الجمعة، 20 يناير 2012

إسلاميو مصر .... في بلاد العجائب


إسلاميو مصر .... في بلاد العجائب




                                                                  بقلم : احمد ابو فرحة
يذكرنا العنوان بتلك الرواية الشهيرة التي تتحدث عن الطفلة " اليس " الصغيرة التي تعيش في عالم وردي جميل , عالم طفولي بامتياز , تبني عليه آمالها و أحلامها , و في اغلب المرات لا تكاد تفرق بين عالم الخيال و عالم الواقع .
طبعا هذا لطفلة صغيرة تفكيرها محدود مقبول , أما إن استمر الطفل بعد ما يكبر و يشب على نفس نمط التفكير فانه ينتقل من حالة الخيال الجميل إلى حالة المرض النفسي العضال , حيث يكون لا مسؤولا و لا يستطيع احد الاعتماد عليه في شيء.

و إذا دققنا النظر في حالة إسلاميي مصر , و اعني الأفراد و ليس القادة الدهاقنة  الذين يفسدون و يضلون عن علم , فإننا نرى واقعا مماثلا لهؤلاء الإسلاميين من عدم المسؤولية و الأنوثة في التفكير و أحلام الطفولة.
تجدهم مفتونين بشيوخهم لحد كبير قد يصل إلى التقديس , فكل ما يقوله المشايخ هو عين الصواب و لا يقبل الانتقاد حتى , متناسين بأنهم ك "سلفية " أو حتى أفراد من الإخوان الذين تعلموا العلم , يتناسون بأنهم أصحاب الدليل , و يستطيعون فهم الواقع بعيونهم و قلوبهم و ليس بعيون الآخرين.

 يحلمون بالدولة المصرية " الإسلامية " التي تطبق الشريعة , بعد أن انتهت الثورة بسلام و زال الطاغية , و الحمد لله الخسائر قليلة , و ها نحن سنخوض الانتخابات , حتى و لو اعتبرناها شركا في الماضي , فهي وسيلة لبناء مستقبل مصر الإسلامي!! و ها هو الجيش الذي حمى الثورة , و اصطف مع الشعب سيسلمنا مقاليد الحكم لنحكم بالشريعة بعد الانتخابات التي فزنا فيها و سحقنا العلمانيين, بغض النظر مما يقوله قادة الجيش بأن البرلمان الجديد لن يكون له صلاحيات مطلقة لإنشاء الدستور , هذا ليس مهما , المهم انه سيسلمنا الحكم بعد الانتخابات بطريقة سلمية!!

 و طبعا ستكون الحرية مفتوحة للجميع في المستقبل الوردي و سندعو للإسلام بطريقة ديمقراطية سلمية , و ليس مهما شأن أخواتنا اللواتي اسلمن بعد النصرانية و هن الآن يقبعن في زنازين الكنائس و نحن لم و لن نستطيع تحريك أي ساكن لأننا اضعف من الوهن , هذا كله ليس مهما , المهم سيكون هناك حرية في مستقبل مصر الجديد, مصر الإسلامية.

و إسرائيل و ما أدراك ما إسرائيل , تلك عدوتنا سنحاربها بكل ما يؤتينا الله من قوة , و لكن لسنا نحن , فالجيش العربي المصري الإسلامي الأبي , و بعد أن نطبق الشريعة سنأمره في المستقبل البعيد أو القريب لتحرير بلادنا فلسطين و بيت المقدس , و إن ظهرت من الجيش تصريحات أو من قادتنا بشأن احترام اتفاقية كامب ديفيد و حماية مصالح مصر الإستراتيجية.  و مهما فعل الجيش بالمتظاهرين من تنكيل و تسحيل للفتيات و إيذاء هذا ليس مهما , فالجيش بإذن الله إسلامي. أي فتاة يسحلها الجيش و بدت عورتها, فالحق عليها , لو لبست أكثر لما بان شيء , و ما ينزلها أصلا إلى الشارع ؟؟ حرام خروج المرأة من بيتها!!! كل تلك الأمور سفاسف , فلنتغاضاها ,  المهم أن نحلم و نستمر في حلمنا.

و بعد ذلك سيزدهر الاقتصاد المصري بإذن الله , و ها هم مشايخنا وضعوا خططا اقتصادية رهيبة لتحسين الاقتصاد و زيادة الدخل , و سيكون هناك سياحة " دينية" , و سنزيد من ثمن الغاز المصدر إلى عدونا , فهيهات هيهات أن يعود الزمان الذي كنا  فيه أضحوكة , و غير ذلك من الخطط الجميلة , و طبعا أمريكا ليس لها أي شأن في مصر , و ليس لها أي وجود و لا أي ذراع في بلدنا و لن تؤثر شيئا , يا الله كم ستكون الحياة جميلة .

هل بهذه الأحلام الطفولية ستقام دولة الإسلام؟؟؟ أين فهمكم للواقع ؟؟ متى ستدركون أن ما حصل ليس ثورة كاملة؟؟ متى ستعرفون أن الجيش حمى نفسه و لم يحم الثورة؟؟ هل ستدركون أن من قام بالثورة ليس انتم , بل ركبتم موجتها بعد سبات عميق و خوف و جبن ؟؟ متى ستعلمون أن الحل سهل؟؟
 الحل بأن تفكروا كرجال و ليس كأطفال , لان نجاح الثورة و لو بشكلها المنقوص هذا , قام بلحظة رجولة واحدة , لحظة قرر فيها الشعب أن ينهي مبارك , و صمد و انتهى . ألن تكون هناك لحظة رجولة أخرى لإيقاف الجيش عند حده و إجباره فعلا على الخضوع لكم ؟؟

الأمر بسيط , و الحل بسيط , الحل بوقفة رجولية صلبة ينهي فيها الشعب ما بدأه , و يحد من هذه المهزلة التي قادت بإسلاميي مصر إلى الخنوع مرة أخرى , بعد أن كسروا الجبن الذي عاشوه عقودا, و ها هو يرجع مرة أخرى عن طريق "الأحبار" .
نسأل الله الهداية و التوفيق لشباب الأمة , و نسأل الله أن ينضج عقولهم , و يكسر خوفهم , و يحررهم من قيود قادة الاستسلام , انه القادر على ذلك.
قال تعالى : " إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم"

15 – 1 - 2012

هناك تعليق واحد: