الخميس، 6 فبراير 2014

بكتيريا الصحوات الوقاية و العلاج



بكتيريا الصحوات
الوقاية و العلاج
بقلم : احمد ابو فرحة

الصحوات آفة الآفات و أزمة الأزمات و من أصعب النازلات . أبناء جلدتك و بنو قومك و عشيرتك يتحالفون مع قوى الاستكبار العالمي أو حتى مع الشيطان لمحاربة دين الله و استبداله بفتات الدنيا .
هم عدو ليسوا كأي عدو , و داء دواؤه مختلف عن بقية الأدوية . و لا يكاد يخلو مجتمع أينما كان من وجود أناس لديهم القابلية لأن يصبحوا صحوات . هي عملية اكتمال لظروف معينة و لحظة معينة حتى تراهم يحاربون دين الله . و الصحوات في غالبها علمانيون أو وطنيون  . كما أن الصحوات مصالح مشتركة قد تكون بين الفرقاء لمحاربة الساعين إلى تحكيم دين الله في الأرض . و دين الله يقضي بأن تقطع يد السارق , فلذلك ستلقى اللصوص تلقائيا ضمن الصحوات . و الدين يدعو إلى الفضيلة و ينكر الرذيلة و يحاربها , لذلك ستجد عبيد الهوى و الأمراض ضمن الصحوات . و كل من يحاربه الدين ستجده ضمن الصحوات .
فالصحوات مثل فيروس أو بكتيريا معينة موجودة في جسم كل إنسان . لكن هذه البكتيريا بحاجة إلى عوامل مكتملة كي تفتك بالجسم , و بعدها يبدأ العلاج و الاستئصال و البدء بحرب لا تنتهي قد تنجح أو قد تفشل  ( طبيا : مرض السل تكون فيه البكتيريا موجودة في جسم الإنسان و تحتاج ظروف معينة حتى تضرب جسم الإنسان ) !! . لكن هناك نظرة أخرى ؟ لماذا لا يتم إتباع الحمية لتطويل المسافة على هذه البكتيريا ؟ لماذا لا نتجنب بعض الأكل و بعض الشرب ؟ علنا نتجنب كثيرا من الدواء المكلف و ربما عمليات استئصاليه قد لا تنهي هذه البكتيريا ؟
هل الصحوات ظاهرة جديدة في عصرنا هذا ؟ هنا سنلقي الضوء على تجربة للصحوات قديمة و نرى إعادة التاريخ لنفسه و إعادة المسلمين لنفس الهفوات .

المجاهد أحمد بن محمد عرفان( تجربة تستحق المراجعة )
هو ذلك القائد الهندي المسلم العظيم الذي حارب بريطانيا العظمى أيام ما كانت لا تغيب عنها الشمس كما يقال و حارب المغول و السيخ و تمكن من هزمهم مجتمعين و تمكن من إقامة دولة إسلامية تحكم بما انزل الله في بلاد الهند و السند و خراسان عام 1242هـ 1826 ميلادية . و كانت تلك ضربة قاصمة للانجليز . ساعد الشيخ احمد عرفان الشيخ إسماعيل الدهلوي صاحب التأثير القوي عند الناس في ذلك الزمان . لقد ألهب احمد عرفان الشعوب المسلمة آنذاك و أحيا فريضة الجهاد و بث الحماسة و صار الجهاد الشغل الشاغل عند الشعوب المسلمة في تلك المناطق و كبدوا الانجليز و السيخ خسائر فادحة . فتحت الشعوب المسلمة للشيخ احمد عرفان ذراعيها مما مكنه من تطبيق حكم الله و عين لكل بلد أمير و قاضي و مسؤول بيت مال و أصبحت لديه دولة قوية لم يستطع الانجليز بجبروتهم ردعها .
و كان الشيخ عرفان قد تأثر بالعقيدة السلفية و إتباع السنة المطهرة , و كانت بلاده وقتها مرتعا للبدع و العادات الجاهلية . لذلك بدأ الشيخ احمد عرفان بتطهير المجتمعات الهندية و الخراسانية من هذه البدع و اصطدم مع الناس وقتها و مع العشائر و القبائل  . و يذكر في التاريخ أن كثيرين نصحوا الشيخ احمد عرفان أن يخفف في أمور العادات و التي لا تخالف العقيدة بشكل مباشر , إلا انه قال إما دين كامل أو لا بارك الله بمن يحكم . و كان من هذه العادات مثلا أن العشائر لا تزوج ابنتها و تسلمها لزوجها إلا بعد اكتمال المهر المكلف و بعض من الشروط الأخرى . و كانت هذه نقيصة لمن يزوج الفتاة و مهرها غير مكتمل , فتدخل الشيخ احمد عرفان رحمه الله بهذه الأمور و أصبح يأمر بأخذ الفتاة عنوة إلى بيت زوجها . طبعا هذا فقط احد الأمثلة الكثيرة . كما أن الشيخ أحمد عرفان تجاهل كثيرا من زعماء القبائل و العشائر و اكتفى وقتها بأمير للمنطقة و قاضي و مسئول جباية الزكاة و الباقي جنود , مما أدى لكثير من القبائل المعروفة إلى معاداة الشيخ أحمد عرفان .و كان من السهل ضم هذه القبائل و استقطابها  لو طبقت الشورى جيدا . و بعد كل هذا أصبح كثير من الناس ينفرون من حكم الشيخ . هنا دخلت بريطانيا على الخط و استغلت هذا الاصطدام مع الناس و العشائر و شيوخ  القبائل  الجشعين الذين لم يكن لهم نصيب من حكم الدولة التي يقودها الشيخ احمد , و روجت بريطانيا بين العامة أن الشيخ احمد بن عرفان (وهابي) , و كان أهل البلاد ينفرون من هذه الكلمة لأنها تخالف عاداتهم ,  و دعمت بريطانيا القبائل فحاربوا الشيخ احمد و قضوا على دولته .

فما أشبه اليوم بالبارحة , و ما أشبه اليوم مع الغد إن لم يتنبه قادة الجهاد إلى ذلك الخطر الآفة البكتيريا المسماة صحوات . يحتاج الجهاديون اليوم الذين يقودون الأمة إلى عمل حمية تطيل المسافة على تمكن هذه البكتيريا من الفتك . و كما قيل : درهم وقاية خير من قنطار علاج .
و من الأمور التي قد تتشابه في موضوع الصحوات هو موضوع المخالفة , فليس كل مخالف صحوات !! فلا يتم علاج فيروس الايدز بنفس علاج الزكام !! و هذا أمر لا بد من وعيه و التعامل معه بطريقة صحيحة . و من علاج الصحوات , دراسة كل حالة منها على حدا , فليست كلها متساوية , منهم من شعر انه مهمش من الحكم , فهذا يسهل علاجه إن كان ذا توجه إسلامي . و منهم من له مظلمة أو مظالم و يدفعه حقده لان يحارب من قوى الصليب , و هذا ترد له مظالمه فيرجع . و منهم من لديه لبس أو شوائب تتعلق بمفهوم الحكم الإسلامي , و هذا ينصح و يبين له كل شيء بالحكمة و الموعظة الحسنة . و كثيرون من هم يكونوا صحوات أو مشاريع صحوات و علاجهم سهل لو أراد المعالج علاجا !! و منهم العلمانيون القلة الوقحون ممن يكرهون الإسلام باطنا و ظاهرا , و منهم المرتبطون مباشرة و قديما بالمخابرات العربية مهما كان توجههم , فهؤلاء تقام عليهم الحجة و بعدها إن لم يرتدعوا فالسيوف أشفى و أوفى . و لا يطلق على الصحوات هذا اللفظ إلا بعد أن يقعوا في مكائد الكافر و يلوغوا في دماء المسلمين و يعلنوها صريحة أنهم ضد شريعة الرحمن و ليس فقط بالشبهة أو من موقف أو اثنين .
أخيرا , فإن الوقاية مع الصحوات و المداراة و سحب البساط من تحت كل لئيم و التبرؤ من الأخطاء و تجنبها من البداية  مع عدم التنازل عن العقيدة أفضل بكثير من العلاج و الاستئصال , أما و إن تمكنت البكتيريا بعد كل هذه الحمية فوقتها نقول مشيئة الله النافذة و لا حول و لا قوة إلا بالله .
6 – شباط - 2014

هناك تعليقان (2):