الاثنين، 9 أبريل 2012

قراءة للمشهد المصري

محاولة لقراءة المشهد المصري
تحليل لمكونات الساحة المصرية - حاضرها و مستقبلها
احمد ابو فرحة

تعتبر مصر الدولة الأكبر سكانا في الوطن العربي , إضافة إلى أهميتها الجغرافية كونها تقع في منتصف العالم تقريبا و قريبة على الجميع , آسيا و أوروبا و( هي في إفريقيا طبعا) و "إسرائيل" و الأراضي الفلسطينية بالطبع , و لأمريكا مصالح في مصر لا تخفى إلا على أمي في أمور الدنيا فهي يفترض أمريكيا أن تحمي " إسرائيل" , إضافة إلى كونها سوق استهلاكي للغرب غير منتج و لا مكتف ذاتيا , هذا لان أمريكا تريد ذلك للأسباب الآنفة . إذا فمصر قوة بشرية هائلة وسط العالم , تخاف أمريكا أن تصبح هذه القوة موردا للمقاتلين , فتصبح ربيبتهم "إسرائيل" في خطر و يتخلصون من التبعية لها و إن حدث هذا إن شاء الله ستكون أوروبا القريبة في خطر أيضا!! لذلك تحاك الدسائس وراء الدسائس كي لا يصبح كابوس أمريكا حقيقة.

نعرج قليلا إلى طبيعة الشعب المصري , فهو شعب متدين بسيط ( بشكل عام ) , يميل إلى اللاعنف و السلم , عاطفي بفطرته , يتحكم به القادة من أشكال و ألوان.

أما بالنسبة للجماعات و الحركات و القوى التي تتجاذب أطراف السياسة بعد ما يسمى بثورة يناير نراها كالتالي :

1- المجلس العسكري : و هو السلطة الفعلية لمصر تشريعيا و تنفيذيا و إلى حد كبير قضائيا , يرأسه عملاء لأمريكا معروفين للقاصي و الداني , يريدون مصر دولة علمانية و يحاربون من يريد تطبيق الشريعة بأي وسيلة كانت , و للتوضيح فان المجلس العسكري هو النظام إن صح التعبير , و ما كان مبارك إلا (فاترينة ) عرض لا قيمة لها , فما قيمة الرئيس دون جيش؟!
للمجلس أنصاره من الشعب , و يعدون نسبيا كثيرين , فكل دولة طاغوتية حتما ستجد أنصارا لها من مطموسي القلوب و العقول.

و للأسف الشديد يجمل صورة المجلس بعض من رموز السلفية التقليدية و الذين أصبح دورهم اكبر بعد الثورة , بعد أن ركبوا موجتها , إلا أن الخوف الذي تربوا عليه عقودا , بل هو أساس لفكرتهم لن يزول , و سيظلون يكبتون الطاقات الشبابية لأجل مسمى( نبذ الفتنة) و الحفاظ على الدماء المصرية المسلمة , و تلك اكبر مشكلة تواجه الشباب المسلم في نظرته إلى معنى الطاغوت أي المجلس العسكري.

2- أصحاب رؤوس الأموال و المصالح التي كانت تمثل النظام السابق و بعض من أنصار و قيادات الحزب الوطني المنحل الذين يسمونهم "فلولا" , و هؤلاء بلا شك لهم أهميتهم في الساحة المصرية و يندرجون تحت مسميات كثيرة, منها علماني ليبرالي وطني أو حتى إسلامي , و هذه الشخصيات تدعم بقوة بعض من قيادات النظام السابق , كالعميل الأمريكي الصهيوني عمر سليمان و هذا مفضوح جدا , أو العميل المجمل عربيا رسميا عمرو موسى , أو الرويبضة احمد شفيق.

طبعا لا ننسى دور المخابرات الأمريكية و الصهيونية و الغربية في الدول العربية و لا شك في مصر أيضا , سواء من خلال السفارات أو حتى أي شقة وسط العاصمة كما يقول الكاتب الإنجليزي (بيتر رايت) في كتابه صائد الجواسيس عن سيرة الجاسوس كيم فلبي ابن عبد الله فلبي : "تحكم الدول الموالية للغرب من خلال شقة في عمارة بوسط العاصمة بها جاسوس مخابرات أمريكي يعاونه جاسوسان محليان وهؤلاء الثلاثة هم الذين يقررون الحرب والسلم وتشكيل الوزارة وحل الوزارة وتسمية الوزراء وحاكم الدولة مثل العريس لا يفعل شيئا إلا ما يأمرونه به".

3- بعض من القوى العلمانية و الليبرالية و الوطنية , و كانت بعضها معارضة لنظام الرئيس المرفه المنعم حسني مبارك , و هذه القوى تعيش على أحلام بائدة في قومية سلفت في الماضي القريب أو وطنية ذات نزعة استقلالية علمانية , و من هذه القوى ما هي شيوعية لا تزال تصر على مبادئ عوجاء ماتت في مواطنها , و بعض القوى اللادينية . و تلتقي هذه القوى على فكرة واحد , و هي كره الإسلام و المكر به , و التنصل من الشريعة الغراء, و الحمد لله فهؤلاء وجودهم قليل كما أثبتت الأيام الماضية , و فعاليتهم محدودة و ارتباطاتهم غير مؤثرة , لان مشكلتهم في الأغلب فكرية و قلبية , فهم يعملون من مبدأ أكثر من مصلحة , و هم بلا شك ينتهزون فرصة هنا أو هناك لمصالحهم الحزبية , و بالتالي فهؤلاء أعداء للإسلام و المسلمين مع وقف التنفيذ.

4- الإخوان المسلمون : و هي الحركة الأكبر في الشارع المصري , تجذب اغلب الشباب الإسلامي , و ذلك بحكم تاريخها الأطول في العمل الإسلامي و وقوفها بوجه طواغيت مصر منذ نشأتها , و قد لاقت هذه الحركة و شبابها الكثير من الويلات , و قدم الإخوان نموذجا "مريحا" للإسلام للشعب المصري , فكما أسلفنا أن الشعب المصري بطبيعته هادئ و مسالم و عاطفي , و لذلك تعاطف الشعب المصري معها , إضافة إلى الخدمات التي يقدمها الإخوان للناس , إذ أن عامل المصلحة يلعب دور كبير هنا أيضا , لهذا تجد الإخوان الحركة الأكبر في مصر.

جميل هذا , و لكن لا ننسى أن للإخوان هدفا يسعون للحصول عليه , خدمات تضحيات تحركات , كل هذه ليست دونما ثمن !! فلنفترض أن الإخوان قديما أرادوا تحكيم الشريعة و قدموا ما قدموا , إلا أن هذه الفرضية سقطت اليوم بالكامل , و لا يقول بعكس ذلك إلا ساذج , فعوامل الزمن و كثرة المحن و تبدل الأجيال و دخول المال و المصلحة , قاد الإخوان إلى تغيير الهدف , فأصبح الهدف هو السلطة و هذا لا شك فيه , و النموذج الإسلامي المفترض للإخوان هو النموذج العلماني بالثوب الإسلامي , و لا نريد سرد تصريحات قادة الإخوان من سنوات كثيرة إلى الآن , فان هذا الأمر لا يخفى لمن أراد أن يرى!! أما من لا يريد الرؤية , حتما انه لن يرى.

و بعد كل هذا, و إن أحسنا الظن بالإخوان إلى أعلى درجة , في عدم ارتباطهم بالغرب عقيدة , إلا أن هناك كرسي يتلألأ أمام أعينهم , هناك نموذج يسعون إليه , هناك سلطة يرمون لها , باختصار فان نهج الإخوان قائم على المصلحة الذاتية , منهج ميكافيلي غير إسلامي , و لا يراهن عليهم في تحقيق نصر أو إقامة شريعة .

و قصة ترشيح الشاطر تدل على أنهم لا يريدون رئيسا إسلاميا لمصر , فإما أن يكون الرئيس منهم , و هذا الاحتمال الثاني الذين اضطروا إليه , أو الاحتمال الأول بان يكون الرئيس مرضي عنه أمريكيا أيا كان , إلا أن هناك قوى معارضة في الشارع المصري تحاول إفساد هذا المخطط , و بالنسبة لأمريكا فلا يهمها من المرشح أو توجهه ما دام خاضعا لها ينفذ ما تمليه عليها , فقصة الحكم الإسلامي ليس مشكلة كبيرة عند الأمريكان ( الإسلام الشكلي ) و ما السعودية ببعيد عن ذاك النموذج.

إذا فالإخوان ليسوا معنيين بشكل رئيس أن يكون الرئيس منهم , و لو أرادوا ذلك لقالوا في أول الأمر , و لقد ادخلوا ( الشاطر ) إلى اللعبة و هم يعلمون أن كثيرا من أصواتهم ذاهبة لأبي الفتوح الذي كان منهم و فصلوه بسبب ترشحه , و أصوات كثيرة أيضا منهم ذاهبة للشيخ حازم أبو إسماعيل , هم يدركون ذلك , و كما قلنا لو أرادوا وحدة الجماعة و أصواتها لدعموا مرشحا رئاسيا من أول المضمار , لكن اللعبة مكشوفة, نزول الشاطر لتفتيت أصوات الإسلاميين.
خلاصة : الإخوان جماعة انتهازية ميكافيللية ذات مصلحة ذاتية , بعيدة عن الحلم الإسلامي.

5- السلفية : و هذا المصطلح مطاط , إذ إن السلفية هي عبارة عن مشايخ و أتباع , كل شيخ لديه وجهته السلفية و أتباعه , إلا أنهم إلى حد ما اتحدوا في مسمى " حزب النور" و زكي من قبل العلماء السلفيين , و خاضوا غمار العملية السياسية.
بالنسبة لعمرهم السياسي , كثيرا ما تسمع من التحليلات أنهم ليسوا أصحاب خبرة في السياسة , و لكن هذا الوصف لا يعطيهم حقهم !! هؤلاء انتقلوا من مرحلة اللاخبرة بشيء إلى مرحلة المماحكة و المقارعة في وقت سريع جدا , و اقصد بمرحلة اللاخبرة بشيء , اقصد حتى اجتماعيا . فكنت ترى الرجل السلفي بثوب قصير و زوجته المنتقبة لا يتكلم  ولا يخالط حتى مع اقرب أقربائه , و قد يكون اخو السلفي الغير متدين . لا يعرف إلا المسجد و البيت و العمل و الزوجة و الأولاد , منغلقين على أنفسهم , و بسرعة مهولة أصبح الأخ السلفي و الأخت السلفية من عدم الخبرة و عدم الاختلاط إلى التنظير لهذا الحزب و الزيارات و العمل السياسي !!( لا يفهم من كلامي الطعن لا سمح الله في أخواتي المنتقبات , إنما احلل أوضاعهم , فهن و الله أخوات كريمات و كإناث لسن مطالبات بما هو مطلوب من الرجال ) .  فماذا تريد من هؤلاء؟؟ يعني لو تكلمنا عن الإخوان لقلنا أن للإخوان نهجا معينا مرنا يسمح لهم بكل ذلك و عقيدة مطاطة ليس فيها ثوابت كثيرة , و مع ذلك فقد تروضوا بعشرات السنين , فكيف لهؤلاء السلفيين أن يصبحوا بعد الدخول إلى الحياة قبل الدخول إلى السياسة؟؟!!
هم يعانون من شيء يشبه في علم الاجتماع مصطلح " الهوة الثقافية " , و تصيب هذه الحالة الأفراد عندما ينتقلون من بيئة إلى بيئة , و هكذا هم.
تجدهم متخبطين في تصريحاتهم و تصرفاتهم , تراهم ليسوا موحدين , هذا يسب و هذا ينفي و هذا يدافع و هذا يبرر و هذا ينطق بالحق !! غريب أمرهم.
و لنأخذ مثالين يوضحان موقفهم المتخبط , الأول زيارة المتحدث باسمهم نادر بكار لحفل عمرو حمزاوي و كانت الحفلة ماجنة راقصة , الموسيقى تعج بالصالة , و ذهب المتحدث السلفي إلى الحفلة !! بعد أن كان السلفي يقاطع أخاه من أمه و أبيه إذا أراد أن يشغل موسيقى شعبية في حفل زفافه , أصبح السلفي يذهب إلى الأماكن المشبوهة بحجة السياسة و الدعوة , و المضحك في الأمر , أن السلفيين لا يستطيعون الدفاع و التبرير كالإخوان , فهذه دخيلة عليهم و ليست في منهجهم .
و الموقف الثاني يوم مات بابا الأقباط في مصر , و منهم من عزاه , و في مجلس الشعب انقسم السلفيون إلى ثلاثة أقسام عندما طلب رئيس المجلس من الأعضاء وقوف دقيقة حداد على روح "شنودة" , و معلوم بالدين بالضرورة أن هذا الفعل لا يجوز , فمنهم من وقف الدقيقة و قسم اخر بقي في الجلسة دون الوقوف , و القسم الآخر آثر الخروج لان ما في عقيدته لا يسمح له بذلك , فهذا دليل على تخبط موقف السلفيين .

