الأحد، 22 أبريل 2012

الى الوالد العزيز الدكتور طارق عبد الحليم


إلى والدي العزيز الدكتور طارق عبد الحليم
نقاش بين أب و ابنه
احمد ابو فرحة

إن الاختلاف بين البشر أمر فطري محمود , ذلك أن الحق من عند الله أمر مطلق في الصواب لا شائبة فيه , فالله من شرعه و نقله لنا نبه صلى الله عليه و سلم , و إن البشر مهما اجتهدوا و لو في دائرة الحق فان كلامهم قد يكون صوابا و لكن ليس مطلقا , فالعقل البشري هو الذي يحدد هنا إضافة إلى الخبرة الشخصية , و هذه مسلمة ابدأ فيها مقالي و الله الموفق.

دكتوري العزيز الحبيب طارق عبد الحليم , قرأت مقالتك بعنوان "إيضاحٌ واجبٌ في منهج الثورة والدعوة!" , و كان لي بعض التحفظات و التعليقات , ارجوا منك إن وصلتك أن تقرأها بصدر رحب , و ما اكتب ما اكتب إلا محاولة مني لإكمال المسيرة البشرية في نصرة الحق , فالحق هنا جزءه و هناك و هناك , نجمعها فنقرب إليه .
هذه بعض النقاط التي ذكرت أضع تحتها خطا و بعد إذنك أناقشها بعد ذلك :

1- أن الثورة الشعبية، والخروج إلى الشارع والميادين، ضد قوى الطاغوت العسكري، هي (الطريقة الوحيدة للتغيير) حسب السنن الإلهية، كما رأينا في 25 يناير، وفي تجارب أمم عديدة، نشترك معها في الخضوع للسنن الكونية التي لا تُفرق بين مسلمٍ وكافر في مثل هذا الأمر.

يا شيخي الكريم , إن الثورة الشعبية و الخروج إلى الميادين هي طريقة مثلى للتغيير في العالم الوردي الجميل الموجود بين ثنايا الكتب , أو قد يكون ناجعا عند الغرب و لكن أيضا ليس في هذا الزمان , ببساطة لان أمريكا تضع سياستها في كل شيء و في أي مكان , يعني لو أرادت الوقوف أمام أي تغيير في أوروبا مثلا لوقفت تنفيذا لمصالحها العالمية الممتدة حول الأرض , و نموذج ثورة الباستيل قد انتهى و أصبح حبرا على ورق , هذا من جهة أوروبا الكافرة.
أما بالنسبة للمسلمين يا شيخي الفاضل , فان التغيير المنشود الذي ترمي إليه و كثير من الفضلاء , يهدف إلى شيء عظيم , إلى أمر مفصلي عالمي , و هو تحكيم الشريعة . و تحكيم الشريعة بدون حرية و تخلص من نفوذ أمريكا و نفوذ المتسلطين العسكر ليس له أي قيمة . بمعنى آخر : أي شريعة إسلامية ستطبق في ظل وجود العسكر الخائن؟؟ , و إن كنت تريد بهذه الثورة إسقاط هذا المجلس العسكري , فهناك ألف ألف مجلس عسكري خائن بديل , قد يكون للبعض جيدا و غير متلوث , إلا أن منظومة أي جيش عربي و منها الجيش المصري , و الأساس القائم عليه هذا الجيش هو أساس باطل , و إن لا انفي أن يكون ضابط أو جندي نظيف هنا أو هناك .
فنظام الجيش نظام طاغوتي كما تفضلت , و حتى معظم العناصر التي دخلت إليه , كانت قد قطعت شوطا في التنازل عن الدين , فما هي الفئات التي تدخل أي جيش عربي؟؟
و لا احسب انك مختلف في هذا , و لكن أنت تقول إن الثورة الشعبية هي الحل !! و السؤال : ما هو دور الجيش ؟؟ و أيا كان نفس الثوار في الاعتصام فان نفس الجيش القائم على المصلحة أطول, و الذي هو متربي منذ عقود على القومية و الوطنية الوثنية .
إن افتراضك يا شيخ أن الثورة الشعبية هي الحل الوحيد هي المشكلة , و لو قلت لو نجرب هذا الأمر في مصر لظرف خاص لقلنا أن هناك خصوصية معينة , و لكن بكلامك هذا قد يسيء البعض فهم الطريقة الصحيحة الذين تربوا عليها و كنت احد مربيهم و هي التوحيد أولا و إخلاص النية لله و التجرد له ثم الجهاد في سبيل الله , طبعا بعد إعداد عدة و ظروف معينة .
و قد يستغل هذا الكلام عند الجماعات الإسلامية التي ربت أتباعها على الجبن و لا أريد أن اسميها فهي واضحة كالشمس , و سيقولون هذا احد "الخوارج" كما وصفوك سابقا يقول بما كنا قد نقول , طبعا أنت عندنا اكبر و أعظم من ذلك , و نحن نحبك و الله يشهد.

2- انّ عدم التزام السِّلم، والتعدى، واستهداف العنف، والترصد للقتل، أو التخريب، بأي صورة، ليس من هذه الوسائل الشرعية التي يجب أن يلتزم بها المعتصمون. بل الواجب هو الدفاع عن النفس، لا أكثر، دون التعدى. وهذا من منطلق أنّ قوة العدو في شراسته وسلاحه، وقوتنا في كثافتنا وإصرارنا، لا العكس.

في هذه الحال يا شيخ يبقى الثوار مكانهم لا يبرحونه , و يبقى الجيش مكانه في ثكناته , و يصبح الرهان على مدى طول أو قصر نفس الثوار , و مطالبهم , و للعدو مكائده و نفوذه في القادة المعتصمين , فقد يوافقون على مطالبهم بشكل " شكلي " , و قد يقولون لهم : لا تريدون ( عنان) قائدا للجيش نغيره و نأتي بجديد و يوافقون على بعض مطالب الثوار , و قد يكونون أذكى من ذلك و يقولون : تريدون شريعة , تفضلوا و طبقوها , و يقرون قوانينا تعمل بالحدود و تكون مصر سعودية أخرى , أليس هذا ما يريده السلفيون ؟؟ فالقصة ليست مطالب معينة نريدها من الجيش , القصة أننا نريد السيطرة على الجيش قيادة و أفرادا , و كيف سيتم هذا؟؟

3-  أن أيّة وسائل يراها البعض "جِهادية"، كقتل أبرياء، أو التعدى على محلات وممتلكات، هي أمور خارجة عن المسار الشرعيّ، والعقليّ، وقد رأينا ما أدت اليه هذه الوسائل الموهمة، التي لا تنشأ إلا عن شبابية فجّة، أو منهجية منحرفة، في تجربة الجماعة الإسلامية، التي بدأت منحرفة وانتهت منحرفة، مرة إلى أقصى اليمين، ومرة إلى أقصى اليسار، أعاذنا الله من مثل هذه الزلل.

مرة أخرى يا شيخ أراك قد  أغلظت على البعض , اتفق معك انه ليس كل عمل مادي يعد جهادي , و استهداف المحلات هنا أو هناك يعد سفاسف أمور , و لكن كلمة " قتل الأبرياء " قد تحمل على غير مسارها و قد تستخدم كما استخدمها العملاء من الدولة و من السلفية المتخاذلة .
أريد أن اسأل هنا : هل استهداف قادة الجيش و المخابرات المتورطين قتل الأبرياء الحقيقيين عملا ممنوعا؟؟ هل استهداف السفارات و الأوكار الأمنية عملا ممنوعا ؟؟ و إن كانت مصر حالة خاصة ارجوا التوضيح , لست أنا وحدي إنما الكثيرون يتساءلون.
و على ذكر تجربة الجماعة الإسلامية , اتفق معك أن بعض الأعمال كان مبالغا فيها , و لكن لا تنسى انه تم شيطنتها من قبل وسائل الإعلام الخبيثة في نشرات الأخبار و البرامج و حتى الأفلام و من قبل شيوخ مأجورين أيضا , و أرى أن تجربة الجماعة الإسلامية كانت ناجحة لو أن الشعب وقف معها و احتضنها , و أنا متأكد لو أن الشعب خرج مظاهرات عارمة كاليوم بعد اغتيال السادات , لكان الأمر مختلفا , لكنهم كانوا لوحدهم , و قد أوذوا و تعذبوا حتى رأينا ما هم عليه الآن , إذا فقضيتهم أنهم تعذبوا و لم يقف معهم احد حتى انتكسوا , قضية بلاء لم يتحملوه.

شيخي الفاضل , إذا أردنا أن نغير حق التغيير لا بد لنا أن نحسب حساب الزمان , أي زمن نحن فيه , و حساب العدو , من هو العدو , و حساب الطريقة , و أخيرا التعلم من التجارب الناجحة.
زماننا هذا زمان القوة , لا رحمة فيه و لا خطوط حمر , تنتهك الأعراض و تغزى الدول باسم الديمقراطية و تسحل الفتيات المسلمات بحجة درء الفتنة . و العدو هو أمريكا أولا , و ما نراه من مجلس خائن و سلطة عميلة, ما هي إلا إذناب لأمريكا باعت ضمائرها و دينها بثمن بخس , و الطريقة التي ندين لله بها هي " التوحيد و الجهاد " , و لا يحسب كلامي أن الجهاد يكون غير منظما أو أعمالا عبثية , فلا بد من منهجية محكمة , بعد توحيد خالص و النتائج بعدها على الله سبحانه.
و التجارب التي يجب أن تتبع هي النتائج الناجحة , و التي رأيناها بأم أعيننا , طالبان في أفغانستان و باكستان , الشباب المجاهدين في الصومال , أنصار الشريعة في اليمن , أنصار الدين في شمال مالي , كل أولئك يطبقون دين الله و لهم تمكين و تكالبت عليهم عشرات الدول , و لم يأتوا عبر ثورات شعبية بالمعنى الغربي دون قوة عسكر ,و هؤلاء  صدقوا  و توكلوا على الله , و بالطبع بعد إعداد عدة , كل ذلك قادهم بعد مشيئة الله إلى بؤر تقض مضاجع العالم , و من هؤلاء نتعلم , و نقلد .

أخيرا يا دكتور , ارجوا مسامحتي , فإنني أتشرف أن أكون احد أبنائك , و لكن الدين غالي و ارجوا أن أكون قد قربت إلى الحق , علما إنني لست مصريا و مهما أتابع فاني لا اعلم كل الخبايا في مصر , و لكن ما أدين به لله أن أي نهج صادق أراد التغيير الحق و أراد الحرية الكاملة , لا بد من الصدام و القوة عاجلا أم آجلا , و تلك هي سنة الله منذ إنشاء دولة المدينة مرورا بالأمويين و العباسيين و من تبعهم حتى نماذج الإسلام الحقيقية في زماننا.

اسأل الله أن يوفق المصريين إلى خيره و مرضاته و أن يعجل لهم في الفرج , و أن يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم , انه على كل شيء قدير .

21 – ابريل - 2012
ملاحظة : شكر للوالد الدكتور طارق عبد الحليم لقبوله التعليق على كتاباته
http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-41693

السبت، 21 أبريل 2012

متى سيفهم المصريون اللعبة ؟


متى سيفهم المصريون اللعبة؟
تساؤلات و أفكار
احمد أبو فرحة

لا بد أن اسأل أولا أسئلة تقض مضاجعي, ما هي قيمة الشريعة الإسلامية عند المسلمين؟؟ و ما معناها ؟؟ و ما واجبنا تجاهها ؟؟ و هل دمائنا نستبيحها لأجل أي شيء إلا لأجل الشريعة؟؟

في تونس و قبل شهور معدودة , أقدم شاب على حرق نفسه و قتلها لأجل فتات الدنيا و لأجل انه لم يستطع المواجهة مع أي عنصر من عناصر النظام , و لثقافة الذل و الهوان و الهزيمة التي تجرعها المسلمون عبر سنين , و التي غذاها فينا الشيوخ و المفكرين و غيرهم , حتى أصبحنا نستمرئ هذا الذل ليل نهار , و لكل ذلك لم يستطع الشاب التونسي إيذاء أي احد أو التفكير في ذلك , لم يستطع سوى إيذاء نفسه و تنفيس غضبه إلا فيها.
 و بعدها قامت شرارة الثورة التونسية لأجل ما يسمى " الحرية" و بذلت الدماء حتى أزال التونسيون قناع النظام , و اعتبر ذلك الشاب المنتحر شهيدا و بطلا قوميا , مع انه كان اجبن أن يعبر ما في قلبه , و ضحايا الثورة آنذاك شهداء مغفور لهم عند الشيوخ متصدري الساحات الإعلامية .
و هنا السؤال البريء الذي يحتاج إلى إجابة : لماذا لا تبذل الدماء لأجل الشريعة ؟؟ لماذا لا يتورع المسلمون في مقابلة ربهم بأبهى صورة ؟؟ لماذا يعتبر من يريد بذل دمه لأجل الشريعة مفسدا في الأرض و غير واقعي و يريد الفتنة ؟؟ لماذا يزهق المسلمون ما يقارب مئة روح لأجل مباراة تافهة ؟؟ مع أن مئة روح صادقة تزهق في سبيل الله قد يكن كفيلات لإقامة شرع الله؟؟
أخشى أن يكون الجواب مرا , و أليما و قد يحمل على أوجه كثيرة , أخشى أن فاقد الشيء لا يعطيه !! و يشهد الله إني لا اكفر الناس المسلمين فهم أهل قبلة في المجمل , لكن هم لا يحملونها لا في قلوبهم و لا في عقولهم حق الحمل حتى يضحوا من اجلها , فلقد فوتوا الفرصة تلو الفرصة في مصر و قد ساعدهم في تفويت هذه الفرص لحى طويلة و أثواب قصيرة و عقول تجارية , حتى رأينا أن شريعة الله مغيبة حتى بعد ما يسمر " الثورة ".

إن الحرب على الإسلام مستعرة , أوارها يشتد بقدر ما نفوت الفرص و بقدر السذاجة التي يتحلى الأغلب بها , و بقدر اللعب تحت الطاولة من أطراف يفترض بها أن تسير بركب الإسلام , حسبنا الله و نعم الوكيل.
قبل يوم , تم استبعاد عشرة مرشحين مصريين من السباق الرئاسي , كان المستهدف من ذلك شخص واحد لا غيره , مشكلته الوحيدة انه نطق بكلمة (إسلام) أكثر من غيره , و قال كلمة شريعة و حدود , فجن جنون الغرب الكافر و غضب على المتحكمين الإسلاميين في مصر , و بالطبع لعب دور الجبن عند السلفية و قياداتها و لعب دور المصالح عند الإخوان و قياداتهم , و أصبح المكر مشتركا على من يريد حمل لواء الشريعة حتى و إن كان منقوصا ناعما.

أريد أن اسأل أسئلة و أريد مجيبا عليها :
1- لماذا لم يدعم حزب النور السلفي الشيخ حازم منذ البداية بشكل رسمي؟؟ أليسوا طلاب شريعة كما يزعمون ؟؟ و الشيخ حازم يريد تطبيقها , فلماذا خذل السلفيون الشيخ حازم و لأي غرض؟؟
لماذا قال نادر بكار الناطق باسم حزب النور إن الشيخ حازم "ثائر" و غير واقعي و لا يصلح للمرحلة؟؟ هل الثورية عيب يا أرباب الجبن؟؟و ما أبعاد هذا الكلام الفكرية و النفسية عند سلفية النور؟؟ و لماذا فرح نادر بكار عندما استبعد الشيخ حازم من الرئاسة , و قال في مداخلة مع عمرو أديب  ما نصه " فلننظر إلى النصف المملوء من الكأس , قد يكون استبعاد الشيخ حازم و خيرت الشاطر فيه خير للبلاد " , يقصد أن استبعاد الشيخ حازم يجنب ويلات أمريكا و الغرب . الم يئن الأوان أن نعرف ما هو حزب النور؟؟ و لماذا أنشئ بتلك السرعة؟؟


2- لماذا هذا الرد الباهت من الإخوان المسلمين على استبعاد الشاطر؟؟ الم يكونوا يعلمون أن الشاطر لديه مشاكل قانونية في كونه مرشحا؟؟ و ما قصة تسوية أموره بسرعة قبل الزج به في الانتخابات ؟؟ أم أنها كانت لعبة مدروسة لتشتيت الأصوات عن الشيخ حازم ؟؟ و من ثم فان استبعادهما مع بعض يرجع لنا السيناريو القديم المقرف المقزز بأن الإخوان ضحية دوما فيكسبون عواطف الشعب المصري المسكين؟؟! و هل من مصلحة الإخوان أصلا أن يكون الرئيس منهم؟؟ هل سيكرروا ما حدث لحماس فلسطين؟؟ الم ينل الإخوان مرادهم بأخذ الأغلبية في البرلمان ؟؟  أليس هذا حلم الإخوان الذي تحقق؟؟

3- متى سيقتنع المصريون بأن المجلس العسكري هو النظام و ليس مبارك؟؟ و إن اقتنعوا بذلك ما الذي يجب أن يحدث؟؟ هل لا زال المصريون يصدقون أن الجيش يد واحدة مع الشعب كما قال بعض الدجالين من الشيوخ ؟؟ و على قصة الشيوخ , هل أي شخص يقال له شيخ أصبح كلامه منزلا ؟؟ ألا يمكن أن يكون ( الشيخ الديناري ) في الكوتشينة أفضل من ذاك الشيخ الذي يغير على المسلمين دينهم ؟؟ هل لا زال المصريون يسمون ما حدث " ثورة " ؟؟

4- و أنت يا شيخ حازم , و نحن نحسبك إن شاء الله صادقا , متى ستنتهج الطريقة الشرعية لإقامة حكم الله في مصر؟؟ الم تجرب هذه الطريق الغربية و رأيت بأم عينيك ما فعلوه بك؟؟ ألا تريد أن تستغل هذا الشباب الثائر الذي يساندك و مستعد للتضحية ليس لأجلك , إنما لفكرتك؟؟ ألا تريد أن تكمل المشوار؟؟ الم يحن الأوان يا شيخ حازم للحظة التغيير الحقيقي ؟؟ ألا تدرك يا شيخ حازم انك محط أنظار الكثير من أنصار الشريعة في العالم؟؟ ألا تدرك يا شيخ حازم انه لو تغيرت مصر بشكل حقيقي سيتغير كل العالم العربي ؟؟

و هذا سؤال لنفسي :
هل سأعيش يوما ما في ظل الشريعة؟؟
15 – ابريل – 2012

نظرة الصغير و نظرة الكبير


نظرة الصغير و نظرة الكبير
الاسلاميون
احمد أبو فرحة

افتتح مقالي هذا ببيتي شعر المتنبي اللذان يصفان واقع شباب الإخوان و اغلب شباب السلفية , و واقع الشباب الإسلامي عامة , قال المتنبي :

عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِم*******    ُوَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها*******و تَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ

أظن أن معنى البيتين مفهوم عند أصحاب اللسان العربي , إلا أن مدى انطباقهما على حالة شباب الإسلاميين بشكل عام كبير جدا , فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم , و نحن نرى عزيمة الشباب الإسلامي فيم منشغلة , بعضها مشغول في دعم هذا المرشح أو ذاك , و بعضها منهمك في الأحزاب و سجالاتها , و بعضها مشغول في قضايا تعتبر إسلامية , لكنها لا تساوي شيئا في قضايا الأمة الكبرى و هي قضية الشريعة و تحكيمها و قضية الجهاد و قضايا الولاء و البراء . جيد أن تأمر بالسواك و الخمار و الثوب القصير , فهذه كلها شعائر إسلامية , أما أن تجعلها قضيتك المركزية , فهذه مصيبة و تدل على خواء فكري !!

جهود الشباب منصبة الآن في مصر بالذات في صلب العملية الديمقراطية , هذه العملية التي لن تأتي بخير للمسلمين حتى لو خاض فيها اطهر الناس , ببساطة لأنها خاضعة لقواعد الغرب الكافر , و آلياتها و قوانينها مدروسة من اكبر عقول الكفار المفكرين , فهم ببساطة لا يعلمون دهاليز هذه اللعبة لأنها ليست أصيلة عندهم و ليست في شريعتهم , و قد تجير في الآخر لمصلحة الكفار و برضا من الإسلاميين أنفسهم , فيقولون لهم : لقد قبلتم بقواعد اللعبة الديمقراطية , و ها هي النتيجة فارضوا بها صاغرين !! هذه هي الحقيقة المرة.

كنت في الماضي عندما ترى أي شاب ينتمي لهذه الدعوة , ترى في عينيه مسحة من مسحات الصحابة , في عينيه عزم كبير و فكر عالي , أيا كان تياره , اتفقت أو اختلفت معه , كنت ترى في هذا " الإسلامي" رجولة منقطعة النظير , تتكلم معه و تراه واع إلى حد كبير , أما اليوم , فيهولك مقدار السذاجة و البساطة و السطحية و التبعية التي يعاني منها أفراد التيار الإسلامي , ببساطة لان عزيمتهم خائرة , أليس على قدر أهل العزم تأتي العزائم ؟؟؟
ادخل على مواقع التواصل الاجتماعي و انظر بأم عينك أسماء الصفحات التي يعد مناصروها بآلاف و انظر إلى تعليقاتهم , خذ مثالا كهذا , صفحة اسمها " أنا سلفي ما بعضش ولا بضرب" , و يعد أنصار هذه الصفحة بالآلاف , و تهدف إلى "تحسين" صورة السلفيين في الرأي العام , استحلفكم بالله هل هذا عنوان لصفحة؟؟ هل تشبه نفسك بالكلب؟؟! من الذي يعض ؟؟ أليس الكلب؟؟
ما هذه التفاهة و السخافة , و من من ؟؟؟ من الذين يعدون أنفسهم سلفيين ؟؟ يعني يشبهون أنفسهم بالصحابة و التابعين!!
صفحات أخرى كثيرة جدا , تتسم بالسذاجة و السطحية  " أنا بحبك يا شاطر بس مش حنتخبك" , " أنا آسف يا ريس حسني " طبعا هذه من سلفية المرجئة, و الكثير.

ما اقصده هنا , انك تحس أن أنوثة فكرية عصفت بهؤلاء الشاب , يتحدثون مرات كإناث , و تلقى الرجل صورته بلحية طويلة , و هو لا يعلم من مع من و لا من ضد من , ينتظر من حزبه أن يأتيه بالخبر , حتى يردده كالببغاء!!
هل على مثل هؤلاء قام هذا الدين الحنيف ؟؟ قطعا و الله . هل هؤلاء يستحقون نصرا مؤزرا و تمكينا ؟؟ لا احسب ذلك .

انظر بالمقابل إلى الذين يقدمون أرواحهم رخيصة لوجه الله , تسمع وصيته و هو خجل من الله عز و جل , و كأن روحه ارخص شيء يقدمه لله تعالى , ثم يقدم على ما يقدم عليه و هو غير راض عن نفسه يتذلل لبارئه عسى أن يرحمه و يتقبله!!
انظر إلى مجاهدي الطالبان , كل يوم عملية ضد الكفار و المحتلين , تجدهم لا يتكلمون أو حتى لا يصورون كل عملية يقومون بها , ببساطة لأنهم يبتغون وجه الله و عزيمتهم وقادة كبيرة , تراهم لا يذكرون شيئا عن أنفسهم , فهذا واجبهم!!
على النقيض , ترى الحزبيين الإسلاميين يرون كل سفيه أمر من قادتهم و كأنه انجاز تاريخي , سيقوم وراءه نصر مؤزر , تجدهم يكتبون على المواقع الالكترونية : الله اكبر الشيخ فلان سيدعم الشيخ فلان , الشيخ فلان يؤكد انه لا يحب إسرائيل " الله اكبر " , الشيخ فلان نفى أن يكون قد اتصل بالقناة العبرية " الله اكبر " , و تجد الفرحة في عيونهم مرافقة للدموع من الفرحة , كل هذا لان الشيخ نفى انه اتصل , أو الشيخ سيدعم أو أي شيء من سفاسف الأمور هذه !! أليس هذا عجيبا يا أخوتي؟؟ّ!

 فعلا , تعظم في عين الصغير صغارها , إنهم صغار فعلا و كما قيل ليسوا على مستوى الأحداث , و لا يعول عليهم لا في دين و لا في دنيا , أما العظام الذين تصغر في أعينهم العظائم , هم من نثق أن النصر و التمكين سيأتي على أيديهم بإذن الله عز و جل , اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم , اللهم آمين

5 – ابريل - 2012

الاثنين، 9 أبريل 2012

قراءة للمشهد المصري

محاولة لقراءة المشهد المصري
تحليل لمكونات الساحة المصرية - حاضرها و مستقبلها
احمد ابو فرحة

تعتبر مصر الدولة الأكبر سكانا في الوطن العربي , إضافة إلى أهميتها الجغرافية كونها تقع في منتصف العالم تقريبا و قريبة على الجميع , آسيا و أوروبا و( هي في إفريقيا طبعا) و "إسرائيل" و الأراضي الفلسطينية بالطبع , و لأمريكا مصالح في مصر لا تخفى إلا على أمي في أمور الدنيا فهي يفترض أمريكيا أن تحمي " إسرائيل" , إضافة إلى كونها سوق استهلاكي للغرب غير منتج و لا مكتف ذاتيا , هذا لان أمريكا تريد ذلك للأسباب الآنفة . إذا فمصر قوة بشرية هائلة وسط العالم , تخاف أمريكا أن تصبح هذه القوة موردا للمقاتلين , فتصبح ربيبتهم "إسرائيل" في خطر و يتخلصون من التبعية لها و إن حدث هذا إن شاء الله ستكون أوروبا القريبة في خطر أيضا!! لذلك تحاك الدسائس وراء الدسائس كي لا يصبح كابوس أمريكا حقيقة.

نعرج قليلا إلى طبيعة الشعب المصري , فهو شعب متدين بسيط ( بشكل عام ) , يميل إلى اللاعنف و السلم , عاطفي بفطرته , يتحكم به القادة من أشكال و ألوان.

أما بالنسبة للجماعات و الحركات و القوى التي تتجاذب أطراف السياسة بعد ما يسمى بثورة يناير نراها كالتالي :

1- المجلس العسكري : و هو السلطة الفعلية لمصر تشريعيا و تنفيذيا و إلى حد كبير قضائيا , يرأسه عملاء لأمريكا معروفين للقاصي و الداني , يريدون مصر دولة علمانية و يحاربون من يريد تطبيق الشريعة بأي وسيلة كانت , و للتوضيح فان المجلس العسكري هو النظام إن صح التعبير , و ما كان مبارك إلا (فاترينة ) عرض لا قيمة لها , فما قيمة الرئيس دون جيش؟!
للمجلس أنصاره من الشعب , و يعدون نسبيا كثيرين , فكل دولة طاغوتية حتما ستجد أنصارا لها من مطموسي القلوب و العقول.

و للأسف الشديد يجمل صورة المجلس بعض من رموز السلفية التقليدية و الذين أصبح دورهم اكبر بعد الثورة , بعد أن ركبوا موجتها , إلا أن الخوف الذي تربوا عليه عقودا , بل هو أساس لفكرتهم لن يزول , و سيظلون يكبتون الطاقات الشبابية لأجل مسمى( نبذ الفتنة) و الحفاظ على الدماء المصرية المسلمة , و تلك اكبر مشكلة تواجه الشباب المسلم في نظرته إلى معنى الطاغوت أي المجلس العسكري.

2- أصحاب رؤوس الأموال و المصالح التي كانت تمثل النظام السابق و بعض من أنصار و قيادات الحزب الوطني المنحل الذين يسمونهم "فلولا" , و هؤلاء بلا شك لهم أهميتهم في الساحة المصرية و يندرجون تحت مسميات كثيرة, منها علماني ليبرالي وطني أو حتى إسلامي , و هذه الشخصيات تدعم بقوة بعض من قيادات النظام السابق , كالعميل الأمريكي الصهيوني عمر سليمان و هذا مفضوح جدا , أو العميل المجمل عربيا رسميا عمرو موسى , أو الرويبضة احمد شفيق.

طبعا لا ننسى دور المخابرات الأمريكية و الصهيونية و الغربية في الدول العربية و لا شك في مصر أيضا , سواء من خلال السفارات أو حتى أي شقة وسط العاصمة كما يقول الكاتب الإنجليزي (بيتر رايت) في كتابه صائد الجواسيس عن سيرة الجاسوس كيم فلبي ابن عبد الله فلبي : "تحكم الدول الموالية للغرب من خلال شقة في عمارة بوسط العاصمة بها جاسوس مخابرات أمريكي يعاونه جاسوسان محليان وهؤلاء الثلاثة هم الذين يقررون الحرب والسلم وتشكيل الوزارة وحل الوزارة وتسمية الوزراء وحاكم الدولة مثل العريس لا يفعل شيئا إلا ما يأمرونه به".

3- بعض من القوى العلمانية و الليبرالية و الوطنية , و كانت بعضها معارضة لنظام الرئيس المرفه المنعم حسني مبارك , و هذه القوى تعيش على أحلام بائدة في قومية سلفت في الماضي القريب أو وطنية ذات نزعة استقلالية علمانية , و من هذه القوى ما هي شيوعية لا تزال تصر على مبادئ عوجاء ماتت في مواطنها , و بعض القوى اللادينية . و تلتقي هذه القوى على فكرة واحد , و هي كره الإسلام و المكر به , و التنصل من الشريعة الغراء, و الحمد لله فهؤلاء وجودهم قليل كما أثبتت الأيام الماضية , و فعاليتهم محدودة و ارتباطاتهم غير مؤثرة , لان مشكلتهم في الأغلب فكرية و قلبية , فهم يعملون من مبدأ أكثر من مصلحة , و هم بلا شك ينتهزون فرصة هنا أو هناك لمصالحهم الحزبية , و بالتالي فهؤلاء أعداء للإسلام و المسلمين مع وقف التنفيذ.

4- الإخوان المسلمون : و هي الحركة الأكبر في الشارع المصري , تجذب اغلب الشباب الإسلامي , و ذلك بحكم تاريخها الأطول في العمل الإسلامي و وقوفها بوجه طواغيت مصر منذ نشأتها , و قد لاقت هذه الحركة و شبابها الكثير من الويلات , و قدم الإخوان نموذجا "مريحا" للإسلام للشعب المصري , فكما أسلفنا أن الشعب المصري بطبيعته هادئ و مسالم و عاطفي , و لذلك تعاطف الشعب المصري معها , إضافة إلى الخدمات التي يقدمها الإخوان للناس , إذ أن عامل المصلحة يلعب دور كبير هنا أيضا , لهذا تجد الإخوان الحركة الأكبر في مصر.

جميل هذا , و لكن لا ننسى أن للإخوان هدفا يسعون للحصول عليه , خدمات تضحيات تحركات , كل هذه ليست دونما ثمن !! فلنفترض أن الإخوان قديما أرادوا تحكيم الشريعة و قدموا ما قدموا , إلا أن هذه الفرضية سقطت اليوم بالكامل , و لا يقول بعكس ذلك إلا ساذج , فعوامل الزمن و كثرة المحن و تبدل الأجيال و دخول المال و المصلحة , قاد الإخوان إلى تغيير الهدف , فأصبح الهدف هو السلطة و هذا لا شك فيه , و النموذج الإسلامي المفترض للإخوان هو النموذج العلماني بالثوب الإسلامي , و لا نريد سرد تصريحات قادة الإخوان من سنوات كثيرة إلى الآن , فان هذا الأمر لا يخفى لمن أراد أن يرى!! أما من لا يريد الرؤية , حتما انه لن يرى.

و بعد كل هذا, و إن أحسنا الظن بالإخوان إلى أعلى درجة , في عدم ارتباطهم بالغرب عقيدة , إلا أن هناك كرسي يتلألأ أمام أعينهم , هناك نموذج يسعون إليه , هناك سلطة يرمون لها , باختصار فان نهج الإخوان قائم على المصلحة الذاتية , منهج ميكافيلي غير إسلامي , و لا يراهن عليهم في تحقيق نصر أو إقامة شريعة .

و قصة ترشيح الشاطر تدل على أنهم لا يريدون رئيسا إسلاميا لمصر , فإما أن يكون الرئيس منهم , و هذا الاحتمال الثاني الذين اضطروا إليه , أو الاحتمال الأول بان يكون الرئيس مرضي عنه أمريكيا أيا كان , إلا أن هناك قوى معارضة في الشارع المصري تحاول إفساد هذا المخطط , و بالنسبة لأمريكا فلا يهمها من المرشح أو توجهه ما دام خاضعا لها ينفذ ما تمليه عليها , فقصة الحكم الإسلامي ليس مشكلة كبيرة عند الأمريكان ( الإسلام الشكلي ) و ما السعودية ببعيد عن ذاك النموذج.

إذا فالإخوان ليسوا معنيين بشكل رئيس أن يكون الرئيس منهم , و لو أرادوا ذلك لقالوا في أول الأمر , و لقد ادخلوا ( الشاطر ) إلى اللعبة و هم يعلمون أن كثيرا من أصواتهم ذاهبة لأبي الفتوح الذي كان منهم و فصلوه بسبب ترشحه , و أصوات كثيرة أيضا منهم ذاهبة للشيخ حازم أبو إسماعيل , هم يدركون ذلك , و كما قلنا لو أرادوا وحدة الجماعة و أصواتها لدعموا مرشحا رئاسيا من أول المضمار , لكن اللعبة مكشوفة, نزول الشاطر لتفتيت أصوات الإسلاميين.
خلاصة : الإخوان جماعة انتهازية ميكافيللية ذات مصلحة ذاتية , بعيدة عن الحلم الإسلامي.

5- السلفية : و هذا المصطلح مطاط , إذ إن السلفية هي عبارة عن مشايخ و أتباع , كل شيخ لديه وجهته السلفية و أتباعه , إلا أنهم إلى حد ما اتحدوا في مسمى " حزب النور" و زكي من قبل العلماء السلفيين , و خاضوا غمار العملية السياسية.
بالنسبة لعمرهم السياسي , كثيرا ما تسمع من التحليلات أنهم ليسوا أصحاب خبرة في السياسة , و لكن هذا الوصف لا يعطيهم حقهم !! هؤلاء انتقلوا من مرحلة اللاخبرة بشيء إلى مرحلة المماحكة و المقارعة في وقت سريع جدا , و اقصد بمرحلة اللاخبرة بشيء , اقصد حتى اجتماعيا . فكنت ترى الرجل السلفي بثوب قصير و زوجته المنتقبة لا يتكلم  ولا يخالط حتى مع اقرب أقربائه , و قد يكون اخو السلفي الغير متدين . لا يعرف إلا المسجد و البيت و العمل و الزوجة و الأولاد , منغلقين على أنفسهم , و بسرعة مهولة أصبح الأخ السلفي و الأخت السلفية من عدم الخبرة و عدم الاختلاط إلى التنظير لهذا الحزب و الزيارات و العمل السياسي !!( لا يفهم من كلامي الطعن لا سمح الله في أخواتي المنتقبات , إنما احلل أوضاعهم , فهن و الله أخوات كريمات و كإناث لسن مطالبات بما هو مطلوب من الرجال ) .  فماذا تريد من هؤلاء؟؟ يعني لو تكلمنا عن الإخوان لقلنا أن للإخوان نهجا معينا مرنا يسمح لهم بكل ذلك و عقيدة مطاطة ليس فيها ثوابت كثيرة , و مع ذلك فقد تروضوا بعشرات السنين , فكيف لهؤلاء السلفيين أن يصبحوا بعد الدخول إلى الحياة قبل الدخول إلى السياسة؟؟!!
هم يعانون من شيء يشبه في علم الاجتماع مصطلح " الهوة الثقافية " , و تصيب هذه الحالة الأفراد عندما ينتقلون من بيئة إلى بيئة , و هكذا هم.
تجدهم متخبطين في تصريحاتهم و تصرفاتهم , تراهم ليسوا موحدين , هذا يسب و هذا ينفي و هذا يدافع و هذا يبرر و هذا ينطق بالحق !! غريب أمرهم.
و لنأخذ مثالين يوضحان موقفهم المتخبط , الأول زيارة المتحدث باسمهم نادر بكار لحفل عمرو حمزاوي و كانت الحفلة ماجنة راقصة , الموسيقى تعج بالصالة , و ذهب المتحدث السلفي إلى الحفلة !! بعد أن كان السلفي يقاطع أخاه من أمه و أبيه إذا أراد أن يشغل موسيقى شعبية في حفل زفافه , أصبح السلفي يذهب إلى الأماكن المشبوهة بحجة السياسة و الدعوة , و المضحك في الأمر , أن السلفيين لا يستطيعون الدفاع و التبرير كالإخوان , فهذه دخيلة عليهم و ليست في منهجهم .
و الموقف الثاني يوم مات بابا الأقباط في مصر , و منهم من عزاه , و في مجلس الشعب انقسم السلفيون إلى ثلاثة أقسام عندما طلب رئيس المجلس من الأعضاء وقوف دقيقة حداد على روح "شنودة" , و معلوم بالدين بالضرورة أن هذا الفعل لا يجوز , فمنهم من وقف الدقيقة و قسم اخر بقي في الجلسة دون الوقوف , و القسم الآخر آثر الخروج لان ما في عقيدته لا يسمح له بذلك , فهذا دليل على تخبط موقف السلفيين .

أما عن مواقفهم السياسية فهم قريبون من الإخوان , ذلك أنهم يريدون تمكينا لهم أولا و لا يريدون غضبة أمريكا , أو بالأحرى لا يريدون أن يأخذ احد على خاطره , فالمجابهة مفقودة و الحجج كثيرة , و موقفهم من الشيخ حازم فضحهم و سبب انشقاقات في صفوفهم.
خلاصة : هم كحزب لا يعول عليهم في المواجهة و في أي حلم إسلامي , اللهم إن كان حلمهم تطبيق الشريعة كما يزعمون فانه قطعا النموذج السعودي ما يطمحون إليه.



6- الجماعة الإسلامية : لن أتحدث عن هؤلاء كثيرا , فمراجعاتهم تتحدث عنهم , هؤلاء لا يعرفون الوسط في أي شيء , فمن أقصى اليمين الذي لا يهادن إلى أقصى اليسار الناعم , طبعا تعذبوا و ذاقوا الويلات و حوربوا , حوربوا حتى اجتماعيا ومن الإسلاميين كالإخوان و السلفيين , و انتهوا إلى ما نراه الآن , برلمانات و ليونة و تخبط في الآراء.
و هؤلاء اجزم انه لولا أنهم خجلون من تاريخهم و اسمهم , لانضموا إلى الإخوان المسلمين , فهم الآن قريبون جدا منهم , و ما نموذج " عصام العريان " القيادي الاخوانية ذو التصريحات الهدامة ببعيد , فقد كان هذا الرجل من الجماعة الإسلامية و أمين صندوقها في إحدى البلدات المصرية , و بعد تراجع المتراجعين رأينا ما هو العريان .
خلاصة : الجماعة الإسلامية ليست بالقوة الشبابية الفاعلة على الأرض و لا لها دور يذكر مقارنة مع غيرهم الإسلاميين و لا يستطيع احد التعويل عليهم في مشروع إسلامي حقيقي.

7- أنصار التيار الجهادي : هؤلاء لديهم الفكرة الصحيحة و الطريقة المثلى و العزيمة , إلا أنهم الآن و في هذا الوقت يفضلون السكوت ريثما ينقشع الضباب , أعدادهم قليلة , و شيوخهم معدودين على الأصابع , ليس بينهم تنسيق على الميدان يذكر , ينظرون إلى الأمور بعين الحائر , إذ ما مصير مشروعهم في هذه الأوقات ؟؟ لو فكروا بالقيام بأي عمل مادي غير ممنهج , سيصطدمون أولا بالشباب الإسلامي الذين لا يحملون طرحهم و ستكون العواقب بالنسبة لهم غير محمودة , و ما يقوم به الشباب الأبطال في سيناء من حرق لأنابيب الغاز , هو عمل خجول قليل و بعيد أصلا عن وسط الأحداث المصرية في قلب مصر .
لا يعتبرون العمل في مجال الديمقراطية سبيلا ناجعا لإقامة حكم إسلامي , إضافة إلى ما في هذا العمل من محاذير شرعية من الدخول إلى الشرك و التنازلات و إلى غير ذلك من المتاهات , فلذلك تجدهم لا يخوضون هذا المضمار و لا يناقشون فيه أصلا حتى مع مخالفيهم , لان ذلك سيقود إلى إسقاط واقع الشرك على شيوخ و لحى و نقاب و غيره , و هذا بالنسبة لهم مشكلة , فهم يكتفون بقول الحكم الشرعي من بعيد و على استحياء – اقصد في الحالة المصرية .
و يذكر أن بعضا و هو عدد قليل من أنصار هذا التيار من لحق بركب الشيخ حازم في مشروعه الذي سيمر من نفق الديمقراطية و هم يعلمون بحرمة و عبثية الطرق الديمقراطية , إلا أن عدم وجود البديل الحقيقي في مصر لجماعة تعمل جديا و بفعالية لإقامة شرع الله , أدى بهم إلى الركوب مع الشيخ حازم .

خلاصة : شباب التيار الجهادي في مصر شباب يعول عليهم , إلا أن مشكلتهم تكمن في الجماعة الموحدة صاحبة المشروع ليلتحقوا بها , إضافة إلى تعقيدات المشهد من وقوف علماء مصر و سلفييها و إخوانها بعيدا عنهم , فهم لا يريدون أن يكونوا صوتا نشازا في وقت مغبر في سماء ضبابية .ولا شك أنهم ينتظرون لحظة حاسمة يقضي الله أمرا كان مفعولا . و هذا بيد المولى.

8- الشيخ حازم و أنصاره : يمثل هذا التيار في مصر التيار الأبرز المعارض للهيمنة الأمريكية أولا و للمجلس العسكري ثانيا , يقوده الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل و هو خليط بين الإخوان و السلفيين عقيدة و منهجا, إلا أن ما يميزه عن الإخوان صدق النية في نظام إسلامي و ما يميزه عن السلفية الشجاعة في المواجهة .
إلا أن طريق الشيخ حازم التي انتهجها لتطبيق شرع الله طريق لا تؤتي الأكل في ولادة مشروع إسلامي , لأنه طريق غربي ينصب فيه الكفار و أعوانهم ألف ألف عقبة أمام ما لا يريدون , و لكن للشيخ حازم مدرسة في العمل الإسلامي و هي مدرسة أبيه المرحوم الشيخ صلاح أبو إسماعيل الذي سلك درب البرلمان و كان صادقا في نيته الإسلامية و شهد له القاصي و الداني و كل التيارات , و كان شوكة في حلق النظام المصري أيامه , و لكن الشيخ المرحوم سلك تلك الدرب في وقت لم تكن فيه الخبرة الإسلامية الدعوية كاليوم , فيجب على المسلم أن يتعلم من الزمن , فالشيخ المرحوم صلاح الذي أداه في زمانه كان رائعا و كبيرا , و ليس التقليد شرط في النية لإقامة الشرع يا شيخ حازم .
مثال اذكره : الشيخ البنا رحمه الله كان شابا صغيرا عندما أسس الإخوان و انتقل بمراحل كثيرة بدعوته بحكم سنه و سلك أكثر من طريق و قال أكثر من مقولة و فعل و أصاب و اخطأ , إلا أن زمانه مختلف عن زماننا اليوم , اليوم نرى ما لم يكن الأوائل رؤيته , لان الدنيا تغيرت و الاتصالات و عالم النت و التلفاز , كل هذا يجعلنا أن نرى أكثر . فالذي قدمه الشيخ حسن البنا كان رائعا في زمانه و له ما له و عليه ما عليه , إلا أن أتباعه اليوم و بعد أن كسبوا الخبرة التي لم يكن الشيخ قد كسبها , يبررون كل مصيبة لهم و كل قول نسبة للشيخ حسن البنا رحمه الله , و هم يعلمون و نحن نعلم أن تلك المرحلة من حياة الشيخ و تلك المقولة و ذلك الفعل ليسوا قرآنا وجب إتباعه , فخطأكم مقصود ,و الله اعلم أن خطأ الشيخ لم يكن مقصودا!!
 ما أردت أن ارمي إليه , هو استغرابي من حسن نية الشيخ حازم و سوء الطريقة التي يمشي بها , سوءها منطقيا و شرعيا , إلا أن سنة الله ماضية و هذا هو الموجود.
أما بالنسبة لأنصار الشيخ حازم صلاح و هم فاعلون في الميدان فهم:
1- قسم من التيار السلفي و هم الأغلبية, و يعد هؤلاء من صفوة الشباب السلفي المتحمس.
2- قسم من شرفاء الإخوان و ممن حسنت نيتهم في مشروع الدولة الإسلامي
3- قسم صغير من أنصار التيار الجهادي , و أقول صغير لان الطريقة لا تتفق و أدبياتهم
4- مجموعة من المستقلين الأحرار ذوي التوجه الإسلامي
5- بعض قليل جدا من الأشخاص العروبيين الأحرار أو أي توجه غير إسلامي آخر حر
6- بعض العامة, إن صح تسميتهم أنهم من " الدهماء" , و هذا الوصف ليس سبة إنما هم أناس لا يعلمون الكثير في هذه الدنيا , و يتحركون لعواطف معينة

هذه هي أطراف الساحة المصرية أوجزها باختصار , و هناك مسلمات يجب أن اذكرها و سوف لن استعجل عليها , فالزمن كفيل بكل ما هو متوقع و كل ما هو غير متوقع.

1- إن صدقت أي جماعة أو أي شخص النية مع الله , و أراد فعلا أن يبني بلده حرا و دستوره إسلامي , فالمواجهة مع العسكر و أعوانه ستكون لا محالة , و في هذه الحال ستسفك الدماء , رغم عدم تمني ذلك , فشرع الله اوجب شيء يبذل له الدماء , ففي سبيل الحرية العمياء تسفك الشعوب دمائها , و في سبيل تحسين الرواتب لا ضير إن ضحى الشعب , و في سبيل أي دنيا يبرر الشيخ و العلماني ذلك , فلماذا لا يبرر ذلك لأجل شريعة الله؟؟؟!!

2- غباء أمريكا و الغرب و حقدهم على الإسلام جلي مبين واضح , فهم بحقدهم على شريعة محمد يعجلون في وضع أسافين نعوشهم , فلو فكروا قليلا و بمصلحة مجردة دون حقد , لوجدوا الحل , و سلموا الإسلاميين قيادة مصر و جعلوهم يحكمون بشريعة الإسلام التي يفصلونها لهم مقابل مساومات و لحفظ مصالحهم , و كانوا بذلك لسحبوا البساط من تحت الشباب الإسلامي و القيادات الإسلامية و من تحت الشعب كله , و لأصبحت مصر سعودية أخرى أو تركيا أخرى أو سودان , أو أيا شئت من الأشكال الإسلامية , إلا أن الله غالب على أمره و لو كره الكافرون.

3- نحن على أعتاب آخر الزمان , و على أعتاب الانقسام إلى فسطاطين , فسطاط الحق الذي لا نفاق فيه و فسطاط النفاق الذي لا حق فيه كما بشر رسولنا صلى الله عليه و سلم , لذا فالجماعات الإسلامية المصالحية المتخاذلة تقف على مفترق طرق , ستحدد أمرها , و أرجوا الله أن ترجع إلى فسطاط الحق , و إلا سيكونون في صف الأعداء وقتها و سيأخذون نفس حكمهم.

4- أرى الأمور في مصر تنضج و تستوي كحبة التين , فلا يستعجلن احد , دعوا حبة التين تنضج و تستوي حتى تسقط عن الشجرة, فلا بد من نقطة مفصلية و قشة تكسر ظهر البعير , و الأهم أن يصدق المخلصون النية مع الله , و يعدوا العدة لأمر الله القادم , عسى أن نعيش تحت ظل الإسلام انه القادر على كل شيء و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

8- ابريل – 2012

الخميس، 5 أبريل 2012

شهادتي في هذين الاسدين الهصورين


شهادتي في هذين الأسدين الهصورين
الدكتور هاني السباعي و الدكتور طارق عبد الحليم
احمد أبو فرحة

ليس للصغير شهادة على الكبير , لكن ما في نفسي من حب و احترام و تقدير لهذين العلمين , لهذين الفارسين , لهذين الداعيين إلى شريعة الله بحكمة و موعظة حسنة و بثبات و ارتقاء , لهما في نفسي طاقة يجب أن تفرغ على الورق , و بذلك أكون قد شهدت الحق و حاولت أن اجزي هؤلاء و لو الجزء اليسير على ما قدموه للدعوة إلى الله أولا و لي و لأتباع الحق عموما.
هما غنيان عن التعريف , و لا يحتاج هذا المقال الصغير لذكر المعلومات عنهما , إنما , ما أحب أن أوضحه , هو ما تميز به هؤلاء عن غيرهم من الدعاة .
هذه الدعوة المباركة ممتدة منذ بدء الخليقة و ستستمر حتى نهاية الزمان , و قد التحق بها الكثير الكثير من الدعاة و المصلحين , فسار من سار و استشهد من استشهد و ثبت من ثبت و خذل من خذل و أصاب من أصاب و اخطأ من اخطأ , إلا أن أحوال شيوخ آخر الزمان هذا بحاجة إلى تمحيص و دقة .
ما يميز هذين الشيخين عن غيرهما أنهما لهما باع طويل في مجال الدعوة إلى الله – دعوة التوحيد الحقة , و لم يتغيروا و لم يتلونوا كغيرهم , بل ارتقيا بثبات و بهدف وحيد لا سواه و هو تحكيم شريعة الله , فأن ترى شيخين موحدين يدعوان إلى تحكيم الإسلام لفترة تتجاوز الثلاثين عاما دون ارتباك و لا خذلان , فهذه ميزة تحسب لهذين البطلين.
و من فضائلهما أيضا , محاربة الفرق المبتدعة و المغيرة لدين الله و فضحها على مدار عقود , دون مداهنة هذا أو ذاك , بتأصيل شرعي فريد و حكمة في الخطاب , و توقيت مدروس , فكانا حجر عثرة في حلوق كثير من المبتدعة, جزاهم الله كل خير عنا .
ميزة أخرى يتسم بها هذين العلمين , أنهما على درجة عالية من العلم الديني و الدنيوي و إتقان للغات الكفار , يخاطبون و يؤثرون في المسلمين و غيرهم , يتابعون الأحداث عن كثب , لا يكتفون بالاستماع إلى ما يجري من هذا أو ذاك بل إنهم يعيشون الحدث و يفهمون الواقع و على إثره يقولون , فتأتي رؤية شرعية دقيقة ثاقبة ذات خبرة , فيستفيد منها طلاب الحق خير الاستفادة.

بقي أن أقول للقارئ أن ليس احد معصوم , و لكن قلة زلات العالم أو الشيخ دليل على صدق نهجه و حسن تفكيره , و يشهد الله أيها الشيخان أني أحبكما في الله و اسأل الله أن يجزيكما عني و عن المسلمين خير الجزاء في الدنيا و الآخرة , و اسأل الله أن تكون شهادتي هذه شهادة حق لا رياء فيها و لا سمعة و لا تملق , انه القادر على كل شيء.

4 ابريل 2012