السبت، 21 يوليو 2018

رسالة الى ثوار ادلب


رسالة الى ثوار ادلب و مجاهديها
بقلم : احمد ابو فرحة
سأقول بعض الكلمات قد تضايق جمهورا كثيرا من انصار الثورة السورية و انصار الجهاديين , و قد تفهم خطأ , لكنني سأقول ما عندي بدون لف او دوارن . و كلامي موجه بالعموم للفصائل كافة و الانصار و الجنود . لقد اعطاكم الله فرصة عظيمة من خلال الثورة السورية على مدار سنوات . حصلتم على دعم عسكري و دعم مالي و دعم لوجيستي و فتحت تركيا ابوابها مشرعة للثورة السورية و حتى ان فصائل و حركات اسلامية في العالم العربي و الاسلامي قد حددت مساراتها لفترة على مقياس الثورة السورية و كانت الثورة السورية معيار للشرف و الوقوف الى جانب الحق . حررتم مدنا و قرى و ريف , و وصلتم الى الحد الاعلى من الفتوحات . لكن عوامل كثيرة كانت سببا في انتكاستكم , اولها الاعتماد على الخارج و الارتهان كثيرا بيد الداعمين , ثانيها التصفيات الفكرية للاحزاب و الجماعات و المناهج و عبث الموتورين فكريا من كل طيف بكم . و مأساة داعش التي كانت خنجرا كبيرا في خاصرتكم , و انتم ايضا بقلة اعدادكم الفكري و سوء المواجهة معها خسرتم كثيرا ضدها . الخلاصة انكم انتم كثوار و مجاهدين كنتم السبب الاول لكل انتكاساتكم , لا احد اجبركم للاستسلام و لا احد اجبركم ان تكونوا رهائن داعميكم و لا احد اجبركم ان تصفوا معارك فكرية في ساحة الشام , انتم . نعم انتم كنتم الاساس في ما وصلتم اليه اليوم . اليوم , انتم في مرحلة تسمى "ادارة الهزيمة" , او ان تحسستم من لفظ هزيمة , سأجاريكم و اقول لكم , انتم في مهمة جديدة بالحفاظ على المكتسب الصغير الذي بيدكم - المدينة الفاضلة - ادلب . هذا اخر ما تملكون اليوم . اليوم انتم امام استحقاق كبير بأن تراجعوا كل شيء مر معكم و ان تتعاملوا بواقعية اكثر مع الاحداث و ان تعدوا اكثر لمعركة محتملة و ان تضعوا ارضية مشتركة يقوم فيها الجميع بمهماته في الدفاع عن الارض و الدين و الانسان . انتم اليوم امام استحقاق كبير باعادة بناء جيل يخلو من كل افكاركم الهدامة التي حملتوها , جيل لا يحمل اي ازمة نفسية صدرتوها للساحة , جيل يكفر بالحزبيات و الافكار . ان فشلتم في الاستحاقات الجديدة , فانه حتى ادلب ستضيع من ايديكم . فكروا لماذا تركيا تذبذبت مواقفها من الثورة السورية ؟ السبب انتم و تفرقكم و سوء ادارنكم للازمة ,  فكر ان تضع نفسك مكان الاتراك و كن متجردا و اسأل : كيف ستدعم ثوارا و مجاهدين يكرهون بعضهم اكثر مما يكرهون النظام ؟! كيف ستدعم قوة لا يراهن عليها بسبب الوهن و التشتت الذي احترفتموه ؟! اسألوا انفسكم سؤالا اخرا : كيف ينظر المسلم البسيط خارج سوريا الى الثورة ؟ هو ينظر اليها بعين بسيطة واحدة : كلهم ثورة سورية , هذا المسلم البسيط لا يعنيه اسمائكم و اسباب اقتتالكم . انتم خذلتموه و فقط . ان المرحلة اليوم : ادارة الهزيمة و الخروج باقل الخسائر و البناء و الاعداد من جديد تتطلب نفسية جديدة و اخلاصا جديدا . فهل انتم مستعدون له ؟

الثلاثاء، 19 يونيو 2018

من طلب الكمال طلب المحال .. احذروا داء المثالية !!


من طلب الكمال طلب المحال
احذروا داء المثالية !!
بقلم : احمد ابو فرحة
في حياة المرء عبر الايام , يرى بعينه مواقف و احداث تستحق التأمل , تبدأ على صعيد الاشخاص , ثم على صعيد الجماعات , و من ثم على صعيد المجتمعات و الدول , و يرى كيف ان الانسان باحداثه و حوادثه متشابك متشابه . في بداية حياتي الملتزمة , تعرفت الى كثير من الاخوة الصادقين , انتهى بهم المطاف الى صفوف لم يكن احد يتوقعها بسبب داء نفسي فكري يضرب الانسان اجتماعيا و سياسيا و فكريا . احد اصدقائي القديمين اراد الزواج من فتاة متدينة جميلة و كان يركز على التدين . بحث كثيرا و كثيرا و في كل مرة كان يجد امرأة يخترع سببا للقدح فيها ليعدل عنها , خاض تجربة و اثنتين ثم وصل الى قناعة انه لا احد من النساء متدين و ان كانت متدينة فعلا فانها غير جميلة . بعد ان وصل لهذه القناعة عدل عن فكرة الزواج من اصلها و صار يلعن الزواج و بقي راهبا . شاب اخر بنفس الحيثيات السابقة , بحث عن التدين "من وجهة نظره" اكتشف ان التدين عند النساء غير حقيقي و ان السافرة اكثر وضوحا من المتدينة , لا اعلم كيف وصل لهذا لكنه وصل و انتهى به المطاف ان تزوج من امرأة لا تعرف التدين , فقط ليريح نفسه – و هي سبب المشكلة. هذه الاحداث على المستوى الاجتماعي تنطبق نفسها على الجانب الدعوي . شاب دخل الى مجال الدعوة فانتقد جماعة اسلامية معينة لسبب ما , ثم ينتقل الى جماعة اسوأ منها في الجانب الذي كان يطرحه هو , او ان شابا اخرا انتقل من مجال الدعوة الاسلامية ثم انتقد بعض الامور فينقلب الى علماني و يمارس امورا افظع من جماعته السابقة . او ان شابا كان جهاديا انتقد القتل و اصبح من الجاميين , فيصير يؤيد القتل بطريقة افظع عن طريق طاغوته .و قصص كثيرة في هذا الجانب مؤكد انها تمر في اي مكان و وقت .
الحقيقة الواضحة وضوح الشمس , ان غالب المنتمين الى الجماعات الاسلامية و حتى العلمانية , لا يتأثرون بجماعاتهم بقدر ما انهم يبحثون عن شيء ملائم لنفسياتهم . فالجبان مثلا يبحث عن جماعة تبرر الجبن , و صاحب الحدية يبحث عن جماعة تناسب حديته , و هكذا ... و ما مفهوم النفسية هنا ؟ انه الهوى بعينه , اي ان كل شخص يبحث عما يناسب هواه , و هذه هي الخديعة الكبرى , انه يبحث عن ما يناسب هواه فيغلفه بلباس الدين و الفكر . و لو اراد هذا المرء ان يبحث عن ما يناسب الامة , او يناسب الناس او حتى يناسب البلد , لاختار اختيارا واقعيا ملائما يستطيع فيه ان يقدم لامته , لا ان يرضي نفسه .
فاذا كنت تنتمي الى جماعة معينة , ما الذي تريده منها ؟ هل تريدها كاملة مثالية ؟ و ان كنت تريدها كذلك فأين سيكون مآلك في النهاية ؟ لأن اي انسان لا يستطيع ان يكون خاويا , هناك فراغ لا بد ان يملأ . هب ان الجماعة الفلانية لا تعجبك بسبب نقطة او اثنتين , ما الذي ستفعله ؟ ستنتقل الى جماعة اخرى قد تقنع نفسك انها اصوب من الناحية التي تحفظت عليها , لكن بالمقابل هل هذه الجماعة الجديدة افضل بالمجمل من الجماعة السابقة ؟ و اسأل نفسك اولا , هل تحفظاتك على الجماعة بسبب امر حقيقي ملموس يتعلق بالامة ام بسبب شيء في نفسك ؟ ان نجحت في هذا الاختبار ستحل كثير من مشاكلك .
الامر و ما فيه , انه ليس هنالك جماعة او دولة او فرد على وجه الارض كامل . و ليست هنالك جماعة تقارع كل اعداء الدين و بنفس الوقت تسير شؤون الناس و بنفس الوقت تهتم بالجانب الدعوي و بنفس الوقت تحسن السياسة و بنفس الوقت تحسن الاقتصاد . هذا محال . و ان كنت تريد تبديل جماعة فورقة و قلم و قليل من الموضوعية و التجرد كفيلات لك بحسم امرك . سجل الايجابيات و السلبيات لكل جماعة و احسب المعدل العام كما يفعل المعلمون مع الطلبة, و الاكثر يستحق انتماءك , هذا ان كنت انت اصلا تستحق الانتماء لتلك الجماعة . اما ان تترك مجال الدعوة او تترك مجال الثورة او تترك مجال الجهاد لانه لا احد صحيح , فاعلم انك انت اعوج . او ان تترك جماعة لسبب و تلتحق باخرى و تمارس افظع مما كنت عليه بالجماعة الاولى , فاعلم انك صاحب هوى لا صاحب دعوة . و اعلم ان قطار الدعوة و الجهاد ماض , بك او بدونك , فاخلص النية لله وحده .
 هذا الداء في علم النفس يسمى داء المثالية , اي ان المرء يفضل عدم الامتلاك اصلا على ان يمتلك شيئا ناقصا و النقص محتوم , او ان الامر ان لم يكن مثاليا فان المرء ينتقل للضد !!


الاثنين، 28 مايو 2018

ادلب ... حصن الثورة الاخير بين المزايدات و الواقع


ادلب ... حصن الثورة الاخير
بين المزايدات و الواقع
بقلم : احمد ابو فرحة
من سيئات الفرد المنعم الجالس في امان و سكينة و الذي يحمل فكر الثورة او فكر الجهاد , انه يقبل على نفسه الراحة و فنون السياسة و فنون التقية , و لا يقبلها على جماعة , و لا حتى على شعب . سوق المزاودات في حال الاستضعاف سوق رائج , له زبائنه , و له مريدون . كالمتفرج على مباراة لكرة القدم يحللها و يعمل الخطط و يسفه اراء كبار المدربين , و هو لا يعلم كيف يركل الكرة !! نعم , في النعيم و الامان و تحت المكيف يمكن ان اقامر بحياة شعب كامل لاثبت اني شجاع !! و النتيجة , ماذا تؤثر كل عنترياتك و كل مزاوداتك على الارض ؟ لاشيء . انت في واد , و الواقع في واد آخر . او كما قال المثل : " عبال مين يللي بترقص بالعتمة ؟ "
اولا فلنعرف معنى الثورة , و نحدد اركانها , و محركها الرئيسي . الثورة هي شعب يقوم بقتال ضد حاكمه ليسقطه . اذا فالثورة : شعب , قتال , و اهداف . و في الحالة السورية فان الشعب السوري انتفض ضد الطاغية ليسقطه . و هذا هو ملخص الثورة السورية . فالشعب الثائر بمجموعه هو محرك الثورة و هو محتضنها . و القتال هو اسلوب الخلاص من الطاغية , و اسقاط الطاغية هو هدف الثورة . و لذلك فان نفس التنظيمات الثائرة من نفس الشعب الثائر , فان ارتفع حس الثورة لدى الشعب , ارتفعت وتيرة الثورية عند التنظيمات , و العكس صحيح .
الان و بعد سنوات من الثورة , و بعد مكر الاعداء في الليل و النهار , و بعد فشل كثير من التنظيمات في الصمود و رهن أنفسها لداعميها , فان وتيرة الثورة لدى الشعب السوري الثائر قد خفت , و اصبح الحصول على طعام و مأوى اولوية عند الكثيرين . و لا تستغرب اصلا وجود من يتمنى ان يرجع الى عهد ما قبل الثورة , فالوضع البائس المزري ثقيل جدا على الناس .
ادلب اليوم , بتقدير الله اولا و بظروف سياسية معقدة , اصبحت ملاذا لكل ثائر من اي مشرب و توجه . و الناس في ادلب اليوم يطمحون الى فترة استقرار يشدون فيها عضدهم و يتنفسون فيها بعد طول فتك . و لهذا فان مسؤولية هيئة تحرير الشام و من معها من الفصائل ان يجمعوا بين السياسة و الجهاد و البناء و العيش . معادلة معقدة جدا , تحتاج الى توفيق رباني اولا , ثم حس مسؤولية عالي من كافة الاطراف في ادلب . ادلب اليوم هي نواة المدينة الفاضلة التي ستخرج جيلا فريدا يعيد الامجاد .
يصدم المرء كثيرا بعقول لا تعرف الا لغة التشكيك و التخوين و المزاودة , عقول تشربت الانغلاق و احترفت الفصام بين الواقع و المأمول . عقول لا تفكر بسؤال واحد فقط ينهي كل ما يدور برؤوسهم : ما الحل ؟ هذه العقول ان فكرت بهذا السؤال بشكل جدي , لن يجدوا اجابة افضل مما كان . الكل يعلم حجم القوة من الاعداء عليك و الكل يعلم حجم التهاوي لكثير من الفصائل السورية , حتى اصبحت هيئة تحرير الشام لوحدها في الواجهة . فهل تقدم الهيئة على الانتحار لتثبت انها شريفة ؟ او ليثني عليها الشيخ فلان او علان ؟ ما هذه السطحية في التفكير ؟ ان المسلم المجاهد يعمل دائما ضمن الممكن , و ان الاقدام على غير الممكن يعتبر انتحارا . و المشكلة فان المزايدات تأتي من صنفين : الصنف الاول الذي تهاوى اولا و الذي جعل الهيئة لوحدها , و هؤلاء لا يحق لهم المزاودة . الصنف الثاني هم الجالسون المنعمون في بلادهم و الذين يمارسون اكبر درجات السياسة و التقية – على مستوى الفرد – لكن على مستوى الجماعة و الشعب فهي تنازل و رقة في دين الله!! . و هؤلاء قوم لم يحدثوا تغييرا ايجابيا في الامة و لن يحدثوا ابدا . فليعيشوا في نظرياتهم منتشين ببطولاتهم الدونكيشوتية .
ان هيئة تحرير الشام في ادلب اليوم يعقد عليها كثير من الامال في بناء مجتمع ادلب : ثقافيا و شرعيا و عمرانيا و بناء الانسان الصالح , هذا من جهة . و من جهة اخرى اعداد جيل مجاهد يكون مستعدا لحدث يريده الله في لحظة ما . و اخيرا , فان الوجود بحد ذاته يعتبر انجازا في لحظة ما , وجود يهيئ لوجود اقوى و اعظم باذن الله و ان مسيرة الجهاد ماضية الى يوم الدين و ان اختلفت ظروف و ان تبدلت وسائل  .

الأحد، 4 مارس 2018

من انت ايها الجولاني ؟


من انت ايها الجولاني ؟
بقلم : احمد ابو فرحة
من انت ايها الجولاني حتى تتمرد على رواسب تاريخنا و تحاول ان تصلح فسادا رضعناه منذ صغرنا و نشأنا عليه في ثقافتنا ؟
من انت حتى تكون مجاهدا و في نفس الوقت لك حاضنة شعبية لا يستهان بها ؟
من انت ايها الجولاني حتى تحاول ان تقسم على الجميع ؟ الا تدري بأننا أمة نتنفس تعصبا و لا نحيا الا متشرذمين جماعات و افرادا ؟ من انت حتى تتمرد على عقوبة فرضها الله علينا ان نصبح جماعات و نذيق بأسنا لبعضنا ؟
من انت ايها الجولاني حتى تحاول ان تحسن صورة الجهادي في اذهان الناس ؟ الا تدري ان الجهاديون محكومون بالفشل و يغلب عليهم طابع الغلو و التكفير ؟
من انت ايها الجولاني حتى تقف في وجه داعش التي ارادها الغرب ان تكون كذلك ؟ من انت حتى تحاول انهاء مخطط غربي يهدف الى تشويه الاسلام في عيون اهله قبل عيون قبل عيون الغرب انفسهم ؟
من انت ايها الجولاني حتى تتحدى رغبة الاخوان المسلمين في الحكم و السلطة ؟ الا تعلم انهم احتكروا الفهم الوسطي و انه لا احد غيرهم يفهم بالسياسة و الدين معا ؟ من انت حتى تحاول ان تدمج الدين بالسياسة ؟ انت مهمتك ان تقاتل و تثخن بالعدو و بعدها تستشهد او تموت لا يهم و بعدها هم سيمسكون بالحكم , و بعدها سيجردون منه !
من انت ايها الجولاني حتى تتحدى اساطير التوحيد و الجهاد و تخرج من عبائتهم و لا تقدرهم و لا تقدسهم و لا تطيعهم ؟ الا تعلم انهم قد عاشوا سنينا طويلة يحتكرون فهم التوحيد و يحركون الشباب المجاهد برؤيتهم الخاصة ؟ من انت حتى تتمرد عليهم و تعطيهم حجمهم الحقيقي ؟ انهم شيوخ يخطؤون اكثر مما يصيبون و ان اهل الجهاد في الساحة اعلم من افهمام المشايخ العابرة للقارات ؟
من انت يا جولاني حتى تنهي المفسدين في الارض ؟ الا تعلم ان الافساد و الفساد اجزاء لا تتجزأ من واقعنا العربي ؟ الا تعلم ان الحرية تشمل حرية الفساد و الافساد ؟ من طلب منك يا جولاني ان تكون حريصا على شيء ؟ ان تكون حريصا على الثورة التي بيعت عند البعض من اول يوم و دنست عند البعض و التي ستباع يوما اخر عند البعض الاخر ؟
من انت ايها الجولاني حتى تنهي ملف تنظيم القاعدة في سوريا ؟ من انت و ما اجتهادك حتى تجنب الناس ويلات محتملة لاجل اسم ؟ من انت حتى تسحب الذرائع كلها لاجل المسلمين ؟ من ضحك عليك و قال ان التنظيمات رسالة لا غاية ؟ هل ادركت ايها الجولاني ان الكل له سياسة تخصه و مصالح تخصه ؟
من انت ايها الجولاني حتى تقف في وجه الفكر الجامي المتلبس بالجهاد ؟ الا تعلم ايها الجولاني ان الجامية هي الفكر المفضل لامريكا ؟ و للانظمة العربية ؟ ومن انت لتتحداهم ؟
من انت ايها الجولاني حتى تثور على النفس البشرية الطماعة و تحاول ان تجمع الساحة ؟ من قال لك ان امريكا سترضى ؟ او الغرب سيرضى ؟ من انت حتى تحارب الفكرة التي دخل فيها الغرب الينا الى عالمنا العربي و الاسلامي "فرق تسد " ؟ من انت حتى تحاول التجميع ؟
من انت ايها الجولاني و انت الشاب الثلايني و قد اثبت انك قائد بارع و سياسي محنك و همشت كثيرا من القادة الاكبر منك سنا و اطول منك تجربة ؟ من انت حتى تبرز على قادة للثورة ظهروا بعد اربعة عقود من تربية البعث المطلق الاشبه بالالهة؟ من انت حتى تحطم امال كثير من القادة الذين ربحوا و صعدوا على حساب الثورة و جمعوا الاموال منها ؟
من انت ايها الجولاني لتكون ثائرا على واقع قذر متشرذم يلعب فيه الشرق و الغرب و تتجاذبه التجارب الفاشلة الوطنية و الاسلامية ؟ من انت حتى تجمع بين الجهاد و الثورة ؟ من انت لتعاند التاريخ و الحاضر و المستقبل ؟ لقد اخذتك نفسك بعيدا يا جولاني و ها هم اعدائك و خصومك قد وقفوا ضدك من اقصى اقصى اليمين حتى اقصى اقصى الشمال . هذه نتيجة اعمالك يا جولاني .

الجمعة، 23 فبراير 2018

الفصائل الشامية المتناحرة - الصراع الوجودي


الفصائل الشامية المتناحرة - الصراع الوجودي
تعليقا على الازمة الفصائلية في الشمال المحرر
بقلم : احمد ابو فرحة
يتابع انصار الثورة السورية في العالم تطورات الازمة الفصائلية في ادلب و الشمال السوري ببالغ الترقب و الحزن . و لا شك ان اي اقتتال بين المسلمين داخل الثورة سيراق فيه دماء و تزهق فيه ارواح الثورة السورية اولى بها . و ان اي جهد لا بد ان يكون ضد الغزاة و ضد حلف الشيطان في سوريا . لكن ايضا لا بد من معرفة طبيعة الصراع اصلا بين الاطراف الثورية السورية حتى يسهل التوصيف ثم العلاج . تابعت ايضا دور المشايخ المصلحين في الثورة منهم الشيخ الفاضل عبد الرزاق المهدي و الشيخ ابو محمد الصادق و الشيخين العلياني و المحيسني بارك الله فيهم جميعا . و لا شك انهم اصدق بكثير من كل اطراف الثورة المتنازعة بما فيهم هيئة تحرير الشام . لكن الصدق و الاخلاص وحدهما في عالم مزروع بالالغام و في محيط مشحون و ضمن اطراف ماكرة و ضمن تعقيدات لعبة سياسية خطيرة و معقدة لا يعرف فيها كل طرف ما يريد و ما يمكر و ماذا ارتباطاته و ما هي اهدافه و كثير من الدهاء .... هنا الصدق و الاخلاص و النقاء لا تكفي مجتمعة . القضية اكبر من قصة تتذرع بها هيئة تحرير الشام او موقف يسجل هنا و هناك ضد او مع , و القضية اكبر بكثير من حادث يتهم فيه طرف الطرف الاخر . و ان الغوص في تفاصيل الاحداث "البسيطة" مع الاحترام الكامل لمشايخنا يرجع بالاذهان الى النقاشات الشرعية التي كانت تخوضها اطراف ثورية و اسلامية و جهادية ضد داعش و افعالها . حينما كانت داعش تفعل الافاعيل و يغوص البعض في تفاصيل هذه الافعال هل هي شرعية ام غير شرعية و ما الدليل على شرعيتها او الدليل على عدم شرعيتها !! نوع من السذاجة في التعاطي مع اخطر ظاهرة واجهت الثورة السورية , فكر خوارج مدمر يزهق الارواح له ارتباطات خطيرة هدفه انهاء الثورة , و التعامل معه ليس بالرد العلمي ! او التفنيد الوقائعي .
لا بد من الرجوع الى اصل القصة و اصل المشاحنات و لا بد من قياس حجم النفور و طريقة التعاطي مع الاخرين فنعرف هل سيكون صلح حقيقي اصلا بينهم ؟ ام انها مشاريع متضاربة هدفها افناء المشاريع الاخرى ؟ هل القصة اصلا مظالم و وقائع ام صراع انهاء وجود ؟ و لماذا حتى في قمة التآخي لم تشكل محكمة مستقلة تجمع الاطراف جميعها ؟ هنا نكتشف ان الاطراف جميعها كانت تعرف بعضها و نوايا بعضها و كانت و رغم التآخي الموجود تؤجل الصراع بينها . اذكر عندما تحالف الزنكي مع النصرة سردت حسابات لاحرار الشام و غيرها وقائع عن حسام اطرش القيادي في الزنكي انه رجل مصالح و حتى انهم حذروا النصرة منه . و النصرة ايضا بتحالفها معه تعلم من هو و من الزنكي . و الزنكي بتحالفه من النصرة يعلم من هم النصرة . و اليوم حلفاء الامس اضداد اليوم . اذا فالصراع من بدايته و ان لم يكن ظاهرا هو صراع وجود . ان محاولة الجولاني التحالف مع احرار الشام و رفضهم له , كان معناه انك لست من اطراف الثورة السورية اصلا , و انك يوما ما لن تكون لا انت و لا جماعتك , و انك مصنف ضمن لوائح الارهاب و يوما ما ستقصفك امريكا و معناه بالمحصلة انك يا جولاني لن تكون على الساحة لكننا ننتظر تلك اللحظة . من لم يفهم الرسالة هذه بهذا الشكل فهو قاصر بالقراءة لا يقرأ ابعد من انفه . مع كل هذا حاول كل من له ذرة عقل و دين ان يرأب الصدع بين المتخاصمين و ان يتغنى ببصيص امل رباني عله يصلح الاخوة المتفرقين . هذا هو الصراع من اساسه صراع وجود و وبقاء و اقصاء عند كل الاطراف . و لا يعفي الجولاني و الهيئة من تقصيرات في تطبيق الاتفاقيات و من خروقات و تعديات هنا و هناك , شأنه شأن اي فصيل في الساحة . تكلمت شخصيا مع قيادي بارز في الاحرار و قال لي حرفيا : "و الله يا اخي لا نملك حتى البندقية ندافع بها عن انفسنا لان الجولاني سلبها" "و الذي بقي معنا اسلحة صغيرة و متوسطة لا تكاد تدافع عن احد " ! و اليوم دبابات و قاذفات ظهرت فجأة تقصف الجولاني ! لسنا هنا بصدد التبرير للجولاني بغيه او سلبه للاخرين , انما توضيحا لمفهوم الصراع اصلا بينهم .
و عندما خاض الجولاني معاركه ضد النظام اتهم بالعمالة و التسليم و لم يشاركه احد بالمعارك . فالقصة قصة من هو الرأس , من الذي يقرر السلم و الحرب في الثورة السورية . من يبسط مشروعه و اجنداته . هنا يصبح الحديث عن محاكم شرعية و عن صلح مثل ابر التخدير . ليس هكذا يكون الصلح . و للتوضيح اكثر و للتقريب سأذكر الصراع بين فتح و حماس في فلسطين و لماذا لا يوقعان اتفاق و لماذا على الاعلام فقط يتصورون بانهم مصطلحين . الجواب لن يكون هناك صلح بين حماس و فتح لانهما مشروعان مختلفان . لان فتح مستعدة ان تقف مع العرب في ضرب حماس و لان حماس مستعدة اذا توفر لها الظرف – و لن يتوفر في الضفة – ان تحسم الضفة كما غزة . و مع هذا كله , فان صراع فتح و حماس اهون بكثير من صراع الفصائل المتناحرة في الشمال السوري . على الاقل في فلسطين فتح و حماس . طرفان فقط . لكن في الشمال السورية عدد الاطراف و التجاذبات و المشاريع اكثر بكثير .
فان اراد احد من المشايخ الكرام او غيرهم ان يبرموا صلحا بين الهيئة و غيرها من الفصائل , لا بد من ضمان – و هذا حق الهيئة – ان الهيئة طرف ثوري و كبير و انها ستكون مأمونة الجانب من قبل هذا الفصيل او ذاك . و الا فالحديث عن صلح او محكمة فهو ضرب من ضروب العبث .
في الثورة السورية ليس هناك الا حلين . لا ثالث لهما . الصلح بين الفصائل المتناحرة – و هذا ثبت استحالته مع احترام كل من يمشي في هذا الاتجاه – و الحل الاخر ان يبسط فصيل او تجمع سيطرته على الارض بالتغلب . و لنا في تجربة القسام في غزة و في طالبان عبرة . و لأن يقال هيئة تحرير الشام باغية متغلبة اهون ان يقال انها ساذجة و اضاعت تجربة جهادية مميزة – بكل ما حوته من سلبيات و قصور – و ماذا يفيد الهيئة اذا تغلبت عليها الفصائل – المتناحرة اصلا- قول المشايخ حينها : نعم الهيئة مظلومة , بعد فوات الاوان ؟!!
اصل الصراع الوجودي بين الفصائل يمكن ان يحل بتغيير القادة – و هذا مستحيل – او بتغيير الاجندات – و هذا مستحيل – او ان الله سبحانه و تعالى يبدلهم جميعا بقدرته و حكمته . هذا هو اصل الصراع و اي خوض في تفاصيل ثانوية عبث لا قيمة له .