السبت، 2 فبراير 2019

حول الانضباط و العمل المؤسساتي في الجماعات


حول الانضباط و العمل المؤسساتي في الجماعات
بقلم : أحمد أبو فرحة
إن العقلية العربية بالعموم و الإسلامية بالخصوص تتسم بسرعة الانشقاق و التشظي ثم الخلاف و بعدها ربما القتال . إن غياب مفاهيم كفقه الاختلاف و الانضباط داخل الجماعة و تغليب مصلحة الأمة على مصلحة الفرد و الانفتاح الفكري مع الثبات , كل هذه مفاهيم مفقودة في مجتمعاتنا و جماعاتنا .
و الأخطر من هذا كله , أن أي اختلاف أو خلاف يغلف بغلاف الدين و نصرة التوحيد و الهروب إلى الله , مع أن الأمر قد يكون اقل من ذلك بكثير .لنا أن نتخيل عصر صدر الإسلام الأول كيف كانت نفوس الصحابة الأطهار نقية , لكن الم يكونوا قد اختلفوا في رأي ؟ من قال أن الصحابة كلهم كانوا على فهم واحد ؟ متى يكون الانشقاق من قبل الفرد أو في المقابل الفصل من قبل الجماعة ؟ ببساطة إذا غلبت السيئات الحسنات وقتها لكل حادث حديث . أما إن كانت الجماعة حسناتها اكبر من سيئاتها فوجب عدم التفرق . كذلك على مستوى الفرد .
أما على مستوى الانضباط , فان الانضباط أنواع أبرزها : عسكري , إعلامي , سياسي . و هذه الثلاث مجالات لا تهاون بقضية الانضباط فيها , أما على مستوى الفرد فحرية التبني مفتوحة و الجماعة أو الدولة لا تلزم الفرد بفقه معين . هنا يستطيع الفرد أن يخالف الجماعة دون تشقق الجماعة عسكريا أو سياسيا أو إعلاميا . يستطيع الفرد أن ينصح إذا اعتبر أن الأمر بحاجة إلى نصيحة ,  و يستطيع الفرد أن ينكر إذا رأى انه يلزم إنكار . هذا أصلا إذا كان المرء يقبل السير ضمن العمل الجماعي , أما إذا كان المرء يعتبر نفسه رجلا بأمة فهذه مشكلة الفرد لا مشكلة الجماعة . في مفاوضات طالبان مع أمريكا , يرى الباحثون أن هناك تيارات في الحركة ترفض الجلوس مع الأمريكان جملة و تفصيلا , لكن من يسمع عن انشقاقات في طالبان و قتال بينهم و استقالات ؟ في حماس بفلسطين وقتما دخلوا الانتخابات رفض كثير من عناصر و بعض قادة حماس الدخول في الانتخابات و رفعوا اعتراضات مكتوبة , لكن لم نسمع عن انشقاقات إلا بعض حالات قليلة . و ليس بالضرورة أن يكون رأي الجماعة أكثر صوابا من رأي الفرد , فالطرح المثالي بشكل أكيد اسلم نظريا من الطرح العملي , لكن ليس كل الأمور تعامل بكيفية مثالية .
متى نستطيع أن نقول إن الجماعة سيئاتها أكثر من حسناتها و يجب الترك ؟ هناك إشارات إعلامية و سياسية و عسكرية غير قابلة للتأويل و أن تكون الجماعة بصف الأعداء , وقتها لا بد من الترك . نقطة أخرى هامة . ماذا لو كانت الجماعة تسير في حقل ألغام يتربص بها القريب و البعيد ؟ يصطاد خصومها و أعداؤها أي كلمة لمواصلة الحرب عليها ؟ هنا وجب على الأفراد و القادة الانضباط أكثر من الحالة الطبيعية .
إن العمل المؤسساتي أيضا مفهوم مفقود في العقلية العربية . فماذا نعني بالعمل المؤسساتي ؟ العمل المؤسساتي هو توزيع الأدوار و رفع الكفاءة و التخصصات و عمل الأجزاء بشكل متكامل كجسد الإنسان . لكننا نرى مثلا أن القائد في الجماعة الإسلامية أو حتى الفرد يفهم بالعسكرية و يفتي بالاقتصاد و يناكف بالسياسة و يجادل في التعليم و ينسخ و يلصق في الفقه و و . من هنا ينخر الضعف . توزيع الأدوار و إعطاء التخصصات يساعدان على الإبداع في التخصص و يحدان من التشغيب . فإذا كان الفرد بارعا في العسكرية فليلتزم و يبدع في مجاله , و المتابع السياسي و صاحب الخبرة هو من يختص بالسياسة و التعليم و الصحة و الدعوة و بقية المجالات .

الاثنين، 14 يناير 2019

تعليقا على الظهور المرئي الأخير لأبي محمد الجولاني 14-1-2019

تعليقا على الظهور المرئي الأخير لأبي محمد الجولاني 14-1-2019
بقلم : أحمد أبو فرحة
في مقابلة صحفية لإحدى الشبكات الجهادية الثورية في الشمال المحرر , تحدث الجولاني عن عدة نقاط , نسردها و نعلق عليها .
1-يلبس الجولاني اللباس العسكري , و كما هو معلوم أن الجولاني شخص عميق يرسل رسائل في كل شيء يفعله و يقوله , و دلالة اللباس السكري فان الرجل يقول لأتباعه أنهم في حالة حرب و مبكر جدا على فترة استقرار دائمة .فيلزم تحضير و استعداد بشكل دائم 
2- عن موضوع الاقتتال فصل الجولاني بين الزكي من جهة و بين الأحرار و الصقور من جهة أخرى . فالجولاني اتهم الزنكي صراحة أنهم مشروع ضفادع و مصالحات بينما حمل الأحرار و الصقور مسؤولية دعم الزنكي عسكريا و إعلاميا . إضافة إلى تأكيد الجولاني على فكرة وجود مشروع واحد و ضرورة وجود فصائل مختلفة تهتم بالشق العسكري فقط . كما أكد الجولاني انه في الشق المدني , فالناس يختارون من يسير أمورهم . فالجولاني تعامل مع نفس الوجهاء و المجالس البلدية و القروية الذين كانوا ظل الزنكي و الأحرار و الصقور . و اوضح في هذه النقطة أن الزنكي تم حله بالكامل و ان جنود الزنكي لا يتعرض لهم , بينما الاحرار و الصقور لم يتم حلهم , إنما فرض مشروع واحد يشمل كثيرا من الفصائل .
3- أكد الجولاني على ما يسمى سياسيا حكومة "تكنوقراط" , و هي كما عبر عنها الجولاني استلام الكفاءات و الدكاترة و المهندسين و الخبراء مقاليد الحكم المدني في شتى المجالات . و يعتبر هذا تطورا في تحسن العقلية الجهادية بل نضجها . و هنا يكسر الجولاني الصورة النمطية للحكم الإسلامي الذي رأيناه في الأفلام و المسلسلات و سردته كتب التاريخ ( إمارات و إمبراطوريات ), إلى نموذج يوائم بين الدولة المدنية الحديثة و الدولة الدينية , حيث تحكم الشريعة بنموذج حديث . و هذا النموذج هو الأقرب إلى إشراك كل الناس في الحكم و يكسر الجمود الفكري لشكل الدولة الذي يشغل بال الإسلاميين عموما و الجهاديين خصوصا .
4- أكد الجولاني على مشاركة جميع الفصائل و الفعاليات و الهيئات , كما و أكد أن الهيئة جزء من الثورة لا كلها . كما لمح الجولاني إلى فصل الهيئة عن الحكم المدني . و ان حصل هذا فان هذا سيعتبر ثورة في العقلية العربية ككل , ليس فقط في العقلية الإسلامية أو الجهادية . حيث يقصد الجولاني إلى شيء أشبه بمبدأ "الفصل بين السلطات" و هذا الأمر الذي لا تفعله الأنظمة العربية و الأنظمة في بلدان العالم الثالث , حيث ان الحزب هو الحكومة و هو الدولة . الجولاني لمح إلى معاملة الهيئة كباقي الفصائل من ناحية الحكم .
5- في الحديث عن مسألة شرق الفرات , لا بد من وقفة هامة و هي ان الجولاني يرد بشكل مباشر على من قالوا ان الجولاني يريد تخريب عملية شرق الفرات لذلك اختار هذا التوقيت . كما و لمح الجولاني إلى أمر هام آخر , و هي إمكانية مشاركة الهيئة في عملية شرق الفرات لكن بشكل منفصل . و بهذا يضرب الجولاني عصفورين بحجر واحد . العصفور الأول هو تطمين تركيا (الحليف القسري ) للجولاني بان الجولاني يدعم العملية , و كما نعلم فان أولوية تركيا إبعاد الأحزاب الانفصالية الكردية ولا يهم الأتراك كثيرا  شخصية و كيان الذي يستلم حكم شرقي الفرات بما يحافظ على مصالحها . فزوال خطر الأكراد هو الأولوية عند الأتراك . أما العصفور الثاني , فهو ان للهيئة قوات من المنطقة الشرقية , و هؤلاء لهم ناسهم و أهلهم . و هم على دراية تامة بالمنطقة و طبيعة أهلها و طبيعة قتالهم ستكون ذات طابع عقائدي-وجودي . و هذا لمح إليه الجولاني في قوله :لنا أهل شرق الفرات و يوما كنا فيها . طبعا الجولاني ببراغماتيته يريد ان يستغل التوجه التركي لاسترجاع شرق الفرات , و هنا الاكراد هم الحلقة الاضعف , بنفس الوقت فان الجولاني يحافظ على نقاط الرباط مع النظام منتظرا ظرفا دوليا او ميدانيا لعمل كبير ضد النظام . اذا , فالجولاني يستغل الظروف السياسية افضل استغلال.
6- شدد الجولاني على ان تكفير الخصوم ليس عند الهيئة و كل عنصر يتجاوز في هذا الامر فانه معرض للسجن و المحاكمة 
7- رد الجولاني شبهة ان الغرب يمكن ان يؤذي الناس بوجود قاعدة او تنظيمات جهادية , و ذكر امثلة داريا و الغوطة التي ردمت على اهلها رغم ان الذي كان يقاتل يصنف دوليا معتدل , و مثال درعا و حمص .

السبت، 21 يوليو 2018

رسالة الى ثوار ادلب


رسالة الى ثوار ادلب و مجاهديها
بقلم : احمد ابو فرحة
سأقول بعض الكلمات قد تضايق جمهورا كثيرا من انصار الثورة السورية و انصار الجهاديين , و قد تفهم خطأ , لكنني سأقول ما عندي بدون لف او دوارن . و كلامي موجه بالعموم للفصائل كافة و الانصار و الجنود . لقد اعطاكم الله فرصة عظيمة من خلال الثورة السورية على مدار سنوات . حصلتم على دعم عسكري و دعم مالي و دعم لوجيستي و فتحت تركيا ابوابها مشرعة للثورة السورية و حتى ان فصائل و حركات اسلامية في العالم العربي و الاسلامي قد حددت مساراتها لفترة على مقياس الثورة السورية و كانت الثورة السورية معيار للشرف و الوقوف الى جانب الحق . حررتم مدنا و قرى و ريف , و وصلتم الى الحد الاعلى من الفتوحات . لكن عوامل كثيرة كانت سببا في انتكاستكم , اولها الاعتماد على الخارج و الارتهان كثيرا بيد الداعمين , ثانيها التصفيات الفكرية للاحزاب و الجماعات و المناهج و عبث الموتورين فكريا من كل طيف بكم . و مأساة داعش التي كانت خنجرا كبيرا في خاصرتكم , و انتم ايضا بقلة اعدادكم الفكري و سوء المواجهة معها خسرتم كثيرا ضدها . الخلاصة انكم انتم كثوار و مجاهدين كنتم السبب الاول لكل انتكاساتكم , لا احد اجبركم للاستسلام و لا احد اجبركم ان تكونوا رهائن داعميكم و لا احد اجبركم ان تصفوا معارك فكرية في ساحة الشام , انتم . نعم انتم كنتم الاساس في ما وصلتم اليه اليوم . اليوم , انتم في مرحلة تسمى "ادارة الهزيمة" , او ان تحسستم من لفظ هزيمة , سأجاريكم و اقول لكم , انتم في مهمة جديدة بالحفاظ على المكتسب الصغير الذي بيدكم - المدينة الفاضلة - ادلب . هذا اخر ما تملكون اليوم . اليوم انتم امام استحقاق كبير بأن تراجعوا كل شيء مر معكم و ان تتعاملوا بواقعية اكثر مع الاحداث و ان تعدوا اكثر لمعركة محتملة و ان تضعوا ارضية مشتركة يقوم فيها الجميع بمهماته في الدفاع عن الارض و الدين و الانسان . انتم اليوم امام استحقاق كبير باعادة بناء جيل يخلو من كل افكاركم الهدامة التي حملتوها , جيل لا يحمل اي ازمة نفسية صدرتوها للساحة , جيل يكفر بالحزبيات و الافكار . ان فشلتم في الاستحاقات الجديدة , فانه حتى ادلب ستضيع من ايديكم . فكروا لماذا تركيا تذبذبت مواقفها من الثورة السورية ؟ السبب انتم و تفرقكم و سوء ادارنكم للازمة ,  فكر ان تضع نفسك مكان الاتراك و كن متجردا و اسأل : كيف ستدعم ثوارا و مجاهدين يكرهون بعضهم اكثر مما يكرهون النظام ؟! كيف ستدعم قوة لا يراهن عليها بسبب الوهن و التشتت الذي احترفتموه ؟! اسألوا انفسكم سؤالا اخرا : كيف ينظر المسلم البسيط خارج سوريا الى الثورة ؟ هو ينظر اليها بعين بسيطة واحدة : كلهم ثورة سورية , هذا المسلم البسيط لا يعنيه اسمائكم و اسباب اقتتالكم . انتم خذلتموه و فقط . ان المرحلة اليوم : ادارة الهزيمة و الخروج باقل الخسائر و البناء و الاعداد من جديد تتطلب نفسية جديدة و اخلاصا جديدا . فهل انتم مستعدون له ؟

الثلاثاء، 19 يونيو 2018

من طلب الكمال طلب المحال .. احذروا داء المثالية !!


من طلب الكمال طلب المحال
احذروا داء المثالية !!
بقلم : احمد ابو فرحة
في حياة المرء عبر الايام , يرى بعينه مواقف و احداث تستحق التأمل , تبدأ على صعيد الاشخاص , ثم على صعيد الجماعات , و من ثم على صعيد المجتمعات و الدول , و يرى كيف ان الانسان باحداثه و حوادثه متشابك متشابه . في بداية حياتي الملتزمة , تعرفت الى كثير من الاخوة الصادقين , انتهى بهم المطاف الى صفوف لم يكن احد يتوقعها بسبب داء نفسي فكري يضرب الانسان اجتماعيا و سياسيا و فكريا . احد اصدقائي القديمين اراد الزواج من فتاة متدينة جميلة و كان يركز على التدين . بحث كثيرا و كثيرا و في كل مرة كان يجد امرأة يخترع سببا للقدح فيها ليعدل عنها , خاض تجربة و اثنتين ثم وصل الى قناعة انه لا احد من النساء متدين و ان كانت متدينة فعلا فانها غير جميلة . بعد ان وصل لهذه القناعة عدل عن فكرة الزواج من اصلها و صار يلعن الزواج و بقي راهبا . شاب اخر بنفس الحيثيات السابقة , بحث عن التدين "من وجهة نظره" اكتشف ان التدين عند النساء غير حقيقي و ان السافرة اكثر وضوحا من المتدينة , لا اعلم كيف وصل لهذا لكنه وصل و انتهى به المطاف ان تزوج من امرأة لا تعرف التدين , فقط ليريح نفسه – و هي سبب المشكلة. هذه الاحداث على المستوى الاجتماعي تنطبق نفسها على الجانب الدعوي . شاب دخل الى مجال الدعوة فانتقد جماعة اسلامية معينة لسبب ما , ثم ينتقل الى جماعة اسوأ منها في الجانب الذي كان يطرحه هو , او ان شابا اخرا انتقل من مجال الدعوة الاسلامية ثم انتقد بعض الامور فينقلب الى علماني و يمارس امورا افظع من جماعته السابقة . او ان شابا كان جهاديا انتقد القتل و اصبح من الجاميين , فيصير يؤيد القتل بطريقة افظع عن طريق طاغوته .و قصص كثيرة في هذا الجانب مؤكد انها تمر في اي مكان و وقت .
الحقيقة الواضحة وضوح الشمس , ان غالب المنتمين الى الجماعات الاسلامية و حتى العلمانية , لا يتأثرون بجماعاتهم بقدر ما انهم يبحثون عن شيء ملائم لنفسياتهم . فالجبان مثلا يبحث عن جماعة تبرر الجبن , و صاحب الحدية يبحث عن جماعة تناسب حديته , و هكذا ... و ما مفهوم النفسية هنا ؟ انه الهوى بعينه , اي ان كل شخص يبحث عما يناسب هواه , و هذه هي الخديعة الكبرى , انه يبحث عن ما يناسب هواه فيغلفه بلباس الدين و الفكر . و لو اراد هذا المرء ان يبحث عن ما يناسب الامة , او يناسب الناس او حتى يناسب البلد , لاختار اختيارا واقعيا ملائما يستطيع فيه ان يقدم لامته , لا ان يرضي نفسه .
فاذا كنت تنتمي الى جماعة معينة , ما الذي تريده منها ؟ هل تريدها كاملة مثالية ؟ و ان كنت تريدها كذلك فأين سيكون مآلك في النهاية ؟ لأن اي انسان لا يستطيع ان يكون خاويا , هناك فراغ لا بد ان يملأ . هب ان الجماعة الفلانية لا تعجبك بسبب نقطة او اثنتين , ما الذي ستفعله ؟ ستنتقل الى جماعة اخرى قد تقنع نفسك انها اصوب من الناحية التي تحفظت عليها , لكن بالمقابل هل هذه الجماعة الجديدة افضل بالمجمل من الجماعة السابقة ؟ و اسأل نفسك اولا , هل تحفظاتك على الجماعة بسبب امر حقيقي ملموس يتعلق بالامة ام بسبب شيء في نفسك ؟ ان نجحت في هذا الاختبار ستحل كثير من مشاكلك .
الامر و ما فيه , انه ليس هنالك جماعة او دولة او فرد على وجه الارض كامل . و ليست هنالك جماعة تقارع كل اعداء الدين و بنفس الوقت تسير شؤون الناس و بنفس الوقت تهتم بالجانب الدعوي و بنفس الوقت تحسن السياسة و بنفس الوقت تحسن الاقتصاد . هذا محال . و ان كنت تريد تبديل جماعة فورقة و قلم و قليل من الموضوعية و التجرد كفيلات لك بحسم امرك . سجل الايجابيات و السلبيات لكل جماعة و احسب المعدل العام كما يفعل المعلمون مع الطلبة, و الاكثر يستحق انتماءك , هذا ان كنت انت اصلا تستحق الانتماء لتلك الجماعة . اما ان تترك مجال الدعوة او تترك مجال الثورة او تترك مجال الجهاد لانه لا احد صحيح , فاعلم انك انت اعوج . او ان تترك جماعة لسبب و تلتحق باخرى و تمارس افظع مما كنت عليه بالجماعة الاولى , فاعلم انك صاحب هوى لا صاحب دعوة . و اعلم ان قطار الدعوة و الجهاد ماض , بك او بدونك , فاخلص النية لله وحده .
 هذا الداء في علم النفس يسمى داء المثالية , اي ان المرء يفضل عدم الامتلاك اصلا على ان يمتلك شيئا ناقصا و النقص محتوم , او ان الامر ان لم يكن مثاليا فان المرء ينتقل للضد !!


الاثنين، 28 مايو 2018

ادلب ... حصن الثورة الاخير بين المزايدات و الواقع


ادلب ... حصن الثورة الاخير
بين المزايدات و الواقع
بقلم : احمد ابو فرحة
من سيئات الفرد المنعم الجالس في امان و سكينة و الذي يحمل فكر الثورة او فكر الجهاد , انه يقبل على نفسه الراحة و فنون السياسة و فنون التقية , و لا يقبلها على جماعة , و لا حتى على شعب . سوق المزاودات في حال الاستضعاف سوق رائج , له زبائنه , و له مريدون . كالمتفرج على مباراة لكرة القدم يحللها و يعمل الخطط و يسفه اراء كبار المدربين , و هو لا يعلم كيف يركل الكرة !! نعم , في النعيم و الامان و تحت المكيف يمكن ان اقامر بحياة شعب كامل لاثبت اني شجاع !! و النتيجة , ماذا تؤثر كل عنترياتك و كل مزاوداتك على الارض ؟ لاشيء . انت في واد , و الواقع في واد آخر . او كما قال المثل : " عبال مين يللي بترقص بالعتمة ؟ "
اولا فلنعرف معنى الثورة , و نحدد اركانها , و محركها الرئيسي . الثورة هي شعب يقوم بقتال ضد حاكمه ليسقطه . اذا فالثورة : شعب , قتال , و اهداف . و في الحالة السورية فان الشعب السوري انتفض ضد الطاغية ليسقطه . و هذا هو ملخص الثورة السورية . فالشعب الثائر بمجموعه هو محرك الثورة و هو محتضنها . و القتال هو اسلوب الخلاص من الطاغية , و اسقاط الطاغية هو هدف الثورة . و لذلك فان نفس التنظيمات الثائرة من نفس الشعب الثائر , فان ارتفع حس الثورة لدى الشعب , ارتفعت وتيرة الثورية عند التنظيمات , و العكس صحيح .
الان و بعد سنوات من الثورة , و بعد مكر الاعداء في الليل و النهار , و بعد فشل كثير من التنظيمات في الصمود و رهن أنفسها لداعميها , فان وتيرة الثورة لدى الشعب السوري الثائر قد خفت , و اصبح الحصول على طعام و مأوى اولوية عند الكثيرين . و لا تستغرب اصلا وجود من يتمنى ان يرجع الى عهد ما قبل الثورة , فالوضع البائس المزري ثقيل جدا على الناس .
ادلب اليوم , بتقدير الله اولا و بظروف سياسية معقدة , اصبحت ملاذا لكل ثائر من اي مشرب و توجه . و الناس في ادلب اليوم يطمحون الى فترة استقرار يشدون فيها عضدهم و يتنفسون فيها بعد طول فتك . و لهذا فان مسؤولية هيئة تحرير الشام و من معها من الفصائل ان يجمعوا بين السياسة و الجهاد و البناء و العيش . معادلة معقدة جدا , تحتاج الى توفيق رباني اولا , ثم حس مسؤولية عالي من كافة الاطراف في ادلب . ادلب اليوم هي نواة المدينة الفاضلة التي ستخرج جيلا فريدا يعيد الامجاد .
يصدم المرء كثيرا بعقول لا تعرف الا لغة التشكيك و التخوين و المزاودة , عقول تشربت الانغلاق و احترفت الفصام بين الواقع و المأمول . عقول لا تفكر بسؤال واحد فقط ينهي كل ما يدور برؤوسهم : ما الحل ؟ هذه العقول ان فكرت بهذا السؤال بشكل جدي , لن يجدوا اجابة افضل مما كان . الكل يعلم حجم القوة من الاعداء عليك و الكل يعلم حجم التهاوي لكثير من الفصائل السورية , حتى اصبحت هيئة تحرير الشام لوحدها في الواجهة . فهل تقدم الهيئة على الانتحار لتثبت انها شريفة ؟ او ليثني عليها الشيخ فلان او علان ؟ ما هذه السطحية في التفكير ؟ ان المسلم المجاهد يعمل دائما ضمن الممكن , و ان الاقدام على غير الممكن يعتبر انتحارا . و المشكلة فان المزايدات تأتي من صنفين : الصنف الاول الذي تهاوى اولا و الذي جعل الهيئة لوحدها , و هؤلاء لا يحق لهم المزاودة . الصنف الثاني هم الجالسون المنعمون في بلادهم و الذين يمارسون اكبر درجات السياسة و التقية – على مستوى الفرد – لكن على مستوى الجماعة و الشعب فهي تنازل و رقة في دين الله!! . و هؤلاء قوم لم يحدثوا تغييرا ايجابيا في الامة و لن يحدثوا ابدا . فليعيشوا في نظرياتهم منتشين ببطولاتهم الدونكيشوتية .
ان هيئة تحرير الشام في ادلب اليوم يعقد عليها كثير من الامال في بناء مجتمع ادلب : ثقافيا و شرعيا و عمرانيا و بناء الانسان الصالح , هذا من جهة . و من جهة اخرى اعداد جيل مجاهد يكون مستعدا لحدث يريده الله في لحظة ما . و اخيرا , فان الوجود بحد ذاته يعتبر انجازا في لحظة ما , وجود يهيئ لوجود اقوى و اعظم باذن الله و ان مسيرة الجهاد ماضية الى يوم الدين و ان اختلفت ظروف و ان تبدلت وسائل  .

الأحد، 4 مارس 2018

من انت ايها الجولاني ؟


من انت ايها الجولاني ؟
بقلم : احمد ابو فرحة
من انت ايها الجولاني حتى تتمرد على رواسب تاريخنا و تحاول ان تصلح فسادا رضعناه منذ صغرنا و نشأنا عليه في ثقافتنا ؟
من انت حتى تكون مجاهدا و في نفس الوقت لك حاضنة شعبية لا يستهان بها ؟
من انت ايها الجولاني حتى تحاول ان تقسم على الجميع ؟ الا تدري بأننا أمة نتنفس تعصبا و لا نحيا الا متشرذمين جماعات و افرادا ؟ من انت حتى تتمرد على عقوبة فرضها الله علينا ان نصبح جماعات و نذيق بأسنا لبعضنا ؟
من انت ايها الجولاني حتى تحاول ان تحسن صورة الجهادي في اذهان الناس ؟ الا تدري ان الجهاديون محكومون بالفشل و يغلب عليهم طابع الغلو و التكفير ؟
من انت ايها الجولاني حتى تقف في وجه داعش التي ارادها الغرب ان تكون كذلك ؟ من انت حتى تحاول انهاء مخطط غربي يهدف الى تشويه الاسلام في عيون اهله قبل عيون قبل عيون الغرب انفسهم ؟
من انت ايها الجولاني حتى تتحدى رغبة الاخوان المسلمين في الحكم و السلطة ؟ الا تعلم انهم احتكروا الفهم الوسطي و انه لا احد غيرهم يفهم بالسياسة و الدين معا ؟ من انت حتى تحاول ان تدمج الدين بالسياسة ؟ انت مهمتك ان تقاتل و تثخن بالعدو و بعدها تستشهد او تموت لا يهم و بعدها هم سيمسكون بالحكم , و بعدها سيجردون منه !
من انت ايها الجولاني حتى تتحدى اساطير التوحيد و الجهاد و تخرج من عبائتهم و لا تقدرهم و لا تقدسهم و لا تطيعهم ؟ الا تعلم انهم قد عاشوا سنينا طويلة يحتكرون فهم التوحيد و يحركون الشباب المجاهد برؤيتهم الخاصة ؟ من انت حتى تتمرد عليهم و تعطيهم حجمهم الحقيقي ؟ انهم شيوخ يخطؤون اكثر مما يصيبون و ان اهل الجهاد في الساحة اعلم من افهمام المشايخ العابرة للقارات ؟
من انت يا جولاني حتى تنهي المفسدين في الارض ؟ الا تعلم ان الافساد و الفساد اجزاء لا تتجزأ من واقعنا العربي ؟ الا تعلم ان الحرية تشمل حرية الفساد و الافساد ؟ من طلب منك يا جولاني ان تكون حريصا على شيء ؟ ان تكون حريصا على الثورة التي بيعت عند البعض من اول يوم و دنست عند البعض و التي ستباع يوما اخر عند البعض الاخر ؟
من انت ايها الجولاني حتى تنهي ملف تنظيم القاعدة في سوريا ؟ من انت و ما اجتهادك حتى تجنب الناس ويلات محتملة لاجل اسم ؟ من انت حتى تسحب الذرائع كلها لاجل المسلمين ؟ من ضحك عليك و قال ان التنظيمات رسالة لا غاية ؟ هل ادركت ايها الجولاني ان الكل له سياسة تخصه و مصالح تخصه ؟
من انت ايها الجولاني حتى تقف في وجه الفكر الجامي المتلبس بالجهاد ؟ الا تعلم ايها الجولاني ان الجامية هي الفكر المفضل لامريكا ؟ و للانظمة العربية ؟ ومن انت لتتحداهم ؟
من انت ايها الجولاني حتى تثور على النفس البشرية الطماعة و تحاول ان تجمع الساحة ؟ من قال لك ان امريكا سترضى ؟ او الغرب سيرضى ؟ من انت حتى تحارب الفكرة التي دخل فيها الغرب الينا الى عالمنا العربي و الاسلامي "فرق تسد " ؟ من انت حتى تحاول التجميع ؟
من انت ايها الجولاني و انت الشاب الثلايني و قد اثبت انك قائد بارع و سياسي محنك و همشت كثيرا من القادة الاكبر منك سنا و اطول منك تجربة ؟ من انت حتى تبرز على قادة للثورة ظهروا بعد اربعة عقود من تربية البعث المطلق الاشبه بالالهة؟ من انت حتى تحطم امال كثير من القادة الذين ربحوا و صعدوا على حساب الثورة و جمعوا الاموال منها ؟
من انت ايها الجولاني لتكون ثائرا على واقع قذر متشرذم يلعب فيه الشرق و الغرب و تتجاذبه التجارب الفاشلة الوطنية و الاسلامية ؟ من انت حتى تجمع بين الجهاد و الثورة ؟ من انت لتعاند التاريخ و الحاضر و المستقبل ؟ لقد اخذتك نفسك بعيدا يا جولاني و ها هم اعدائك و خصومك قد وقفوا ضدك من اقصى اقصى اليمين حتى اقصى اقصى الشمال . هذه نتيجة اعمالك يا جولاني .

الجمعة، 23 فبراير 2018

الفصائل الشامية المتناحرة - الصراع الوجودي


الفصائل الشامية المتناحرة - الصراع الوجودي
تعليقا على الازمة الفصائلية في الشمال المحرر
بقلم : احمد ابو فرحة
يتابع انصار الثورة السورية في العالم تطورات الازمة الفصائلية في ادلب و الشمال السوري ببالغ الترقب و الحزن . و لا شك ان اي اقتتال بين المسلمين داخل الثورة سيراق فيه دماء و تزهق فيه ارواح الثورة السورية اولى بها . و ان اي جهد لا بد ان يكون ضد الغزاة و ضد حلف الشيطان في سوريا . لكن ايضا لا بد من معرفة طبيعة الصراع اصلا بين الاطراف الثورية السورية حتى يسهل التوصيف ثم العلاج . تابعت ايضا دور المشايخ المصلحين في الثورة منهم الشيخ الفاضل عبد الرزاق المهدي و الشيخ ابو محمد الصادق و الشيخين العلياني و المحيسني بارك الله فيهم جميعا . و لا شك انهم اصدق بكثير من كل اطراف الثورة المتنازعة بما فيهم هيئة تحرير الشام . لكن الصدق و الاخلاص وحدهما في عالم مزروع بالالغام و في محيط مشحون و ضمن اطراف ماكرة و ضمن تعقيدات لعبة سياسية خطيرة و معقدة لا يعرف فيها كل طرف ما يريد و ما يمكر و ماذا ارتباطاته و ما هي اهدافه و كثير من الدهاء .... هنا الصدق و الاخلاص و النقاء لا تكفي مجتمعة . القضية اكبر من قصة تتذرع بها هيئة تحرير الشام او موقف يسجل هنا و هناك ضد او مع , و القضية اكبر بكثير من حادث يتهم فيه طرف الطرف الاخر . و ان الغوص في تفاصيل الاحداث "البسيطة" مع الاحترام الكامل لمشايخنا يرجع بالاذهان الى النقاشات الشرعية التي كانت تخوضها اطراف ثورية و اسلامية و جهادية ضد داعش و افعالها . حينما كانت داعش تفعل الافاعيل و يغوص البعض في تفاصيل هذه الافعال هل هي شرعية ام غير شرعية و ما الدليل على شرعيتها او الدليل على عدم شرعيتها !! نوع من السذاجة في التعاطي مع اخطر ظاهرة واجهت الثورة السورية , فكر خوارج مدمر يزهق الارواح له ارتباطات خطيرة هدفه انهاء الثورة , و التعامل معه ليس بالرد العلمي ! او التفنيد الوقائعي .
لا بد من الرجوع الى اصل القصة و اصل المشاحنات و لا بد من قياس حجم النفور و طريقة التعاطي مع الاخرين فنعرف هل سيكون صلح حقيقي اصلا بينهم ؟ ام انها مشاريع متضاربة هدفها افناء المشاريع الاخرى ؟ هل القصة اصلا مظالم و وقائع ام صراع انهاء وجود ؟ و لماذا حتى في قمة التآخي لم تشكل محكمة مستقلة تجمع الاطراف جميعها ؟ هنا نكتشف ان الاطراف جميعها كانت تعرف بعضها و نوايا بعضها و كانت و رغم التآخي الموجود تؤجل الصراع بينها . اذكر عندما تحالف الزنكي مع النصرة سردت حسابات لاحرار الشام و غيرها وقائع عن حسام اطرش القيادي في الزنكي انه رجل مصالح و حتى انهم حذروا النصرة منه . و النصرة ايضا بتحالفها معه تعلم من هو و من الزنكي . و الزنكي بتحالفه من النصرة يعلم من هم النصرة . و اليوم حلفاء الامس اضداد اليوم . اذا فالصراع من بدايته و ان لم يكن ظاهرا هو صراع وجود . ان محاولة الجولاني التحالف مع احرار الشام و رفضهم له , كان معناه انك لست من اطراف الثورة السورية اصلا , و انك يوما ما لن تكون لا انت و لا جماعتك , و انك مصنف ضمن لوائح الارهاب و يوما ما ستقصفك امريكا و معناه بالمحصلة انك يا جولاني لن تكون على الساحة لكننا ننتظر تلك اللحظة . من لم يفهم الرسالة هذه بهذا الشكل فهو قاصر بالقراءة لا يقرأ ابعد من انفه . مع كل هذا حاول كل من له ذرة عقل و دين ان يرأب الصدع بين المتخاصمين و ان يتغنى ببصيص امل رباني عله يصلح الاخوة المتفرقين . هذا هو الصراع من اساسه صراع وجود و وبقاء و اقصاء عند كل الاطراف . و لا يعفي الجولاني و الهيئة من تقصيرات في تطبيق الاتفاقيات و من خروقات و تعديات هنا و هناك , شأنه شأن اي فصيل في الساحة . تكلمت شخصيا مع قيادي بارز في الاحرار و قال لي حرفيا : "و الله يا اخي لا نملك حتى البندقية ندافع بها عن انفسنا لان الجولاني سلبها" "و الذي بقي معنا اسلحة صغيرة و متوسطة لا تكاد تدافع عن احد " ! و اليوم دبابات و قاذفات ظهرت فجأة تقصف الجولاني ! لسنا هنا بصدد التبرير للجولاني بغيه او سلبه للاخرين , انما توضيحا لمفهوم الصراع اصلا بينهم .
و عندما خاض الجولاني معاركه ضد النظام اتهم بالعمالة و التسليم و لم يشاركه احد بالمعارك . فالقصة قصة من هو الرأس , من الذي يقرر السلم و الحرب في الثورة السورية . من يبسط مشروعه و اجنداته . هنا يصبح الحديث عن محاكم شرعية و عن صلح مثل ابر التخدير . ليس هكذا يكون الصلح . و للتوضيح اكثر و للتقريب سأذكر الصراع بين فتح و حماس في فلسطين و لماذا لا يوقعان اتفاق و لماذا على الاعلام فقط يتصورون بانهم مصطلحين . الجواب لن يكون هناك صلح بين حماس و فتح لانهما مشروعان مختلفان . لان فتح مستعدة ان تقف مع العرب في ضرب حماس و لان حماس مستعدة اذا توفر لها الظرف – و لن يتوفر في الضفة – ان تحسم الضفة كما غزة . و مع هذا كله , فان صراع فتح و حماس اهون بكثير من صراع الفصائل المتناحرة في الشمال السوري . على الاقل في فلسطين فتح و حماس . طرفان فقط . لكن في الشمال السورية عدد الاطراف و التجاذبات و المشاريع اكثر بكثير .
فان اراد احد من المشايخ الكرام او غيرهم ان يبرموا صلحا بين الهيئة و غيرها من الفصائل , لا بد من ضمان – و هذا حق الهيئة – ان الهيئة طرف ثوري و كبير و انها ستكون مأمونة الجانب من قبل هذا الفصيل او ذاك . و الا فالحديث عن صلح او محكمة فهو ضرب من ضروب العبث .
في الثورة السورية ليس هناك الا حلين . لا ثالث لهما . الصلح بين الفصائل المتناحرة – و هذا ثبت استحالته مع احترام كل من يمشي في هذا الاتجاه – و الحل الاخر ان يبسط فصيل او تجمع سيطرته على الارض بالتغلب . و لنا في تجربة القسام في غزة و في طالبان عبرة . و لأن يقال هيئة تحرير الشام باغية متغلبة اهون ان يقال انها ساذجة و اضاعت تجربة جهادية مميزة – بكل ما حوته من سلبيات و قصور – و ماذا يفيد الهيئة اذا تغلبت عليها الفصائل – المتناحرة اصلا- قول المشايخ حينها : نعم الهيئة مظلومة , بعد فوات الاوان ؟!!
اصل الصراع الوجودي بين الفصائل يمكن ان يحل بتغيير القادة – و هذا مستحيل – او بتغيير الاجندات – و هذا مستحيل – او ان الله سبحانه و تعالى يبدلهم جميعا بقدرته و حكمته . هذا هو اصل الصراع و اي خوض في تفاصيل ثانوية عبث لا قيمة له .

