الأحد، 15 يونيو 2014

قراءة لاحداث العراق بين الالم و الامل



قراءة لاحداث العراق
بين الالم و الامل
بقلم : احمد ابو فرحة
احب ان اعلق على احداث العراق بعد ان يأذن لي من يحبون , و احبائي المتعصبون الذين حسموا امرهم لجهة ما و اعتبروها هي الطائفة المنصورة , ان ارادوا ان يقرأوا مقالتي هذه , و الله لا اريد ان افسد عليهم احلامهم التي يعيشون , فمنهم من بات ينتظر قدوم "طائفته المنصورة" ليحرر بلده و ان كان يقع في اي جزء من العالم !!
ان المتتبع لاحداث العراق , يرى انتصارات و فتوحات لاهل السنة تشفي غليل دهور من الالم الذي عاثه الروافض الطائفيون ضد اهل السنة في العراق . و ان هذه الانتصارات كانت مزيج تركيبة معقدة من الاطارف التالية :
1- داعش 2- ثوار العشائر 3- البعث (النقشبنديون) 4- مجاهدي الفصائل الاسلامية
و قد رتبت هذه الاطراف بحسب حجم التأثير الذي سبب فتوحات العراق
و احب ان اؤكد انه لولا اكتمال الادوار ( و ان كانت ادوار لم يتفق على ترتيب منسق فيما بينها ) الا انها مجموعة من العوامل التي كان لزاما عليها ان تكتمل حتى رأينا ما رأينا من انتصارات .
فقوة داعش العسكرية الهائلة و حجم الرعب الذي تلقيه في عدوها و مقدار الفتك الذي تحدثه , كان العامل القوي و هو العامل الذي تصدر المشهد اعلاميا .
و ثوار العشائر و هم الذين مشوا في العملية السياسية و لم تنفعهم كل محاولات ارضاء الغرب و ارضاء الروافض و ظلوا اذلة جعلتهم يستفيقون من غفلتهم ( و هذا مؤقت ) , جعلهم يعتصمون في المدن السنية على مدار عام كامل مع انهم مسلحين , و بعدها قرروا ان ينتهجوا نهج السلاح بعد ان ملوا "السلمية" التي اثبتت فشلها .
اما النقشبنديون و من ورائهم البعث , فهم من الذين حملوا السلاح في وجه حكومة المالكي و بياناتهم شاهدة و ما انقطعت , و الاهم من ذلك و بحكم انهم قيادات في الجيش السابق فان لهم نفوذ في الجيش و الشرطة الحاليين و هذا النفوذ هو الذي ساعد في تسليم الشرطة و الجيش السلاح و منهم من انخرط مع ثوار العشائر او مع النقشبنديين .
و يأتي دور المجاميع الجهادية الاخرى و هو العامل الاقل تأثيرا لكنه موجود .
لولا هذه العوامل مجتمعة لما رأينا هذا النصر لاهلنا السنة في العراق .
و كل من هذه المجاميع القتالية يعتبر النصر نصره , و له اجندته الخاصة التي يدندن عليها , فالعشائر لهم مطالبهم السياسية , و هم في الغالب رهن المصلحة , و لذلك تجدهم يهاجمون داعش و يعتبرونها عميلة و انها وجدت ضد مصلحتهم من قبل اطراف معروفة , و هذه ليست من الحقيقة من شيء . و انصار العشائر لا يرون الا انفسهم داخل هذا المشهد .
نأتي الى داعش , فمن الطبيعي ان تنسب هذا النصر لها , و هي تعلم ان بقية الاطراف سيسقطون من الناحية الثورية قريبا , فلذلك لا ترى الا نفسها في الساحة , علما انه يوجد غيرها , لكن فان داعش رسالتها الى انصار الجهاد ان انظروا الى هذه الفتوحات كيف تمت و كيف ان كل حرب قادة التيار الجهادي علينا و بقية الفصائل لم يزدنا الا قوة . هم زادوا قوة , لكن من الناحية الايدولوجية و الفكرية فان داعش لم تتغير .
و سبحان مكرر المشاهد , فان العراق السنة مقبل على حمام دم سينغص كل تلك الانتصارات . و لنكن واضحين و بعيدين عن العاطفة , و لنأخذ بعين الاعتبار هذه الحقائق :
1- امريكا قطعت 8 الاف كيلو لاسقاط حكم صدام البعثي , و ساقت الاكاذيب لذلك , و وقفت ضد رؤية شعبها العامة التي ترفض الحرب . و من قبلها قطعت 12 الف كيلو الى افغانستان لضربها و انهاء حكم الامارة الاسلامية . لذا فان امريكا ستعمل المستحيل للقضاء على اي حكم سني يهدد كيانها او كيان كلابها في المنطقة .
2- كل من مكونات الساحة العراقية على عداء مع الاخر , فداعش و البعث لا يلتقيان , و العشائر و داعش لن يلتقيان , و البعث و العشائر قد يلتقيان او قد لا يلتقيان بحسب المصلحة , و المجاميع الجهادية الاخرى لا تلتقي مع داعش و لا مع العشائر و لا مع البعث , لذلك فان اي لحظة هدوء ستشعل حربا في السنة . و لعل انصار كل من اولئك لا يهمه هذا الامر , فالكل محتكر للحق , لكننا و كما فرحنا للسنة بشكل عام بكل المكونات على انتصاراتهم فاننا سنحزن على عموم اهل السنة في العراق بنكباتهم القادمة .
و ان كل من العشائر و داعش و البعث لا يريدون التنغيير و الالتقاء , مكررين كل التجارب السيئة الماضية . فداعش اميرها جاهز و لها زخم و حضور في هذه اللحظة ليس فقط عند كثير من التيار الجهادي بل و الى اطراف كثيرة اخرى , لكن كل هذا مؤقت . و العشائر المربوطة بالمصالح لن تتغير و ورائها دول عميلة تتحكم بها و قد يشكلون " الجيش العراقي الحر " او الجيش السني في العراق , و يبقى دور البعث غامضا قليلا و ستبديه الايام .
و لكن يسجل هنا , ان داعش بنظرتها الاحادية هذه , ستضيع على نفسها اكبر فرصة تاريخية لها بحكم حقيقي فعلي للعراق , فهي لم تسحب البساط من تحت اقدام عملاء الغد , و لم تخاطب العوام الا بنظرة الامر , لذلك فلن يكون هناك اسهل من شيطنتها , و ستصبح في العراق شيطانا اكثر من سوريا و ستسخر لها كل ادوات الاعلام . و لن يكون هناك لها سند من التيارات السنية الجهادية المخلصة , فمرحلة كسر العظم قد تمت .
فما احوج داعش اليوم لتغيير الخطاب الى اهل السنة و التصالح , لكن كما قلنا في بداية المقال , فان الانتصارات لا تغير من الحقيقة و لا من العقائد و لا من النهج و الاسلوب , و بالنسبة لداعش ستزيدها هذه الانتصارات غرورا و استعلاء الى الحد الذي يمكن ان يعلنوا فيه خلافة على مستوى العالم . و قد يؤيدها اغلب التيار الجهادي العالمي , و لكن سيكون القضاء عليها اسهل من قضم تفاحة . و عند داعش فان الله متكفل بها الى حتى يسلموا عيسى بن مريم الراية !!
و الذي لا يحمل عقيدة و لا منهاجا من ابناء السنة و رفض حكم داعش فانه لن يحالف امريكا فقط , بل سيحالف الشيطان للقضاء عليها . و وقتها لن تزيد داعش الا دموية . و هذه هي الحقيقة , و تلك هي التي كانت . فلا داعش ارادت ان تكون "خوارج" و لا قيادات السنة ارادات ان تكون "عميلة" , لكن غياب لقة التفاهم و عدم استغلال الاحداث و الوقوع في نفس الاخطاء دائما هو الذي قاد و يقود و سيقود الى هذا .
كل الان في غمرة فرحه كما نحن اليوم بالنسبة للعراق , لكن اذا لم يكن هناك تغيير حقيقي في التعامل مع الاخرين بالنسبة للسنة اعني , فان العراق سيبقى العراق بدمائه و اشلائه و فتنه , و كل حزب بما لديه فرحون .
و للاسف فان كل استقراء الاحداث هذا يندرج ضمن المنظومة السنية الداخلية , فامريكا بعيدة عن الخطر و الكيان الغاصب بعيد الخطر و ايران و الانظمة السنية العميلة كلهم خارج هذه الدائرة !!
نسأل الله السلامة لاهلنا السنة و ندعوا الله ان ينصرهم , انه على كل شيء قدير .

هناك تعليق واحد: