الأحد، 1 يوليو 2012

الاسلام في الحكم ام المسلمون في الحكم ؟


الإسلام في الحكم أم المسلمون في الحكم ؟
احمد ابو فرحة

ما يميز هذا الدين هو شموليته و تطرقه لكل قضايا المسلم , من كبيرها إلى صغيرها , فهذا الدين الحنيف تدخل بأي رجل ندخل إلى الحمام , اليمين أم اليسار , و حتى هذه القضية الصغيرة , فالذي ينكرها عن سبق إصرار و عن علم يدخل نفسه في متاهات كبيرة قد تصل به إلى بعيد , فخلاصة أمر هذا الدين , أن يعرف المسلم دينه و أحكام دينه و أصوله و يبحر في فروعه ما استطاع , فيربح إن شاء الله الدنيا و الآخرة .
و من أكثر المسائل الشائكة عند المسلمين هي قضية الحكم بما انزل الله , و التي هي فريضة على كل حاكم مسلم ارتضى دين الإسلام , و الآيات صريحة و واضحة لا تحتاج إلى كثير من الذكاء أو كثير من العلم , فأي حاكم على بلاد المسلمين لا يطبق شرع الله كائنا من كان و تحت أي ذريعة كانت و من قبل  أي جماعة يأخذ احد الأحكام التالية :
1- (( و من لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون ))
2- (( و من لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون ))
3- (( و من لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون ))

فهذه الأحكام الثلاثة : الكفر أو الظلم أو الفسوق تنطبق على أي شخص تحكم في بلاد المسلمين و لم يطبق ما انزله الله في كتابه و ارتضى الأحكام الوضعية , مع تفصيل لا أريد أن اذكره عند العلماء باختلاف عقيدة كل حاكم و يستطيع أي مسلم الرجوع إلى كتب الفقه ليرى تفصيل هذه القضية  , المهم أن نعي هذه الأصول الهامة في الحكم الإسلامي .

قبل أيام , تمكن مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي من الفوز برئاسة مصر , و صفقت له الآلاف المؤلفة من المسلمين و فرح الملايين في العالم الإسلامي و كأن نصر الله الذي وعدنا به قد نزل , و المسألة المهمة : هل وصل المسلمون إلى الحكم ؟؟ أم وصل الإسلام إلى الحكم ؟؟ أم وصل الإخوان المسلمون إلى الحكم ؟؟
قد يقول قائل : أليس فوز مرسي على شفيق مرشح الفلول شيئا رائعا نفرح به ؟؟
لا شك في ذلك , فان محمد مرسي رجل مسلم عرف عنه الالتزام و شفيق كافر مرتد عن دين الله بمحاربته الصريحة لشرع الله , نعم و إن هناك في حكم الإخوان سيكون متسع أكثر للحريات , و قد يزدهر الوضع الاقتصادي نسبة إلى عهد مبارك , و قد يفتح المجال لجميع التيارات الإسلامية سلفية و غيرها للعمل و البناء براحة أكثر , و لكن ما علاقة كل هذا بالقضية الأساسية و هي الحكم بما انزل الله ؟؟

و لو افترضنا صدق الإخوان المسلمين في التدرج في الحكم ببطء شديد , و كل ما نراه هو فعلا نواة لشيء مستقبلي الله يعلم مداه لخلافة إسلامية كما يزعمون ( هذا إن افترضنا حسن النية) ما علاقة المسلم الموحد بأحلام و خطط لجماعة معينة بالواقع ؟؟ الذي نفهمه هو ما يجري على ارض الواقع و ليس ما يدور في مطابخ جماعة معينة , الذي لا يحكم بما انزل الله كائنا من كان يأخذ احد الأحكام الثلاثة الكفر أو الظلم أو الفسوق , هذا ما ندين به لله عز و جل .

ثم هنا و في نفس السياق اذكر الإخوان المسلمين و حماس خصوصا بذلك الأمر , عندما وقعت فتح اتفاقية سلام مع " إسرائيل " جن جنون المسلمين و الإسلاميين عموما و منها حماس , مع أن وجود السلطة الفلسطينية سمح لحماس بعهد من الاستقرار ( رغم الملاحقات و الاعتقال إلا أن الاستقرار النسبي أكثر من عهد الإدارة المدنية ) و تمكنت حماس من بناء نفسها و من جمع السلاح و من ضرب العدو و من بناء المؤسسات و المستشفيات , كل هذا لم يكن أن يتم إلا في عهد و لو بسيط من الاستقرار و هو عهد السلطة الفلسطينية , أفنسمي السلطة الفلسطينية سلطة شرعية لأنه حدث نوع من الاستقرار في عهدها ؟؟ أم أن الحكم نافذ على السلطة الفلسطينية لأنهم " علمانيين " بامتياز و لا ينطبق على غيرهم كتركيا مثلا لأنهم " إسلاميين " و لكن بنكهة علمانية , لماذا هذه الازدواجية في المعايير ؟؟
إن قضية الحرية المفتوحة للجميع بما فيها للسلفيين و غيرهم لا تغير في واقع الحكم الشرعي شيئا , سواء في تونس أو في مصر أو في ليبيا أو أي مكان دخله " الخريف العربي " , قضية الحكم بما انزل الله ثابتة لا تتغير بتغير الوجوه .

و إلى الآن لم نرى من سيادة الرئيس مرسي إلا الاستعراض , فتارة نراه يصلي الفجر !! و تارة يصلي الجمعة !! و تارة يفتح معطفه ليرينا انه لا يرتدي واقي ضد الرصاص !! و استعراضات كثيرة , و كأن ذلك كثير على مسلم . كل ما نراه أمور شخصية لا علاقة لها بالحكم , و إسقاط الأمور الشخصية على واقع الحكم لأكبر درجات السذاجة , بل هي العلمانية بأم عينها .

نهاية الأمر أن الإسلام لم يصل إلى سدة الحكم في مصر و إن وصلها المسلمون أو الإخوان المسلمون , و نحن و بعد انقطاع الوحي مأمورون بالحكم على ظاهر الأشياء و ليس على النوايا , هناك أحكام شرعية تسقط على واقع فنرى النتيجة, و هذه الأحكام  اكبر من المسلمين و من الإخوان و غيرهم .
اللهم مكن الإسلام في مصر و في سائر بلاد المسلمين.

الاول من تموز - 2012