الأحد، 15 يونيو 2014

قراءة لاحداث العراق بين الالم و الامل



قراءة لاحداث العراق
بين الالم و الامل
بقلم : احمد ابو فرحة
احب ان اعلق على احداث العراق بعد ان يأذن لي من يحبون , و احبائي المتعصبون الذين حسموا امرهم لجهة ما و اعتبروها هي الطائفة المنصورة , ان ارادوا ان يقرأوا مقالتي هذه , و الله لا اريد ان افسد عليهم احلامهم التي يعيشون , فمنهم من بات ينتظر قدوم "طائفته المنصورة" ليحرر بلده و ان كان يقع في اي جزء من العالم !!
ان المتتبع لاحداث العراق , يرى انتصارات و فتوحات لاهل السنة تشفي غليل دهور من الالم الذي عاثه الروافض الطائفيون ضد اهل السنة في العراق . و ان هذه الانتصارات كانت مزيج تركيبة معقدة من الاطارف التالية :
1- داعش 2- ثوار العشائر 3- البعث (النقشبنديون) 4- مجاهدي الفصائل الاسلامية
و قد رتبت هذه الاطراف بحسب حجم التأثير الذي سبب فتوحات العراق
و احب ان اؤكد انه لولا اكتمال الادوار ( و ان كانت ادوار لم يتفق على ترتيب منسق فيما بينها ) الا انها مجموعة من العوامل التي كان لزاما عليها ان تكتمل حتى رأينا ما رأينا من انتصارات .
فقوة داعش العسكرية الهائلة و حجم الرعب الذي تلقيه في عدوها و مقدار الفتك الذي تحدثه , كان العامل القوي و هو العامل الذي تصدر المشهد اعلاميا .
و ثوار العشائر و هم الذين مشوا في العملية السياسية و لم تنفعهم كل محاولات ارضاء الغرب و ارضاء الروافض و ظلوا اذلة جعلتهم يستفيقون من غفلتهم ( و هذا مؤقت ) , جعلهم يعتصمون في المدن السنية على مدار عام كامل مع انهم مسلحين , و بعدها قرروا ان ينتهجوا نهج السلاح بعد ان ملوا "السلمية" التي اثبتت فشلها .
اما النقشبنديون و من ورائهم البعث , فهم من الذين حملوا السلاح في وجه حكومة المالكي و بياناتهم شاهدة و ما انقطعت , و الاهم من ذلك و بحكم انهم قيادات في الجيش السابق فان لهم نفوذ في الجيش و الشرطة الحاليين و هذا النفوذ هو الذي ساعد في تسليم الشرطة و الجيش السلاح و منهم من انخرط مع ثوار العشائر او مع النقشبنديين .
و يأتي دور المجاميع الجهادية الاخرى و هو العامل الاقل تأثيرا لكنه موجود .
لولا هذه العوامل مجتمعة لما رأينا هذا النصر لاهلنا السنة في العراق .
و كل من هذه المجاميع القتالية يعتبر النصر نصره , و له اجندته الخاصة التي يدندن عليها , فالعشائر لهم مطالبهم السياسية , و هم في الغالب رهن المصلحة , و لذلك تجدهم يهاجمون داعش و يعتبرونها عميلة و انها وجدت ضد مصلحتهم من قبل اطراف معروفة , و هذه ليست من الحقيقة من شيء . و انصار العشائر لا يرون الا انفسهم داخل هذا المشهد .
نأتي الى داعش , فمن الطبيعي ان تنسب هذا النصر لها , و هي تعلم ان بقية الاطراف سيسقطون من الناحية الثورية قريبا , فلذلك لا ترى الا نفسها في الساحة , علما انه يوجد غيرها , لكن فان داعش رسالتها الى انصار الجهاد ان انظروا الى هذه الفتوحات كيف تمت و كيف ان كل حرب قادة التيار الجهادي علينا و بقية الفصائل لم يزدنا الا قوة . هم زادوا قوة , لكن من الناحية الايدولوجية و الفكرية فان داعش لم تتغير .
و سبحان مكرر المشاهد , فان العراق السنة مقبل على حمام دم سينغص كل تلك الانتصارات . و لنكن واضحين و بعيدين عن العاطفة , و لنأخذ بعين الاعتبار هذه الحقائق :
1- امريكا قطعت 8 الاف كيلو لاسقاط حكم صدام البعثي , و ساقت الاكاذيب لذلك , و وقفت ضد رؤية شعبها العامة التي ترفض الحرب . و من قبلها قطعت 12 الف كيلو الى افغانستان لضربها و انهاء حكم الامارة الاسلامية . لذا فان امريكا ستعمل المستحيل للقضاء على اي حكم سني يهدد كيانها او كيان كلابها في المنطقة .
2- كل من مكونات الساحة العراقية على عداء مع الاخر , فداعش و البعث لا يلتقيان , و العشائر و داعش لن يلتقيان , و البعث و العشائر قد يلتقيان او قد لا يلتقيان بحسب المصلحة , و المجاميع الجهادية الاخرى لا تلتقي مع داعش و لا مع العشائر و لا مع البعث , لذلك فان اي لحظة هدوء ستشعل حربا في السنة . و لعل انصار كل من اولئك لا يهمه هذا الامر , فالكل محتكر للحق , لكننا و كما فرحنا للسنة بشكل عام بكل المكونات على انتصاراتهم فاننا سنحزن على عموم اهل السنة في العراق بنكباتهم القادمة .
و ان كل من العشائر و داعش و البعث لا يريدون التنغيير و الالتقاء , مكررين كل التجارب السيئة الماضية . فداعش اميرها جاهز و لها زخم و حضور في هذه اللحظة ليس فقط عند كثير من التيار الجهادي بل و الى اطراف كثيرة اخرى , لكن كل هذا مؤقت . و العشائر المربوطة بالمصالح لن تتغير و ورائها دول عميلة تتحكم بها و قد يشكلون " الجيش العراقي الحر " او الجيش السني في العراق , و يبقى دور البعث غامضا قليلا و ستبديه الايام .
و لكن يسجل هنا , ان داعش بنظرتها الاحادية هذه , ستضيع على نفسها اكبر فرصة تاريخية لها بحكم حقيقي فعلي للعراق , فهي لم تسحب البساط من تحت اقدام عملاء الغد , و لم تخاطب العوام الا بنظرة الامر , لذلك فلن يكون هناك اسهل من شيطنتها , و ستصبح في العراق شيطانا اكثر من سوريا و ستسخر لها كل ادوات الاعلام . و لن يكون هناك لها سند من التيارات السنية الجهادية المخلصة , فمرحلة كسر العظم قد تمت .
فما احوج داعش اليوم لتغيير الخطاب الى اهل السنة و التصالح , لكن كما قلنا في بداية المقال , فان الانتصارات لا تغير من الحقيقة و لا من العقائد و لا من النهج و الاسلوب , و بالنسبة لداعش ستزيدها هذه الانتصارات غرورا و استعلاء الى الحد الذي يمكن ان يعلنوا فيه خلافة على مستوى العالم . و قد يؤيدها اغلب التيار الجهادي العالمي , و لكن سيكون القضاء عليها اسهل من قضم تفاحة . و عند داعش فان الله متكفل بها الى حتى يسلموا عيسى بن مريم الراية !!
و الذي لا يحمل عقيدة و لا منهاجا من ابناء السنة و رفض حكم داعش فانه لن يحالف امريكا فقط , بل سيحالف الشيطان للقضاء عليها . و وقتها لن تزيد داعش الا دموية . و هذه هي الحقيقة , و تلك هي التي كانت . فلا داعش ارادت ان تكون "خوارج" و لا قيادات السنة ارادات ان تكون "عميلة" , لكن غياب لقة التفاهم و عدم استغلال الاحداث و الوقوع في نفس الاخطاء دائما هو الذي قاد و يقود و سيقود الى هذا .
كل الان في غمرة فرحه كما نحن اليوم بالنسبة للعراق , لكن اذا لم يكن هناك تغيير حقيقي في التعامل مع الاخرين بالنسبة للسنة اعني , فان العراق سيبقى العراق بدمائه و اشلائه و فتنه , و كل حزب بما لديه فرحون .
و للاسف فان كل استقراء الاحداث هذا يندرج ضمن المنظومة السنية الداخلية , فامريكا بعيدة عن الخطر و الكيان الغاصب بعيد الخطر و ايران و الانظمة السنية العميلة كلهم خارج هذه الدائرة !!
نسأل الله السلامة لاهلنا السنة و ندعوا الله ان ينصرهم , انه على كل شيء قدير .

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

دير الزور لن تغفر لكم القتال في الموصل



دير الزور لن تغفر لكم القتال في الموصل
بقلم : احمد ابو فرحة
في بقعتين متلاصقتين من بقاع بلاد المسلمين , نينوى في العراق و دير الزور في الشام , تخوض داعش حربا طاحنة مع أعدائها . في العراق حربا ضروسا مع الشيعة و قوات المالكي و من والاهم من الصحوات , و في البقعة المجاورة الملتصقة دير الزور حربا لا تقل ضراوة مع المجاهدين و باقي الفصائل المجاهدة ! و كأننا هنا بصدد دراسة مجموعة من الأشخاص مصابين في الفصام ! لا , فالأمر أسهل من هذا بكثير . الأمر ببساطة أن فرقة مبتدعة تحسب على أهل السنة تعادي الدنيا بأسرها بمسلميها و كفارها تقاتل لأجل بدعة ابتدعوها و لأجل صنم نحتوه بأيديهم و هو "الدولة" و يريدون أن يلبسوا على الناس أنهم مجاهدون حقيقيون يحررون المناطق من يد الرافضة , و في نفس الوقت و في نفس المنطقة تقريبا يحاصرون المسلمين لشهور و يمنعون عنهم الدواء و الغذاء و السلاح و يشتركون في حصارهم هذا مع رافضة سوريا . أليست هذه الحقيقة ؟
لكن الكثير من الشباب و العوام عاطفيون و لا تقودهم إلا العاطفة , فحامل السلاح المقاتل معصوم حتى يقعد ! نظرية يتبناها الكثيرون . إن قتال داعش في العراق و انتصاراتها المزعومة لا تغير من حقيقتها من شيء , أنهم خوارج بغاة فرقة مبتدعة انحرفت عن أهل السنة لا بارك الله بهم و لا بجهادهم إن لم يكن نهجهم بالكامل هو انقاد المسلمين و الشفقة بهم . فدير الزور تستغيث و تعيش حالة من النكبة اثر الحصار الثنائي من داعش- الأسد عليها , فكيف لنا أن نفرح لهم بقتالهم في العراق ؟
ثم إن جرائم داعش في العراق لا تنسى بحق أهل السنة و بحق المجاهدين , و بالذات في الموصل , فكم من مجاهد قتلت داعش من أنصار الإسلام و بقية المجاهدين ؟ و بيانات أنصار الإسلام القديمة لا زالت محفوظة في أرشيف الانترنت يستطيع أي احد الرجوع إليها .
فيا أيها الخوارج , إما أن تغيروا منهجكم و ترجعوا إلى حضن أهل السنة أو لا بارك الله بكم و لا بجهادكم و لا بعملكم و قصم الله ظهركم , لأننا ما رأيناه منكم في حصار دير الزور و قتل أهلها و نسائها و شيوخها أمر جلل و طامة عظيمة تستحق أن تتسبعوا ست مرات في اطهر مياه الأرض و السابعة في الدماء فنتخلص منكم و من شروركم و تتطهروا إلى ربكم .
و أيضا لا ننسى المجاهدين الأبطال من أهل السنة الذين يخوضون حربا ضد قوات الهالكي و يقاتلون بصمت من أنصار الإسلام و جيش المجاهدين و درع الأمة و كثير من الكتائب الصامتة , بارك الله بكم و بجهادكم و نوصيكم أن توثقوا عملياتكم و أن تعطوا الجانب الإعلامي أكثر .

الجمعة، 6 يونيو 2014

الإنكار في عالم الجماعات الإسلامية



الإنكار في عالم الجماعات الإسلامية
بقلم : احمد ابو فرحة
قد يستغرب البعض عند المحاججة بالوقائع و الأدلة و البراهين على خطأ مجموعة ما , أن ينكر الفرد داخل المجموعة تصرفات من يحب . قد تصاب بالذهول عندما تناقش شخصا ما و تطلعه على جميع الأدلة و الوقائع الحية على بطلان فرضيته و بعد هذا تجده أكثر شراسة من ذي قبل ! أمر طبيعي . لكن الذي يعتبر غير طبيعي نوعا ما أن نجد من يحسب على الإسلاميين أو المجاهدين مصابون في مثل هذه الحالة من الإنكار . و السبب أنهم يفترض أن يكونوا من يتبع الدليل و يفترض أن يقعدوا للحق دائما . لكن سبحان الله فالشيطان أذكى و أدهى من أن يتركهم على حالة الامتثال للحق دائما . 

