تعليقات على الهدنة الجديدة في سوريا
بداية فان
المشهد في سوريا بالغ التعقيد لكثرة اللاعبين و مواقف التنظيمات و الجماعات
المختلفة و اختلاف مصالح الداعمين و لظروف كثيرة تجعل من تجميع خيوط الصراع عملية امرا
معقدا
الهدف الاساس
عند الغرب و عند الانظمة الوظيفية و روسيا هو فصل فتح الشام و حلفاؤها و سلخهم عن
بقية الثورة و نقل الصراع الحقيقي الى قلب الثورة بين الثوار و فتح الشام و
حلفائها لكن هذا الامر ليس بالسهل و لا يكون بكبسة زر حتى و ان كانت فصائل سورية
تابعة لتركيا او من له مصلحة بذلك , فقرار المقاتلين على الارض بالرفض سيعطل ذلك .
لذلك فانهم ينتظرون من فتح الشام الكثير من الممارسات التي تجعل الثوار يعتبرونها
عدو كما فعلوا مع داعش سابقا , لكن مهمة فتح الشام المستعجلة هي الحفاظ على نفسها
كمكون مهم من مكونات الثورة السورية .
كون ان فصائل
مدعومة من تركيا او من السعودية ليس امرا غريبا و لا جديدا , فالشعوب عندما تثور
لا تكون تحمل البعد الايدولوجي و الديني , فهم يقاتلون لاجل التخلص من النظام و
لاجل الحرية و تدينهم يكون بالفطرة لا بالشعارات . طبعا هذه الرؤية للاسف الشديد
لن تدوم لان الشرق و الغرب لا يريدان للشعوب المسلمة الحرية و التحرر , فمن رفض
الاخوان و سلميتهم في مصر حتما سيرفض الفصائل المقاتلة في سوريا . هنا دور فتح
الشام و الجماعات الجهادية ان يضعوا ارضية مشتركة يفوتوا فيها الفرصة على الاعداء بجعل
هذه الارضية التخلص من النظام الاسدي كحد ادنى و بعدها يخلق الله ما لا تعلمون .
كالعادة فان
موقف احرار الشام ضبابي و احترافية امساك العصا من المنتصف قد تنجح في الموقف
الضبابي اصلا و ان بعض الحسم مطلوب في مواقف مغايرة .
عقلية الشرق
المعادي , و بالذات روسيا و الشيعة و نظام الاسد لا يتقبلون هدن و لا يعرفون الدهلزة
و المناورة و لا يتقبلون الا الدماء , لذا فاي هدنة من طرفهم تكون مهزورة و قابلة
للخرق في اي لحظة , و ان الاتفاق معهم قد ينهار باي وقت .
عمليا الجبهات
السورية في تراجع و تشرذم من على الارض من سيء الى اسوأ و ان هذه الهدنة لا تأتي
في سياق ان موقف الثورة قوي و من وقع الهدنة يريد انهاء الثورة , قد تكون فرصة
لتجميع الصفوف و اعادة ترتيب الاوراق , هذا ان سمحت عقلية الشرق المعادي باستمرار
الهدنة .
ان مهمة فتح
الشام في الثورة السورية اشبه ما تكون بالمشي على حبال السيرك , خطوة خاطئة واحدة
قد تكلف الكثير و الكل يتربص بهم و لا زال الثوار يعتبرونهم جزء من الثورة برغم كل
شيء , و ان انهاء الملفات العالقة كملف جند الاقصى و البعد عن لغة التخوين سيزيدان
من التصاق فتح الشام بالثورة , تلك الثورة التي لا تستغني عن محركات عقائدية
معتدلة كفتح الشام , و فتح الشام لا تستغني عن حاضنة لها كالثورة السورية . المهمة
صعبة لكنها ليست مستحيلة . و احيانا كثيرة فان مجرد البقاء هو انجاز و قد يكون هدف
!
نسأل الله ان
يخفف عن اهلنا في سوريا و ان يكفيهم شر الكائدين .