الجمعة، 25 مايو 2012

النهاية الدرامية " البطولية " لفوز الاخوان


النهاية الدرامية " البطولية " لفوز الإخوان
احمد ابو فرحة

يا لقذارة السياسة و السياسيين , يا لقساوة هذا العالم , يا لجهل الشعوب , يا لمكر الأعداء!!
هكذا هي نهاية المسرحية , الإخوان المسلمون البطل المخلص الذي توافقت عليهم جميع القوى الفاعلة " الثورية " و غيرهم , و بذلك المشهد يكون قد أسدل الستار عن أكثر المسرحيات اتقانا في عالم السياسة  , مسرحية فوز الإخوان على الفلول بصراع درامي " بطولي " , ظهر فيه الإخوان بأنهم أناس زهاد عباد لا يريدون المناصب و إنما حملوا على النزول إلى الساحة دفعا لخطر الفلول , و ظهر فيه الإخوان أيضا أصحاب الحنكة السياسية الفذة و أصحاب اتخاذ القرار المناسب في الوقت الأنسب و هم ليسوا كاذبين – ما عاذ الله – و إنما ما بان من عدم مصداقية في المواقف التي كان يراها الناس متأرجحة , إنما هي الحكمة بعينها إن لم يكن الإلهام !!!!

الإخوان قبل الثورة :
لا شك أن الإخوان عذبوا في عهد النظام السابق – الحالي , هذه لا تنكر لهم , و في سبيل أي غرض الله اعلم , ربما لله , للمنصب , للمال , الله اعلم بالنوايا , النوايا ليس بحثنا في هذا المقام , نحن نحكم على الأشياء من خلال الظاهر , و هذا ما أمرنا به الإسلام .
الإخوان قبل الثورة كانوا يدخلون الانتخابات التشريعية , راضين بالنظام الكفري في عهد مبارك , يقبلون بالفتات الذي يعطى لهم في كل دورة , و كانت أقصى نتيجة يحققونها هو حصولهم على ما يقارب 100 مقعد في مجلس الشعب مع علمهم الكامل أن الانتخابات مزورة و أن شبابهم سيعتقلون أثناء الانتخابات و بعدها و سيعذبون , و مع كل المصاعب كانوا يدخلون , و في نفس الوقت لا يعادون السلطة القائمة العداء المطلق ( من الناحية العقائدية ) , بل كانوا خصوما سياسيين , فهم من جهة الثوار الوحيدون ضد النظام , يكسبون عواطف كل الشعب و الثمن شبابهم و قياداتهم و من جهة أخرى يحافظون على شعرة معاوية مع نظام مبارك . و التصريح الشهير الذي أدلى به مرشد الإخوان ( محمد بديع ) قبل الثورة بفترة وجيزة  : " مبارك أب لكل المصريين و لا مانع من ترشح جمال في انتخابات نزيهة " , هذا قبل الثورة , فهم يعلمون انه لن تكون انتخابات نزيهة في ظل النظام , و من جهة أخرى يقصد و يبرر انه لو كانت انتخابات نزيهة و دخل جمال المعترك فان الشعب سيختار الأفضل , سياسة و دهاء , و مرحلة جمع اكبر رصيد ممكن من عواطف الشعب المصري للحظة كانت لا بد أن تكون و ها نحن نراها اليوم .

الإخوان إبان الثورة :
لم يزعم الإخوان يوما بأنهم قالوا : أننا قمنا بالثورة , و كان الإخوان في أوائل شرارات الثورة يقفون في منتصف المسافة بين جميع الأطراف , فمن جهة هم ضد تخريب مصر !! و من جهة هم ضد الظلم !! و من جهة هم مع تطبيق الإسلام !! و من جهة يرون في الدولة المدنية هي الحل !!
بعض أفرادهم شاركوا بشكل فاعل في الثورة و القيادات تنفي بشكل قاطع أنهم يشاركون في الثورة , و التبرير عادة ما يكون لأجل حنكة الإخوان ( لا نريد أن يتكالب الأعداء علينا ) , لكونهم " إسلاميين " و الغرب يخاف من حكم الإسلاميين , و لكن الذي كان يرى تصريحات الإخوان من هنا و هناك و التي كانت تقابل بغضب من بعض الأوساط الإسلامية , ما كانت إلا رسائل طمأنة للغرب للحظة التي ستأتي , و اجتماعات قادة الإخوان و القادة الغربيين طبعا لم تكن عبثية .



الإخوان بعد الثورة :
بعد الثورة و بعد حسم نزول الإخوان إلى شارع الثورة هم و السلفيين , أصبح الإخوان و بتاريخهم " النضالي " وجه الثورة المصرية الأبرز , و أصحاب الكلمة الفصل في كل شيء , فهم أصحاب العلاقات القوية مع الغرب و أصحاب الطاقة الشبابية الهائلة , و أصحاب البرنامج
( الإسلامي – العلماني ) الذي يرضي المسلمين و الغرب في آن واحد , و كانت أي محاولة ثورية لإنهاء حكم العسكر في مصر مصيرها الفشل , لعدم نزول الإخوان و أتباعهم من الناحية السياسية ( السلفيون) , و ما أحداث العباسية ببعيد , قمع الثوار بلا هوادة و قضي على آخر محاولات الثورة الحقيقة ( التي وجهتها ضد العسكر ) , و أيضا الإخوان انتصفوا المسافة , فمن جهة أدانوا العنف غير المبرر !! و من ناحية أخرى لم يقفوا الوقفة الصارمة ضد ذباحي مصر
 ( العسكر ) الوقفة التي يجب أن يقفها اكبر تجمع بشري و تنظيم سياسي في مصر , فهم شعارهم منتصف المسافة بين الجميع حتى بلوغ الغاية .

الإخوان و الانتخابات التشريعية :
هذه النقطة مهمة جدا هنا , و تبين الحجم الحقيقي أو الوزن الفعلي للقوى المصرية , و التي تفند نظرية أن ( احمد شفيق ) مرشح " الفلول" على حد الوصف , أصبح في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية  بعد محمد مرسي , وتفند نزاهة الانتخابات.
نتائج الانتخابات البرلمانية النهائية : الحرية و العدالة 46 % من مجموع الأصوات , النور السلفي 23 % , و الفلول بشتى أطيافهم لم يحصلوا على أكثر من 10 % , فسبحان الله الذي جعل الفلول ثانيا في الانتخابات الرئاسية !!
لقد لعب التشرذم بين الصف " الإسلامي" دوره و الإخوان هم السبب في هذا التشرذم , و تم تشتيت أصوات الإسلاميين  لمصلحة الفلول , و لقد كان بمقدور الإخوان دعم أبو الفتوح , فهو ليس بعيدا عنهم لا فكريا ولا عقائديا و يستطيعون احتواءه , و كان بالإمكان دعم حازم صلاح من أول الطريق , قبل الكذبة التي أبعدته عن انتخابات الرئاسة , و كان بإمكانهم أن يرشحوا مرشحهم من أول المضمار و وقتها لن يشق الصف " الإسلامي الديمقراطي" , و لكنهم كانوا يعلمون ماذا يفعلون, و كيف و متى سيتصرفون على غفلة من الناس .

بعبع " الفلول " أو فزاعة "الفلول"
في عالم السياسة , إذا أردت أن تلمع شخصا ما أو حزبا ما , فما عليك إلا أن تظهر أسوأ ما في خصمه , فكل ما برزت شيطنة الخصم , زادت الثقة في ملائكية من تدعم .
و القاعدة الأبرز في هذا السياق , أيهما أفضل : الإخوان أم النظام السابق ؟؟ سؤال يطرحه أي شخص يريد دعم الإخوان , سؤال سيسكت أي شخص لا يحب الإخوان و له تحفظات عليهم , و بالطبع فان إجابة أي ناخب ستقول : الإخوان .
السؤال هنا : هل بلغ الاستهتار بالشعب و الاستخفاف بالعقول و( استحمار) الناس , أن يسمح العسكر لأحد أفراد النظام السابق أن يمسك البلاد بعد أن احتووا آخر محركات الثورة ؟؟
قطعا لا , و أنما كان بعبع الفلول لتخويف الناس و إجبارهم مكرهين أو مختارين لانتخاب الإخوان المسلمين , و بالقطع سيفوز الإخوان في الإعادة , و ليس أي فوز , فحتى " حمدين صباحي " القومي العلماني يدعوا أنصاره لاختيار مرسي و كذلك النور , و بذلك قد تمت شرعنة استلام الإخوان لمقاليد البلاد و الكل راض , و لا ننسى أن هذا العصر هو عصر الإخوان المسلمين في شتى بقاع العالم , افسيختلف الوضع في مصر ؟؟
و إن فاز احد مرشحي الفلول في الانتخابات الرئاسية , فايضا سيكون برضى الإخوان , و سيكون الغرب قد وصل مرحلة من تسفيه الشعوب العربية و الشعب المصري خاصة مرحلة لا يمكن وصفها , و كلتا الحالتين فوز الإخوان أو فوز احمد شفيق , لا يوجد فرق بينهم لا عند الغرب الذي اخذ تطمينات من الجميع و لا عند الشعب , فحتى لو رجع شفيق لن يكون إلا واجهة عرض لنظام يريده الغرب , و الإسلام الحقيقي لن يطبق من أي طرف .
فالغرب و أذنابهم العسكر يعملون أشبه ما يكون ب ( مخطط سير العمليات ) الذي يقوم عليه أي برنامج حاسوبي , إذا نجحت الخطة (أ) فالخطوة التالية هي .. , و إن فشلت , فان خطة ( ب) تحل محلها , فان فشلت ..... و هكذا حتى يتم تحقيق مخرجات أي برنامج .

بقي أن نقول أن سنة الله ماضي في التغيير , و مشيئة الله نافذة , و لا بد من هذه المرحلة , مرحلة حكم الإخوان , فالتغيير الحقيقي يمر بمراحل كثيرة قبل الوصول إلى الحكم الإسلامي الرشيد , و لقد رسم الإخوان مخططاتهم قديما و دفعوا تكاليف هذه المرحلة مسبقا , و عقدوا الصفقات مع العسكر و مع الغرب , و هذه مسلمة لا يقبل النقاش فيها أصلا , و لكن الذي يذهل العقول هو الاستخفاف بعقول البشر و دقة إتقان إخراج هذه المسرحية , التي انتهت ببطولة الإخوان و احتواء الجميع و رضاهم .

25 – أيار - 2012



هناك 3 تعليقات: