الثلاثاء، 21 يناير 2014

نحو مستقبل أفضل وقفة مع التيار الجهادي



نحو مستقبل أفضل
وقفة مع التيار الجهادي
بقلم : احمد ابو فرحة
اعتاد الشباب الجهادي , المتسلح بالعقيدة الصحيحة النقية , و برفعه لواء الجهاد ضد أعداء الدين , أن يقف دائما موقف المهاجم المصحح , المرشد الموجه , ينتقد هذه الجماعة أو تلك , و ينير الدرب لمن حوله ممن غرقوا بمستنقعات الأفكار الهدامة و العقائد الفاسدة . لكن , هذا لا يعني أن يكون هذا الشباب في مصف الملائكة , خاليين من الأخطاء . و هنا سنقف وقفة لله , ما أريد بها إلا الإصلاح , على أهم ثغرات و مكامن ضعف هذا التيار بشكل عام , لست قاصدا جماعة بعينها , إنما جموع التيار بشموليته . و عودا على بدء , لا بد من تغييب الهوى قبل القراءة , و الله المستعان .
و لن أسهب في المقدمة , إنما سأدخل في الموضوع مباشرة . مسائل لا بد للتيار الجهادي مراجعتها :
1-    التصفية و التربية
كما ذكر في المقدمة , فان العلم الصحيح المنقول عن شيوخ ثقاة , يجعل للشخص حصنا من الوقوع في الأخطاء . فلا بد للمجاهد قبل أن يكون مقاتلا , أن يأخذ قسطا كافيا من العلم يؤهله للتعامل مع القضايا التي تهمه كمجاهد . و بالنسبة لكثير من الشباب اليوم , فإنهم ينفرون إلى الجهاد و بعضهم لا يخضع لدورات شرعية , و يسهم هذا في ارتكاب بعض الأخطاء الفردية التي قد تحسب على كامل التيار . فمسألة العلم للشرعي و التربية النفسية مسألة في بالغ الأهمية و الخطورة .
2-    الاختراق
كثير من الشباب لا يعلم معنى أن تكون هذه الحرب "كونية" , أي أن الكفر بأشكاله و ألوانه , و الردة و الخيانة بشتى مسمياتها , قد أعدت الخطط و دبرت المكائد لهذا الدين و أنصاره . من يغفل مكر العدو فهو واهم . و قد يتم الاختراق عن طريق القادة أو الأفراد . و قد يتم بطريقة أسهل , هي معرفات وهمية في عالم الشبكة العنكبوتية تدس السموم و تحسب نفسها على جماعة معينة . و لسذاجة بعض الشباب فانه ينقل عنها لأنها تؤيد فريقه !! و بذلك يتم نوع من الاختراق . و هنا لا بد للرجوع إلى الشيوخ الثقاة في مسألة , و لا بد أن لا يؤخذ إلا عن الإصدارات الرسمية لأي جماعة .
3-    مسألة الأشدَ و الأسدَ
كون أن التيار الجهادي و بقية الأحزاب الأخرى يستهدف استقطاب فئات عمرية شابة , مليئة بالحماسة و العنفوان و عادة ما تكون هذه الفئات في العقد الثاني أو الثالث من عمرها , فإنهم دوما يميلون إلى العنف أكثر أو إلى الأشد . بينما لا يعجبهم الأسد (الأكثر سدادا ) و يعتبرونه نوعا من المهادنة و الأناة في الدين . و هنا لا بد للقادة الصادقين و العلماء الربانيين أن ينتبهوا لهذا الأمر و أن يصبَروا الشباب و يبصروهم بالتجارب السابقة و إعطائهم دروسا تزخر بالحكمة . و يجب أن تستغل حماسة الشباب في الغالب .
4-    مصلحة الأمة و مصلحة التنظيم
لا بد أن يكون معلوما للمجاهدين و أنصارهم , أن أي معركة يخوضونها في أي بلد كان , ما هي إلا حلقة من حلقات ارث عظيم و تاريخ حافل خطه الأوائل . و أن هؤلاء الشباب ما هم إلا بمكملي مسيرة قد ابتدأها الأولون . و لهذا يجب أن تغلب مصلحة الأمة على مصلحة التنظيم أو الجماعة . و الذي يحدد مصلحة الأمة هم العلماء الثقات , مصابيح الدجى في هذا الليل المدلهم الكالح .
5-    الشيخ العالم أم القائد العامل ؟
و هذا الأمر ما رأيناه إلا في العصر الحديث . أن يرمى بكلام العالم لمصلحة كلام القائد بحجة انه لا يفتي قاعد لمجاهد !! و الله ما كان هذا إلا بدعة ابتدعها البعض , فمنها مدخل لحرف مسار الجهاد عن موضعه , و ما هي إلا سقطة قد تودي بالبوصلة إلى غير قبلتها و العياذ بالله . فالحذر الحذر .
6-    ترتيب الأوليات
من البديهي انك إذا أردت أن ترتقي إلى أعلى , فانه لا بد لك من صعود . و هذا الصعود لا يتم إلا بمراحل . و ما حدث مرة أن طار شخص إلى أعلى كالطير !! فلا بد من ترتيب الأولويات , حتى تصل إلى هدفك . و قد تتعمد جماعة معاينة لخلط أوراق الأولويات ظنا منها أن ذلك يصب في المصلحة !! كفتح أكثر من جبهة قد يكون المسلمون في غنى عنها . أو أن جماعة تستخدم  استعداء الكل عليها لجلب الشباب , فيعتقد الشاب أن مصداقية هذه الجماعة أو تلك في أن الكل عليها حتى اقرب المقربين لها !!
7-    إسقاط واقع على غير واقع مشابه
قبل أن يلتحق الشباب إلى الجهاد , تلهبه الإصدارات المرئية التي تنتجها مؤسسات الإنتاج الجهادي لتحميس الشباب . فمثلا يرى قوة هذا التنظيم في بلد ما و يعجبه أداؤه أو طريقة قتاله . و عندما ينفر الشاب إلى بلد آخر , مختلفا كليا عن بلد إصداراته المفضلة , فيصطدم في واقع و توقعه خلفيته الحماسية في أخطاء كثيرة في البلد الذي هو فيه . فيجب أن يدرك المجاهد أن لكل بلد ظروفها و طبيعتها , و طبيعة شعبها المختلفة عن بلده أصلا و عن البلاد الأخرى .
8-    عقلية كرة القدم !!
و المقصود هنا الهوى و التعصب كل إلى جماعته , فيعميه تعصبه عن إخوانه المجاهدين الآخرين و يكثر من قول "نحن" و "انتم" و هذا و الله من اخطر الأمور . على المجاهد أن يدرك انه ما خرج إلا في سبيل الله , و أن روحه مرهونة القبض في أي لحظة , و لهذا يجب أن يعتبر إن جميع المسلمين إخوانه فضلا عن بقية المجاهدين .
9-    شيزوفيرينيا الجهاد ( فصام الجهاد )
من المعلوم في علم النفس أن أي شخص يضع نفسه في أي بوتقة معينة حتى لو كانت صغيرة , فإنها تصبح عالمه الخاص . فان وضع المجاهد أو مناصر الجهاد نفسه في بوتقة جماعته أو تنظيمه , فانه لا يرى من كل العالم إلا أبناء جماعته أو تنظيمه . كما و من المعروف أن تكوين مفهوم الفكرة و نمط التفكير يكون بالمدخلات التي يستقبلها العقل . و هنا لا بد للمجاهد أو لمناصر الجهاد أن يتذكر  قبل كل شيء انه إنسان عادي له اهتمامات و ميول مختلفة , من اهتمامه بالأهل و الزوجة و الأولاد إلى الشعر مثلا إلى مطالعة الأخبار العالمية إلى عمله و قوته إلى كثير من الأمور المتنوعة التي تبقي الشخص غير محصور في عالم صغير محدد يؤدي به إلى الفصام ثم إلى الهوى .

10 – مسألة طاعة الأمير
من المعروف انه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . و الأمير مخلوق و معرض للخطأ دائما . فيتذكر المسلم المجاهد أو مناصر الجهاد انه في أي لحظة قد يعرض على الله و هنا لا شيء أيا كان يساوي أن اخسر آخرتي لأجلها . فالله جعل للمسلم المجاهد عينين و لسانا و شفتين و كلفه . و هو مسؤول حتى عن الفكرة التي يحملها , فلا ينبغي لأمير ما أن يكون حجر عثرة أمام حسن خاتمة المجاهد .

11-الحاضنة الشعبية
و هي رأس المال لأي تيار أو جماعة . قد تضطر الجماعة لان تترك الديار عنوة لسبب ما , فيبقى الرصيد هو حب الناس العوام لها . و هنا لا بد للتقرب من العوام بأحاديث بسيطة , لا باستعراض العضلات في المعلومات التي يمتلكها المجاهد أو مناصر الجهاد . كثير من الأحيان يصيب أنصار التيار غرور و استعلاء على الناس و قد ينعتوهم بالجهالة في كل محفل . فاعلم أن هذا الأمر منفر للعوام .و أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد أمر مخاطبة الناس على قدر عقولها . ويذكر هنا انه قد يضطر المجاهد إلى ترك عمل ما لمراعاة فهم الناس و إدراكهم . و قد يفعل بعض المجاهدين أفعالا قد تغني الأعداء عن جهد جهيد للتشويه . فالحذر الحذر مما قد ينفر الناس . طبعا في غير معصية الله .

12- الطائفة المنصورة
قد يسقط بعض الجهال مفهوم الطائفة المنصورة على جماعة معينة !! أو على تيار معين !! و هذا بخس بحق المسلمين . بل إن الطائفة المنصورة هم أهل السنة و الجماعة بشكل عام و بخاصة كل من رفع اللواء و جاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله في الأرض . فالحذر الحذر من إسقاط مفهوم الطائفة على جماعة أو تيار ما , فيؤدي ذلك إلى الغلو .

13- سفك الدماء الحرام
إن كل المسلم على المسلم حرام , دمه و ماله و عرضه , و قضية الدماء ليست هينة , و أن تكون مقتولا خيرا أن تكون قاتلا , إلا في حالة دفع الصائل و رد الباغي . و ينبغي التحرز في قتال أي مسلم , أو حتى في شبهة كونه مسلم . و نعود و نذكر , أن كل الجهاد للآخرة و ليس للدنيا وحدها .

أخيرا :
فهذه هي المسائل التي قد يقع فيها أبناء التيار الجهادي بشكل عام , و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه , و حاشا لله أن يتصف احد بالكمال , و إننا على أعتاب مرحلة ربانية هامة في التاريخ البشري , مرحلة آخر الزمن و الملاحم و الفتن , و ينبغي للمسلمين عامة و المجاهدين خاصة إعداد العدة الصحيحة استعدادا لاستقبال هذه المرحلة .
و كتبه أخوكم – معذرة إلى ربكم  : احمد أبو فرحة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق