الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

الشباب المسلم في بلاد العجائب




الشباب المسلم في بلاد العجائب
بقلم : احمد ابو فرحة
كتبت منذ سنتين و نصف تقريبا مقالا بعنوان "اسلاميو مصر في بلاد العجائب" , حيث تطرق المقال لحالة الشباب الاسلامي بشكل عام بعد الثورة المصرية , حيث كان الشباب الاسلامي في مصر يستعدون لخوض غمار حرب الانتخابات البرلمانية و كيف ان الاسلاميين سيفوزون و ما آلية تطبيق الشريعة التي سيحكمون بها و متى سيأمرون جيش مصر العظيم بتحرير القدس!! .
ذلك النوع من التفكير دفعني ان اشبه أولئك القوم بالفتاة التي صنعت لنفسها عالما خاصا بها الى الحد الذي لم تعد تفرق بين الخيال و الحقيقة . و للعلم فإن هذه الظاهرة تسمى في علم النفس متلازمة أليس . كان وقتها يهولني حجم الاندفاع و الانجراف الذي طغى على التيار الاسلامي و شبابه من سلفيين و اخوان و حتى من الجهاديين . و اتسائل و اقول : اين عقول اولئك الشباب من تلك المؤامرة التي تحاك ضد الاسلام و اهله ؟ و أي نوع من التفكير يسوقهم ؟
في المقابل , لم يكن التيار التكفيري قويا , انما بضعة افراد يصرحون بحرمة الديمقراطية و كفر كل من يخوض فيها . اولئك كانوا خارج المعادلة اصلا. و كان النقد الذي يسلطه ابناء الحركة الاسلامية الرافضين للعملية الانتخابية و المقتنعين بكفر الديمقراطية و لكن في نفس الوقت يعذرون بالجهل من يسلك مسالكها تأولا , اولئك كانوا يرمون تارة بالوقوف ضد المشاعر الاسلامية المتمثلة في اتحاد شباب التيار الاسلامي في صف واحد ضد العلمانيين و اذناب الغرب , و تارة يرمون انهم تكفيريرون يأخذون عن قوس واحدة مع براثن التكفير الحقيقية . خلاصة الامر , ان الناصحين دون افراط او تفريط كانوا غرباء في وقت من اوقات جنون التيار الاسلامي عموما غير قادرين على صد الانجراف الهائل الذي مال اليه الشباب في ذلك الوقت .
تمضي الايام و الشهور , و ابناء الاخوان في مصر منتشون بحكم رئيسهم محمد مرسي و الذي يرون فيه احد الخلفاء الراشدين و من خلفهم السلفيون , و كان انتقاد مرسي في ذلك الوقت , كفيلا ان ترمى باحد تهمتين من التيار الاسلامي : اما انك عميل او انك تكفيري . طلب منا الاخوان وقتها ان نفرح لمحمد مرسي الاسلامي العابد الزاهد في نفس الوقت الذي يقود بها حملة بنفسه ليقصف اوكار الارهاب في سيناء . ارادوا ان نصاب بالفصام في مشاعرنا , نحبه لانه اسلامي , و نبغضه لانه يقتل المجاهدين !! كيف لذك ان يستقيم ؟ ظل الاخوان و من معهم في نشوتهم حتى اتت ليلة ظلماء سال فيها دم المسلمين في رابعة , من السيسي الذي قلده مرسي بنفسه منصب رئيس اركان الجيش . كان انتقاد السيسي يجلب لك الشتائم عند شباب الاخوان , فكيف تنتقد من رآه "الملهم" كفؤا لهذا المنصب ؟ و لسان حالهم يقول : انت لا ترى ما يراه المرشد ! ظلوا ينتشون بزهوتهم و عنتريتهم حتى اصبح ذكرهم مرتبطا بالمسحولين و المقتولين و المسجونين و بالنساء المغتصبات . لا حقا ارجعوا و لا دفعوا باطلا و لا اقاموا دولة و لا فعلوا أي شيء . فقط ارادوا ان يعيشوا في عالمهم , يطلبون منك ان لا تنغص عليهم شيئا .
و ما اشبه اليوم بالبارحة , لكن هنا ندير عجلة التاريخ , من اليسار الى اليمين . في فتنة اشد , و في ليل احلك , و في نهر اكثر تدفقا بالدماء , و في مناظر اقبح , و في فصام اخطر و اشد , نتوجه الآن الى لعنة اللعنات , الى فتنة الخوارج .
الشباب الاسلامي هم البطل مرة اخرى , لكنهم الان انتقلوا من مرحلة الى مرحلة . هم في عمومهم من الذين مشاعرهم اسلامية و يريدون اسلاما و حكما اسلاميا , هم انفسهم الذين لا يقبلون نقدا لمركز احلامهم , هم انفسهم الذين يصابون بوباء جماعي , هم انفسهم اليوم من هم وقود لداعش . مرة اخرى , يطالبونك بالصمم و العمى و الطرش الا للذي يريدون . لا تفسد علينا احلامنا و الا رميناك بتهم كثيرة . اما عميل او مرتد او مشوه .
يريدوننا ان نعبث بمشاعرنا كما يعبثون هم , او يقتلون الحقيقة التي تظهر على استحياء . يجب علينا ان ننصر داعش , فها هم الشباب المسلح بالعقيدة يخوضون غمار الحرب ضد الشيوعيين و الملاحدة و النصيرية و الشيعة و المالكي و امريكا و 40 دولة معها .... كيف لك ان تقف ضد اولئك ؟! اما انك منتكس او مرتد عميل ... يريدوننا ان نغض الطرف عن مشاعرنا الممزقة تجاه اهل السنة في الشام و من قبلهم في العراق , الذين ليسوا مع داعش .فلا قيمة لاي انسان تقتله داعش بنظر اولئك الشباب . يريدوننا ان نحبهم في قتالهم ضد البككة , و في نفس الوقت نكرههم لانهم يهاجمون جبهة النصرة في حلب و دير الزور و يذبحونهم !! ليت بالامكان ان نصبح فصاميين مثلكم , او عميان لا نرى الا ما يسمعه ايانا احبابنا . ليتنا مثلكم , ليتنا ندخل عالمكم الخاص و نسرح و نمرح في ظل الخلافة ارض السعادة – جنة الله في الارض . ليتنا كذلك , لارتحنا قليلا و شعرنا بطعم السعادة , فالمجنون كثير من المرات يحسد على ما فيه .
الغرب يمكر و يخطط و يرسم , و نحن نكتفي بالفرح بتسجيل الاهداف التي تسجل في بعضنا  . ذلك لا يغير على الواقع شيء . البلاد كما هي تحكمها الطواغيت بقبضة من حديد و المسلمون مستضعفون مذبوحون اينما كان , كل شيء لم يتغير سوى انكم تحكمون في الوقت بدل الضائع في المكان الضائع . ما هي الا معادلات اممية قذرة بين اطراف كثيرة متصارعة كان كل منها يفكر كيف يمكن ان يستفيد من داعش قبل ان ينقض عليها . النظام السوري ارادكم لسحق المعارضة ثم يجلب الكون جميعا للقضاء عليكم . و سنة العراق ارادوكم اداة لرد قهر الشيعة الاراذل الانجاس الذين ساموهم الويلات , فحتى عملاء السنة لم يسلموا من افتراس وحوش الشيعة , و كان حال لسان سنة العراق نار داعش ولا جنة الروافض . اذا هي مسألة وقت بالنسبة لهم . الامريكان ارادوا داعش لامور كثيرة . اولا : فان صلاحية الانظمة الطاغوتية العميلة اصبحت منتهية و اصبح القاصي و الداني يقر انهم جواسيس . لذلك فيا شعوب المسلمين خذوا داعش ممثلكم اليوم و اكتووا بنارها , حتى اذا صرختم لن تجدوا الا نحن نستئصلها لكم لكن اليوم بثمن اكبر و طريقة مختلفة . ثانيا , فان ايران لا بد لها من تأديب , اذ ينصحهم الامريكان بعدم الطائفية و هم يصرون الا قتلا و تنكيلا بالسنة لغريزتهم الطائفية , و هذا يسبب نفور جواسيس اهل السنة , فكان لا بد من غض الطرف عن داعش بعدتها و عتادها حتى يؤدب اولئك الايرانيون و من معهم من الشيعة . و لعل متسائل يقول : كيف غض الطرف عن داعش و اليوم امريكا تقصفها بالطائرات ؟ نقول رحم الله ايام العولقي , حيث استشهد بين اعالي الجبال حيث الله وحده يعلم اين كان - ومن ثم قلة قليلة  يعلمون اين كان- . رحم الله ذلك الزمن , الذي تستنفر فيه امريكا لاجل صاروخ( ستنغر) وصل الى افغانستان !! رحم الله تلك الايام و عوضنا عنها بالمجاهدين الذين يغنمون الطائرات و الدبابات و المدافع بالمئات تنتقل حيث تريد لا حسيب و لا رقيب , تنتقل من العراق الى الشام . لا احد يعترضها . لعل الله اعمى قلوب الامريكان عنها !! سبحانه وحده لا شريك له !!
ثالثا : ارادت امريكا و النظام العالمي ان تكون الشام و العراق مقبرة للجهاديين الجدد , ينفرون من بلدانهم لا احد يعترضهم تدخلهم تركيا بالآلاف . هي فرصة للانظمة الطاغوتية كي تعمل حجامة لما تسميه دما فاسدا .
 رابعا : و هذه النقطة لا تقل اهمية , فان امريكا و الغرب يعانون من ازمة معضلة بالنسبة لهم , و هي دخول النصارى بكثرة للاسلام . يحدث هذا دون عنف ولا ذبح , سنة الله يريدها لعباده الذين اصطفاهم . و افعال داعش يتم تضخيمها و شنائعهم يتم تسليط الضوء عليها , و اضف الى هذا كم كبير من التشويه و الاضافة و الكذب , عنوانه الكذب على داعش و حقيقته المكر بالاسلام و اهله و تشويه هذا الدين النقي الناصع .
هذه هي مشكلة الشباب الاسلامي عموما عواطف دون مضمون , و احلام دون اساس منضبط , و انقياد برغبة حيث اريد ان يكونوا برغبة , و رفض للنقد و عمى عن بصيرة , و طرش بعد سماع . لا تفسدوا علينا فرحتنا , نحن قوم نريد العمل و سئمنا التنظير , نريد ذبحا , نريد سلخا , نريد تفريغ قهر طويل , نريد ان نمجد من نراه مثالا يحتذى , لا تشغبوا علينا , و الا رميناكم باقذع الصفات و شتمناكم .
يكفي ان نقول ان الله قد تكفل بحفظ هذا الدين , و لو ان هذا الدين حمله رجال ايا كانوا لضاع كما حرفت الاديان التي قبله , لكن ميزته , انه جل في علاه حفظه و وعدنا بالعيش تحت ظل عدله . فليحلم كل حالم بما يشاء و ليعمل كل كيفما يريد . ان هذا الدين منتصر بمن نصره عدلا و علما و حلما و جهادا و دعوة . انه لمنصور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق