بكتيريا الصحوات
الوقاية و
العلاج
بقلم : احمد ابو
فرحة
الصحوات آفة الآفات و أزمة الأزمات و
من أصعب النازلات . أبناء جلدتك و بنو قومك و عشيرتك يتحالفون مع قوى الاستكبار
العالمي أو حتى مع الشيطان لمحاربة دين الله و استبداله بفتات الدنيا .
هم عدو ليسوا كأي عدو , و داء دواؤه
مختلف عن بقية الأدوية . و لا يكاد يخلو مجتمع أينما كان من وجود أناس لديهم
القابلية لأن يصبحوا صحوات . هي عملية اكتمال لظروف معينة و لحظة معينة حتى تراهم
يحاربون دين الله . و الصحوات في غالبها علمانيون أو وطنيون . كما أن الصحوات مصالح مشتركة قد تكون بين الفرقاء
لمحاربة الساعين إلى تحكيم دين الله في الأرض . و دين الله يقضي بأن تقطع يد
السارق , فلذلك ستلقى اللصوص تلقائيا ضمن الصحوات . و الدين يدعو إلى الفضيلة و
ينكر الرذيلة و يحاربها , لذلك ستجد عبيد الهوى و الأمراض ضمن الصحوات . و كل من
يحاربه الدين ستجده ضمن الصحوات .
فالصحوات مثل فيروس أو بكتيريا معينة
موجودة في جسم كل إنسان . لكن هذه البكتيريا بحاجة إلى عوامل مكتملة كي تفتك بالجسم
, و بعدها يبدأ العلاج و الاستئصال و البدء بحرب لا تنتهي قد تنجح أو قد تفشل ( طبيا : مرض السل تكون فيه البكتيريا موجودة في
جسم الإنسان و تحتاج ظروف معينة حتى تضرب جسم الإنسان ) !! . لكن هناك نظرة أخرى ؟
لماذا لا يتم إتباع الحمية لتطويل المسافة على هذه البكتيريا ؟ لماذا لا نتجنب بعض
الأكل و بعض الشرب ؟ علنا نتجنب كثيرا من الدواء المكلف و ربما عمليات استئصاليه
قد لا تنهي هذه البكتيريا ؟
هل الصحوات ظاهرة جديدة في عصرنا هذا
؟ هنا سنلقي الضوء على تجربة للصحوات قديمة و نرى إعادة التاريخ لنفسه و إعادة
المسلمين لنفس الهفوات .
المجاهد أحمد بن محمد عرفان( تجربة تستحق المراجعة )
هو ذلك القائد الهندي المسلم العظيم
الذي حارب بريطانيا العظمى أيام ما كانت لا تغيب عنها الشمس كما يقال و حارب
المغول و السيخ و تمكن من هزمهم مجتمعين و تمكن من إقامة دولة إسلامية تحكم بما
انزل الله في بلاد الهند و السند و خراسان عام 1242هـ 1826 ميلادية . و كانت تلك
ضربة قاصمة للانجليز . ساعد الشيخ احمد عرفان الشيخ إسماعيل الدهلوي صاحب التأثير
القوي عند الناس في ذلك الزمان . لقد ألهب احمد عرفان الشعوب المسلمة آنذاك و أحيا
فريضة الجهاد و بث الحماسة و صار الجهاد الشغل الشاغل عند الشعوب المسلمة في تلك
المناطق و كبدوا الانجليز و السيخ خسائر فادحة . فتحت الشعوب المسلمة للشيخ احمد
عرفان ذراعيها مما مكنه من تطبيق حكم الله و عين لكل بلد أمير و قاضي و مسؤول بيت
مال و أصبحت لديه دولة قوية لم يستطع الانجليز بجبروتهم ردعها .
و كان الشيخ عرفان قد تأثر بالعقيدة
السلفية و إتباع السنة المطهرة , و كانت بلاده وقتها مرتعا للبدع و العادات
الجاهلية . لذلك بدأ الشيخ احمد عرفان بتطهير المجتمعات الهندية و الخراسانية من
هذه البدع و اصطدم مع الناس وقتها و مع العشائر و القبائل . و يذكر في التاريخ أن كثيرين نصحوا الشيخ احمد
عرفان أن يخفف في أمور العادات و التي لا تخالف العقيدة بشكل مباشر , إلا انه قال إما
دين كامل أو لا بارك الله بمن يحكم . و كان من هذه العادات مثلا أن العشائر لا
تزوج ابنتها و تسلمها لزوجها إلا بعد اكتمال المهر المكلف و بعض من الشروط الأخرى
. و كانت هذه نقيصة لمن يزوج الفتاة و مهرها غير مكتمل , فتدخل الشيخ احمد عرفان
رحمه الله بهذه الأمور و أصبح يأمر بأخذ الفتاة عنوة إلى بيت زوجها . طبعا هذا فقط
احد الأمثلة الكثيرة . كما أن الشيخ أحمد عرفان تجاهل كثيرا من زعماء القبائل و
العشائر و اكتفى وقتها بأمير للمنطقة و قاضي و مسئول جباية الزكاة و الباقي جنود ,
مما أدى لكثير من القبائل المعروفة إلى معاداة الشيخ أحمد عرفان .و كان من السهل
ضم هذه القبائل و استقطابها لو طبقت
الشورى جيدا . و بعد كل هذا أصبح كثير من الناس ينفرون من حكم الشيخ . هنا دخلت
بريطانيا على الخط و استغلت هذا الاصطدام مع الناس و العشائر و شيوخ القبائل
الجشعين الذين لم يكن لهم نصيب من حكم الدولة التي يقودها الشيخ احمد , و روجت
بريطانيا بين العامة أن الشيخ احمد بن عرفان (وهابي) , و كان أهل البلاد ينفرون من
هذه الكلمة لأنها تخالف عاداتهم , و دعمت
بريطانيا القبائل فحاربوا الشيخ احمد و قضوا على دولته .
فما أشبه اليوم بالبارحة , و ما أشبه
اليوم مع الغد إن لم يتنبه قادة الجهاد إلى ذلك الخطر الآفة البكتيريا المسماة
صحوات . يحتاج الجهاديون اليوم الذين يقودون الأمة إلى عمل حمية تطيل المسافة على
تمكن هذه البكتيريا من الفتك . و كما قيل : درهم وقاية خير من قنطار علاج .
و من الأمور التي قد تتشابه في موضوع
الصحوات هو موضوع المخالفة , فليس كل مخالف صحوات !! فلا يتم علاج فيروس الايدز
بنفس علاج الزكام !! و هذا أمر لا بد من وعيه و التعامل معه بطريقة صحيحة . و من
علاج الصحوات , دراسة كل حالة منها على حدا , فليست كلها متساوية , منهم من شعر
انه مهمش من الحكم , فهذا يسهل علاجه إن كان ذا توجه إسلامي . و منهم من له مظلمة أو
مظالم و يدفعه حقده لان يحارب من قوى الصليب , و هذا ترد له مظالمه فيرجع . و منهم
من لديه لبس أو شوائب تتعلق بمفهوم الحكم الإسلامي , و هذا ينصح و يبين له كل شيء
بالحكمة و الموعظة الحسنة . و كثيرون من هم يكونوا صحوات أو مشاريع صحوات و علاجهم
سهل لو أراد المعالج علاجا !! و منهم العلمانيون القلة الوقحون ممن يكرهون الإسلام
باطنا و ظاهرا , و منهم المرتبطون مباشرة و قديما بالمخابرات العربية مهما كان
توجههم , فهؤلاء تقام عليهم الحجة و بعدها إن لم يرتدعوا فالسيوف أشفى و أوفى . و
لا يطلق على الصحوات هذا اللفظ إلا بعد أن يقعوا في مكائد الكافر و يلوغوا في دماء
المسلمين و يعلنوها صريحة أنهم ضد شريعة الرحمن و ليس فقط بالشبهة أو من موقف أو
اثنين .
أخيرا , فإن الوقاية مع الصحوات و
المداراة و سحب البساط من تحت كل لئيم و التبرؤ من الأخطاء و تجنبها من البداية مع عدم التنازل عن العقيدة أفضل بكثير من العلاج
و الاستئصال , أما و إن تمكنت البكتيريا بعد كل هذه الحمية فوقتها نقول مشيئة الله
النافذة و لا حول و لا قوة إلا بالله .
6 – شباط - 2014
باذن الخلافه قائمه
ردحذفبأذن الله الخلافه قادمه
ردحذف