الجمعة، 27 مارس 2015

خواطر رنا العلي : عاصفة الحزم


خواطر رنا العلي : عاصفة الحزم
بقلم الاديبة : رنا العلي

نحنُ لسنا مؤمنين بما فيه الكفاية كي لا نُلدغ من ذات الجحر مرتين، يُمكننا أن نُلدغ منه 45678 (خمسة وأربعون ألف وستمائة وثمانية وسبعون) مرة! وفي كل مرةّ نعتقد أن "هذه المرة غير"، وأننا لسنا بحاجة إلى مُراجعة التاريخ القريب، القريب أقصد ما قبل 5 شهور بس!
الذين سهّلوا للشيطان أن يصل من الشمال قبل أشهر، لن يقاتلوا مع الله من الجنوب. هربوا بعد أن سلّموا لمعتوه مرّان كل شيء، ولمّا لم يجدوا ما يقدّموه له لبسوا براقع وعبايات، ثم نقلوا الشرعية المهلّبية إلى عدن.
الطيّار الذي يفرّغ حمولته فوق "الروافض" قبل قليل في صنعاء، هو ذاته من مهّد لهم الطريق للبقاء في بغداد. سيدخّن سيجارته، ويستمع لأغنية راشد الماجد "جيت وايش جابك حبيبي"، ثم سيفرّغ حمولة أخرى فوق تكريت، أو دير الزور.
لن يجدوا أسرع منّا نسياناً في الذاكرة، لأننا لا ننسى بسرعة فقط، ولكننا سُرعان ما نحب بسرعة أيضاً!
لن يجدوا أسهل منا في "الاستتياس"، تياسة بحتة، بلا أي إضافات، لأننا لا نُريد أن نرى الصورة بكل تطابقاتها، نحبّ فقط ذلك الجزء المصنوع بالفوتوشوب منها.
لن نجد إلا المصلحة التي تحرّكهم، وتحتاج المصلحة في بعض الأحيان إلى رتوش خفيفة لزوم التجميل. لا يهم، نحنُ لا نرى القُبح المختفي تحت الأقنعة، نحنُ لا نرى إلا ما بين أيدينا الفارغة وما خلفنا بمتر، وما فوقنا من طائرات "سنّية" وما تحتنا من قباقيب الجوامع، وما عن يميننا من نسيان، وما عن يسارنا من خونة!
سأفرح إن انتصر الروم على الفرس، ليس لأنهم أهل كتاب، ولكن لأن ضربَ الله للظالمين ببعضهم يحمل حكمة إلهية ليس علينا أن نُدركها سريعاً.
علينا أن نُدرك أن الدول ليست جمعيات خيرية، وأن الحل لن يكون وفق الطحن العسكري البحت، هكذا يريدون، وأن السياسة وأمريكا وحجّاج البيت الأبيض آخر ما يهّمهم هو "نحن".
دونهم سوريا، إذ لا يبدو ما ارتكبه زميل المهنة في اليمن مقارنة بما فعله كبيره الذي علّمه الحقد، لا يبدو إلا نُكتة سمجة. لكن العالم لا يرى 4 سنوات من الموت في سوريا، ولا يسمع صرخات 280 ألف شهيد في الشام، ولكنه من البجاحة ليستمع فقط لصرخة "رياض ياسين" على قناة العربية!
ما يهمّ أن نعرف مكاننا الآن، أن نُجيد التوصيف والرؤية، وأن لا نُلدغ للمرة الـ45679 !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق