الجمعة، 6 يونيو 2014

الإنكار في عالم الجماعات الإسلامية



الإنكار في عالم الجماعات الإسلامية
بقلم : احمد ابو فرحة
قد يستغرب البعض عند المحاججة بالوقائع و الأدلة و البراهين على خطأ مجموعة ما , أن ينكر الفرد داخل المجموعة تصرفات من يحب . قد تصاب بالذهول عندما تناقش شخصا ما و تطلعه على جميع الأدلة و الوقائع الحية على بطلان فرضيته و بعد هذا تجده أكثر شراسة من ذي قبل ! أمر طبيعي . لكن الذي يعتبر غير طبيعي نوعا ما أن نجد من يحسب على الإسلاميين أو المجاهدين مصابون في مثل هذه الحالة من الإنكار . و السبب أنهم يفترض أن يكونوا من يتبع الدليل و يفترض أن يقعدوا للحق دائما . لكن سبحان الله فالشيطان أذكى و أدهى من أن يتركهم على حالة الامتثال للحق دائما . 

 Denial تعريف الإنكار  في علم النفس :
"هي آلية الدفاع النفسي القائمة على الرفض وعدم القبول أو الامتثال أو تلبية الطلب، يستخدمها الشخص ليواجه حقيقة غير مريحة أو مؤلمة، أو لتحقيق هدف ما، على الرغم من توفر أدلة دامغة، وقد تكون حالة إنكار بسيطة، مثل الإنكار لواقعة أو لمعتقد أو لحقيقة معينة، وقد يكون إنكار تَصْغِيْري عندما يعترف بالحقيقة وينكر خطورتها، أو قد يكون إِنْقالي حين يعترف بالحقيقة والخطورة ولكن ينفي المسؤولية"

سبحان الله و كأن هذا التعريف وضع خصيصا لغالبية ممن ينتمون للتيار الإسلامي الذين يرفضون أن ينتقد حزبهم أو فصيلهم , و الذين يزيدون في تعنتهم كلما أحضرت لهم دليلا أكثر قوة على بطلان فرضياتهم .
و لأنني لا أحب الكلام العام و الأحاديث المطاطة و أحب دوما أن أضع يدي على مكمن الداء , سأذكر بالاسم بعض حالات الإنكار عند بعض الفصائل و الحركات الإسلامية :

1) الإخوان المسلمون : بعد كثرة تنازلات الإخوان المسلمين و تفريطهم في الدين و تغير كثير من المفاهيم الشرعية و استبدالها بمفاهيم غربية كالديمقراطية و الحرية , فان شباب الإخوان المسلمين يعيشون حالة من الإنكار . فالأمر واضح جدا , ليس هذا النهج الذي أسسه الشيخ حسن البنا و ليست هذه طريقة المصحف و السيف التي دعا لها في آخر أيام حياته و ليست هذه طريقة رشيدة لإرجاع حكم الله في الأرض . و بعد تبديل المبدلين و بعد تقادم الزمن على هذا التبديل , تم ترويض الإخوان بنجاح إلى النهج الجديد و أصبح هو القائم اليوم , و إن أرادوا لساقوا لك ألف حجة على صحة تبديلهم المزعوم . و بعد استلام الإخوان الحكم في مصر أضاعوه ! لسبب أنهم استغنوا عن قوة العسكر و كانوا يحلمون بالديمقراطية التي تمكن لهم حكمهم ! كأرنب يحلم في قيادة غابة برضا الأسود ! و كيف لمثل هذا أن يحدث ؟ و من ينكر أننا نعيش في غابة ؟ البقاء للأقوى و لا غنى عن قوة السلاح ؟ و مع هذا و بعد ذلهم و تهاونهم و هزيمتهم و قتلهم و تقتيلهم و ذبحهم و سجن قادتهم و الحكم عليهم بالإعدام و حرمانهم يقولون : "سلميتنا أقوى من رصاصهم" ... أليست هذه الحالة قمة الإنكار ؟

2) حزب التحرير : حزب فكري لا يتبنى العمل المادي يعمل على إقامة الخلافة الإسلامية . لا يعرف أبناء الحزب معنى للانسجام إلا مع ذاتهم و يعيشون في عالمهم الخاص الذي يكون أشبه بعالم "أليس في بلاد العجائب" . فيما بينهم يقولون أنهم قاب قوسين أو أدنى من حكم العالم بشرع الله و ذلك بتسليم "الجيوش المسلمة" القيادة لهم في عالم لا يخلوا من الوردية الطفولية و بعيدا جدا عن عالم البالغين .بل و إن الخليفة عندهم جاهز ينتظر من الجيوش تسليمه للقيادة و عندهم نظام حكم جاهز ينتظر من  الجيوش المسلمة ان يطبقوه !!
 أين سلاحكم ؟ أين جيوشكم ؟ أين دوركم ؟ أين وجودكم أصلا ؟ أين فعاليتكم ؟ ها هي حروب المسلمين مع الكفار و حروب المسلمين مع بعضهم على اشد ما يكون و أوار الساحات يشتد يوما بعد يوم , أين انتم؟ الجواب : كم أنت مسكين يا هذا , ألا تعلم أن الحزب له الدور الأكبر في توعية الفكر في العالم , و لولا الحزب ما , و ما , و ما ... الى آخره من الالقوال التي تريد الاثبات لك ان الحزب من اهم المؤثرات في العالم !

3) داعش : قبل تشخيص حالة الإنكار لدى داعش و أنصارها , فانه تجدر الإشارة إلى صحة استخدام لفظة "داعش" بدل من الاسم الذي يحبونه لأنفسهم و يتغنون به , و صحيح أن الإعلام الفاسد من سماهم بذلك , لكن في أسلافهم سبق لذلك . الكل يتلفظ ب "التكفير و الهجرة" علما أن اسمهم الحقيقي الذي ارتضوه لأنفسهم هو "جماعة المسلمين"و لو سلمنا لهم ذلك الاسم لنفينا الإسلام عن أي شخص لا ينتمي لهم , فلذلك اسم التكفير و الهجرة اسلم و أفضل . و كذلك الأمر بالنسبة لداعش , فان سلمنا لهم أنهم دولة الإسلام في العراق و الشام لنفينا أن يكون أي كيان شرعي خارج "دويلتهم" داخل العراق و الشام . فلذلك اسم داعش أجمل و أكثر سلامة .
لا احد يولد مجرما محبا للدماء متلذذا بالأشلاء ! فطرة الله التي فطرنا عليها غير ذلك تماما . نحن قوم كتب علينا القتال و هو كره لنا . أليس كذلك ؟ أم أن القرآن ليس مسلما به عند بعض الأقوام ؟ فمن أين جاء التلذذ بالدماء و التقتيل ؟ الحقيقة أن داعش (بكل قوتها) فشلت كتجربة حكم في العراق و لفظها الناس و هذه مسلمة نحن نقر بها و هم ينكرون لها , و إذ ما معنى انه ليست لهم مدينة تحت سيطرتهم ؟ يدخلونها ليلا و يخرجون منها نهارا ؟ هم جماعة قوية نعم , لكن دولة بمعنى الدولة , فلا . و ينكرون ذلك و يسوقون الأدلة و حجم منطقة داعش اكبر من البحرين ! ممتاز . و لكن في البحرين نرى الجند و الناس و الحكام مكشوفي الوجه, لهم عملتهم و لهم قوانينهم و لهم أمنهم و نظامهم , لكن أين هي البقعة التي تحكمها داعش يستطيعون هم فيها كشف وجوههم ؟ أين البقعة التي يستطيع فيها "أمير المؤمنين " أن يدخل إلى مسجد مكشوف الوجه و يخطب بالناس ؟ ما هذه الدولة التي يحكمونها و الموظفون الذين يقبعون تحت حكمهم ليلا يتقاضون رواتبهم من دولة الطاغوت المالكي ؟ نحن نتكلم بحقائق جلية واضحة , و هم ينكرون كل هذا لتبرير الفشل , و مواجهة الحقيقة . و كي يثبتوا أنهم غير فاشلين في العراق , نقلوا وبائهم و فشلهم إلى سوريا ليزدادوا غيا و سوءا و تقتيلا للمجاهدين هناك . و للأسف فان أنصارهم غير المحاربين لا يقلون إنكارا عنهم كمقاتلين . تحضر لهم البراهين الجلية على دموية و فساد داعش من ذبح وقتل للأطفال و النساء و إثبات للتعذيب و إثبات للتحالف الوظيفي مع النظام في الشام (التحالف الوظيفي هو أن تجنب عدوا نيرانك و تصبها على عدو آخر فيستفيد العدو الأول ) . كل هذا يتم إنكاره و ببرودة أعصاب يردون : "باقية و تتمدد".
و هنا نرى أن :
1) سلميتنا أقوى من رصاصهم
2) الحزب قاب قوسين أو أدنى من إقامة الخلافة
3) باقية و تتمدد رغم انف الحاقدين
ألفاظ عند ثلاث جماعات "إسلامية" تعتبر ذروة حالات الإنكار بعد كل هزيمة أو إنكار لحقيقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق