إسلاميو مصر .... في بلاد العجائب
بقلم : احمد ابو فرحة
يذكرنا العنوان بتلك
الرواية الشهيرة التي تتحدث عن الطفلة " اليس " الصغيرة التي تعيش في
عالم وردي جميل , عالم طفولي بامتياز , تبني عليه آمالها و أحلامها , و في اغلب
المرات لا تكاد تفرق بين عالم الخيال و عالم الواقع .
طبعا هذا لطفلة صغيرة
تفكيرها محدود مقبول , أما إن استمر الطفل بعد ما يكبر و يشب على نفس نمط التفكير
فانه ينتقل من حالة الخيال الجميل إلى حالة المرض النفسي العضال , حيث يكون لا
مسؤولا و لا يستطيع احد الاعتماد عليه في شيء.
و إذا دققنا النظر في
حالة إسلاميي مصر , و اعني الأفراد و ليس القادة الدهاقنة الذين يفسدون و يضلون عن علم , فإننا نرى واقعا
مماثلا لهؤلاء الإسلاميين من عدم المسؤولية و الأنوثة في التفكير و أحلام الطفولة.
تجدهم مفتونين
بشيوخهم لحد كبير قد يصل إلى التقديس , فكل ما يقوله المشايخ هو عين الصواب و لا يقبل
الانتقاد حتى , متناسين بأنهم ك "سلفية " أو حتى أفراد من الإخوان الذين
تعلموا العلم , يتناسون بأنهم أصحاب الدليل , و يستطيعون فهم الواقع بعيونهم و
قلوبهم و ليس بعيون الآخرين.
يحلمون بالدولة المصرية " الإسلامية "
التي تطبق الشريعة , بعد أن انتهت الثورة بسلام و زال الطاغية , و الحمد لله
الخسائر قليلة , و ها نحن سنخوض الانتخابات , حتى و لو اعتبرناها شركا في الماضي ,
فهي وسيلة لبناء مستقبل مصر الإسلامي!! و ها هو الجيش الذي حمى الثورة , و اصطف مع
الشعب سيسلمنا مقاليد الحكم لنحكم بالشريعة بعد الانتخابات التي فزنا فيها و سحقنا
العلمانيين, بغض النظر مما يقوله قادة الجيش بأن البرلمان الجديد لن يكون له
صلاحيات مطلقة لإنشاء الدستور , هذا ليس مهما , المهم انه سيسلمنا الحكم بعد
الانتخابات بطريقة سلمية!!
و طبعا ستكون الحرية مفتوحة للجميع في المستقبل
الوردي و سندعو للإسلام بطريقة ديمقراطية سلمية , و ليس مهما شأن أخواتنا اللواتي
اسلمن بعد النصرانية و هن الآن يقبعن في زنازين الكنائس و نحن لم و لن نستطيع
تحريك أي ساكن لأننا اضعف من الوهن , هذا كله ليس مهما , المهم سيكون هناك حرية في
مستقبل مصر الجديد, مصر الإسلامية.
و إسرائيل و ما أدراك
ما إسرائيل , تلك عدوتنا سنحاربها بكل ما يؤتينا الله من قوة , و لكن لسنا نحن ,
فالجيش العربي المصري الإسلامي الأبي , و بعد أن نطبق الشريعة سنأمره في المستقبل
البعيد أو القريب لتحرير بلادنا فلسطين و بيت المقدس , و إن ظهرت من الجيش تصريحات
أو من قادتنا بشأن احترام اتفاقية كامب ديفيد و حماية مصالح مصر
الإستراتيجية. و مهما فعل الجيش
بالمتظاهرين من تنكيل و تسحيل للفتيات و إيذاء هذا ليس مهما , فالجيش بإذن الله
إسلامي. أي فتاة يسحلها الجيش و بدت عورتها, فالحق عليها , لو لبست أكثر لما بان
شيء , و ما ينزلها أصلا إلى الشارع ؟؟ حرام خروج المرأة من بيتها!!! كل تلك الأمور
سفاسف , فلنتغاضاها , المهم أن نحلم و
نستمر في حلمنا.
و بعد ذلك سيزدهر
الاقتصاد المصري بإذن الله , و ها هم مشايخنا وضعوا خططا اقتصادية رهيبة لتحسين
الاقتصاد و زيادة الدخل , و سيكون هناك سياحة " دينية" , و سنزيد من ثمن
الغاز المصدر إلى عدونا , فهيهات هيهات أن يعود الزمان الذي كنا فيه أضحوكة , و غير ذلك من الخطط الجميلة , و
طبعا أمريكا ليس لها أي شأن في مصر , و ليس لها أي وجود و لا أي ذراع في بلدنا و
لن تؤثر شيئا , يا الله كم ستكون الحياة جميلة .
هل بهذه الأحلام
الطفولية ستقام دولة الإسلام؟؟؟ أين فهمكم للواقع ؟؟ متى ستدركون أن ما حصل ليس
ثورة كاملة؟؟ متى ستعرفون أن الجيش حمى نفسه و لم يحم الثورة؟؟ هل ستدركون أن من
قام بالثورة ليس انتم , بل ركبتم موجتها بعد سبات عميق و خوف و جبن ؟؟ متى ستعلمون
أن الحل سهل؟؟
الحل بأن تفكروا كرجال و ليس كأطفال , لان نجاح
الثورة و لو بشكلها المنقوص هذا , قام بلحظة رجولة واحدة , لحظة قرر فيها الشعب أن
ينهي مبارك , و صمد و انتهى . ألن تكون هناك لحظة رجولة أخرى لإيقاف الجيش عند حده
و إجباره فعلا على الخضوع لكم ؟؟
الأمر بسيط , و الحل
بسيط , الحل بوقفة رجولية صلبة ينهي فيها الشعب ما بدأه , و يحد من هذه المهزلة
التي قادت بإسلاميي مصر إلى الخنوع مرة أخرى , بعد أن كسروا الجبن الذي عاشوه
عقودا, و ها هو يرجع مرة أخرى عن طريق "الأحبار" .
نسأل الله الهداية و
التوفيق لشباب الأمة , و نسأل الله أن ينضج عقولهم , و يكسر خوفهم , و يحررهم من
قيود قادة الاستسلام , انه القادر على ذلك.
قال تعالى : "
إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم"
15 – 1 - 2012
جميل جدا
ردحذف