الأحد، 1 مايو 2016

الطائفة المنصورة المفترى عليها .... لمحة عن الهوس العقائدي عند الجماعات

الطائفة المنصورة المفترى عليها
لمحة عن الهوس العقائدي عند الجماعات
بقلم : أحمد أبو فرحة

قال صلى الله عليه وسلم :افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. رواه أبو داود والترمذي.

بهذا الحديث وضح الصادق المصدوق معالم حملة الدين من بعده . لكن الشيطان الذي توعد رب الجلالة ان يقعد للمؤمنين صراطهم المستقيم قادر على ان يأتيهم و يغويهم من باب الحق كما انه يغويهم من باب الباطل .

و لعل ها الحديث الحق الصحيح الصادق شكل هوسا عند كثير من اتباع المناهج و التنظيمات و الاحزاب , فكل من اولئك انزل هذا الحديث على نفسه و جماعته و بالتالي فانه عادى غيره و اعتبر غيره خارج اطار الطائفة المنصورة " تكفير مبطن " او حتى معلن . و بذلك يمضي نفسه المتحزب و المتعصب عمره و هو كاره لاخوانه ظانا انه يمتلك الحقيقة المطلقة و في كثير من المرات يسفك دم اخوانه بسبب فهمه السقيم لهذا الحديث و لمفهوم الطائفة المنصورة .

اختزال مفهوم الطائفة المنصورة في الجماعة او الحزب يمثل اعلى درجات "الهوس العقائدي " الذي قد يتشكل في احاديث اخرى و ايات ينزلها في غير منزولها .

لمحة عن الهوس العقائدي قديما و حديثا :
في الماضي شكل حديث فتح القسطنينطية هوسا عند كثير من القادة المسلمين , الى الدرجة التي كان يجمع فيها القائد بضع مئات من الجند فيهجم على القسطنطينية بهم دون اخذ بابسط الحسابات العسكرية فتباد الكتيبة لاجل هوس القائد الذي يريد ان يكون هو المقصود في حديث الرسول صلى الله عليه و سلم . و كم من محاولات فاشلة و ارواح ازهقت قبل فتح القسطنطينة الى ان هيأ الله محمد الفاتح فاتحا لها .

و من اشكال الهوس العقائدي في العصر الحديث ما قام به جهيمان مع ما يقارب 200 مسلح من التحصن بالحرم ظانين منهم انهم اتباع المهدي . و لا يعني الهوس العقائدي ان حامله شر بالمطلق و الله يبعثه على ما نوى . و ان جهيمان و جماعته اطهر من قاتليهم و لكن هنا ندرس الحالة فقط .

من اشكال الهوس العقائدي في العصر الحديث ما يعتقده بعض انصار حماس و لا اقول الكل , لكنني سمعتها اكثر من مرة من شبابهم ان المقصود بالمرابطين في اكناف بيت المقدس هم .

من اشكاله ايضا عند بعض انصار القاعدة و لا اقول كلهم انهم يركزون على تقسيم العالم الى فسطاطين فسطاط حق لا نفاق فيه و فسطاط نفاق لا حق فيه و هذا حديث صحيح للحبيب محمد لكن التعامل معه و كأن كل من يقاتلك فهو في فسطاط النفاق الذي لا حق فيه هنا المشكلة .

و من اشكاله ما يفعله جيش الاسلام في الشام من بسط نفوذ بقوة السلاح على حساب بقية الفصائل لانهم يريدون ان يكونوا هم فسطاط المؤمنين بالغوطة . و ايضا فصائل اخرى تسمي نفسها "الفسطاط" في الغوطة لنفس السبب .

الهوس العقائدي الاكثر اضرارا بالامة هو ما فعلته داعش من ادعاء للخلافة على نهج النبوة و سفك للدم الحرام باسم كل ذلك و الهوس في انهم هم الوحيدون جيش الحق في دابق و البقية معلومة .

و من اشكاله الخطيرة ايضا من تفعله بعض اقطاب السلفية التقليدية من حصر الحق في اتباع المذهب الجامي او الوهابي و يعتبرون انفسهم حراس الحقيقة و غيرهم باطل . او كما صرح الشيخ ابن باز رحمه الله : السلفية هي الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة ! او كما صرح الشيخ الالباني رحمه الله : ان الاخوان و حزب التحرير من الـ72 التي في النار !!

ان هذا الدين قد جاء رحمة للعالمين , رحمة لمليارات البشر و من السفاهة و السذاجة و الجهل حصر مفهومه في بضع الاف من الناس يحملون فكرة واحدة . فالحبيب محمد عندما قال ما عليه انا و اصحابي قطعا لم يقصد اتباع الشيخ حسن البنا وحدهم ! و لا اتباع الشيخ المقدسي وحدهم ! و لا اتباع الشيخ النبهاني وحدهم ! و لا اتباع الشيخ محمد عبد الوهاب وحدهم و لا فلان و لا اي جماعة و تنظيم ! من يقل بغير هذا فقد افترى على الرسول صلى الله عليه و سلم .

ان الطائفة المنصورة هم مجموع افراد المسلمين الصادقين العاملين لدين الله باختلاف الاجتهادات ضمن اطار اهل السنة و الجماعة الذي لا يحصر بتنظيم او حزب او جماعة او شيخ .

فيا ايها المجاهد : قد تكون أنت من الطائفة المنصورة و تقاتل أخا لك في جماعة أخرى و يكون هذا المجاهد من الطائفة المنصورة . لذلك فاعد حساباتك و سدد سلاحك على الاعداء الذين أتوا يغتصبون حرمات المسلمين من كل حدب و صوب و من كل ملة و لون . ان لم يتوحد المجاهدون في ظل هذا الفتك من الاعداء فإن سنة الاستبدال قادمة لا محالة و قد تفوت علينا و على كثير من المسلمين فرصة ان نرى هذه الطائفة المنصورة قد رجع عزها .

فلنعمل على توسيع مداركنا و افهامنا و توسعة صدورنا و تعزيز فقه الاختلاف بيننا بذلك تسود الطائفة المنصورة هذه المعمورة مرة أخرى و ترجع امجاد المسلمين و تعود للبشرية رشدها .