الإسلام في الحكم أم المسلمون في الحكم ؟
احمد ابو فرحة
ما يميز هذا الدين هو
شموليته و تطرقه لكل قضايا المسلم , من كبيرها إلى صغيرها , فهذا الدين الحنيف
تدخل بأي رجل ندخل إلى الحمام , اليمين أم اليسار , و حتى هذه القضية الصغيرة , فالذي
ينكرها عن سبق إصرار و عن علم يدخل نفسه في متاهات كبيرة قد تصل به إلى بعيد ,
فخلاصة أمر هذا الدين , أن يعرف المسلم دينه و أحكام دينه و أصوله و يبحر في فروعه
ما استطاع , فيربح إن شاء الله الدنيا و الآخرة .
و من أكثر المسائل
الشائكة عند المسلمين هي قضية الحكم بما انزل الله , و التي هي فريضة على كل حاكم
مسلم ارتضى دين الإسلام , و الآيات صريحة و واضحة لا تحتاج إلى كثير من الذكاء أو
كثير من العلم , فأي حاكم على بلاد المسلمين لا يطبق شرع الله كائنا من كان و تحت
أي ذريعة كانت و من قبل أي جماعة يأخذ احد
الأحكام التالية :
1- (( و من لم يحكم
بما انزل الله فأولئك هم الكافرون ))
2- (( و من لم يحكم
بما انزل الله فأولئك هم الظالمون ))
3- (( و من لم يحكم
بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون ))
فهذه الأحكام الثلاثة
: الكفر أو الظلم أو الفسوق تنطبق على أي شخص تحكم في بلاد المسلمين و لم يطبق ما
انزله الله في كتابه و ارتضى الأحكام الوضعية , مع تفصيل لا أريد أن اذكره عند
العلماء باختلاف عقيدة كل حاكم و يستطيع أي مسلم الرجوع إلى كتب الفقه ليرى تفصيل
هذه القضية , المهم أن نعي هذه الأصول
الهامة في الحكم الإسلامي .
قبل أيام , تمكن مرشح
الإخوان المسلمين محمد مرسي من الفوز برئاسة مصر , و صفقت له الآلاف المؤلفة من
المسلمين و فرح الملايين في العالم الإسلامي و كأن نصر الله الذي وعدنا به قد نزل
, و المسألة المهمة : هل وصل المسلمون إلى الحكم ؟؟ أم وصل الإسلام إلى الحكم ؟؟ أم
وصل الإخوان المسلمون إلى الحكم ؟؟
قد يقول قائل : أليس
فوز مرسي على شفيق مرشح الفلول شيئا رائعا نفرح به ؟؟
لا شك في ذلك , فان
محمد مرسي رجل مسلم عرف عنه الالتزام و شفيق كافر مرتد عن دين الله بمحاربته
الصريحة لشرع الله , نعم و إن هناك في حكم الإخوان سيكون متسع أكثر للحريات , و قد
يزدهر الوضع الاقتصادي نسبة إلى عهد مبارك , و قد يفتح المجال لجميع التيارات الإسلامية
سلفية و غيرها للعمل و البناء براحة أكثر , و لكن ما علاقة كل هذا بالقضية الأساسية
و هي الحكم بما انزل الله ؟؟
و لو افترضنا صدق الإخوان
المسلمين في التدرج في الحكم ببطء شديد , و كل ما نراه هو فعلا نواة لشيء مستقبلي
الله يعلم مداه لخلافة إسلامية كما يزعمون ( هذا إن افترضنا حسن النية) ما علاقة
المسلم الموحد بأحلام و خطط لجماعة معينة بالواقع ؟؟ الذي نفهمه هو ما يجري على
ارض الواقع و ليس ما يدور في مطابخ جماعة معينة , الذي لا يحكم بما انزل الله
كائنا من كان يأخذ احد الأحكام الثلاثة الكفر أو الظلم أو الفسوق , هذا ما ندين به
لله عز و جل .
ثم هنا و في نفس
السياق اذكر الإخوان المسلمين و حماس خصوصا بذلك الأمر , عندما وقعت فتح اتفاقية
سلام مع " إسرائيل " جن جنون المسلمين و الإسلاميين عموما و منها حماس ,
مع أن وجود السلطة الفلسطينية سمح لحماس بعهد من الاستقرار ( رغم الملاحقات و
الاعتقال إلا أن الاستقرار النسبي أكثر من عهد الإدارة المدنية ) و تمكنت حماس من
بناء نفسها و من جمع السلاح و من ضرب العدو و من بناء المؤسسات و المستشفيات , كل
هذا لم يكن أن يتم إلا في عهد و لو بسيط من الاستقرار و هو عهد السلطة الفلسطينية
, أفنسمي السلطة الفلسطينية سلطة شرعية لأنه حدث نوع من الاستقرار في عهدها ؟؟ أم أن
الحكم نافذ على السلطة الفلسطينية لأنهم " علمانيين " بامتياز و لا
ينطبق على غيرهم كتركيا مثلا لأنهم " إسلاميين " و لكن بنكهة علمانية ,
لماذا هذه الازدواجية في المعايير ؟؟
إن قضية الحرية
المفتوحة للجميع بما فيها للسلفيين و غيرهم لا تغير في واقع الحكم الشرعي شيئا ,
سواء في تونس أو في مصر أو في ليبيا أو أي مكان دخله " الخريف العربي "
, قضية الحكم بما انزل الله ثابتة لا تتغير بتغير الوجوه .
و إلى الآن لم نرى من
سيادة الرئيس مرسي إلا الاستعراض , فتارة نراه يصلي الفجر !! و تارة يصلي الجمعة
!! و تارة يفتح معطفه ليرينا انه لا يرتدي واقي ضد الرصاص !! و استعراضات كثيرة ,
و كأن ذلك كثير على مسلم . كل ما نراه أمور شخصية لا علاقة لها بالحكم , و إسقاط
الأمور الشخصية على واقع الحكم لأكبر درجات السذاجة , بل هي العلمانية بأم عينها .
نهاية الأمر أن الإسلام
لم يصل إلى سدة الحكم في مصر و إن وصلها المسلمون أو الإخوان المسلمون , و نحن و بعد
انقطاع الوحي مأمورون بالحكم على ظاهر الأشياء و ليس على النوايا , هناك أحكام
شرعية تسقط على واقع فنرى النتيجة, و هذه الأحكام اكبر من المسلمين و من الإخوان و غيرهم .
اللهم مكن الإسلام في
مصر و في سائر بلاد المسلمين.
الاول من تموز - 2012