الاثنين، 4 ديسمبر 2017

Game Over !

Game Over !
بقلم : احمد ابو فرحة
كنا في الطفولة و عند القيام بلعب العاب الفيديو , نجهز اللعبة محضرين معنا كأسا من النسكافيه , و قليلا من "الفوشار" و نجلس على الكرسي و نحضر كرسيا أخرى لنضع عليها اقدامنا , و بكل اريحية و رخاء نبدأ باللعب في العابنا المضفلة . و بعد ان نتقدم بمراحل عندها "نموت" فكيتب لنا الجهاز (Game Over ) فماذا نعمل وقتها ؟ بكل بساطة نبدأ اللعبة من جديد . في الحقيقة لم تكن "الميتة" في اللعبة شيئا يؤثر علينا , لاننا نستطيع اعادة اللعبة و نلعب من جديد و نستمتع اكثر . هذه الحالة , ان "نموت" و نبدأ مرة اخرى و نحن مسترخيين , تصيب كثيرا من انصار الجهاد و انصار الثورات و انصار المناهج و الافكار ( غير الفاعلين على الارض ) , فالثورات و الاحداث الجهادية و ارواح البشر و مصائر الامم كله لا يؤثر عليهم بشكل حقيقي , اللهم انه يؤثر على استمتاعهم و قضاء و قتهم و اشغال انفسهم الفارغة باحداث الامة الجلل . فان خربت البلاد و فشلت التجارب و ضاع ما ضاع , ما يؤثر على اولئك ؟ لا شيء . ببساطة Game Over !  و بعدها يغيرون اهتمامهم الى ساحة اخرى من دماء المسلمين , الى مرحلة اخرى تعبئ عليهم واقعهم الفارغ !
و احداث الامة الجلل كثيرة و لا تنتهي الا بانتهاء الارض , و اولئك الذين يتابعون الاوضاع دون الاحساس بما يجري على الارض متنعمين بالامن و الذين ينظرون على من يقبع تحت القصف و المدافع , لا يفرقون شيئا عن متفرجي المباريات و عن لاعبي العاب الفيديو . بكل بساطة يفتح الشخص حاسوبه بعد ان يعد كاسا من النسكافيه و يمد رجليه على الكرسي و يتابع , و يكتب و يعلق و يزاود , بالضبط كمن يتفرج على المباراة و يقول لو فعل المدرب كذا او لو مرر اللاعب كذا لكان كذا ... تسلية و تنظير لتعبئة الفراغ . السؤال : ماذا لو كنت في الميدان الحقيقي ماذا ستفعل ؟
و ليس الامر ان لا يتابع المسلم قضايا امته , فمتابعة قضايا المسلمين و نصرتها واجب على كل مسلم , لكن بنفس الوجع الذي يحسه المسلم و بنفس النظرة التي ينظرها و هو تحت القصف , بما يخدم مصالح المسلمين المضطهدين لا بما يوافق هواك و فكرك الذي لا يمت بأي صلة للواقع . يشمل هذا الكلام شيوخا و كتاب و مفكرين و اشخاصا عاديين متابعين و اصحاب رأي , فقضية المسلمين ليست لعبة عندك و ان تذرعت باي ذريعة بانك حامي حمى التوحيد او حامي حمى الثورة او او ... ف Game Over  هنا تعني خراب بيوت و قتل للمسلمين اكثر و فساد بالارض .
على المسلم ان يشغل نفسه بما ينفعه اولا و لا تكون قضايا الامة عنده بمثابة تسلية لتعبئة الفراغ , لان الشيطان بارع في هذه الحيلة , فان كنت صاحب رأي مسموعا عند كثيرين فانتصر لامتك و لا تنتصر لهواك او لحقدك . على اية حال , فان الامة اليوم قد تجاوزت كثيرا من اولئك الذين ملأوا الدنيا و شغلوها بفراغهم , و ان كل من تربت نفسه الى Game Over  او ما يشابهها فان غربال الايام قد قال لهم : Game Over !

الواقع الاليم ينتصر على النظرية الجميلة , و اننا في مرحلة ارجاع عز المسلمين , و كل التشغيبات من المشاغبين و " الهوائيين " ما عادت تؤثر على جيل قرر ان يغير و قرر ان ينتصر للاسلام لا للعصبيات و الهوى , و ان نصر الله قريب .

الأربعاء، 29 نوفمبر 2017

ما بين رؤيتين : القاعدة و هيئة تحرير الشام

ما بين رؤيتين : القاعدة و هيئة تحرير الشام
بقلم : أحمد أبو فرحة

بعد خطاب الدكتور ايمن الظواهري الاخير المنشور في 28 تشرين ثاني 2017 باتت الرؤية واضحة عند كل من الظواهري و الجولاني , و بات ان فك الارتباط امر حقيقي غير شكلي و ان منهج كل جماعة بات مختلفا عن الاخر . و هنا نسرد بعض الملاحظات و التعليقات  المهمة بعد خطاب الدكتور ايمن الجديد .
1- هيئة تحرير الشام مشروع سني سوري عدوه الاصلي هو بشار الاسد و تنظيم القاعدة تنظيم عالمي عدوه الاصلي امريكا . و تعليقا على هذه النقطة , فان الدكتور ايمن يخاطب من يخاطب في سوريا و عنده تصور ان عدو هيئة تحرير الشام و عدو السوريين الاول هو امريكا , فيقول لهم : " كي ترضى عنكم امريكا " . و هذا احد الخلافات المهمة بين الظواهري و الجولاني . لقد غاب عن الدكتور ايمن ان صراع كل منطقة مختلف عن الاخر , فالقاعدة المبايعة لطالبان عدوهما الرئيسي امريكا لذلك من الطبيعي ان تعمل طالبان و القاعدة في افغانستان للاستفادة من الروس نكاية في الامريكان , و ان لم يشأ البعض تسميتها استفادة , فلنسمها غض الطرف من روسيا عن القاعدة و طالبان . فلماذا لا يخاطب الجولاني تنظيم القاعدة و طالبان لماذا تستفيدون من الروس و هم اعداؤنا المباشرين ؟! اذا , فلكل ساحة قتال طبيعتها و تعقيداتها و ليست افغانستان هي محور الصراع و ليست فلسطين هي محور الصراع , فكما نستخلص ان لكل ساحة اعداء مباشرين و اعداء غير مباشرين , فان استفاد المجاهدون من العدو غير المباشر لصالح ضرب العدو المباشر فاين المشكلة؟
2- يصر الدكتور ايمن الظواهري على ان فك الارتباط يكون بشرطين لا ثالث لهما , ان تذوب الجماعات مع بعضها و ان يشكلوا حكومة اسلامية , وقتها القاعدة بحسب الدكتور ايمن الظواهري ستتنازل عن التنظيمية . و هذا الكلام من بعيد يبدو جميلا لا لبس فيه , لكن مشكلته الوحيدة انه غير قابل للتحقق !! اي مجاهدين سيتحدون و سيشكلون حكومة اسلامية ؟ لقد بذل الجولاني الغالي و النفيس لاجل هذا الامر و اصطدم بما اصطدم , و اول ما اصطدم به هم الجماعة التي يدافع عنهم الدكتور ايمن و يناصروه الآن , الذين تركوا النصرة و فتح الشام و هيئة تحرير الشام لاجل اسباب تافهة و تحت غطاء الحفاظ على التوحيد !! فالكلام النظري الانشائي الوردي سهل , لكن الواقع هو المهم .
3- يخاطب الدكتور ايمن الظواهري " اخواني المجاهدين في الشام " , و هنا لا نعلم من يقصد بالضبط , هل اخوان القاعدة المجاهدين من الفصائل الاخرى الذين بسببهم رفض اتباع القاعدة الجدد الانضمام لهيئة تحرير الشام !! حقيقة هنا تناقض كبير جدا . الكل يعلم ان انصار القاعدة الجدد في سوريا تركوا النصرة و ما تبعها من تشكيلات بسبب ان الجولاني يتقرب من "الاخوان المجاهدين " في الشام , و انصار القاعدة الجدد اعتبروا ذلك دخنا في التوحيد . بمعنى ان الجولاني عمليا تقرب من اخوانه المجاهدين بالشام و القاعدة و انصارها هم سبب الخلاف و بنفس الوقت ينظرون انهم يريدون الالتحام مع اخوانهم بالشام !! الا ان كان قصد الدكتور ايمن هم انصار السلفية الجهادية في الشام هم المقصودين بكلامه اخواني المجاهدين بالشام , و هنا نحن امام ضيق افق تنظيمي كبير تجاوزته الساحة السورية قديما .
4- يخاطب الدكتور ايمن الظواهري و كأن القاعدة لها رصيد شعبي هائل في الشام , و هذا امر مخالف للواقع , لأن الحقيقة تقول ان القاعدة في الشام ليس لها رصيد شعبي يذكر , بضع عشرات او بضع مئات , و هذا لا يقلل من شأن جهادها , لكن الحقيقة المرة التي يتغافل الدكتور ايمن عنها ان امريكا و الانظمة العربية نجحوا في اقناع الشعوب عبر سنين ان القاعدة سبب من اسباب البلاء و يشمل هذا اعمال غير مقبولة قامت بها القاعدة هنا او هناك , و بسبب الكارثة الداعشية التي تأخرت قيادة القاعدة في مفاصلة الورم السرطاني الذي نخر هذه الامة عبر بوابة القاعدة و بسب و بسبب ... هناك اسباب كثيرة , و الخلاصة ان القاعدة ليس لها رصيد عند الناس في سوريا , فلماذا الاصرار على ربط مصير ملايين البشر المسلمين المضطهدين باسم القاعدة؟! هل الاسم غاية ؟ نعم قد يكون غاية عند الكثيرين .
5- كعادة خطابات قيادة القاعدة فانها تأتي متأخرة و غير مواكبة للاحداث و تغوص في تفاصيل تجاوزتها الساحة قديما .من بايع من و فلان يبايع فلان و ما شكل هذه البيعة و امور لا تؤثر علىطبيعة الصراع .  ففي الوقت التي كانت داعش تذبح المجاهدين من النصرة و الاحرار و غيرهم كان الدكتور ايمن يخاطب ابراهيم البدري بحفيد رسول الله !! السبب ؟ ان الدكتور ايمن يعيش في عالم يحصره ببعض الاشخاص . ما ينقله هؤلاء الاشخاص "الثقات" على ضوءه يتكلم الدكتور ايمن . و نحن في عصر السرعة و الانترنت , و الامة تجاوزت البوتقة التنظيمية و المنهجية .
6- للاسف تغلب "الشخصنة" خطابات القادة و المنظرين و المشايخ , فقد ورد في خطاب الدكتور ايمن اكثر من 18 مرة كلمة انا او ضمير الملكية "ي" , و هذا امر يعكس ان طبيعة الصراع مع الجولاني فيها نوع من الغيرة . و هذه الظاهرة تم رصدها عند اغلب المنظرين كبار السن , و كأنهم يستكثرون على الشباب ان يقودوا امة و ان خبرتهم و سابقتهم و تضحيتهم ترغم الاتباع ان ينصاعوا لهم , و في عصر السرعة يثبت من يواكب اول بأول و من يستشرف الاحداث يستحق الجدارة لا من يأتي دائما متأخرا !!
7- هدف القاعدة هدف عام "قتال الكفار و المشركين " و هدف هيئة تحرير الشام هدف محدد " قتال النصيرية و من والاهم في الشام " . يقال في علم المناهج و تطوير الذات انه اذا اردت ان تضع هدفا لك , لا تضعه عاما غير قابل للقياس . فسهل جدا ان تقول اريد ان اصبح لائقا صحيا , و لكن الاصعب ان تركض كل يوم 5 كيلومترات فتخسر في الشهر 5 كيلو. في تحديد الهدف تكسب امرين , الامر الاول انك تحيد الخصوم و تكسب الحلفاء . و الامر الاخر انك تكسب التعاطف كون الاهداف الخاصة اكثر تأثيرا , اضافة الى انك تستطيع تقييم نفسك بشكل افضل. فلو جئت لاهل الشام و سألتهم عن قوس واحدة : ما هدفكم ؟ لقالوا بصوت واحد : اسقاط النظام . و ان اي جماعة تقوم بعمليات ضد النظام يقفون معها . فمالهم و مال امريكا و مالهم و مال اي مسألة اخرى . في الوجدان هم مسلمون موحدون يكرهون امريكا و الصهاينة و كل من يؤذي المسلمين , لكن الواقع فرض عليهم ان يصبوا جام كرههم للنصيرية التي اذاقتهم الويلات .
8- ان الانفكاك عن القاعدة فعلا و حقيقة جنب الجولاني و من معه صراعات هو كان في غنى عنها و بنفس الوقت عرى اولئك "الاخوة" الذين رفضوا الاندماج معهم بسبب القاعدة و كشف زيف ادعائهم و كشف خبثهم , و اعطاه هذا الامر حرية اكبر للتفاعل مع الاحداث , و ما كانت تركيا لتتعامل مع هيئة تحرير الشام لو كانت فعلا تنظيم قاعدة . و حتى اليوم هم يعاملونهم بشكل غير مباشر . قد يقول قائل من بعيد بكل بساطة : و ما الفائدة؟ الفائدة ان صداما كان سيحدث بين الاتراك و الهيئة يحرق الاخضر و اليابس و يقتل ما تبقى من امل للثورة بسبب اسم !

ان الامة بكل ما مرت به من الام و تجارب تجاوزت موضوع التنظيمات و قدسية العلماء و قدسية القادة , اليوم الامر مختلف , الواقع من يفرض الناجح و من يفرض الفاشل , و التاريخ و البريق و الوهج لا تنفع في خضم الاحداث الجسام التي تعصف بالامة . هيئة تحرير الشام تسير نحو الهدف المنشود مستفيدة من كل الاخطاء و تحتاج الى من يسندها و يقف معها لا ان يطعن بها تحت مسميات و تحت شعارات غير حقيقية واقعيا , جميلة وردية في العالم الضيق المحصور داخل الافق الاضيق !

الاثنين، 30 أكتوبر 2017

الواقعية الجهادية من ضيق المناهج الى سعة الواقع

الواقعية الجهادية ... من ضيق المناهج الى سعة الواقع
بقلم : أحمد أبو فرحة
لطالما عانى التيار الجهادي من معضلتين اساسيتين , و قد تكونا متلازمتين . المشكلة الاولى هي الغلو و ذلك لتبنيه مناهج محددة يتصور شيوخها انها الطائفة المنصورة و لاجل ذلك يعقدون على تلك المناهج الولاء و البراء , متسببين بتلك المعضلة في اصطدام مباشر غير ضروري و لا واقعي مع مناهج اسلامية مخالفة اخرى , قد تكون بعضها قد حالفت اعداء الامة لسبب او لاخر , لكن حرج الوقت و صعوبته في ظل تكالب اعداء الامة يجعل من تلك الصدامات تخدم الاعداء المباشرين . اضافة الى ازهاق ارواح ابرياء في معارك ثانوية لا تحتملها الامة في الوقت العصيب . و ان تبني مناهج سطرها شيوخ يخطؤون و يصيبون و قد يكونون اصلا بعيدين عن واقع الجهاد هي الازمة الاكبر التي عانى منها التيار الجهادي . فكان لزاما على حركات التيار الجهادي ان يفتي في نوازلها من على الارض , ممن يعايشون التجربة و ينزعوا تلك القدسية العمياء التي بالغوا في اعطائها لاصحاب النظريات . فالتيار الجهادي الشعبي صاحب القضية يقود بواقعيته  و لا يقاد بنظريات , يركز على المعركة الاساسية و يتجنب اي معركة ثانوية لا تخدم الا العدو المباشر .

نظرية العدو الاول و العدو الثاني :
في ظل الاحداث المتشابكة و في ظل كثرة اللاعبين و كثرة الاطراف و كثرة المصالح , لا بد من فهم نظرية العدو الاول و العدو الثاني . كل جماعة , تنظيم , حركة لها اكثر من عدو . فان صنفت العدو (س) هو العدو الرئيسي اصبح العدو (ص) هو العدو الثانوي , اي اصبح "صديقا" او ربما اصبح "ضمن هدنة قسرية" او لربما اصبح "خارج الحسابات في المرحلة "
المشكلة كانت في تحديد العدو 1 و العدو 2 . و في الحالة السورية نجد ان العدو رقم 1 هو النظام السوري و كل من يدعمه , لذلك يصبح كل عدو اخر بمثابة "صديق" رغم العداوة , او بمثابة "حليف" رغم الاختلاف , او بمثابة "خارج الحسابات" رغم كل اذاه .
و لربما بمثال بسيط , نجد ان اتهام داعش بالعمالة للنظام ينبع من اتخاذ داعش للثورة السورية العدو الاول , فيصبح النظام شبه حليف رغم العداوة , و لربما رغم الاثخان بهم !!
فبوضع النظام السوري العدو رقم واحد , يكون التيار الجهادي قد وضع الحد الادنى للتوافق مع بقية المكونات الثورية و مع بقية اعداء النظام السوري . و ما كان ليصد هذه الواقعية الجهادية عن هذا الفهم الا تنظير المناهج , الذي و باسم العقيدة ربما يضع العدو الاخطر مكان العدو الاقل خطرا . و في حالة هيئة تحرير الشام نجد الواقعية الجهادية تتجلى في التحالفات و السلوك .

التنظيم او الجماعة وسيلة ام غاية ؟
ان التغير مع الحفاظ على المبادئ ( التجديد ) سمة تحسب للجماعة لا سيئة تحسب عليها . فما هو الهدف الذي تريده جماعة معينة ؟ اليس قتال الاعداء و حفظ بيضة الاسلام و نشر الدعوة و تطبيق حكم الله ما امكن ؟! هذه هي الثوابت و البقية متغيرات , متغيرات في التحالفات و في الاندماجات و التغييرات . ثم انه من الغباء ان تسلم نفسك لقمة سائغة لاعدائك لمجرد انك تحافظ على اسم او على راية . فالغاية الاكبر هي حفظ بيضة الاسلام و الوسائل متاحة و كثيرة و منها التورية و تغيير الاسماء و الرايات و التحالفات . ذكر في السيرة ان الرسول صلى الله عليه و سلم كان مع ابي بكر فاراد ان يعرف اخبار قريش من اعرابي , فسألهما الاعرابي : من انتما ؟ فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : نحن من ماء . فتوهم الاعرابي انها قبيلة اسمها ماء , و الرسول صلى الله عليه و سلم يقصد " و جعلنا من الماء كل شيء حي " . فقال العلماء ان الرسول صلى الله عليه و سلم استخدم التورية حفاظا على حياته و حياة ابي بكر . فان كان الحبيب محمد و هو النبي قد استخدم التورية , فلماذا لا يستحدم الجهاديون هذا الاسلوب و هم في امس الحاجة اليه مع كثرة الاحداث و كثرة الالغام حولهم و امامهم ؟

الجهادية الواقعية تتعامل مع الاحداث بكل مرونة و تغير , لما تقتضي الحاجة , و ليس هذا تنازلا و لا بيعا و لا نكثا للعهود و لا اي من هذه القيود الوهمية التي لطالما حدت من استمرارية و تمكين و فعالية التيار الجهادي .