في شيء , إنما من أخلاق مشجعي الأندية الرياضية !!
على أية حال , و إن بدا المنهجان مختلفان , فانه لا يضير المجاهد في سبيل الله شيء . فالذي يجاهد يرتضي أي راية فيهم و يقاتل فإما ينتصر و إما يستشهد و لا يضيره هذا الاختلاف . إنما يضير القاعدين – أمثالي و ممن جعلوا النقاش و المراء طريقهم في الحياة . و لا حول و لا قوة إلا بالله.
نسأل الله أن يجمع بين صفوف المسلمين و أن يوحد شملهم و أن يثبتهم على الحق و أن ينبذ أي خلافات و اختلافات , و إن مضت سنة الله في الاختلاف , فلا يمضي القاعدون في القدح و الذم و الشتم , حسبهم أن ينفروا و يقاتلوا تحت أي راية تريد تطبيق شرع الله .
19 – حزيران - 2013