الأحد، 26 يناير 2014

القاعدة و الدولة حقائق الأزمة كاملة (2)



القاعدة و الدولة
حقائق الأزمة كاملة (2)
بقلم : احمد ابو فرحة
بعد أن عرضنا في الجزء الأول لمحة سريعة عن أصول الاختلاف بين القاعدة و الدولة , سنتعرض في هذا الجزء إلى تسليط الضوء على بعض من الفروق بين كل من هذين التنظيمين او الكيانين . و سيكون البحث حياديا موضوعيا يؤخذ من أدبيات كل من الطرفين .
1- مفهوم البيعة عند كل طرف
في حين أن الدولة الإسلامية في العراق و الشام ألزمت نفسها بمفهوم "الدولة" و ما يتبعه من التزامات يشمل ذلك مفهوم للبيعة  , فان جبهة النصرة – تنظيم القاعدة في أدبياتها تعتبر أن كل البيعات في حالة الحرب هي بيعات قتال . و مما قد يترتب على مفهوم البيعة عند كل طرف , فان الدولة الإسلامية تعتبر المجاهد الذي لا يبايع (عاصي ) مع الاعتراف بأنه مجاهد و له حق الأخوة في الدين . و يتوضح ذلك فيما نشر عن ميثاق الدولة الإسلامية في البند الثالث عشر " نرى أن أبناء الجماعات الجهادية العاملين في الساحة إخوة لنا في الدين ، ولا نرميهم بكفر ولا فجور ، إلا أنهم عصاة لتخلفهم عن واجب العصر وهو الاجتماع تحت راية واحدة " انتهى .
2- أولويات القتال
يعتمد تنظيم القاعدة أو ( جبهة النصرة ) إلى قتال العدو المباشر الرئيسي و صب كافة الجهود عليه , واضعا أولويات محددة للقتال و بالطبع فان دفع العدو الصائل حق كفله الإسلام للفرد كما الجماعة . فتركيز جبهة النصرة اليوم على سقوط الأسد و نظامه , و بعدها العمل على إقامة حكم راشد يشمل الجميع , و بعد إسقاط النظام تتضح الأمور في من يريد دولة إسلامية و من لا يريد و وقتها كل حادث حديث عند جبهة النصرة. بمعنى أن تنظيم القاعدة يتبع سياسة الصعود إلى السلم درجة درجة . و هذا ما وضحه أبو محمد الجولاني في لقاءه التلفازي مع الجزيرة .
 أما الدولة الإسلامية في العراق و الشام فهي ترمي كل الأعداء عن قوس واحدة . فالصحوات و المرتزقة و الشيعة و الأمريكان و الأنظمة العربية فقتالهم يكون واحدا . و قد يتغبش مفهوم العدو عند كثير من أفراد الدولة ليشمل المخالف المحارب . و هنا تكمن الخطورة في أن يعتبر البعض قتال الفتنة هو قتال إيمان و كفر , و قد حذر من هذا كثير من الدعاة و العلماء و طلبة العلم .
3- مسألة التكفير
في لقاءه على الجزيرة , أوضح الجولاني أن مسألة التكفير تخضع لهيئة شرعية خاصة بالجبهة هي المسئولة عن هذا الأمر . كما انه ليس من حق أي فرد بالجبهة إطلاق الأحكام باجتهاده الفردي و يعنف على ذلك . أما الدولة الإسلامية في العراق و الشام فمسألة التكفير غير منضبطة فتجد بونا بين الشرعيين و الأفراد و القادة  كل حسب اجتهاده . مع العلم أن كل من جبهة النصرة و الدولة ترجع إلى منبع فكري واحد .
4- نظرية نصف الكأس المملوءة و الفارغة ( نظرة نفسية )
و في هذا الجانب يتوضح تعامل كل من القاعدة (جبهة النصرة) و الدولة مع أخوة الإسلام و رفقاء الحرب . فكما هو معروف , ليست كل الافهام و الاجتهادات واحدة و هناك فصائل و تيارات عديدة مكونة للثورة السورية و في غالبيتها إسلامية متنوعة . في حين أن جبهة النصرة تنظر منظور نصف الكأس المملوءة مع الأطراف الأخرى و تعزز مواقفها الايجابية و تبحث عن النقاط المشتركة , فان الدولة قيادة و عناصر دائما تنظر نظرة نصف الكأس الفارغة مع الآخرين . لذلك تجد كثير من شرعيي و مناصري و جنود الدولة يتصيدون أي خطأ للجماعات الأخرى محذرين دوما من أن الغالبية مشروع صحوات . و لعل الخبرة في القتال في العراق هي السبب المباشر في هذه النظرة , فبعد أن كان الجيش الإسلامي و كتائب ثورة العشرين و كثير من الكتائب الإسلامية التي كان يتوسم فيها الكثير خيرا , أصبحت هذه الكتائب في العراق أثرا بعد عين , فمنها من ذاب في العملية السياسية و في الصحوات و منها من التحق بالدولة الإسلامية أو أنصار الإسلام أو بقي يقاتل ككتائب صغيرة مستقلة. لكن هذا المبرر ليس كافيا في عدم إعطاء الفرصة للخصوم السياسيين "الإسلاميين" إلى آخر المطاف . فظروف العراق غير ظروف سورية و العوامل مختلفة في كل من البلدين.
5- السياسة الإعلامية
في حين أن الدولة الإسلامية تركز في جانبها الإعلامي على جذب العناصر المتحمسة و استخدام اللغة التي قد تبدو أوضح ممن يميلون إلى فكر السلفية الجهادية , إلا أن جبهة النصرة تركز في جانبها الإعلامي لمخاطبة الناس بقدر عقولهم و التقرب منهم و الابتعاد عن الألفاظ التي قد تشكل على المتخوفين من فكر القاعدة . و قد لاحظنا أن الجولاني استخدم لفظ " الأطراف الخائنة " في خطابه ( الله الله في ساحة الشام ) , و هذا اللفظ مستساغ عند الناس و العوام , في حين أن العدناني الناطق باسم الدولة استخدم لفظة " صحوات الردة " في خطابه بعد الأزمة . ففي خطاب الجولاني جذب للعوام , و في خطاب العدناني جذب ل " ( النخبة ) أو مؤيدي التيار الجهادي باعتبار انه قد وضع النقاط على الحروف . مع العلم أن اللفظين المستخدمين عند كل من الجولاني و العدناني لا يفترقان كثيرا في المضمون .
6- التعاطي مع الأخطاء الفردية
لا شك أن العصمة لله وحده , و كل طرف قد يبدر منه أخطاء معينة . و إذا لم يتم التعامل مع الأخطاء الفردية أول بأول و التبرؤ من كل خطأ فورا , فان هذه الأخطاء تنتقل من مرحلة الأخطاء الفردية إلى مرحلة الخطأ في سياسة أي طرف . وقعت كثير من الأخطاء الفردية من قبل جبهة النصرة , إلا انه تم التعامل معها بحزم و نال الجاني القصاص عن طريق محكمة مستقلة أو هيئة شرعية ما , و لسنا هنا في صدد التفصيل في الأمور , فأي متابع للساحة الشامية يعرف هذه الأمور . بينما الأخطاء الفردية من قبل الدولة لم يتم التعامل معها بشكل سليم و لم يتم التبرؤ منها , مما أدى لكثير من الحركات و الفصائل الأخرى اعتبار أن هذه الأخطاء هي أخطاء  ممنهجة من قبل الدولة .
7- التعامل مع أهل الكتاب
ترى الدولة الإسلامية في العراق و الشام في ميثاقها في البند الثاني عشر انه لا ذمة لأي من الطوائف غير المسلمة , و هذا نص البند : "نرى أن طوائف أهل الكتاب وغيرهم من الصابئة ونحوهم في دولة الإسلام اليوم أهل حرب لا ذمة لهم ،فقد نقضوا ما عاهدوا عليه من وجوه كثيرة وعليه ، إن أرادوا الأمن والأمان ، فعليهم أن يحدثوا عهداً جديداً مع دولة الإسلام وفق الشروط العمرية التي نقضوها" . و يؤكد هذا البند استهداف الكنائس في العراق طوال السنوات الماضية . و تبدو جبهة النصرة أكثر تحفظا لموضوع أهل الكتاب و بالذات النصارى . فالجولاني يعتبرهم أناس عاشوا في هذه البلد و عندما تقام حكومة إسلامية فان لهم حقوق و عليهم واجبات بما تقتضيه الشريعة الإسلامية , و هو بذلك لا يعتبرهم أعداء في سوريا .
8- مسألة التحاكم إلى الشرع
و هذه المسألة هي أهم مسألة يختلف عليها كل من القاعدة ( النصرة ) و الدولة الإسلامية . في حين أن الدولة الإسلامية ترى في التحاكم إلى الشرع واجبا على كل مسلم بشرط أن يكون هذا التحاكم في محاكم الدولة الإسلامية . اذ تقول الدولة في ميثاقها في البند الخامس : "خامساً :  نرى وجوب التحاكم إلى شرع الله من خلال الترافع إلى المحاكم الشرعية في الدولة الإسلامية ، والبحث عنها في حالة عدم العلم بها كون التحاكم إلى الطاغوت من القوانين الوضعية والفصول العشائرية ونحوها من نواقض الإسلام قال تعالى(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) "
بينما جبهة النصرة و على لسان أميرها الجولاني ترى وجوب إنشاء محكمة مستقلة تبت في القضايا العالقة بين المتخاصمين المسلمين .
و هذا الإشكال سببه في أن الدولة الإسلامية في العراق و الشام و عندما أطلقت على نفسها اسم (دولة) أصبحت ملزمة لنفسها في التصرف كأنها دولة و أنها اكبر من الجماعة أو الفصيل .و إذا حصل و أن قبلت الدولة التحاكم إلى محكمة مستقلة فان مفهوم الدولة سينهار عند كثير من المتحمسين لها و أنها بذلك تصبح مثل أي فصيل موجود . و التحاكم عند محاكم الدولة يرفضه كل مخالفوها , فكيف اختصم معك و نتقاضى عندك ؟
 لهذه المعضلة حلان لا ثالث لهما :الأول :  أن تتصرف الدولة ك (جماعة) على الأقل في الشام , و هذا ما تطلبه الفصائل الإسلامية و معهم جبهة النصرة و حتى كل العلماء و الشيوخ مثل أبي محمد المقدسي و أبي قتادة الفلسطيني و الشيخان هاني السباعي و طارق عبد الحليم و الشيخ عبد العزيز الطريفي و الشيخ يوسف الأحمد و الشيخ حامد العلي و الدكتور أيمن الظواهري .
أو الحل الآخر , أن تنضوي بقية الجماعات تحت مظلة الدولة و هذا ما تريده الدولة و ما يرفضه ترفضه الغالبية .
انتهى الجزء الثاني .

الخميس، 23 يناير 2014

الحلم المنشود دولة الخلافة الراشدة أم دولة الحجاج بن يوسف



الحلم المنشود
دولة الخلافة الراشدة أم دولة الحجاج بن يوسف
بقلم : احمد ابو فرحة
بعد إسقاط الخلافة الإسلامية على يد الغرب , و إبعاد الناس عن دينهم الذي ارتضاه لهم رب البرية , و تسليط الغرب الكافر على المسلمين أشكالا و ألوانا مختلفة من الحكام بعباءات مختلفة من قومية و شيوعية و بعثية و ملكية و جمهورية و ديمقراطية و ما شئت من تلك الأنظمة العفنة , قرر بعض المسلمين العمل على الرجوع إلى دينهم و إقامة حكم الله في الأرض .
تعددت الرؤى و الأفكار عند الإسلاميين , و تباينت اجتهاداتهم , فمنهم من سقط و زل و كشفت أقنعته الزائفة , و منهم من حكم فعلا . و الذين حكموا أيضا تباينت آراؤهم . فما هي مفهوم الدولة الإسلامية التي ينشدها المسلمون ؟ و لتبيان اختلاف مفهوم دولة إسلامية تطبق شرع الله في الأرض عن أخرى , سنقارن بين أنموذجين من الدول الإسلامية القديمة : الخلافة الراشدة و دولة الحجاج بن يوسف الثقفي .
دولة الخلافة الراشدة:
باختصار شديد : عدل و شورى و محبوبة عند أغلبية المسلمين باستثناء الكفار و المنافقين , لا ظلم . يقول عمر بن الخطاب : و الله لو تعثرت بغلة لخشيت أن يسألني عنها الله .فالذي حرص على الدابة من المؤكد انه حرص على الإنسان . دولة الخلافة الراشدة أسمى من أن تكتب في كتب أو مقالات .
دولة الحجاج بن يوسف :
عندما قدم الحجاج بن يوسف لحكم العراق , قال في خطبته الشهيرة لأهل الكوفة – و كان مقنعا ثم خلع عمامته و قال :
"أنا ابن جلا و طلاع الثنايا *** متى أضع العمامة تعرفوني
أما و الله فإني لأحمل الشر بثقله و أحذوه بنعله و أجزيه بمثله ، والله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها ، وإني لصاحبها ، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى"
و تابع في خطبته :
"أيها الناس إن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قد ولاني أمركم وأمرني بإنصاف مظلومكم وإمضاء الحكم على ظالمكم , وأخبركم أنه حين ولاني عليكم قلدني بسيفين , سيف الرحمة وسيف العذاب والنقمة , فأما سيف الرحمة فقد سقط مني في الطريق فأضعته وأما سيف العذاب والنقمة فهو سيفي هذا" ثم قرأ خطاب أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان .
بالله عليكم أي حكم سيكون بعد هذا الخطاب ؟ و كم دماء ستراق بعد هذا الخطاب ؟ و كم مظلوم سجل في سجل الحجاج ؟ و هل كان الناس يحبون الحجاج ؟ و إن كان هذا كلام القائد و فعله  فكيف سيكون فعل الجنود و فكرهم ؟؟!!
طبعا للعلم فانه يسجل على دولة الحجاج بن يوسف النقاط التالية , و التاريخ شاهد :
1-  الحجاج بن يوسف الثقفي كان من أهل السنة و الجماعة و لم يكن من الخوارج بل حاربهم .
2- الحجاج بن يوسف الثقفي أقام حدود الله و كانت ولايته شرعية بتزكية من أمير المؤمنين .
3- كانت الفتوحات أيام الحجاج على أوجها و على يديه فتحت كثير من البلدان , بمعنى أن لدولة الحجاج بأس شديد و خدم الإسلام و لها محاسن كثيرة .
4- كان معيار الحجاج في اكتمال إيمان المرء هي بيعة أمير المؤمنين و الولاء له , و كان لا يرحم من لا يبايع أمير المؤمنين .
5- كان الحجاج فصيحا بليغا يجذب خطابه كل من فيه شدة و غلظة و حماسة و كان معلما للقرآن و حافظا له في نفس الوقت.
6- قتل الحجاج بن يوسف كثيرا من أهل السنة بالشبهة , و ازدهر عصر الهرج و المرج و الدماء و الأشلاء في عهده , ليس فقط من الأعداء إنما بين المسلمين !  ناهيك عن التعذيب و فنونه !
7- قتل الحجاج بن يوسف كثيرا من علماء أهل السنة و سعيد بن جبير مثال شاهد و غيره طبعا , فان كان قد قتل من علماء السنة المعتبرين فمن باب أولى انه سفه آرائهم !!
8- كان الحجاج شديدا على المخالف و كان فاقدا لشرف الخصومة , فعندما قتل عبد الله بن الزبير و هو من هو  و هو ابن أسماء بنت أبي بكر و ابن الزبير بن العوام , علق جثته أمام الناس 3 أيام تأكلها الطير  !! فأي فعلة هذه ؟
9- الحجاج بن يوسف أول من ابتكر (العيون) و هم المخبرين الذين ينقلون كل كبيرة و صغيرة للأمير .( كان امني و عسكري بامتياز )
10- طبعا , و كأي شخصية خلافية , فان تاريخ الحجاج كانت فيه مبالغات كثيرة تزيد على ظلمه , لكنها لا تنفي طبعا الحقائق التي ذكرت من بطشه و جبروته .
و لعل الكثيرين يقولون : كانت لشدة الحجاج أسبابها و منافعها على المسلمين , بسبب كثرة الفتن التي كانت و لأسباب عديدة . و لكن , نحن نعيش في آخر الزمان , زمان ذقنا فيه من الذل و الهوان و التقتيل على يد أتباع الصليب و من والاهم و من حالفهم , و نرنو إلى دولة إسلامية بعد كل تلك المعاناة . أفتكون هذه الدولة التي ننشدها كدولة الخلفاء الراشدين المبنية على العدل و الشورى أم كدولة الحجاج بن يوسف القائمة على الأشلاء و الدماء  ؟
رسولنا صلى الله عليه و سلم يجيب في الحديث الشهير : "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"

الثلاثاء، 21 يناير 2014

نحو مستقبل أفضل وقفة مع التيار الجهادي



نحو مستقبل أفضل
وقفة مع التيار الجهادي
بقلم : احمد ابو فرحة
اعتاد الشباب الجهادي , المتسلح بالعقيدة الصحيحة النقية , و برفعه لواء الجهاد ضد أعداء الدين , أن يقف دائما موقف المهاجم المصحح , المرشد الموجه , ينتقد هذه الجماعة أو تلك , و ينير الدرب لمن حوله ممن غرقوا بمستنقعات الأفكار الهدامة و العقائد الفاسدة . لكن , هذا لا يعني أن يكون هذا الشباب في مصف الملائكة , خاليين من الأخطاء . و هنا سنقف وقفة لله , ما أريد بها إلا الإصلاح , على أهم ثغرات و مكامن ضعف هذا التيار بشكل عام , لست قاصدا جماعة بعينها , إنما جموع التيار بشموليته . و عودا على بدء , لا بد من تغييب الهوى قبل القراءة , و الله المستعان .
و لن أسهب في المقدمة , إنما سأدخل في الموضوع مباشرة . مسائل لا بد للتيار الجهادي مراجعتها :
1-    التصفية و التربية
كما ذكر في المقدمة , فان العلم الصحيح المنقول عن شيوخ ثقاة , يجعل للشخص حصنا من الوقوع في الأخطاء . فلا بد للمجاهد قبل أن يكون مقاتلا , أن يأخذ قسطا كافيا من العلم يؤهله للتعامل مع القضايا التي تهمه كمجاهد . و بالنسبة لكثير من الشباب اليوم , فإنهم ينفرون إلى الجهاد و بعضهم لا يخضع لدورات شرعية , و يسهم هذا في ارتكاب بعض الأخطاء الفردية التي قد تحسب على كامل التيار . فمسألة العلم للشرعي و التربية النفسية مسألة في بالغ الأهمية و الخطورة .
2-    الاختراق
كثير من الشباب لا يعلم معنى أن تكون هذه الحرب "كونية" , أي أن الكفر بأشكاله و ألوانه , و الردة و الخيانة بشتى مسمياتها , قد أعدت الخطط و دبرت المكائد لهذا الدين و أنصاره . من يغفل مكر العدو فهو واهم . و قد يتم الاختراق عن طريق القادة أو الأفراد . و قد يتم بطريقة أسهل , هي معرفات وهمية في عالم الشبكة العنكبوتية تدس السموم و تحسب نفسها على جماعة معينة . و لسذاجة بعض الشباب فانه ينقل عنها لأنها تؤيد فريقه !! و بذلك يتم نوع من الاختراق . و هنا لا بد للرجوع إلى الشيوخ الثقاة في مسألة , و لا بد أن لا يؤخذ إلا عن الإصدارات الرسمية لأي جماعة .
3-    مسألة الأشدَ و الأسدَ
كون أن التيار الجهادي و بقية الأحزاب الأخرى يستهدف استقطاب فئات عمرية شابة , مليئة بالحماسة و العنفوان و عادة ما تكون هذه الفئات في العقد الثاني أو الثالث من عمرها , فإنهم دوما يميلون إلى العنف أكثر أو إلى الأشد . بينما لا يعجبهم الأسد (الأكثر سدادا ) و يعتبرونه نوعا من المهادنة و الأناة في الدين . و هنا لا بد للقادة الصادقين و العلماء الربانيين أن ينتبهوا لهذا الأمر و أن يصبَروا الشباب و يبصروهم بالتجارب السابقة و إعطائهم دروسا تزخر بالحكمة . و يجب أن تستغل حماسة الشباب في الغالب .
4-    مصلحة الأمة و مصلحة التنظيم
لا بد أن يكون معلوما للمجاهدين و أنصارهم , أن أي معركة يخوضونها في أي بلد كان , ما هي إلا حلقة من حلقات ارث عظيم و تاريخ حافل خطه الأوائل . و أن هؤلاء الشباب ما هم إلا بمكملي مسيرة قد ابتدأها الأولون . و لهذا يجب أن تغلب مصلحة الأمة على مصلحة التنظيم أو الجماعة . و الذي يحدد مصلحة الأمة هم العلماء الثقات , مصابيح الدجى في هذا الليل المدلهم الكالح .
5-    الشيخ العالم أم القائد العامل ؟
و هذا الأمر ما رأيناه إلا في العصر الحديث . أن يرمى بكلام العالم لمصلحة كلام القائد بحجة انه لا يفتي قاعد لمجاهد !! و الله ما كان هذا إلا بدعة ابتدعها البعض , فمنها مدخل لحرف مسار الجهاد عن موضعه , و ما هي إلا سقطة قد تودي بالبوصلة إلى غير قبلتها و العياذ بالله . فالحذر الحذر .
6-    ترتيب الأوليات
من البديهي انك إذا أردت أن ترتقي إلى أعلى , فانه لا بد لك من صعود . و هذا الصعود لا يتم إلا بمراحل . و ما حدث مرة أن طار شخص إلى أعلى كالطير !! فلا بد من ترتيب الأولويات , حتى تصل إلى هدفك . و قد تتعمد جماعة معاينة لخلط أوراق الأولويات ظنا منها أن ذلك يصب في المصلحة !! كفتح أكثر من جبهة قد يكون المسلمون في غنى عنها . أو أن جماعة تستخدم  استعداء الكل عليها لجلب الشباب , فيعتقد الشاب أن مصداقية هذه الجماعة أو تلك في أن الكل عليها حتى اقرب المقربين لها !!
7-    إسقاط واقع على غير واقع مشابه
قبل أن يلتحق الشباب إلى الجهاد , تلهبه الإصدارات المرئية التي تنتجها مؤسسات الإنتاج الجهادي لتحميس الشباب . فمثلا يرى قوة هذا التنظيم في بلد ما و يعجبه أداؤه أو طريقة قتاله . و عندما ينفر الشاب إلى بلد آخر , مختلفا كليا عن بلد إصداراته المفضلة , فيصطدم في واقع و توقعه خلفيته الحماسية في أخطاء كثيرة في البلد الذي هو فيه . فيجب أن يدرك المجاهد أن لكل بلد ظروفها و طبيعتها , و طبيعة شعبها المختلفة عن بلده أصلا و عن البلاد الأخرى .
8-    عقلية كرة القدم !!
و المقصود هنا الهوى و التعصب كل إلى جماعته , فيعميه تعصبه عن إخوانه المجاهدين الآخرين و يكثر من قول "نحن" و "انتم" و هذا و الله من اخطر الأمور . على المجاهد أن يدرك انه ما خرج إلا في سبيل الله , و أن روحه مرهونة القبض في أي لحظة , و لهذا يجب أن يعتبر إن جميع المسلمين إخوانه فضلا عن بقية المجاهدين .
9-    شيزوفيرينيا الجهاد ( فصام الجهاد )
من المعلوم في علم النفس أن أي شخص يضع نفسه في أي بوتقة معينة حتى لو كانت صغيرة , فإنها تصبح عالمه الخاص . فان وضع المجاهد أو مناصر الجهاد نفسه في بوتقة جماعته أو تنظيمه , فانه لا يرى من كل العالم إلا أبناء جماعته أو تنظيمه . كما و من المعروف أن تكوين مفهوم الفكرة و نمط التفكير يكون بالمدخلات التي يستقبلها العقل . و هنا لا بد للمجاهد أو لمناصر الجهاد أن يتذكر  قبل كل شيء انه إنسان عادي له اهتمامات و ميول مختلفة , من اهتمامه بالأهل و الزوجة و الأولاد إلى الشعر مثلا إلى مطالعة الأخبار العالمية إلى عمله و قوته إلى كثير من الأمور المتنوعة التي تبقي الشخص غير محصور في عالم صغير محدد يؤدي به إلى الفصام ثم إلى الهوى .

10 – مسألة طاعة الأمير
من المعروف انه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . و الأمير مخلوق و معرض للخطأ دائما . فيتذكر المسلم المجاهد أو مناصر الجهاد انه في أي لحظة قد يعرض على الله و هنا لا شيء أيا كان يساوي أن اخسر آخرتي لأجلها . فالله جعل للمسلم المجاهد عينين و لسانا و شفتين و كلفه . و هو مسؤول حتى عن الفكرة التي يحملها , فلا ينبغي لأمير ما أن يكون حجر عثرة أمام حسن خاتمة المجاهد .

11-الحاضنة الشعبية
و هي رأس المال لأي تيار أو جماعة . قد تضطر الجماعة لان تترك الديار عنوة لسبب ما , فيبقى الرصيد هو حب الناس العوام لها . و هنا لا بد للتقرب من العوام بأحاديث بسيطة , لا باستعراض العضلات في المعلومات التي يمتلكها المجاهد أو مناصر الجهاد . كثير من الأحيان يصيب أنصار التيار غرور و استعلاء على الناس و قد ينعتوهم بالجهالة في كل محفل . فاعلم أن هذا الأمر منفر للعوام .و أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد أمر مخاطبة الناس على قدر عقولها . ويذكر هنا انه قد يضطر المجاهد إلى ترك عمل ما لمراعاة فهم الناس و إدراكهم . و قد يفعل بعض المجاهدين أفعالا قد تغني الأعداء عن جهد جهيد للتشويه . فالحذر الحذر مما قد ينفر الناس . طبعا في غير معصية الله .

12- الطائفة المنصورة
قد يسقط بعض الجهال مفهوم الطائفة المنصورة على جماعة معينة !! أو على تيار معين !! و هذا بخس بحق المسلمين . بل إن الطائفة المنصورة هم أهل السنة و الجماعة بشكل عام و بخاصة كل من رفع اللواء و جاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله في الأرض . فالحذر الحذر من إسقاط مفهوم الطائفة على جماعة أو تيار ما , فيؤدي ذلك إلى الغلو .

13- سفك الدماء الحرام
إن كل المسلم على المسلم حرام , دمه و ماله و عرضه , و قضية الدماء ليست هينة , و أن تكون مقتولا خيرا أن تكون قاتلا , إلا في حالة دفع الصائل و رد الباغي . و ينبغي التحرز في قتال أي مسلم , أو حتى في شبهة كونه مسلم . و نعود و نذكر , أن كل الجهاد للآخرة و ليس للدنيا وحدها .

أخيرا :
فهذه هي المسائل التي قد يقع فيها أبناء التيار الجهادي بشكل عام , و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه , و حاشا لله أن يتصف احد بالكمال , و إننا على أعتاب مرحلة ربانية هامة في التاريخ البشري , مرحلة آخر الزمن و الملاحم و الفتن , و ينبغي للمسلمين عامة و المجاهدين خاصة إعداد العدة الصحيحة استعدادا لاستقبال هذه المرحلة .
و كتبه أخوكم – معذرة إلى ربكم  : احمد أبو فرحة