الخميس، 22 نوفمبر 2012

من وحي حرب 1973 ( حرب غزة 2012 )



من وحي حرب اكتوبر 73
(حرب غزة 2012)
احمد ابو فرحة

بدأت كتابة هذا المقال بعدما اغتالت "اسرائيل" احمد الجعبري – رحمه الله , القيادي في حماس و بعدما ردت حماس بعنف على الكيان الغاصب مع بقية الفصائل و وصل مدى صواريخهم إلى كل مكان في "اسرائيل" تقريبا , و لكنني توقفت عن الكتابة كي لا استبق الأحداث و انتظر ريثما ينقشع الضباب .
شهداء و جرحى و ثكلى و أيتام و معاقون و مناظر تقشعر لها الأبدان , في المقابل , ضربات قوية و مقاومة غير متوقعة و استبسال في المواجهة و مناظر عز و فخار و كلمات نارية و تهديدات و توعدات , هذا ما كان المشهد في غزة و الذي لا يستطيع أي احد ( ظاهريا ) أو (باطنيا) إلا أن يقف مع المقاومة و بالقطع يتأثر للشهداء و ذويهم.
لكن كل ذلك لا يمنعنا من قراءة التاريخ و استقراء المستقبل , لان التاريخ معهود عنه انه يكرر نفسه في كثير من الأوقات , و لذلك سنستعرض احد الحروب " البطولية " التاريخية في مسار الصراع العربي – الصهيوني , و نرى النتائج بعد الحرب و سنحاول الربط إن أمكن .

حرب أكتوبر – حرب تشرين المجيدة
هي الحرب المعروفة عام 1973 التي باغتت فيها كل من مصر السادات و سوريا الأسد "اسرائيل" , حيث حطمت مصر السادات خط بارليف في ست ساعات و استردت فيها شبه جزيرة سيناء , و قامت سوريا الأسد باسترداد أجزاء كبيرة من الجولان و كانت هذه الحرب في الظاهر ضربة قوية لإسرائيل و استعاد العرب جزءا من أمجادهم البطولية , و كان للبعد الديني أثره آنذاك بحسب رأي الكثيرين , فكلمة " الله اكبر " كانت لها وقعها على المحتل .
أيضا كانت تلك الحرب قصيرة نسبيا , بضعة أيام , و لم يكن العرب معنيون في التحرير الكامل كما هو ظاهر , إنما كانت أشبه بمهمة و انتهت , و قد مهدت تلك الحرب " البطولية " التي كان بها شهداء و تضحيات إلى صياغة اتفاق ( كامب ديفيد ) الغني عن التعريف و الذي لا زال ساريا إلى الآن , و الذي يظل موجودا بتغير الأنظمة و أشكالها و توجهاتها .
و ما كان للعرب القادة أن يوقعوا أي اتفاق ( خياني ) طويل الأمد و حاسم بدون ثمن أو مقابل , و كان لا بد تغطية نفسية و شعبية لأي اتفاق , فكانت حرب أكتوبر 73 .
و اللافت في الأمر , أن هذه الحرب كانت و لا زالت مجد يتغنى و يحتفل به كل سنة , و غطاء وطني و قومي إلى ابد الآبدين .
و بعد الحرب المجيدة ( أكتوبر – تشرين ) , شكرا روسيا على دعمك للعرب و مهما ستفعلين فيما بعد في المسلمين سيظل القومجيون يتغنون بك على دعمك , و سنظل نقارنك بدول الخليج العميلة , و سننسلخ من إسلاميتنا لأجل ذلك الدعم !! و شكرا تشيكوسلوفاكيا على دعمك لمصر أيضا .
إذا فبسبب الحرب المجيدة التي عمرها يراوح الأربعين عاما , لا زال المسلمون يعانون من ويلات ( تبعات ) هذه الحرب , و هذا تاريخ لا يحتاج إلى إثبات , نكتفي فقط بتذكره و قراءته.

حرب غزة 2012
"إسرائيل " تغتال احمد الجعبري , ثم " تتفاجأ " برد فعل المقاومة , ثم "إسرائيل" تطلب هدنة , فترفضها المقاومة !! ثم تواصل المقاومة قصفها و في كل مكان جديد تصله الصواريخ تتفاجأ إسرائيل من رد الفعل و يسقط قتلى و جرحى من الصهاينة كل يوم , ثم وساطة مصرية مباركة , أعادت إلى مصر دورها الإقليمي المجيد كما قال هنية رئيس حكومة حماس , ثم زيارات عربية رسمية إلى قطاع غزة للتأييد و المؤازرة .
أما عن المعطيات الموجودة و الظروف ما قبل هذه الحرب نجد التالي :
*)حماس مستعدة لضبط الوضع في غزة و منع إطلاق الصواريخ و منع العمليات , طبعا مقابل ثمن سياسي لحماس يضمن بقاءها في الحكم .
*)لا معنى لحصار غزة الآن من الناحية الإستراتيجية , لان حماس و حلفائها قد تسلحوا جيدا و دعموا بشكل جيد .
*)مصر اليوم الاخوانية تعطي قوة لحماس سياسيا و اقتصاديا أكثر من ذي قبل.
*)حماس شعبيتها متناقصة ( قبل الحرب الأخيرة ) , بسبب ضبط الحدود دونما ثمن و الالتزام بالهدنة من طرف واحد و قمع كل من يحاول خرقها و مطاردتها للسلفيين و قادتهم , حتى أن احد قادتهم و قبل أن تغتاله إسرائيل , كانت حماس قد نشرت له صورا بدعوى انه مطلوب قبل أيام من اغتياله .
*) في المقابل عنجهية الشعب الصهيوني لا تقبل بالاتفاق مع العرب , و كان لا بد من تحسيسهم أنهم تحت الخوف , حتى أن صفارات الإنذار قد دوت في مدن و مناطق لم تصلها الصواريخ , حتى يشعر الشعب الصهيوني أن أي اتفاق مع الجانب العربي سيكون ضرورة و لن يعترض اغلب الصهاينة على الاتفاق , اذا فهي مسألة إشعار العرب بنوع من المجد و إشعار اليهود بنوع من الجبن و التركيع , فيكون الاتفاق طويل الأمد هو الحل المرضي لكل الأطراف .

كل هذه الأمور كانت في الحسبان و لم يبق إلا شرارة الانطلاقة , و بعدها ستكون ردود الأفعال ضمن المنظومة الطبيعية لجريان الأمور , و لا يظن ظان مغفل أن المقصود بنظرية المؤامرة المتبعة هنا هي تحريك جميع الأطراف ضمن الريموت كنترول أو مثل حجارة الشطرنج , لا فهذا غباء , هنا الذي يحدث هو ( فكرة ) يقوم بها طرف معين ثم تسير الأمور بشكل طبيعي ثم نحتاج إلى لحظة ( الإنهاء ) , إذا فهي مسألة لحظات في البدء و لحظات في الانتهاء , ما عدا ذلك كله طبيعي .
و في نهاية الحرب , شكرا ايران على دعمك العسكري , شكرا مصر على دورك الرائد , و في ذلك الشكر تزكية من ارباب المقاومة لتدعم مواقفهما السياسية ايا كانت , سواء لمصر او لايران .
أما ما هو متوقع من حماس بعد هذا الاتفاق , هو ما كان يحدث من قبل مصر و سوريا بعد حرب 73, إذ سنجد ملاحقات أمنية عنيفة لكل من تسول له نفسه ضرب "إسرائيل" حتى لو بحجر , سيكون ضد الإجماع ( الوطني ) و بنظر الكثيرين لن يستطيع احد المزاودة على حماس المنتصرة , ثم ستكون فترة راحة و استقرار في غزة بعد كل الذي عاناه الشعب الغزي , و سيحدث في كل سنة احتفالات و تمجيدات لهذا الانتصار , و ستكون هذه الاحتفالات عملية تعبوية لحب حماس و ستنشأ أجيال على هذا الأمر , كما نشأت أجيال بعثية على أمجاد حرب تشرين , كما نشأت أجيال مصرية على حب الجيش المصري بعد حرب أكتوبر .

و يبقى الخاسر الأكبر , هو الشعب المسلم الذي يقاد و يتاجر به و هو لا يدري أو يدري فليس ذلك بالمهم , المهم أن هذا الشعب هو سلم الوصول للبعض , اسأل الله أن تملك الشعوب المسلمة قرارها و يسخر لها من يقودها إلى مرضاة ربها بتطبيق شرعه , فينجو و ننجو , انه القادر على كل شيء.

22 – نوفمبر - 2012

هناك تعليق واحد:

  1. في المقابل .. قُتل اكثر من ألفين شخص !! من سأل عنهم ؟

    ردحذف