 Denial تعريف الإنكار  في علم النفس :
"هي آلية الدفاع النفسي القائمة على الرفض وعدم القبول أو الامتثال أو تلبية الطلب، يستخدمها الشخص ليواجه حقيقة غير مريحة أو مؤلمة، أو لتحقيق هدف ما، على الرغم من توفر أدلة دامغة، وقد تكون حالة إنكار بسيطة، مثل الإنكار لواقعة أو لمعتقد أو لحقيقة معينة، وقد يكون إنكار تَصْغِيْري عندما يعترف بالحقيقة وينكر خطورتها، أو قد يكون إِنْقالي حين يعترف بالحقيقة والخطورة ولكن ينفي المسؤولية"

سبحان الله و كأن هذا التعريف وضع خصيصا لغالبية ممن ينتمون للتيار الإسلامي الذين يرفضون أن ينتقد حزبهم أو فصيلهم , و الذين يزيدون في تعنتهم كلما أحضرت لهم دليلا أكثر قوة على بطلان فرضياتهم .
و لأنني لا أحب الكلام العام و الأحاديث المطاطة و أحب دوما أن أضع يدي على مكمن الداء , سأذكر بالاسم بعض حالات الإنكار عند بعض الفصائل و الحركات الإسلامية :

1) الإخوان المسلمون : بعد كثرة تنازلات الإخوان المسلمين و تفريطهم في الدين و تغير كثير من المفاهيم الشرعية و استبدالها بمفاهيم غربية كالديمقراطية و الحرية , فان شباب الإخوان المسلمين يعيشون حالة من الإنكار . فالأمر واضح جدا , ليس هذا النهج الذي أسسه الشيخ حسن البنا و ليست هذه طريقة المصحف و السيف التي دعا لها في آخر أيام حياته و ليست هذه طريقة رشيدة لإرجاع حكم الله في الأرض . و بعد تبديل المبدلين و بعد تقادم الزمن على هذا التبديل , تم ترويض الإخوان بنجاح إلى النهج الجديد و أصبح هو القائم اليوم , و إن أرادوا لساقوا لك ألف حجة على صحة تبديلهم المزعوم . و بعد استلام الإخوان الحكم في مصر أضاعوه ! لسبب أنهم استغنوا عن قوة العسكر و كانوا يحلمون بالديمقراطية التي تمكن لهم حكمهم ! كأرنب يحلم في قيادة غابة برضا الأسود ! و كيف لمثل هذا أن يحدث ؟ و من ينكر أننا نعيش في غابة ؟ البقاء للأقوى و لا غنى عن قوة السلاح ؟ و مع هذا و بعد ذلهم و تهاونهم و هزيمتهم و قتلهم و تقتيلهم و ذبحهم و سجن قادتهم و الحكم عليهم بالإعدام و حرمانهم يقولون : "سلميتنا أقوى من رصاصهم" ... أليست هذه الحالة قمة الإنكار ؟

2) حزب التحرير : حزب فكري لا يتبنى العمل المادي يعمل على إقامة الخلافة الإسلامية . لا يعرف أبناء الحزب معنى للانسجام إلا مع ذاتهم و يعيشون في عالمهم الخاص الذي يكون أشبه بعالم "أليس في بلاد العجائب" . فيما بينهم يقولون أنهم قاب قوسين أو أدنى من حكم العالم بشرع الله و ذلك بتسليم "الجيوش المسلمة" القيادة لهم في عالم لا يخلوا من الوردية الطفولية و بعيدا جدا عن عالم البالغين .بل و إن الخليفة عندهم جاهز ينتظر من الجيوش تسليمه للقيادة و عندهم نظام حكم جاهز ينتظر من  الجيوش المسلمة ان يطبقوه !!
 أين سلاحكم ؟ أين جيوشكم ؟ أين دوركم ؟ أين وجودكم أصلا ؟ أين فعاليتكم ؟ ها هي حروب المسلمين مع الكفار و حروب المسلمين مع بعضهم على اشد ما يكون و أوار الساحات يشتد يوما بعد يوم , أين انتم؟ الجواب : كم أنت مسكين يا هذا , ألا تعلم أن الحزب له الدور الأكبر في توعية الفكر في العالم , و لولا الحزب ما , و ما , و ما ... الى آخره من الالقوال التي تريد الاثبات لك ان الحزب من اهم المؤثرات في العالم !

3) داعش : قبل تشخيص حالة الإنكار لدى داعش و أنصارها , فانه تجدر الإشارة إلى صحة استخدام لفظة "داعش" بدل من الاسم الذي يحبونه لأنفسهم و يتغنون به , و صحيح أن الإعلام الفاسد من سماهم بذلك , لكن في أسلافهم سبق لذلك . الكل يتلفظ ب "التكفير و الهجرة" علما أن اسمهم الحقيقي الذي ارتضوه لأنفسهم هو "جماعة المسلمين"و لو سلمنا لهم ذلك الاسم لنفينا الإسلام عن أي شخص لا ينتمي لهم , فلذلك اسم التكفير و الهجرة اسلم و أفضل . و كذلك الأمر بالنسبة لداعش , فان سلمنا لهم أنهم دولة الإسلام في العراق و الشام لنفينا أن يكون أي كيان شرعي خارج "دويلتهم" داخل العراق و الشام . فلذلك اسم داعش أجمل و أكثر سلامة .
لا احد يولد مجرما محبا للدماء متلذذا بالأشلاء ! فطرة الله التي فطرنا عليها غير ذلك تماما . نحن قوم كتب علينا القتال و هو كره لنا . أليس كذلك ؟ أم أن القرآن ليس مسلما به عند بعض الأقوام ؟ فمن أين جاء التلذذ بالدماء و التقتيل ؟ الحقيقة أن داعش (بكل قوتها) فشلت كتجربة حكم في العراق و لفظها الناس و هذه مسلمة نحن نقر بها و هم ينكرون لها , و إذ ما معنى انه ليست لهم مدينة تحت سيطرتهم ؟ يدخلونها ليلا و يخرجون منها نهارا ؟ هم جماعة قوية نعم , لكن دولة بمعنى الدولة , فلا . و ينكرون ذلك و يسوقون الأدلة و حجم منطقة داعش اكبر من البحرين ! ممتاز . و لكن في البحرين نرى الجند و الناس و الحكام مكشوفي الوجه, لهم عملتهم و لهم قوانينهم و لهم أمنهم و نظامهم , لكن أين هي البقعة التي تحكمها داعش يستطيعون هم فيها كشف وجوههم ؟ أين البقعة التي يستطيع فيها "أمير المؤمنين " أن يدخل إلى مسجد مكشوف الوجه و يخطب بالناس ؟ ما هذه الدولة التي يحكمونها و الموظفون الذين يقبعون تحت حكمهم ليلا يتقاضون رواتبهم من دولة الطاغوت المالكي ؟ نحن نتكلم بحقائق جلية واضحة , و هم ينكرون كل هذا لتبرير الفشل , و مواجهة الحقيقة . و كي يثبتوا أنهم غير فاشلين في العراق , نقلوا وبائهم و فشلهم إلى سوريا ليزدادوا غيا و سوءا و تقتيلا للمجاهدين هناك . و للأسف فان أنصارهم غير المحاربين لا يقلون إنكارا عنهم كمقاتلين . تحضر لهم البراهين الجلية على دموية و فساد داعش من ذبح وقتل للأطفال و النساء و إثبات للتعذيب و إثبات للتحالف الوظيفي مع النظام في الشام (التحالف الوظيفي هو أن تجنب عدوا نيرانك و تصبها على عدو آخر فيستفيد العدو الأول ) . كل هذا يتم إنكاره و ببرودة أعصاب يردون : "باقية و تتمدد".
و هنا نرى أن :
1) سلميتنا أقوى من رصاصهم
2) الحزب قاب قوسين أو أدنى من إقامة الخلافة
3) باقية و تتمدد رغم انف الحاقدين
ألفاظ عند ثلاث جماعات "إسلامية" تعتبر ذروة حالات الإنكار بعد كل هزيمة أو إنكار لحقيقة .

الأحد، 1 يونيو 2014

قلعة الصبيان حكاية و عبرة



قلعة الصبيان
حكاية و عبرة
بقلم : احمد ابو فرحة
في قرية من احد قرى المسلمين تدعى "براق" , كان أهل القرية البسطاء يعملون في الزراعة و التجارة , و كانوا ينحدرون من عائلات مختلفة متناحرة فيما بينها , شدتهم العصبية القبلية إلى مقاطعة بعضهم البعض , فلا تلتقي هذه العائلة مع تلك لا في أفراح و لا في أتراح . و كان هذا الحقد بين الناس متوارثا من جيل إلى جيل . كانت القرية جميلة خضر  اء فيها كثير من الموارد الطبيعية . في القرية مدرسة و مسجد و عيادة و كثير من المرافق التي تكفي هذه القرية أن يحتاجوا المدينة . كانت قرية براق محط أنظار العصابات الأجنبية , يحلمون بغزوها كي يأخذوا مواردها .
 في مدرسة براق مدير و عدة معلمين مخلصين من كافة العائلات . في احد الأيام , اجتمع المعلمون مع بعضهم و قرروا أن يزرعوا في الجيل الناشئ من التلاميذ الانتماء للإسلام فقط و أن يتركوا العصبيات الجاهلية التي ورثوها عن آبائهم . وافق المدير و المعلمون على هذه الفكرة و تولى أبو محمد معلم التربية الإسلامية متابعة الفكرة تحت إشراف المدير . بدأ المعلمون بتوعية الطلاب و تخصيص حصص لهم , و بدأ التلاميذ باستيعاب هذا الأمر و زادت محبة التلاميذ لبعضهم بغض النظر عن العائلة و نجحت فكرة المعلمين و المدير لدرجة كبيرة.
و في احد الأيام سمع المعلمون أن العصابات الأجنبية تريد غزو القرية , فاستنفروا الأهالي كي يتصدوا لهم . بعض العائلات وافقت على محاربة العصابات و غالبية العائلات الأخرى لم توافق على حرب العصابات لان لها مصالح معها , فاستشعر المعلمون الخطر و تباحثوا الأمر فيما بينهم , فاقترح أبو محمد معلم التربية الإسلامية أن يستفيدوا من جهود التلاميذ المراهقين في دحر العصابات الأجنبية , فوافق المدير . و فعلا بدأ أبو محمد باستحثاث النخوة في الطلاب , ولأنهم في بداية عمرهم استلهبتهم الحماسة و كانوا تواقين لمواجهة العصابات . تم التوجيه من قبل المعلمين و المدير بمتابعة ميدانية من أبي محمد و عينوا عريفا على هؤلاء الطلاب و هو راشد . شاب خلوق ذكي ملتزم واع اكبر من سنه .
هجمت العصابات الأجنبية على قرية براق و أحدثت خرابا و قتلا كثيرا تحت خيانة بعض العائلات , لكن عائلات أخرى قاتلت بشجاعة و قاتل المعلمون و معهم الطلبة بضراوة و حققوا قتلا كثير في العدو . و بعد معارك كثيرة , تم تقسيم القرية إلى أقسام , قسم تحت سيطرة العصابات الأجنبية و قسم تحت سيطرة المعلمين و الأهالي الشرفاء و من دونهم الطلبة . شعر الطلبة بالعز و الفخار بأنهم شاركوا في المعركة و قتلوا كثيرا من الأعداء , و زادت أواصر المحبة فيما بينهم . و كان راشد خير عريف لهم و كان بارا بمعلميه . و استمرت المعارك بين القسم الشريف من القرية و القسم الخائن و معهم العصابات الأجنبية فترة طويلة . و كانت قرية براق غالبيتها مع القسم الخائن و الأجانب .
أحد الأيام , اقترح بعض الطلاب أن يشيدوا قلعة لهم في قرية براق , أعجبت الفكرة غالبية الطلبة و أعجبت راشد و كل من معه , لكن ظل هاجس أن المعلمين قد يرفضون كبيرا , لذلك بنى الطلاب قلعة كبيرة في غابة القرية من خشب و ما تيسر لهم من حديد و تعبوا عليها . كان الطلاب يعتقدون انه لا بد لهم من دور فاعل دائما في الأحداث , و هم الذين قدموا الشهداء . و بعد أن بنى الطلبة القلعة لتكون نقطة انطلاق لاعمالهم الثورية و مقر اجتماعاتهم . بلغ المعلمين ذلك . فاستاء بعض المعلمين و استاء المدير من هذا التصرف , لان الأمر كان دون مشورتهم , فقال أبو محمد أنا أتولى الأمر . ذهب أبو محمد إلى الطلبة و وبخهم على فعل ذلك , و اقنع الطلبة أبو محمد أن الأمر عادي و انه ملتقى للتجمع و أن في الأمر فائدة و أنهم لن يتصرفوا أي أمر دون مشورة المعلمين و بالذات أبو محمد لأنهم يحبونه , فهو من علمهم دينهم . اقتنع المعلم بما قالوا على مضض و ذهب إلى الهيئة التدريسية و قال لهم أن الأمر غير خطير و أنهم تحت تصرفه .
بدأ التلاميذ في التدخل بشؤون القرية و بدؤوا يتصرفون على عاتقهم في كثير من الأمور , مرة احرقوا سيارة الطبيب لأنه لم يشارك في المعارك و مرة كسروا زجاج الصالون النسائي و مرة ضربوا امرأة لأنها لا تلبس على الشرع . بلغ المعلمين الأمر و وبخوا التلاميذ أن لا يكرروا هذه الأفعال لأنها تسيء لهم و للمعلمين . و بدأ الأهالي يتذمرون من وجود مجموعة اتحادية للتلاميذ المراهقين و زادت الشكاوي عليهم . و قرر راشد أن يضع لوحة كبيرة مكتوب عليها : قلعة براق .
في احد المعارك مع العصابات الأجنبية و العائلات الخائنة استشهد راشد عريف الصبيان . حدثت له جنازة مهيبة في البلد . و بعدها انتخب الصبية إبراهيم صديق راشد . إبراهيم لم يكن بذكاء راشد لكنه كان متسلطا على بقية التلاميذ . وصل المعلمين أن إبراهيم هو مسؤول التلاميذ اليوم . كان إبراهيم لا يجب كل المعلمين و لم يكن يكن لهم الاحترام جميعا . بدأ الطلاب ينكمشون على أنفسهم أكثر فأكثر و بدؤوا يحبون بعضهم أكثر فأكثر , و بدأت سيطرة المعلمين تتقلص أكثر فأكثر , و بدأ الأهالي يضجون منهم أكثر فأكثر . قرر إبراهيم تفعيل قلعة براق و قرر أن يكون هو الحاكم الفعلي للبلد تحت إشراف معلمه أبو محمد . كان أبو محمد يستشعر خطر أن يكون التلاميذ بهذا الشكل , لكن خيانة كثير من الأهالي و العائلات لم تترك له خيارا إلا أن يراهن على قوة الشباب المتحمس .
ذات يوم , وجد الأهالي جثة احد أبناء القرية ملقاة جنب النهر , رأس دون جسد في منظر مقزز . ظن الأهالي أن العصابات الأجنبية هي من فعلت هذا الأمر , لكنه تبين فيما بعد أن الطلاب من فعل هذا الأمر بعد أن نشروا بيانا مكتوب عليه : قلعة براق ستطارد كل الخونة . و كان هذا الشاب المقتول لم يثبت انه فعلا قد تعامل مع العصابات أم  كانت مجرد شكوك .
جن جنون المعلمين من الأمر , و اتفقوا مع المدير أن ينهوا ظاهرة اتحاد التلاميذ , و قرروا ذلك , لكن التلاميذ رفضوا هذا الأمر , و تحججوا أنها حرب مشتعلة لا يجب الرجوع إلى المدارس إنما الرباط مع العصابات . بدأ الطلبة بلمز المعلمين و سرد عيوبهم . و بدؤوا بحملة إسقاط على كثير منهم , هذا لا يصلي جماعة في المسجد , و هذا ابنته لا تلبس شرعي , و ذاك حليق لحية , و هذا حقود و هذا خرف . و لم يعد سلطة من المعلمين على الطلبة باستثناء أبو محمد .
زادت حوادث القتل في القرية موقعة باسم "قلعة براق" , و كان القتل يتم تحت ذريعة التعاون مع العصابات الأجنبية , منهم من قتل و يستحق القتل و منهم من هو بريء و منهم من لم يثبت عليه شيء. و أصبح معظم عمل "قلعة براق" ضد الأهالي بشقيهم الشريف و الخائن , و أصبح الهجوم من شباب القرية المراهقين على العصابات الأجنبية محدودا . و كان يتذرع الطلبة أن العدو الداخلي اخطر من الخارجي . كان أبو محمد بين نارين : نار هؤلاء الصبية الأغرار , و نار الأهالي و مجلسهم الخائن . و لكن ظل أبو محمد مشرفا له كلمته على هؤلاء الصبية بالقدر الذي يستطيع و ظلوا يحترمونه و يسمعون منه . حاول أبو محمد استحثاث الأهالي لقتال العصابات الأجنبية و أن يشكلوا فرقة حقيقية من المقاتلين و أن يستلموا الثورة في البلد بدل أن يستلمها هؤلاء الصبية , لكن أحدا من الأهالي استمع له . و كان بعض الأهالي الشرفاء يقاتلون في مجموعات لوحدهم بعيدا عن أبو محمد و الصبية الذي يقودهم "شكليا" فقط !
كان خطر الشباب الأغرار يتعاظم يوما بعد يوم , و كانت الدماء تسيل على أيديهم في القرية بحق و غير حق و بطريقة وحشية . و كان اسم قلعة براق يستوطن أكثر فأكثر في نفوس المراهقين , حتى أصبحوا يقاتلون من اجله لا مثل ما علموهم معلموهم لأجل الدين. و المأساة الكبرى , أن تجربة قلعة براق كانت براقة للقرى المجاورة و البعيدة , و كانت الناس في تلك القرى تحبهم لأنها تجربة فريدة أن يقود تلاميذ مدرسة الثورة ضد العدو . و ما كان احد يصدق أن هؤلاء الصبية يقتلون بغير حق في كثير من المرات , فأي قتيل يقتلوه فهو في خانة الجواسيس , في بلد اشتهر فيها الجواسيس و خانت أكثر العائلات واجبها نحو قريتها .
و في احد الأيام , غزت العصابات الأجنبية قرية مجاورة لبراق , قرية "رام" . و كان أهالي رام بعمومهم يقاتلون العصابات الأجنبية و أثخنوا فيها . قرر إبراهيم زعيم الصبية أن يهب لنجدة "رام" فذهب و من معه إليها و ساعدوا أهالي تلك القرية . و تحت ذريعة المساعدة تلك , بنى إبراهيم قلعة أخرى في تلك القرية كبيرة جدا , و سماها " قلعة براق و رام " , و لأنه صبي فقد التف حوله غالبية الصبية في تلك البلدة , فقد لبى غرائزهم الصبيانية , و أرادوا أن تكون لهم كلمة . بعد هذا , تجمع غالبية الصبية من القرى المجاورة مع إبراهيم تحت ذريعة قتال العصابات الأجنبية , و لكنه حقيقة كان يقودهم لقتل الأهالي بذريعة العمالة . جن جنون أبو محمد لفعلة إبراهيم و حاول منعه بقوة , لكن إبراهيم اقنع الصبية أن أبو محمد رجل خرف و لم يعد مثلما كان في السابق , فقد كان شجاعا و أصبح جبانا وأنه قد غير و قد بدل .و عين إبراهيم "معمر" متحدثا رسميا باسم قلعة براق و رام (قبر) . و كان معمر ولدا موتورا غير مهذب مشاكسا حقودا سليط اللسان. و استطاع معمر أن يقنع الطلبة أن أبو محمد ليس له سلطة و انه اليوم غير أبو محمد قديما . و عاث الصبية في قرية رام كثيرا جدا أكثر مما عاثوا في قرية براق و أصبحت مشكلتهم مشكلة كبيرة , فالأهالي وقعوا بين مطرقة الصبية و سندان العصابات الأجنبية .
فصدرت ورقة من أبي محمد و من كل المعلمين و المدراء في القريتين و في القرى المحيطة تفيد أن هؤلاء الصبية تجمعهم تجمع ضرار لا تجمع خير , و يجب على الأهالي التصدي لهم بكل ما أوتوا من قوة .
و بالفعل تم دحر العصابات الأجنبية و تم إنهاء خطر الصبية بعد معارك قوية مع الجهتين بعد أن توحد الأهالي و نسوا خلافاتهم.و هكذا رأينا كيف انتقل هؤلاء الشباب المتحمس من فكرة سامية إلى ظاهرة دامية , بسبب غياب المرجعية , و كيف انه لو لم يتم إنهاء هذه الظاهرة في تلك القريتين لاستشرت هذه الظاهرة في جميع القرى و كانت دماء طاهرة بريئة سالت من طيش الطائشين و هوس المهووسين . و رأينا أيضا انه في تشرذم الأهالي ضعف , و كيف انه ماذا توحدوا على حق لا تستطيع أي قوة على الأرض أن تهزمهم , فلو قاتلوا ببسالة و اتحاد من أول الأمر و نسوا خلافاتهم , لما كان للصبية دور و وجود و ما كان الاحتلال الأجنبي قادرا على التدخل بشؤونهم .