نحو مستقبل أفضل
وقفة مع التيار
الجهادي
بقلم : احمد ابو
فرحة
اعتاد الشباب الجهادي , المتسلح
بالعقيدة الصحيحة النقية , و برفعه لواء الجهاد ضد أعداء الدين , أن يقف دائما
موقف المهاجم المصحح , المرشد الموجه , ينتقد هذه الجماعة أو تلك , و ينير الدرب
لمن حوله ممن غرقوا بمستنقعات الأفكار الهدامة و العقائد الفاسدة . لكن , هذا لا
يعني أن يكون هذا الشباب في مصف الملائكة , خاليين من الأخطاء . و هنا سنقف وقفة
لله , ما أريد بها إلا الإصلاح , على أهم ثغرات و مكامن ضعف هذا التيار بشكل عام ,
لست قاصدا جماعة بعينها , إنما جموع التيار بشموليته . و عودا على بدء , لا بد من
تغييب الهوى قبل القراءة , و الله المستعان .
و لن أسهب في المقدمة , إنما سأدخل في
الموضوع مباشرة . مسائل لا بد للتيار الجهادي مراجعتها :
1-
التصفية و التربية
كما ذكر في المقدمة , فان العلم
الصحيح المنقول عن شيوخ ثقاة , يجعل للشخص حصنا من الوقوع في الأخطاء . فلا بد
للمجاهد قبل أن يكون مقاتلا , أن يأخذ قسطا كافيا من العلم يؤهله للتعامل مع
القضايا التي تهمه كمجاهد . و بالنسبة لكثير من الشباب اليوم , فإنهم ينفرون إلى
الجهاد و بعضهم لا يخضع لدورات شرعية , و يسهم هذا في ارتكاب بعض الأخطاء الفردية
التي قد تحسب على كامل التيار . فمسألة العلم للشرعي و التربية النفسية مسألة في
بالغ الأهمية و الخطورة .
2-
الاختراق
كثير من الشباب لا يعلم معنى أن تكون
هذه الحرب "كونية" , أي أن الكفر بأشكاله و ألوانه , و الردة و الخيانة
بشتى مسمياتها , قد أعدت الخطط و دبرت المكائد لهذا الدين و أنصاره . من يغفل مكر
العدو فهو واهم . و قد يتم الاختراق عن طريق القادة أو الأفراد . و قد يتم بطريقة أسهل
, هي معرفات وهمية في عالم الشبكة العنكبوتية تدس السموم و تحسب نفسها على جماعة
معينة . و لسذاجة بعض الشباب فانه ينقل عنها لأنها تؤيد فريقه !! و بذلك يتم نوع
من الاختراق . و هنا لا بد للرجوع إلى الشيوخ الثقاة في مسألة , و لا بد أن لا
يؤخذ إلا عن الإصدارات الرسمية لأي جماعة .
3-
مسألة الأشدَ و الأسدَ
كون أن التيار الجهادي و بقية الأحزاب
الأخرى يستهدف استقطاب فئات عمرية شابة , مليئة بالحماسة و العنفوان و عادة ما
تكون هذه الفئات في العقد الثاني أو الثالث من عمرها , فإنهم دوما يميلون إلى
العنف أكثر أو إلى الأشد . بينما لا يعجبهم الأسد (الأكثر سدادا ) و يعتبرونه نوعا
من المهادنة و الأناة في الدين . و هنا لا بد للقادة الصادقين و العلماء الربانيين
أن ينتبهوا لهذا الأمر و أن يصبَروا الشباب و يبصروهم بالتجارب السابقة و إعطائهم
دروسا تزخر بالحكمة . و يجب أن تستغل حماسة الشباب في الغالب .
4-
مصلحة الأمة و مصلحة التنظيم
لا بد أن يكون معلوما للمجاهدين و أنصارهم
, أن أي معركة يخوضونها في أي بلد كان , ما هي إلا حلقة من حلقات ارث عظيم و تاريخ
حافل خطه الأوائل . و أن هؤلاء الشباب ما هم إلا بمكملي مسيرة قد ابتدأها الأولون
. و لهذا يجب أن تغلب مصلحة الأمة على مصلحة التنظيم أو الجماعة . و الذي يحدد
مصلحة الأمة هم العلماء الثقات , مصابيح الدجى في هذا الليل المدلهم الكالح .
5-
الشيخ العالم أم القائد العامل ؟
و هذا الأمر ما رأيناه إلا في العصر
الحديث . أن يرمى بكلام العالم لمصلحة كلام القائد بحجة انه لا يفتي قاعد لمجاهد
!! و الله ما كان هذا إلا بدعة ابتدعها البعض , فمنها مدخل لحرف مسار الجهاد عن
موضعه , و ما هي إلا سقطة قد تودي بالبوصلة إلى غير قبلتها و العياذ بالله .
فالحذر الحذر .
6-
ترتيب الأوليات
من البديهي انك إذا أردت أن ترتقي إلى
أعلى , فانه لا بد لك من صعود . و هذا الصعود لا يتم إلا بمراحل . و ما حدث مرة أن
طار شخص إلى أعلى كالطير !! فلا بد من ترتيب الأولويات , حتى تصل إلى هدفك . و قد
تتعمد جماعة معاينة لخلط أوراق الأولويات ظنا منها أن ذلك يصب في المصلحة !! كفتح أكثر
من جبهة قد يكون المسلمون في غنى عنها . أو أن جماعة تستخدم استعداء الكل عليها لجلب الشباب , فيعتقد الشاب أن
مصداقية هذه الجماعة أو تلك في أن الكل عليها حتى اقرب المقربين لها !!
