الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

حد الرجم .. نظرة متعمقة




حد الرجم .. نظرة متعمقة
بقلم الشيخ : احمد الغريب
تعليقا على الفيديو المنتشر الذي بثته جماعة الدولة في زانية محصنة في ريف حلب.
رأيت الفيديو الذي رُجِمت فيه الأخت السورية أسأل الله أن يرفع درجاتها في عليين وأن يغفر لها ويسكنها فسيح جناته.
ولي تعليقات.
----
  1- 
حد الرجم ثابت بالسنة والإجماع ولا خلاف بين أهل العلم في وجوب تطبيقه إذا استُوفيت شروطه.
  2-
تذكرت قول الله: " فلا تأخذكم بهما رأفة في دين الله", وليس كل إنسان يتحمل رؤية تطبيق الحدود, خاصة حد الرجم الذي هو أشد الحدود وأقساها, ولذا لا أرى أبدًا عرض هذا ولا نشره, ويكفي في تحقيق قول الله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"= حضور رجل واحد مع من يطبق الحد -على القول الصحيح-, وإطلاق اسم الطائفة على الواحد معروف في اللسان العربي.
  3-
ثبوت حد الرجم بالشهود من أصعب ما يكون, لما هو معروف من اشتراط الرؤية كما يُرى المِكحل في المِكحلة, مع أن المندوب للشهود أن يحرصوا على ستر المسلمين ونصحهم وعدم رفع شأنهم إلى الحاكم- هذا هو الأصل-, ولا أظن أن هذه الأخت قد ثبت عليه الحد إلا باعترافٍ.
  4-
إذا عُلِم هذا فلقد كان من هدي السلف تلقينُ المعترِفِ الإنكارَ, خاصة إذا لم يكن هذا الجاني معروفًا بالفجور وإيذاء المسلمين والإضرار بهم, وأنا أذكر طرفًا من ذلك:
أ- ورد عن عطاء أنه قال: " كان من مضى يؤتى بالسارق فيقول: أسرقت؟ قل: لا ولا أعلم إلا سمى أبا بكر وعمر", يقصد أن هذا من هدي أبي بكر وعمر.
ب- ورد أن عليّ بن أبي طالب أُتي برجل وامرأة وُجِدا في خربة، فقال له علي: «أقربتها؟» فجعل أصحاب علي يقولون له: قل: لا، فقال: لا، فخلى سبيله.
ج- أُتِي عمر بسارق قد اعترف، فقال عمر: «إني لأرى يد رجل ما هي بيد سارق»، قال الرجل: والله ما أنا بسارق، فأرسله عمر ولم يقطعه.
د- ورد عن أبي الدرداء وأبي هريرة عن كل واحد منهم أنه أُتي بمن سرق فيقول له: هل سرقت؟ قل: لا. وورد عن أبي مسعود أنه قال له: هل سرقت؟ قل: وجدتُه, فقال: وجدتُه, فتركه.
هـ- وحديث النبي صلى الله عليه وسلم وقوله لمعاز: لعلك قبّلت, لعلك ولعلك.. وإنما أراد أن يُنكِر لما رأى من صدق توبته والله أعلم.
  5- 
قاعدة" ادرؤوا الحدود بالشبهات" قاعدة متفق عليها بين أهل العلم, وورد عن جمع من الصحابة أن درء الحد بالشبهة خير من إقامته بالشبهة, وورد عن ابن مسعود: ادرؤوا القتل عن المسلمين ما استطعتم, وعن الزهري: ادرؤوا الحد بكل شبهة, والنقول في ذلك كثيرة جدًا.
  6-
حقيقة لم أُطِق القسوة التي رأيتها من والد هذه الفتاة, وهذا لا علاقة له بحكم شرعي, لكن لا أُحِب رؤية البشر مُنكسِرين يطلبون المسامحة ثم لا يغفر لهم من هو إلى عفو الله ومغفرته أحوج.
----
هذه أمور يجب النظر فيها عند إقامة الحد, وويل للقاضي الجاهل الذي انتصب للقضاء بين الناس وهو لم يطلع على كلام أهل العلم؛ خاصة إذا كان الحكم يترتب عليه قتل أو قطع, وويل لو كان عالمًا ثم عطل حدود الله لشهوة أو رشوة أو محاباة قرابة أو نسب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق