السبت، 13 أبريل 2013

جبهة النصرة ... الوجه الجديد للقاعدة .. قراءة في خطاب الجولاني الأخير


جبهة النصرة ... الوجه الجديد للقاعدة
قراءة في خطاب الجولاني الأخير
احمد أبو فرحة
قبل البدء في الكلام , لا بد من الإشارة إلى انه لا فضل لقاعد على مجاهد مهما بلغ فكره و مهما اتسعت مداركه و مهما قال من حكم الكلام , فالمجاهدون خير الناس و أفضالهم تيجان فخر على رؤوس المسلمين.
في الأسبوع الماضي , حدث أمر يمكن عده سابقة في تاريخ العمل الجهادي , و لأنه أمر كبير كان مدار حديث و تحليل لكثير من الأطراف العدوة منها و المناصرة و المتربصة أيضا , و لا ضير من التحليل حتى و لو كان الأمر شائكا , و هذا الأمر في إعلان أبي بكر القرشي اندماج دولة العراق الإسلامية و جبهة النصرة تحت مسمى واحد و ما تلاه من خطاب للجولاني المسؤول العام لجبهة النصرة و في هذا المقال سيتم تسليط الضوء على فكرة و خطاب الجولاني.
أولا : جبهة النصرة : الاسم و الدلالة
من خلال الاسم نجد أن اسم الجبهة يدل على هبة خارجية لنصرة أهل سوريا المستضعفين , و هو أول اسم لجماعة جهادية لا يحمل الأسماء التقليدية مثل الجهاد – التوحيد – الشريعة و أي من هذه الأسماء التي تعطي مدلولا واضحا لفكر الجماعة الطامح لقيام دولة إسلامية .
طبعا لا شك في أن حلم أي جهادي أو أي مسلم موحد , بل ليس حلما بل فرض هو إعلاء كلمة الله و جعل الشريعة هي التي تحكم , و لكن يختلف الأسلوب من جماعة إلى جماعة و من شخص إلى شخص .
و لعلنا هنا نرى أن من وضع اسم ( جبهة النصرة ) يريد الدخول إلى قلوب الناس أولا و إلى قلوب الذين انخدعوا بكثير من حقارات الإعلام سواء العربية أو الغربية و ناله كثير من التشويه . و لذلك أرادت جبهة النصرة و قادتها البدء من جديد في التوغل إلى قلوب الناس من دون حمل ارث كبير من التشويه لكثير من الجماعات الجهادية الأخرى في كثير من البلدان , و لقد نجحت جبهة النصرة في ذلك قطعا , فشعبيتها بين الناس و بين كثير من الذين يتحفظون على بعض أعمال القاعدة كبيرة جدا .

ثانيا : راية جبهة النصرة
بعد الحديث عن الاسم و الدلالة , نجد الراية التي ارتضتها جبهة النصرة لنفسها هي راية (لا اله إلا الله محمد رسول الله ) و طبيعي أن تكون هذه الراية للجهاديين , و لكنها مختلفة عن راية دولة العراق الإسلامية و مختلفة عن أنصار الشريعة في اليمن , أي مختلفة عن راية القاعدة بشكل عام و هي ختم رسول الله صلى الله عليه و سلم و فوقها راية التوحيد.
و احسب الغرض من ذلك هي إبعاد الناس عن أي تراكمات سابقة من التشويهات التي نالت من القاعدة في العالم و بالذات في العراق أو من بعض الأخطاء هنا أو هناك .
و نرى أن الشيخ أبي محمد الجولاني قد ركز على هذه النقطة حين قال : "وستبقى راية الجبهة كما هي لا يُغير فيها شيء رغم اعتزازنا براية الدولة ومن حملها ومن ضحى وبذل دمه من إخواننا تحت لواءها" انتهى كلامه .

ثالثا : تكتيك جبهة النصرة
رغم أنها وليدة دولة العراق الإسلامية و ذلك باعتراف مسؤولها العام أبي محمد الجولاني ( و هنا أيضا دلالة في كلمة المسؤول العام و ليس أمير ) إلا انه للناظر و المتابع للجماعات الجهادية يرى فرقا كبيرا جدا في التكتيك بين الجماعتين , و أركز فرق في التكتيك و ليس فرق في الفكر أو الايدولوجيا .
فجبهة النصرة استفادت كثيرا من تجربة العراق و لا يخفى أيضا أنها نجحت في تلافي أي أخطاء من الناحية التكتيكية و التي كانت ستكون عوامل خصبة لتشويهها , و نذكر بعض الأمثلة مثل ذبح الجنود الأمريكان و بعض المرتدين و القيام بنشر فيديو الذبح , اقتحام كنيسة سيدة النجاة في بغداد , تفجير الفنادق في عمان , ضرب حسينيات الشيعة . و نحن هنا لا نناقش شرعية هذه الأعمال بقدر ما نناقش التكتيك في صب القتال و الجهد على جهة واحدة و عدم فتح المجال لأي مغرض للنيل من المجاهدين بالكذب و التهويل , و كم حاول الكثيرون من التدليس على جبهة النصرة إلا أن الذين ليسوا مع جبهة النصرة هم الذين فندوا هذه الأكاذيب من أطراف الثورة السورية غير الجهادية.
و لقد نجحت أيضا جبهة النصرة في ذلك و ليس لها أي عدو في الوقت الحاضر إلا النظام و من يقاتل معه من الإيرانيين و جنود حزب اللات .
و مما يدلل على فرضية هذا التكتيك لدى جبهة النصرة في تلافي الأخطاء قول أبي محمد الجولاني : "بعدما كُشفت بعض الأوراق أننا واكبنا جهاد العراق مذ مبدأه إلى حين عودتنا بعد الثورة السورية مع ما حصل لنا من انقطاع قدري إلا أننا قد اطلعنا على أغلب تفاصيل الأحداث الجسام التي مرت على مسيرة الجهاد في العراق واستخلصنا من تجربتنا هناك ما سر قلوب المؤمنين بأرض الشام تحت راية جبهة النصرة" انتهى كلامه .

رابعا : التنسيق مع الجماعات الجهادية الأخرى
رغم أن هذا من نهج القاعدة , التنسيق مع البقية , إلا أنها دوما تتهم بالإقصاء و بتر الآخر , و هذا أيضا من أفعال وسائل الإعلام القذرة . و هنا يحاول الجولاني دحض هذه الفرضية بكل قوة بإصراره على أهمية دور الجماعات الأخرى في بناء الدولة الإسلامية القادمة بإذن الله , حتى و لو كلفه ذلك رفض ما أمر به أميره أبو بكر القرشي – طبعا بشكل مهذب لطيف.
و هذه نقطة قوة تحسب لجبهة النصرة , أن يبقى معك المخالف لآخر الطريق .
و نرى في بداية خطاب الجولاني : "أيها المسلمون في كل مكان ، قيادات الحركات الجهادية قيادات الفصائل المسلحة ، أهل الشام ، أبناء جبهة النصرة ، السلام عليكم ورحمة الله و بركاته"
حتى في رده على أميره أبي بكر القرشي , يخاطب المسلمين و قيادات الحركات الجهادية و بقية الفصائل و حتى عموم المسلمين , و هنا دلالة على أهمية إشراك الجميع في بناء الدولة الإسلامية القادمة .
و نرى أيضا في ختام قوله " ونطمئن أهلنا في الشام أن ما رأيتموه من الجبهة من ذودها عن دينكم وأعراضكم ودماءكم وحسن خلقها معكم ومع الجماعات المقاتلة ستبقى كما عهدتموها وأن إعلان البيعة لن يغير شيء في سياستها"
رسالة طمأنة إلى أهل الشام بأن ( سياسة ) جبهة النصرة لن تتغير , و ( حسن خلق ) الجبهة لن يتغير إشارة إلى تلافيه لأي خطأ و سحبه البساط من تحت أقدام المتربصين هنا أو هناك .

خامسا :الارتقاء للاعلى – بيعة الظواهري
بعد كل الذي تحدثنا عنه من محاولة الجولاني لإبراز جبهة النصرة الجهادية في أجمل حلة لها , و بعد كل المحاولات الناجحة لتلافي أي خطأ , لم يتوانى في بيعة الظواهري رغم كل ما يمكن أن يحمله ذلك من تبعات , فكأنه يريد أن يقول : نعم نحن قاعدة و لكن لن تكون لنا أي أخطاء و ليطمئن جميع الناس بأن القاعدة لا تريد إلا صلاحا للمسلمين .
و بيعته للظواهري هي بيعة فكرية أكثر منها ميدانية , فالذي على الميدان هو الذي يقرر .

كلمة أخيرة
إن تاريخ الحركة الجهادية تاريخ حافل بالانجازات و مليء بأمثلة قدموا نماذج أشبه بالصحابة , هم رأس حربة المسلمين . و لقد نابوا عن الأمة جمعاء في كل بلد وطئه الكفار , في العراق و في الشيشان و في أفغانستان و اليمن و الصومال و سوريا و مالي و غيرها. لكن يبقون بشر لهم أخطائهم و هذا أمر لا يخجل احد بالاعتراف به , فكل ابن آدم خطاء . و لا ضير من الاستفادة من التجارب السابقة , فالهدف معلوم – إعلاء كلمة الله , و الكيف يكون بحسب الخبرة و كثرة التجارب .
و أمر آخر لقادة المجاهدين , بأن لا يكون الخطاب و الرد على مرأى و مسمع للأعلام فتوجه النصال و السهام من الحاقدين و دعوة أخرى بأن يكون التنسيق أعلى و أكثر .
و الله من وراء القصد
12 – نيسان - 2013


هناك 5 تعليقات:

  1. كلام أصاب كبد الحقيقة ,و ليس به غمز و لا لمز بمجاهد , إنما يضع النقاط على الحروف في من هو الأجدر بأن يقود الأمة و يوصلها لطريق الحق و النصر.
    و الله ولي التوفيق

    ردحذف
  2. الغريب أن هناك أناس يريدون أن يسرقوا تضحيات المجاهدين بقصاصة من ورق , خابوا و خسروا ,سيلملمون أوراقهم و يرتدوا خاسئين .

    ردحذف
  3. بوركت اخي التقي معك في كل ما ذهبت اليه جزاك الله كل خير ...
    ...من يفرق بينهما ..فليس منهما فهو احد اثنين اما جاهلا واما ....؟؟؟
    .....
    ...اخوتي الكرام ..
    .كلنا يعلم ان خطابات امراء القاعده لا تصلنا الا عن طريق(مؤسسة السحاب) وهذا متبنى لا يتغير ومعروف عند كل القيادات ...(وهذا ليس تشكيك )..وحين وصل الفيديو الى الشيخ الجولاني حفظه الله من خلال وسائل الاعلام وليس من خلال (القناة الرسميه) لتنظيم القاعده ( السحاب )...ضعوا انفسكم مكان الشيخ الجولاني ...كيف له ان يتحقق من مصداقيه الفيديو ؟؟..

    والتقنيات الحديثه التي تملكها ملة الكفر بامكانها ان تقلد كل الاصوات ...ربما هذا الامر جعله يسارع في الرد باعلان البيعة للشيخ ايمن حتى لا يقع في خطأ ريما خطط له نظام الكفر بشار والامريكان ودول الضرار ...فلم يكن امامه خيار الا ان يعلق على شريط الفيديوا ويعلن البيعة لراس الامر ...تخيلوا معي لو ان الفيديو كان صنيعة النظام مالذي كان سيحدث ...لهذا كان رده سليما وذكيا ومفاجئا

    ردحذف
  4. http://2013hakar.blogspot.com/2013/04/blog-post_1154.html?spref=fb

    ردحذف
  5. الأخ أحمد

    ماذا قدم فكر القاعدة بخصوص الجهاد في فلسطين ؟ ومن قال أنهم ينوبون عن المسلمين في الجهاد. هذا الكلام فيه من التلبيس ما لا يخفى على أهل الشام. فأهل سوريا المجاهدين بغالبيتهم العظمى على منهج أهل السنة، رافضون لفكر القاعدة التكفيري، الذي انتهج مبدأ التفجيرات العشوائية، والذي لا يرجع في منهجه الفقهي إلى أهل العلم الثقات، وإنما إلى بعض من تصدر للفتوى بغير علم من أمثال الظواهري وغيره.

    أنت بكلامك هذا تريد أن تظهر مجاهدي سوريا على أنهم عالة على هذا الفكر التكفيري. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    ردحذف