الأربعاء، 1 أغسطس 2012

سيادة الرئيس مرسي : ماذا بعد البرقية إلى بيرس ؟؟


سيادة الرئيس مرسي : ماذا بعد البرقية إلى بيرس ؟؟
احمد ابو فرحة

في ظل كفر و عمالة الحكومات العربية و" الإسلامية" , و بيعها للدين و كل القضايا المصيرية , و استئثارها بالمصالح الشخصية للمتنفذين بالحكم , أصبح من المستساغ أو من غير المستهجن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني و مع رأس كفر العالم أمريكا , فهذا نظام مصر السابق (السابق شكليا و الحالي مضمونا ) ,قد  قدم خدمات للصهاينة و حماهم أكثر بكثير من المواطنين المصريين , و أصبح أي عمل يقوم به النظام مع إسرائيل أو أمريكا طبيعيا , فليس بعد الكفر ذنب !!
و لكن ما المختلف اليوم ؟؟ لماذا يستهجن البعض إرسال الرئيس المصري محمد مرسي برقية للرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس ؟؟
البرقية في عرف السياسة اليوم هي بروتوكولية بحتة , إذ هي رد على برقية من الرئيس الإسرائيلي لنظيره المصري يهنئه فيها بالرئاسة و بقدوم شهر رمضان , و بالتالي فمن الذوق سياسيا رد هذه الرسالة , و لكن لماذا نسلط الضوء على هذا الأمر ؟؟
لقد كانت بضاعة الإخوان المسلمين منذ نشأتهم إلى اليوم , و الشعار الذي يرفعونه هو الإسلام , و ليس أي إسلام , بل الإسلام الذي يريد إرجاع الأمجاد و الإسلام الذي يضحي , و لقد خسروا شبابهم و قادتهم في سبيل هذا الأمر , فكيف لهذه الفكرة أن تستقيم مع وجود الإخوان اليوم في الحكم و مباركة من أمريكا ؟؟
الأمر بسيط , لم يعد الإخوان كما كانوا , هذا إن أحسننا النية معهم , فاليوم الإخوان المسلمون طاغوت لا يشق له غبار , و لكن المشكلة هي إقناع الناس و المخلصين منهم في هذه المسألة , و لهذا نسلط الضوء على رسالة مرسي .
و طبعا مهما نفى الإخوان هذه الرسالة , فان إعلام العدو اصدق منهم , ببساطة لان الكافر اصدق من المنافق , و هذا يذكرني عندما كنت صغيرا و أنا أعيش في فلسطين , عندما كانت لدينا ثلاث قنوات أرضية لا غير , قناة الأردن و قناة سوريا و قناة إسرائيل , و كان الشعب الفلسطيني بأغلبه يتابعون قناة العدو , لأبسط الأسباب أن العدو ينشر ما يريد و بدون خوف ولا خشية و لا "يستحمر " الناس كما كانت تفعل القنوات الرسمية اليوم و البارحة , و لهذا بالنسبة لي فان مرسي قد بعث بالرسالة , و من قمة السذاجة القول أن إسرائيل قد لفقتها لنيل من سمعة مرسي المفترض انه يعادي إسرائيل , لكنها السياسة يا قوم في حلتها الجديدة , الكذب و التحايل .

و أرفق هنا نص برقية مرسي إلى بيرس ( مترجمة ) :
الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز
   
رئيس دولة إسرائيل

    "
لقد كان من دواعي سرورى أن أتلقى تهنئتكم بحلول شهر رمضان الكريم.. وأستغل
هذا المناسبة لتكرار سعيي لبذل الجهود لإعادة عملية السلام فى الشرق الأوسط إلى مسارها الصحيح، حتى يتسنى لنا تحقيق الأمن والاستقرار لجميع الشعوب بما فيها الشعب الإسرائيلي".".
   
محمد مرسى

   
رئيس جمهورية مصر العربية

طبعا ليس أمام الإخوان المسلمين سوى الإنكار الآن , و بعد الإنكار ستأتي مرحلة الاعتراف مع التبرير , و سيقولون : ليس بها أي شيء , لقد كان صلاح الدين يراسل ريتشارد قلب الأسد !!
و لقد كان الرسول صلى الله عليه و سلم يراسل الكفار !!

الإخوان و النموذج التركي :
اردوغان سياسيا بالنسبة للإخوان هو النموذج الذي يجب أن يحتذى , فالنسبة لهم , قام بإصلاحات كثيرة و حد من تدخل العسكر و أصبحنا نرى المحجبات بدون قيود في تركيا , و كأنهم ينسون أو يتناسون أن تركيا لا زالت اقل مكان للحريات بالنسبة للمحجبات و ما فعله اردوغان لا يذكر , و بالنسبة للعلمانية فان اردوغان هو من أسس لعلمانية الحقيقة في تركيا , و الذين يسمون بالعلمانيين من سلالة أتاتورك ليسوا علمانيين , بل فاشيين ديكتاتوريين , و بالرجوع إلى تعريف العلمانية : فصل الدين عن الدولة , نجد أن اردوغان من فصل الدين عن الدولة حقا , و الذين كانوا قبله , أقصوا الدين عن الحياة !!
و بالنسبة للمواقف السياسية , تجد في تركيا قمة الخبث و المكر و النفاق , فهذا اردوغان يستعرض في تمثيلية تافهة دور البطل الذي يرفض البقاء مع بيرس و يقوم بتمثيل دور العصبي الذي يغار على الفلسطينيين و يخرج من تلك القمة , و طبعا و لبساطة المسلمين فان الأكثر يصدقون هذا الدور , و السؤال هنا : ما الذي يجلسك مع بيرس أصلا ؟؟
و ما سر المناورات التركية الإسرائيلية التي نسمع عنها دوما ؟؟ و ماذا يفعل السفير الإسرائيلي في تركيا ؟؟ و ما حجم التبادل التجاري بين إسرائيل و تركيا ؟؟
انه النفاق بحد ذاته , و لا يحتاج إلى تأويل.
ثم إن تركيا مشاركة بوحدات من جيشها في أفغانستان , و كانت قيادة النيتو في أفغانستان قبل فترة بيد الأتراك !! فما رأي الإخوان في هذا ؟؟ أم أن الأفغان ليسوا مسلمين ؟؟

هؤلاء هم الإخوان بتدليسهم على الناس و بحججهم الواهية للإصلاح , يحالفون الغرب و يقاتلون المسلمين , انظر إلى نسخة الإخوان في الصومال شيخ شريف احمد , و انظر إلى نسختهم في العراق - المرتد طارق الهاشمي , الذي بكل عمالته لم يرض عنه الصفويون , و انظر إليهم في تونس من خلال النهضة , تجد أن لا إسلام في جعبتهم , عناوين خاوية المضمون !!
و حتى في سوريا , الإخوان ضد النظام و يقاتلون به , و الإخوان في مصر يسمحون للسفن الحربية الروسية و الصينية العبور دون إنكار حتى , و التبرير و النفي هما سيدا الموقف , و إخوان فلسطين في حماس يقفون في المنتصف من الثورة السورية , مصالح لا علاقة لها بالدين .

يا سيادة الرئيس مرسي , ستكون هذا الفترة فترة تسليط الأضواء على أفعالكم , ليس لأجلنا فنحن نعرف الإخوان منذ زمن بعيد , إنما لأجل الناس البسطاء المساكين , و لأجل من به إخلاص عندكم , و سيأتي اليوم يا سيادة الرئيس المعظم المبجل ( كما تفعل الأنظمة العربية ) من أن نوقف الكتابة , عندما سيفهم الناس أن الإخوان مثلهم مثل أي نظام عربي عميل , وقتها سيلفظكم الناس كما لفظوا من قبلكم و هي سنة الله في الأرض .

1 – آب - 2012