السبت، 2 فبراير 2019

حول الانضباط و العمل المؤسساتي في الجماعات


حول الانضباط و العمل المؤسساتي في الجماعات
بقلم : أحمد أبو فرحة
إن العقلية العربية بالعموم و الإسلامية بالخصوص تتسم بسرعة الانشقاق و التشظي ثم الخلاف و بعدها ربما القتال . إن غياب مفاهيم كفقه الاختلاف و الانضباط داخل الجماعة و تغليب مصلحة الأمة على مصلحة الفرد و الانفتاح الفكري مع الثبات , كل هذه مفاهيم مفقودة في مجتمعاتنا و جماعاتنا .
و الأخطر من هذا كله , أن أي اختلاف أو خلاف يغلف بغلاف الدين و نصرة التوحيد و الهروب إلى الله , مع أن الأمر قد يكون اقل من ذلك بكثير .لنا أن نتخيل عصر صدر الإسلام الأول كيف كانت نفوس الصحابة الأطهار نقية , لكن الم يكونوا قد اختلفوا في رأي ؟ من قال أن الصحابة كلهم كانوا على فهم واحد ؟ متى يكون الانشقاق من قبل الفرد أو في المقابل الفصل من قبل الجماعة ؟ ببساطة إذا غلبت السيئات الحسنات وقتها لكل حادث حديث . أما إن كانت الجماعة حسناتها اكبر من سيئاتها فوجب عدم التفرق . كذلك على مستوى الفرد .
أما على مستوى الانضباط , فان الانضباط أنواع أبرزها : عسكري , إعلامي , سياسي . و هذه الثلاث مجالات لا تهاون بقضية الانضباط فيها , أما على مستوى الفرد فحرية التبني مفتوحة و الجماعة أو الدولة لا تلزم الفرد بفقه معين . هنا يستطيع الفرد أن يخالف الجماعة دون تشقق الجماعة عسكريا أو سياسيا أو إعلاميا . يستطيع الفرد أن ينصح إذا اعتبر أن الأمر بحاجة إلى نصيحة ,  و يستطيع الفرد أن ينكر إذا رأى انه يلزم إنكار . هذا أصلا إذا كان المرء يقبل السير ضمن العمل الجماعي , أما إذا كان المرء يعتبر نفسه رجلا بأمة فهذه مشكلة الفرد لا مشكلة الجماعة . في مفاوضات طالبان مع أمريكا , يرى الباحثون أن هناك تيارات في الحركة ترفض الجلوس مع الأمريكان جملة و تفصيلا , لكن من يسمع عن انشقاقات في طالبان و قتال بينهم و استقالات ؟ في حماس بفلسطين وقتما دخلوا الانتخابات رفض كثير من عناصر و بعض قادة حماس الدخول في الانتخابات و رفعوا اعتراضات مكتوبة , لكن لم نسمع عن انشقاقات إلا بعض حالات قليلة . و ليس بالضرورة أن يكون رأي الجماعة أكثر صوابا من رأي الفرد , فالطرح المثالي بشكل أكيد اسلم نظريا من الطرح العملي , لكن ليس كل الأمور تعامل بكيفية مثالية .
متى نستطيع أن نقول إن الجماعة سيئاتها أكثر من حسناتها و يجب الترك ؟ هناك إشارات إعلامية و سياسية و عسكرية غير قابلة للتأويل و أن تكون الجماعة بصف الأعداء , وقتها لا بد من الترك . نقطة أخرى هامة . ماذا لو كانت الجماعة تسير في حقل ألغام يتربص بها القريب و البعيد ؟ يصطاد خصومها و أعداؤها أي كلمة لمواصلة الحرب عليها ؟ هنا وجب على الأفراد و القادة الانضباط أكثر من الحالة الطبيعية .
إن العمل المؤسساتي أيضا مفهوم مفقود في العقلية العربية . فماذا نعني بالعمل المؤسساتي ؟ العمل المؤسساتي هو توزيع الأدوار و رفع الكفاءة و التخصصات و عمل الأجزاء بشكل متكامل كجسد الإنسان . لكننا نرى مثلا أن القائد في الجماعة الإسلامية أو حتى الفرد يفهم بالعسكرية و يفتي بالاقتصاد و يناكف بالسياسة و يجادل في التعليم و ينسخ و يلصق في الفقه و و . من هنا ينخر الضعف . توزيع الأدوار و إعطاء التخصصات يساعدان على الإبداع في التخصص و يحدان من التشغيب . فإذا كان الفرد بارعا في العسكرية فليلتزم و يبدع في مجاله , و المتابع السياسي و صاحب الخبرة هو من يختص بالسياسة و التعليم و الصحة و الدعوة و بقية المجالات .