لقد انعم الله علينا بنعمة هذا الدين , الذي اوجده سبحانه لينقذنا من ظلام
الدنيا و يرزقنا نور و نعيم الاخرة . هي رسالة ربانية نزلت على رسولنا الاعظم
ونبينا الاكرم , فحملها لنا و امرنا ان نتبعها فننجوا . الدين له اصول و له فروع ,
اصول لا تقبل الحياد و الاختلاف فيها و فروع و اجتهادات تفتح لنا هامش من الاختلاف
المقبول لان عقولنا اصلا مختلفة و افهامنا مختلفة . و لم يقل احد من قبل ان يكون
المسلم عبارة عن حاسوب يتم برمجته ببرنامج واحد , فنصبح عبارة عن ملايين النسخ
التي تتفق في كل شيء !!
و قد ابتلانا الله في كل زمان , بأناس يحسبون ان الله لم يهد غيرهم , في
اناس لا يقبلون الخلاف حتى في مسائل اقل من تذكر , لا يقبلون في اختلاف في
الاجتهادات حتى و لو كان الاصل واحد , و ربما ان الفروع هي الاخرى تقريبا واحد !!
لكنها العصبية المقيتة المميتة , التي تنم عن نفسيات حاقدة تنتصر لنفسها على حساب
امتها , يلبسون على العوام و الخاصة امور دينهم بشبهات لا ترتقي الى مستوى اليقين
, فينتج عن ذلك مقتلة بين المسلمين عظيمة , المسلمون في غنى عنها . أولم تكفينا
مجازر طغاة الغرب و الشرق فينا ؟ لكنه بلاء الله بتلي به عباده .
نماذج من التعصب المميت في التاريخ الاسلامي :
1- قتل الامام النسائي رحمه الله
كان الكثيرون ممن يعيشون في الشام يغالون في حب معاوية بن ابي سفيان رضي
الله , و وصل الحد بكثير منهم الى كره سيدنا علي رضي الله عنه و ارضاه . خلاف حصل
بين الصحابة لاجتهادات فيما بينهم , حوله المتعصبون الى مقتلة بينهم هم في غنى
عنها , اضافة الى ان كثيرين خسروا الدنيا و الاخرة بسبب التعصب . فهذا الامام
النسائي رحمه الله قد كتب كتابا في فضائل سيدنا علي رضي الله عنه , فلم يعجب كثيرا
من المتعصبين الذين يغالون في حب معاوية و كانوا كثر في الشام . فحارب النسائي
(غلو حب معاوية ) و لم يحارب معاوية نفسه و هذا فرق عظيم . فطلبوا منه ان يؤلف
كتابا في فضائل معاوية فأجاب مازحا : لا اعلم له منقبة إلا " لا اشبع الله
بطنك " و هو حديث قاله الرسول صلى الله عليه
سلم و له تفسيره و مناطه , لكن النسائي قاله مازحا , فما كان من انصار معاوية
المتعصبين الا ان ضربوا الامام النسائي بين خصيتيه مرارا حتى مات فيما بعد . و
الرواية مذكورة عند ابن كثير .
2- رواية قتل الشافعي رحمه الله
تعددت الروايات في وفاة الشافعي رحمه الله , منها ما يقول انه توفي بسبب
مرض البواسير , و منهم من قال انه تم
الاعتداء عليه من قبل غلاة المالكية , حتى توفي على اثر اصابته بها . و الشافعي
رحمه الله غني عن التعريف و عقيدته معلومة , الا ان كثيرين لم يفهموا للاختلاف
معنى .
حتى ان احد كبار علماء المالكية المشهود لهم في ذلك الزمن و هو أشهب بن عبد
العزيز قد قال في حق الشافعي : "اللَّهُمَّ أَمِتْ الشَّافِعِيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ أَبْقَيْتَهُ
اِنْدَرَسَ مَذْهَبُ مَالِكِ" فأي
تعصب مقيت بعد هذا , و هذا القول رواه ابن عساكر عن محمد بن عبد الله بن الحكم .
3- الغلو و التعصب يقودان الى
الكذب
عندما اشتد الخلاف بين اتباع المذاهب الاربعة , الى الحد الذي وصل الى كثير
منهم ان لا يتزوجوا من بعضهم , فقد روي في التاريخ ان علماء كبير من اتباع الحنفية
قد وصل بهم الكذب للتدليس على الشافعي و مذهبه انهم كذبوا على الرسول صلى الله
عليه و سلم نفسه , حيث وضعوا حديث و نسبوه للرسول صلى الله عليه و سلم يقول : " يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ
إِبْلِيسَ , وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : أَبُو
حَنِيفَةَ ، وَهُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي " , و محمد بن ادريس هو الشافعي . فأي تعصب و اي هوى
قد وصل بهؤلاء المتعصبون , و هم كانوا على قدر من العلم !!
التعصب داء دواءه صعب يحتاج الى كثير من التخلي عن حظوظ النفس و محاربة الهوى , و يحتاج الى قدر كبير من التضحية , التضحية من اجل الاسلام عموما و مصلحة المسلمين . التعصب يحارب في تحجيم "الأنا" و تعظيم "نحن" لتشمل كل المسلمين . التعصب يلزمه ان ننزل من ابراجنا العاجية و الاستغناء عن فكرة اننا كجماعة فلانية او اخرى سنقود هذه الامة و غيرنا تابع .
نحتاج الى كثير جدا من توسعة الافق و النظر الى ما بعد البعد , و ان يصل مدى رؤيانا الى الأفق , لا ان يكون مقتصرا على انوفنا . التعصب يحارب عن طريق ادراكنا اننا جزء صغير جدا من المسلمين , و هناك غيرنا افضل منا في جوانب و نحن افضل منهم في جوانب . اذا فلنجلس و نتقارب و نكتسب الخبرات من بعضنا . و يجب ان نفرق بين العداوة و الخصومة و الاختلاف . فالعداء يشمل كل من نهجه و هدفه قتلنا و يتباهى بذلك . و الخصومة تعني الاخوة لكن الاختلاف في الرؤى و الطرح و الطريقة و النهج , و هؤلاء اخوتنا في الدين ننصرهم وقت الحاجة و ننكر وقت الانكار . و الاختلاف سائغ و مسموح حتى داخل افراد الجماعة الواحدة . بل ان الرجل تجده يختلف مع نفسه احيانا , فيصبح في رأي و يمسي في رأي آخر !!
علينا ان ندرك هذا كله , و لنتفق في الاصول و لنختلف في الفروع , و من وضع الاصول موضع الفروع فقد ضل و غوى .
اللهم انا نسألك الوحدة للمسلمين و النصر لهم .
التعصب داء دواءه صعب يحتاج الى كثير من التخلي عن حظوظ النفس و محاربة الهوى , و يحتاج الى قدر كبير من التضحية , التضحية من اجل الاسلام عموما و مصلحة المسلمين . التعصب يحارب في تحجيم "الأنا" و تعظيم "نحن" لتشمل كل المسلمين . التعصب يلزمه ان ننزل من ابراجنا العاجية و الاستغناء عن فكرة اننا كجماعة فلانية او اخرى سنقود هذه الامة و غيرنا تابع .
نحتاج الى كثير جدا من توسعة الافق و النظر الى ما بعد البعد , و ان يصل مدى رؤيانا الى الأفق , لا ان يكون مقتصرا على انوفنا . التعصب يحارب عن طريق ادراكنا اننا جزء صغير جدا من المسلمين , و هناك غيرنا افضل منا في جوانب و نحن افضل منهم في جوانب . اذا فلنجلس و نتقارب و نكتسب الخبرات من بعضنا . و يجب ان نفرق بين العداوة و الخصومة و الاختلاف . فالعداء يشمل كل من نهجه و هدفه قتلنا و يتباهى بذلك . و الخصومة تعني الاخوة لكن الاختلاف في الرؤى و الطرح و الطريقة و النهج , و هؤلاء اخوتنا في الدين ننصرهم وقت الحاجة و ننكر وقت الانكار . و الاختلاف سائغ و مسموح حتى داخل افراد الجماعة الواحدة . بل ان الرجل تجده يختلف مع نفسه احيانا , فيصبح في رأي و يمسي في رأي آخر !!
علينا ان ندرك هذا كله , و لنتفق في الاصول و لنختلف في الفروع , و من وضع الاصول موضع الفروع فقد ضل و غوى .
اللهم انا نسألك الوحدة للمسلمين و النصر لهم .