7-
إسقاط واقع على غير واقع مشابه
قبل أن يلتحق الشباب إلى الجهاد ,
تلهبه الإصدارات المرئية التي تنتجها مؤسسات الإنتاج الجهادي لتحميس الشباب .
فمثلا يرى قوة هذا التنظيم في بلد ما و يعجبه أداؤه أو طريقة قتاله . و عندما ينفر
الشاب إلى بلد آخر , مختلفا كليا عن بلد إصداراته المفضلة , فيصطدم في واقع و
توقعه خلفيته الحماسية في أخطاء كثيرة في البلد الذي هو فيه . فيجب أن يدرك
المجاهد أن لكل بلد ظروفها و طبيعتها , و طبيعة شعبها المختلفة عن بلده أصلا و عن
البلاد الأخرى .
8-
عقلية كرة القدم !!
و المقصود هنا الهوى و التعصب كل إلى
جماعته , فيعميه تعصبه عن إخوانه المجاهدين الآخرين و يكثر من قول "نحن"
و "انتم" و هذا و الله من اخطر الأمور . على المجاهد أن يدرك انه ما خرج
إلا في سبيل الله , و أن روحه مرهونة القبض في أي لحظة , و لهذا يجب أن يعتبر إن
جميع المسلمين إخوانه فضلا عن بقية المجاهدين .
9-
شيزوفيرينيا الجهاد ( فصام الجهاد )
من المعلوم في علم النفس أن أي شخص
يضع نفسه في أي بوتقة معينة حتى لو كانت صغيرة , فإنها تصبح عالمه الخاص . فان وضع
المجاهد أو مناصر الجهاد نفسه في بوتقة جماعته أو تنظيمه , فانه لا يرى من كل
العالم إلا أبناء جماعته أو تنظيمه . كما و من المعروف أن تكوين مفهوم الفكرة و
نمط التفكير يكون بالمدخلات التي يستقبلها العقل . و هنا لا بد للمجاهد أو لمناصر
الجهاد أن يتذكر قبل كل شيء انه إنسان
عادي له اهتمامات و ميول مختلفة , من اهتمامه بالأهل و الزوجة و الأولاد إلى الشعر
مثلا إلى مطالعة الأخبار العالمية إلى عمله و قوته إلى كثير من الأمور المتنوعة
التي تبقي الشخص غير محصور في عالم صغير محدد يؤدي به إلى الفصام ثم إلى الهوى .
10 – مسألة طاعة الأمير
من المعروف انه لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق . و الأمير مخلوق و معرض للخطأ دائما . فيتذكر المسلم المجاهد أو
مناصر الجهاد انه في أي لحظة قد يعرض على الله و هنا لا شيء أيا كان يساوي أن اخسر
آخرتي لأجلها . فالله جعل للمسلم المجاهد عينين و لسانا و شفتين و كلفه . و هو
مسؤول حتى عن الفكرة التي يحملها , فلا ينبغي لأمير ما أن يكون حجر عثرة أمام حسن
خاتمة المجاهد .
11-الحاضنة الشعبية
و هي رأس المال لأي تيار أو جماعة .
قد تضطر الجماعة لان تترك الديار عنوة لسبب ما , فيبقى الرصيد هو حب الناس العوام
لها . و هنا لا بد للتقرب من العوام بأحاديث بسيطة , لا باستعراض العضلات في
المعلومات التي يمتلكها المجاهد أو مناصر الجهاد . كثير من الأحيان يصيب أنصار
التيار غرور و استعلاء على الناس و قد ينعتوهم بالجهالة في كل محفل . فاعلم أن هذا
الأمر منفر للعوام .و أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد أمر مخاطبة الناس على قدر
عقولها . ويذكر هنا انه قد يضطر المجاهد إلى ترك عمل ما لمراعاة فهم الناس و إدراكهم
. و قد يفعل بعض المجاهدين أفعالا قد تغني الأعداء عن جهد جهيد للتشويه . فالحذر
الحذر مما قد ينفر الناس . طبعا في غير معصية الله .
12- الطائفة المنصورة
قد يسقط بعض الجهال مفهوم الطائفة
المنصورة على جماعة معينة !! أو على تيار معين !! و هذا بخس بحق المسلمين . بل إن
الطائفة المنصورة هم أهل السنة و الجماعة بشكل عام و بخاصة كل من رفع اللواء و
جاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله في الأرض . فالحذر الحذر من إسقاط مفهوم
الطائفة على جماعة أو تيار ما , فيؤدي ذلك إلى الغلو .
13- سفك الدماء الحرام
إن كل المسلم على المسلم حرام , دمه و
ماله و عرضه , و قضية الدماء ليست هينة , و أن تكون مقتولا خيرا أن تكون قاتلا , إلا
في حالة دفع الصائل و رد الباغي . و ينبغي التحرز في قتال أي مسلم , أو حتى في شبهة
كونه مسلم . و نعود و نذكر , أن كل الجهاد للآخرة و ليس للدنيا وحدها .
أخيرا :
فهذه هي المسائل التي قد يقع فيها أبناء
التيار الجهادي بشكل عام , و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه , و حاشا لله أن يتصف احد
بالكمال , و إننا على أعتاب مرحلة ربانية هامة في التاريخ البشري , مرحلة آخر
الزمن و الملاحم و الفتن , و ينبغي للمسلمين عامة و المجاهدين خاصة إعداد العدة
الصحيحة استعدادا لاستقبال هذه المرحلة .
و كتبه أخوكم – معذرة إلى ربكم : احمد أبو فرحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق