الجمعة، 20 يناير 2012

ثقافة المباريات في قضايا الأمة الكبرى!!


ثقافة المباريات في قضايا الأمة الكبرى!!

في عالم الرياضة , يلعب فريقان على ارض الملعب , يتنافسان لإحراز بطولة معينة , و يأتي من فوقهم المستثمرون في ذلك النادي أو ذاك يتنافسون من خلال نواديهم على الأرباح التي قد تصل إلى الملايين , و يأتي تحت... طرف اللاعبين , الجمهور المتفرج الذي يحدد الفريق الذي يشجعه من خلال حبه للاعب معين أو أي سبب خاضع للهوى الذاتي. فترى الناس في المباريات ينقسمون إلى طرفين , و ليس بالضرورة أن يكون ناديك الذي تشجعه الآن في المباريات هو ناديك المفضل , إنما ممكن أن يكون نكاية في خصمك من الفريق الآخر , أو لثأر قديم مع ناديك , أو أي سبب آخر. كل ذلك مقبول في عالم الرياضة لأنه عالم قائم أصلا على السخافة و السفاهة أو في أحسن أحواله قائم على التسلية.

لكن ذلك العالم للأسف , و تلك الثقافة بالتحديد نجدها عند المسلمين في الأحداث الكبرى و الحروب , تجدهم مقسومين دائما بين مؤيد و معارض. الحقيقة أن هذا الأمر جلل , لان الميزان الذي يدفع العامة للوقوف هنا او هناك ليس ميزان الشرع.

دعنا نضرب الأمثلة كي نستوضح الأمر جيدا , في حرب الكيان الصهيوني مع حزب الله اللبناني , غالبية الناس العوام وقفوا قلبا و قالبا مع حزب الله الشيعي , و بعض آخر من الناس وقف ضد حزب الله الشيعي!! و أعلن انه ضده ( و لم يصرح بأنه مع الطرف الآخر أي الكيان الصهيوني) , فأين الحق؟؟
لنضع النقاط على الحروف أولا: دولة اليهود دولة محاربة للإسلام باطشة بأهله و هذا لا غبار عليه , و حزب الله حزب شيعي , نعتقد نحن السنة بكفر أئمة الشيعة و عماماتهم ( أي أصحاب العمائم ) و لا نكفر الشيعي العامي لمجرد انه شيعي حتى يتبين انه يحمل ضلالاتهم و يعتقد بمعتقدهم . أضف إلى ذلك فان دولة اليهود باغية و الشيعة ( كشعب ) قوم مستضعفون مقارنة مع دولة اليهود , ففي هذه الحال لا يجوز لك كمسلم الوقوف مع الكيان الصهيوني بأي شكل لان هذا من الكفر , و لا يجوز لك أن تقف مع حزب الله علانية و بصراحة لان عمائمهم كافرة و لهم أجندات شيعية لا تخفى على احد , و لا يجوز لك أن تقف ضد عوام الشيعة لأنهم مستضعفون و ليسوا كفارا بالعين( أي كل فرد كافر مطلقا ) , إذا فما الحل ؟؟ الحل أخي أن تصمت , لان في صمتك خير , و إن وقوفك مع أي طرف هو شهادة له , و انك توافق جل تصرفاته , مع العلم أن الميل القلبي يختلف عن التصريح في هذه الحال من الضبابية , فانا كمسلم أحب أن يضرب الكيان الصهيوني من أي طرف و لا أحب الظلم حتى لعوام الشيعة , لكن المسألة معقدة و الذي ينتبه لهذا الأمر قليلون.
أتذكر هنا موقفا أضحكني عندما سئل رجل دين يقال له علامة : ما هو التأصيل الشرعي من وقوفك بالكامل مع حزب الله و هم من الشيعة , فأجاب فضيلته : ( عندنا إحنا المصريين متل بيئوول أنا و اخويا على ابن عمي و أنا و ابن عمي على الغريب ) !! يا له من تأصيل شرعي رائع ,أين ميزان الشرع يا شيخ ؟؟ فعلا لا يخرج هذا الكلام الشرعي البحت إلا من عالم علامة حبر فهامة!!
و الأفضل هنا في هذا الضباب أن تقول الشرع و لا تقف مع احد , فيسجل الموقف عليك.
كذلك الحال مع أمريكا و إيران , فحالها حال حزب الله و إسرائيل.

مثال آخر: الثورة الليبية ضد الطاغية معمر القذافي , هناك طرفان , طرف طاغية غني عن التعريف في جرمه و كفره و بطشه , و طرف آخر و هي الثورة غير المحددة الراية تتعاون مع الحلف الأمريكي الأوروبي , ولا يشك احد عاقل بأن للكفار الأمريكان و الأوروبيين مآرب من وقوفهم مع الثوار , فما الحل؟؟ مع أي جهة أقف؟؟
الأصل لي كمسلم أن أحارب الظلم و الطغيان لكن بشرط أن تكون رايتي و غايتي لإعلاء كلمة الله , و إلا فما الفائدة من القتال , فان وقفت مع الطاغية فهذا يعني أنني موافق لجل ما يفعل و اكسب إثمه و قد أصبح من أعوان الطاغوت , و إن وقفت مع النيتو و الثوار الذين لا تتضح رايتهم فإنني على خطأ أيضا , فالحل أن اصمت أفضل لي.
قد يقول البعض: ألا يجب الوقوف مع الثوار؟؟ طبعا يسأل و كله حيرة . نعم أخي , إذا أردت أن تحرض على القتال فحرض على القتال على أصوله لأنك بذلك ستساهم في قيام كيان طاغوتي آخر , إذا كان الأساسات مهترئة فسيهدم البنيان سريعا , و عليك بالموقف الشرعي , ضد معمر و ضد الناتو !!!

مثال آخر : في الحالة المصرية إطراف و ليس طرف أو طرفين , طرف الإخوان و السلفية و طرف العلمانيين , هؤلاء ضمن لعبة الانتخابات , و طرف علماني آخر في ميدان التحرير رايته غير إسلامية , فمع من أقف؟؟ الحل أخي بأن لا تقف مع احد في هذه الحالة بغض النظر عن ميلك القلبي الذي هو مع الإسلام , لان وقوفك مع الإخوان أو السلفية في هذه الحال يعني انك رضيت بالديمقراطية الكفرية و انك ضمنيا توافق على كل ما يقوله الإخوان و السلفية , و الأدهى انه عندما تكتشف بعد فترة مثلا أنهم لم يطبقوا شريعة و أن النظام الذي سيقيمونه علماني أيضا , ستكتشف انك قد ساهمت في قيام كيان غير إسلامي و لو برأيك .
الحل أخي أن تصمت , فالصمت حل حيث تنعدم الحلول , و للأسف نرى أناسا ينطقون في وقت لزوم الصمت و نرى أناسا آخرين يصمتون وقت الكلام , لان العقيدة و الدين ليستا المقياس عند الأغلب , و تلك هي المشكلة.
كذلك الأمر في الثورة السورية , طرف طاغية و طرف ثائر مظلوم مسحوق مستضعف و لكن للأسف غير واضح الراية , فان لم يرفع الثوار السوريون راية الإسلام في أقسى وقت يمر عليه , إن لم يرفع السوريون راية الإسلام في الوقت الذي يموت فيه كل يوم 30 شخص أو يزيد , لا يرفع الثوار السوريون راية الإسلام في لحظات قد كسروا فيها قيدهم و يصرحون بكل شيء , يشتمون النظام و رأسه , إن لم يرفع السوريون راية الإسلام في كل ما سبق , متى سيرفعونها إذا؟؟ وقت الرخاء؟؟
لست مكلفا أيها المسلم بما هو فوق طاقتك , و لست مكلفا بالنتائج فالنتائج على رب العالمين , إنما أنت مكلف بتحكيم شريعة الرحمن في كل شيء , حتى رأيك و وجهتك السياسية , و مكلف أيضا بالدعاء للمسلمين عامة و المجاهدين المخلصين خاصة , هذا إن كنت ضعيفا لا تقوى على التغيير بيدك ,و لست أخي مجبرا على أنصاف الحلول أيا كانت , فأنصاف الحلول تقود إلى المهانة و التنازل عن الدين.
قال الله تعالى : ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)
و قال : ( فذكر إن نفعت الذكرى , سيذكر من يخشى )
و قال سبحانه : ( فذكر إنما الذكرى تنفع المؤمنين )
و قال صلى الله عليه و سلم : ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )
أخوكم : احمد أبو فرحة
24 – ديسمبر -  2011
ملاحظة : كتب هذا المقال قبل وجود جبهة النصرة في سوريا , اذ لم يكن هناك راية و عقيدة واضحين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق