الجمعة، 12 يوليو 2013

متى سيعود الأسد الى حكم الغابة ؟



متى سيعود الأسد إلى حكم الغابة ؟
حكاية قصيرة بقلم : احمد ابو فرحة

في زمان جميل لا ينسى , حكم الأسد الغابة بالعدل , وكانت جميع الحيوانات و الطيور تعيش في سعادة غامرة , لا اعتداء على احد , لكل حقوقه و واجباته . غابة خضراء جميلة مليئة بالأشجار و الأزهار و الأنهار . حياة مثالية بالنسبة لغابة .
و بعد أن شاخ الأسد و مرض , و أصبح ضعيفا بالنسبة إلى ذي قبل , تكالبت وحوش الغابة من نمور و ذئاب و ضباع  و كلاب برية إلى حياكة المؤامرات و دس الدسائس . وفي لحظة غابرة , في ليلة داكنة , معتمة مظلمة , تمكنت الوحوش من اسر الأسد وإبعاده عن حكم الغابة .
تغيرت الحياة كليا بعد غياب الأسد . ساد الجور والظلم والظلام , وأصبحت دماء الحيوانات جميعها تسال في الغابة , بسبب أو بلا سبب . كان حكم الوحوش للغابة دمويا احمرا , لا مكان للعدل فيه , إن لم تقتل فانك سوف تقتل !!
اجتمعت الحيوانات جميعها و من ضمنها الثعلب , يتدارسون الأمر , و ليجدوا طريقة يرجعون بها إلى حكم الأسد الرشيد . و كانت الخطة الوحيدة هي الانتفاضة الجماعية على الوحوش لإرجاع الأسد.
بدأت الحيوانات مجتمعة في حربها الضروس مع وحوش الغابة و كان للثعلب دور بارز في هذه الحرب , فالثعلب ماكر محترف , مقنع مقبول , سريع و خاطف . اشتدت المعارك بين الحيوانات و الوحوش و أنهكت الطرفين , و لم يفز أي احد في هذه المعركة , و بقي الأسد حبيسا ينتظر من يفك قيده ليرجع و يحكم الغابة بالعدل .
اتفقت وحوش الغابة على تعيين النمر ملكا للغابة , و في عهد النمر كان الذبح و القتل أيسر من جريان الماء , و انخفض عدد سكان الغابة إلى النصف في عهد النمر . و بعد ذلك , اجتمعت الوحوش و فكروا في حل يقلل من القتل و يمد في فترة حكمهم وسط انتفاضة الحيوانات و الطيور عليهم . فاتفقوا على تعيين الذئب حاكما للغابة . و على نهج سلفه , قتل الذئب من الحيوانات و الطيور أكثر مما تطلب غريزته القذرة . وكان عند استلام أي وحش من الوحوش الحكم , تشعر الحيوانات و الطيور بالاستضعاف و التكاتف و كان يميز تلك الفترة أن الحيوانات و الطيور تعلم من هو عدوها و كيف السبيل إلى الخلاص – إرجاع الأسد إلى الحكم .
و بعد كثرة التجارب و كثرة المحن و الفتك , تفتت الحيوانات و أصبح كل فصيل أو قطيع لا يهمه إلا نفسه و الحفاظ على كينونته . تلك البدعة ابتدعها الثعلب الذي كان كل همه هو الوصول إلى سدة الحكم . و كان قطيع الثعالب الأكثر تنظيما و الأكثر خبرة و تدريبا و حنكة . و كانت الثعالب تهتم بنفسها أكثر من البقية في عز البلاء والجور , فما كانت من بقية القطعان إلا تنتهج نفس النهج .
و مرة من المرات , اجتمع الثعلب بالبقية و ابلغهم انه يريد الوصول إلى الحكم و بعد أن يصل إلى حكم الغابة , فإنه سيرجع الأسد و سيفك قيده . تفاجأت الحيوانات و الطيور من طرح الثعلب , و صار الجدال أولا , فك قيد الأسد أولا , أم الوصول إلى الحكم و من بعدها فك قيد الأسد ؟!
تذرع الثعلب و جماعته بأنه الأقدر على الصراع بحكم انه منظم و خبير , و أن له أساليبه في المراوغة و القتال , و طلب من الجميع مساندته . و لم يكن خيار لدى بقية الحيوانات والطيور إلا أن يتعاونوا مع الثعلب و قطيعه وتصديقه . استمرت الحروب مع الوحوش بقيادة الثعلب و جماعته , و كان من أكثر المخلوقات شدة و ألما على الجميع هي العقارب و الأفاعي الموالية للوحوش , فهذه المخلوقات تعيش بين الحيوانات و تنقل الأخبار لأسيادها و كثير من المرات تضع السم في الأنهار فيموت من يموت , و مرات أخرى تلدغ من تتفرد به لحساب أسيادهم الوحوش . عداك عن بث الفتنة و الإشاعات .
كانت الحيوانات مجتمعة تعتبر الأفاعي و العقارب عدوا مثله مثل الوحوش , رغم أنها تعيش بينهم .
تغيرت معاملة الثعالب للأفاعي و العقارب و أصبح هناك شبه اتفاق بينهم على أن يغض كل من الطرفين الطرف عن الآخر . فاستغربت الحيوانات مثل هذا التصرف من الثعالب و كان التبرير دائما لأجل أن يصلوا للحكم و إطلاق سراح الأسد .
و كان من ضمن الثورة ضد الوحوش أسراب النسور و الصقور , و كانت الأشد فتكا في العدو , إلا أنها تفتقد ميزة و هي منطلق و حاضنة لها في قلب الغابة , إذ أن هذه النسور و الصقور تعيش في أعالي الجبال , صادقة , هدفها الوحيد إطلاق سراح الأسد وإرجاعه للحكم , و لا تبغي لنفسها حكما لأجل الحكم . لكن الثعالب حرضت البقية عليهم شأنها شأن العقارب و الأفاعي , و اتهمتهم بأنهم متوحشين محبون للقتل و لا يقلون وحشية عن بقية الوحوش . مع العلم أن النسور لا تأكل إلا لتعيش و ليست غرائزها للقتل فقط مثل الذئاب و النمور و الكلاب البرية . و كانت النسور دائما تقنع الجميع بأنه لا حل إلا إرجاع الأسد أولا ليحكم الغابة بعدله , لكن ثقة البقية بالثعالب كانت تطيل أمد بقاء حكم الوحوش .
و تمكنت الثعالب من فتح قنوات اتصال مع الوحوش , و كان بينهم اتفاق ضمني على أن تحكم هذه الثعالب شكليا , مقابل أن توافق الأغلبية الباقية . فاستطاعت الثعالب إقناع الجميع بأنها ستصل إلى الحكم , و على أمد بعيد ستغير في حكم الغابة , و سيأتي جيل يعيش في كنف من العدل سيرجع الأسد لا محالة . و هنا ماذا فعلت الحيوانات و الطيور ؟ فهي ما بين أمرين , إما حكم الوحوش و إما حكم الثعالب و غاب عن ذهنها أن من يحكم حقيقيا هم الوحوش . فاتفقت و بأغلبية على تنصيب الثعلب الأكبر حاكما للغابة , دونما اخذ القصاص من بقية الوحوش .
و بعد ذلك الاتفاق , حكمت الثعالب الغابة , و لم يتغير شيء في نظام الغابة , الوحوش تسيد و تميد و تقتل و تنهب و تسلب , و الأسد لا زال حبيسا , و الذي تغير فقط هو نفوذ الثعالب و من أيدهم فقط , و البقية لم يختلف عليهم الوضع إطلاقا .
شعرت الحيوانات و الطيور بحجم الكارثة التي حلت عليهم و بثقتهم خائبة الأمل في الثعالب , و صارت ململة في الغابة , و أصبح الوضع خطيرا على الثعالب و الوحوش .
جلست الثعالب و الوحوش فيما بينهم , و رسموا مخططا يضمن للثعالب الحكم و للوحوش السيادة .
و كان المخطط يقتضي هي إيهام الجميع بأن الثعلب سيتم الإطاحة به , وأنه سيتم تنصيب الكلب البري مكانه , و الكلب البري هذا معروف ببطشه و حشيته و لا رحمة في قلبه .
ما كان للحيوانات و الطيور مرة أخرى إلا أن يتمسكوا بالثعلب , لأنه سيبقى اقل بطشا من بقية الحيوانات . فيرجع الثعلب مرة أخرى للحكم . و هكذا دواليك , كلما اكتشف الجميع زيف الثعالب , خوفتهم الوحوش بأن بديله سيكون أكثر شدة و بطش .
و من هنا نرى كيفية نجاح الوحوش في تقزيم المطالب و القضية , من إرجاع الأسد و فك قيده إلى المحافظة على اقل الخسائر و هي حكم الثعلب .
و تبقى النسور و الصقور تعيش على رؤوس الجبال , لا يهمها من خذلها و من طعن بها , لا تصل الأرض إلا عندما تفترس آو تموت . تنتظر اللحظة الحاسمة لاقتناع الجميع بأن لا حل إلا بهم و بإرجاع الأسد على الحكم و لا شيء سوى ذلك .
و لكن هل ستصل الحيوانات و الطيور إلى هذه القناعة ؟
لا شك بأن حكم الأسد قادم لا محالة , لكن الزمان مرهون بيد الله .
11 - 7 - 2013


الاثنين، 8 يوليو 2013

مرسي و الكرسي و حكم الله المنسي



مرسي و الكرسي  و حكم الله المنسي !!
احمد ابو فرحة
بعد ما يسمى " الانقلاب العسكري " بحسب رؤية الإخوان , أو ما يسمى " تصحيح مسار الثورة" عند القومجيين و الفلول و العلمانيين و ما لف لفيفهم , أو بعد " الأحداث الغامضة " كما يؤثر طرف ثالث بتسميتها , نجد أنفسنا مرة أخرى وسط معمعة جديدة محورها أو بطلها " الإخوان المسلمون" .
رئيس إخواني منتخب أتى عبر صناديق الاقتراع الديمقراطية , يحمل منهج الإسلام الوسطي وصل للحكم , يعتلي كرسي الرئاسة , يطبق القوانين الوضعية متذرعا بالتدرج في تطبيق حكم الله من دون سقف زمني أو خطة حتى و لو لبعد ألف سنة !! ينتهج نهج أي رئيس عربي أو غربي في الاحتكام للقانون و يحارب المجاهدين في سيناء و يقتل من يقتل منهم , و لا تزال صورة المسلحين المتفحمة عالقة في الذاكرة لا تنسى . السينما كما هي في مصر مزدهرة منتشرة في عهد الرئيس الاخواني . قرض ربوي لإنقاذ البلاد . العلاقات مع إيران تزداد و الانفتاح الاقتصادي مع إيران  في ازدياد , و المذهب الشيعي ينتشر أكثر مما كان في عهد مبارك . السؤال هنا : ما الذي تغير في حكم الإخوان المسلمين ؟ أو السؤال الأصح – بفهمهم – ما الذي ينوى تغييره في عهد الإخوان المسلمين ؟
حسنا , لنضع هذا جانبا , فقد يقول قائل : ليس هذا وقتا للمناكفات السياسية !! لا بأس .
و لكن من حقنا أن نسأل أسئلة مشروعة , كوننا مسلمين إسلاميين نعد في هذه الفترة بالذات في خندق مع الإخوان و لو كانت المسافة شاسعة , المهم انه نفس الخندق , محاربة العلمانيين و أتباع النظام القديم .
هل الديمقراطية عند الإخوان وسيلة أم غاية ؟
سؤال لا بد للإخوان يجاوبوه , قبل أن يتورط معهم محبو الشريعة و مطالبو تطبيقها من عوام المسلمين . تذرع الإخوان طويلا بأنهم يريدون التدرج في الشريعة بخطة طويلة , و العمل على إيجاد أجيال تحب الدين و التي بدورها هي التي ستطبق الشريعة , و كتبوا الكتب في أن الديمقراطية سبيل للوصول إلى الحكم , حتى أن البعض ساواها بالشورى في احد كتبه !!. فها هي الديمقراطية تخونكم , فماذا انتم فاعلون ؟ الصناديق التي أتت بكم , ألغاها العسكر بدقيقة من خطاب , فأين هي السبيل البديلة لتطبيق حكم الله ؟
أم أنها حقا عند الإخوان الديمقراطية غاية , و هنا أصبح من الخطورة بمكان أن ينزلق معهم احد , فتزهق روحه هباء منثورا !! و هذه لا بد للإخوان من توضيحها . فالمعطيات تقول أن الإخوان يتشدقون بالديمقراطية و " الشرعية " و صناديق الانتخاب , حتى هذه اللحظة على لافتات و على السن و حناجر المعتصمين في ميدان رابعة العدوية . سؤال لا بد للإخوان أن يجيبوا عنه و بوضوح هل الديمقراطية وسيلة أم غاية ؟؟

ماذا لو قدر الله و أن توفي مرسي وفاة طبيعية هذه الأثناء ؟
سؤال مهم أيضا لا بد له من إجابة . هل يتعلق الإسلاميون بشخص أم بفكرة أم بمنهج أم بماذا ؟
هل إذا توفي مرسي انتهى كل شيء ؟ و ما مصير الدماء التي تراق ؟ لماذا التركيز على شخص الرئيس ؟
الإخوان اليوم على أعتاب مرحلة مفصلية أخرى , بحكم أنهم القوة الأكبر في الطاقات الإسلامية المصرية , و هم محور القضية . و اليوم يقف إلى جانبهم عوام المسلمين المتعاطفين المحبين للإسلام و كثير من الحركات الإسلامية التي تنادي بشرع الله , و هم اليوم مسئولون عن مصير الدماء التي تراق , و عن نجاح أو فشل القادم .
أمام الإخوان المسلمين أكثر من مسار , إما أن يقتنعوا بأن الديمقراطية وهم و زيف , فلا هي سبيل و لا هي غاية , و من أراد الإسلام فليعمل له بالطرق الشرعية , و اقلها الثورات الشعبية الحقيقية التي لا تبرح الميادين حتى يطبق شرع الله براية واضحة لا غبار عليها و بدستور واضح . و إما أن يستمر الإخوان في سلك الديمقراطية و السياسية الفارغة و يقدموا تنازلات أكثر من ذي قبل , فتصبح كلمة "إسلامية" مجرد اسم مستعار للحكم بأي طريقة . و إما أن يحل الإخوان أنفسهم و يعترفوا بأخطائهم و فشلهم و ضياعهم  و يتركوا لغيرهم المجال و يساعدوهم في العودة إلى حكم الله و هذا أفضل و الله اعلم .
7 – تموز - 2013