أما عن مواقفهم السياسية فهم قريبون من الإخوان , ذلك أنهم يريدون تمكينا لهم أولا و لا يريدون غضبة أمريكا , أو بالأحرى لا يريدون أن يأخذ احد على خاطره , فالمجابهة مفقودة و الحجج كثيرة , و موقفهم من الشيخ حازم فضحهم و سبب انشقاقات في صفوفهم.
خلاصة : هم كحزب لا يعول عليهم في المواجهة و في أي حلم إسلامي , اللهم إن كان حلمهم تطبيق الشريعة كما يزعمون فانه قطعا النموذج السعودي ما يطمحون إليه.



6- الجماعة الإسلامية : لن أتحدث عن هؤلاء كثيرا , فمراجعاتهم تتحدث عنهم , هؤلاء لا يعرفون الوسط في أي شيء , فمن أقصى اليمين الذي لا يهادن إلى أقصى اليسار الناعم , طبعا تعذبوا و ذاقوا الويلات و حوربوا , حوربوا حتى اجتماعيا ومن الإسلاميين كالإخوان و السلفيين , و انتهوا إلى ما نراه الآن , برلمانات و ليونة و تخبط في الآراء.
و هؤلاء اجزم انه لولا أنهم خجلون من تاريخهم و اسمهم , لانضموا إلى الإخوان المسلمين , فهم الآن قريبون جدا منهم , و ما نموذج " عصام العريان " القيادي الاخوانية ذو التصريحات الهدامة ببعيد , فقد كان هذا الرجل من الجماعة الإسلامية و أمين صندوقها في إحدى البلدات المصرية , و بعد تراجع المتراجعين رأينا ما هو العريان .
خلاصة : الجماعة الإسلامية ليست بالقوة الشبابية الفاعلة على الأرض و لا لها دور يذكر مقارنة مع غيرهم الإسلاميين و لا يستطيع احد التعويل عليهم في مشروع إسلامي حقيقي.

7- أنصار التيار الجهادي : هؤلاء لديهم الفكرة الصحيحة و الطريقة المثلى و العزيمة , إلا أنهم الآن و في هذا الوقت يفضلون السكوت ريثما ينقشع الضباب , أعدادهم قليلة , و شيوخهم معدودين على الأصابع , ليس بينهم تنسيق على الميدان يذكر , ينظرون إلى الأمور بعين الحائر , إذ ما مصير مشروعهم في هذه الأوقات ؟؟ لو فكروا بالقيام بأي عمل مادي غير ممنهج , سيصطدمون أولا بالشباب الإسلامي الذين لا يحملون طرحهم و ستكون العواقب بالنسبة لهم غير محمودة , و ما يقوم به الشباب الأبطال في سيناء من حرق لأنابيب الغاز , هو عمل خجول قليل و بعيد أصلا عن وسط الأحداث المصرية في قلب مصر .
لا يعتبرون العمل في مجال الديمقراطية سبيلا ناجعا لإقامة حكم إسلامي , إضافة إلى ما في هذا العمل من محاذير شرعية من الدخول إلى الشرك و التنازلات و إلى غير ذلك من المتاهات , فلذلك تجدهم لا يخوضون هذا المضمار و لا يناقشون فيه أصلا حتى مع مخالفيهم , لان ذلك سيقود إلى إسقاط واقع الشرك على شيوخ و لحى و نقاب و غيره , و هذا بالنسبة لهم مشكلة , فهم يكتفون بقول الحكم الشرعي من بعيد و على استحياء – اقصد في الحالة المصرية .
و يذكر أن بعضا و هو عدد قليل من أنصار هذا التيار من لحق بركب الشيخ حازم في مشروعه الذي سيمر من نفق الديمقراطية و هم يعلمون بحرمة و عبثية الطرق الديمقراطية , إلا أن عدم وجود البديل الحقيقي في مصر لجماعة تعمل جديا و بفعالية لإقامة شرع الله , أدى بهم إلى الركوب مع الشيخ حازم .

خلاصة : شباب التيار الجهادي في مصر شباب يعول عليهم , إلا أن مشكلتهم تكمن في الجماعة الموحدة صاحبة المشروع ليلتحقوا بها , إضافة إلى تعقيدات المشهد من وقوف علماء مصر و سلفييها و إخوانها بعيدا عنهم , فهم لا يريدون أن يكونوا صوتا نشازا في وقت مغبر في سماء ضبابية .ولا شك أنهم ينتظرون لحظة حاسمة يقضي الله أمرا كان مفعولا . و هذا بيد المولى.

8- الشيخ حازم و أنصاره : يمثل هذا التيار في مصر التيار الأبرز المعارض للهيمنة الأمريكية أولا و للمجلس العسكري ثانيا , يقوده الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل و هو خليط بين الإخوان و السلفيين عقيدة و منهجا, إلا أن ما يميزه عن الإخوان صدق النية في نظام إسلامي و ما يميزه عن السلفية الشجاعة في المواجهة .
إلا أن طريق الشيخ حازم التي انتهجها لتطبيق شرع الله طريق لا تؤتي الأكل في ولادة مشروع إسلامي , لأنه طريق غربي ينصب فيه الكفار و أعوانهم ألف ألف عقبة أمام ما لا يريدون , و لكن للشيخ حازم مدرسة في العمل الإسلامي و هي مدرسة أبيه المرحوم الشيخ صلاح أبو إسماعيل الذي سلك درب البرلمان و كان صادقا في نيته الإسلامية و شهد له القاصي و الداني و كل التيارات , و كان شوكة في حلق النظام المصري أيامه , و لكن الشيخ المرحوم سلك تلك الدرب في وقت لم تكن فيه الخبرة الإسلامية الدعوية كاليوم , فيجب على المسلم أن يتعلم من الزمن , فالشيخ المرحوم صلاح الذي أداه في زمانه كان رائعا و كبيرا , و ليس التقليد شرط في النية لإقامة الشرع يا شيخ حازم .
مثال اذكره : الشيخ البنا رحمه الله كان شابا صغيرا عندما أسس الإخوان و انتقل بمراحل كثيرة بدعوته بحكم سنه و سلك أكثر من طريق و قال أكثر من مقولة و فعل و أصاب و اخطأ , إلا أن زمانه مختلف عن زماننا اليوم , اليوم نرى ما لم يكن الأوائل رؤيته , لان الدنيا تغيرت و الاتصالات و عالم النت و التلفاز , كل هذا يجعلنا أن نرى أكثر . فالذي قدمه الشيخ حسن البنا كان رائعا في زمانه و له ما له و عليه ما عليه , إلا أن أتباعه اليوم و بعد أن كسبوا الخبرة التي لم يكن الشيخ قد كسبها , يبررون كل مصيبة لهم و كل قول نسبة للشيخ حسن البنا رحمه الله , و هم يعلمون و نحن نعلم أن تلك المرحلة من حياة الشيخ و تلك المقولة و ذلك الفعل ليسوا قرآنا وجب إتباعه , فخطأكم مقصود ,و الله اعلم أن خطأ الشيخ لم يكن مقصودا!!
 ما أردت أن ارمي إليه , هو استغرابي من حسن نية الشيخ حازم و سوء الطريقة التي يمشي بها , سوءها منطقيا و شرعيا , إلا أن سنة الله ماضية و هذا هو الموجود.
أما بالنسبة لأنصار الشيخ حازم صلاح و هم فاعلون في الميدان فهم:
1- قسم من التيار السلفي و هم الأغلبية, و يعد هؤلاء من صفوة الشباب السلفي المتحمس.
2- قسم من شرفاء الإخوان و ممن حسنت نيتهم في مشروع الدولة الإسلامي
3- قسم صغير من أنصار التيار الجهادي , و أقول صغير لان الطريقة لا تتفق و أدبياتهم
4- مجموعة من المستقلين الأحرار ذوي التوجه الإسلامي
5- بعض قليل جدا من الأشخاص العروبيين الأحرار أو أي توجه غير إسلامي آخر حر
6- بعض العامة, إن صح تسميتهم أنهم من " الدهماء" , و هذا الوصف ليس سبة إنما هم أناس لا يعلمون الكثير في هذه الدنيا , و يتحركون لعواطف معينة

هذه هي أطراف الساحة المصرية أوجزها باختصار , و هناك مسلمات يجب أن اذكرها و سوف لن استعجل عليها , فالزمن كفيل بكل ما هو متوقع و كل ما هو غير متوقع.

1- إن صدقت أي جماعة أو أي شخص النية مع الله , و أراد فعلا أن يبني بلده حرا و دستوره إسلامي , فالمواجهة مع العسكر و أعوانه ستكون لا محالة , و في هذه الحال ستسفك الدماء , رغم عدم تمني ذلك , فشرع الله اوجب شيء يبذل له الدماء , ففي سبيل الحرية العمياء تسفك الشعوب دمائها , و في سبيل تحسين الرواتب لا ضير إن ضحى الشعب , و في سبيل أي دنيا يبرر الشيخ و العلماني ذلك , فلماذا لا يبرر ذلك لأجل شريعة الله؟؟؟!!

2- غباء أمريكا و الغرب و حقدهم على الإسلام جلي مبين واضح , فهم بحقدهم على شريعة محمد يعجلون في وضع أسافين نعوشهم , فلو فكروا قليلا و بمصلحة مجردة دون حقد , لوجدوا الحل , و سلموا الإسلاميين قيادة مصر و جعلوهم يحكمون بشريعة الإسلام التي يفصلونها لهم مقابل مساومات و لحفظ مصالحهم , و كانوا بذلك لسحبوا البساط من تحت الشباب الإسلامي و القيادات الإسلامية و من تحت الشعب كله , و لأصبحت مصر سعودية أخرى أو تركيا أخرى أو سودان , أو أيا شئت من الأشكال الإسلامية , إلا أن الله غالب على أمره و لو كره الكافرون.

3- نحن على أعتاب آخر الزمان , و على أعتاب الانقسام إلى فسطاطين , فسطاط الحق الذي لا نفاق فيه و فسطاط النفاق الذي لا حق فيه كما بشر رسولنا صلى الله عليه و سلم , لذا فالجماعات الإسلامية المصالحية المتخاذلة تقف على مفترق طرق , ستحدد أمرها , و أرجوا الله أن ترجع إلى فسطاط الحق , و إلا سيكونون في صف الأعداء وقتها و سيأخذون نفس حكمهم.

4- أرى الأمور في مصر تنضج و تستوي كحبة التين , فلا يستعجلن احد , دعوا حبة التين تنضج و تستوي حتى تسقط عن الشجرة, فلا بد من نقطة مفصلية و قشة تكسر ظهر البعير , و الأهم أن يصدق المخلصون النية مع الله , و يعدوا العدة لأمر الله القادم , عسى أن نعيش تحت ظل الإسلام انه القادر على كل شيء و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

8- ابريل – 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق