النهاية الدرامية " البطولية "
لفوز الإخوان
احمد ابو فرحة
يا لقذارة السياسة و
السياسيين , يا لقساوة هذا العالم , يا لجهل الشعوب , يا لمكر الأعداء!!
هكذا هي نهاية
المسرحية , الإخوان المسلمون البطل المخلص الذي توافقت عليهم جميع القوى الفاعلة
" الثورية " و غيرهم , و بذلك المشهد يكون قد أسدل الستار عن أكثر
المسرحيات اتقانا في عالم السياسة ,
مسرحية فوز الإخوان على الفلول بصراع درامي " بطولي " , ظهر فيه الإخوان
بأنهم أناس زهاد عباد لا يريدون المناصب و إنما حملوا على النزول إلى الساحة دفعا
لخطر الفلول , و ظهر فيه الإخوان أيضا أصحاب الحنكة السياسية الفذة و أصحاب اتخاذ
القرار المناسب في الوقت الأنسب و هم ليسوا كاذبين – ما عاذ الله – و إنما ما بان
من عدم مصداقية في المواقف التي كان يراها الناس متأرجحة , إنما هي الحكمة بعينها
إن لم يكن الإلهام !!!!
الإخوان قبل
الثورة :
لا شك أن الإخوان
عذبوا في عهد النظام السابق – الحالي , هذه لا تنكر لهم , و في سبيل أي غرض الله
اعلم , ربما لله , للمنصب , للمال , الله اعلم بالنوايا , النوايا ليس بحثنا في
هذا المقام , نحن نحكم على الأشياء من خلال الظاهر , و هذا ما أمرنا به الإسلام .
الإخوان قبل الثورة
كانوا يدخلون الانتخابات التشريعية , راضين بالنظام الكفري في عهد مبارك , يقبلون
بالفتات الذي يعطى لهم في كل دورة , و كانت أقصى نتيجة يحققونها هو حصولهم على ما
يقارب 100 مقعد في مجلس الشعب مع علمهم الكامل أن الانتخابات مزورة و أن شبابهم سيعتقلون
أثناء الانتخابات و بعدها و سيعذبون , و مع كل المصاعب كانوا يدخلون , و في نفس
الوقت لا يعادون السلطة القائمة العداء المطلق ( من الناحية العقائدية ) , بل
كانوا خصوما سياسيين , فهم من جهة الثوار الوحيدون ضد النظام , يكسبون عواطف كل
الشعب و الثمن شبابهم و قياداتهم و من جهة أخرى يحافظون على شعرة معاوية مع نظام
مبارك . و التصريح الشهير الذي أدلى به مرشد الإخوان ( محمد بديع ) قبل الثورة
بفترة وجيزة : " مبارك أب لكل
المصريين و لا مانع من ترشح جمال في انتخابات نزيهة " , هذا قبل الثورة , فهم
يعلمون انه لن تكون انتخابات نزيهة في ظل النظام , و من جهة أخرى يقصد و يبرر انه
لو كانت انتخابات نزيهة و دخل جمال المعترك فان الشعب سيختار الأفضل , سياسة و
دهاء , و مرحلة جمع اكبر رصيد ممكن من عواطف الشعب المصري للحظة كانت لا بد أن
تكون و ها نحن نراها اليوم .
الإخوان إبان الثورة
:
لم يزعم الإخوان يوما
بأنهم قالوا : أننا قمنا بالثورة , و كان الإخوان في أوائل شرارات الثورة يقفون في
منتصف المسافة بين جميع الأطراف , فمن جهة هم ضد تخريب مصر !! و من جهة هم ضد
الظلم !! و من جهة هم مع تطبيق الإسلام !! و من جهة يرون في الدولة المدنية هي
الحل !!
بعض أفرادهم شاركوا
بشكل فاعل في الثورة و القيادات تنفي بشكل قاطع أنهم يشاركون في الثورة , و
التبرير عادة ما يكون لأجل حنكة الإخوان ( لا نريد أن يتكالب الأعداء علينا ) ,
لكونهم " إسلاميين " و الغرب يخاف من حكم الإسلاميين , و لكن الذي كان
يرى تصريحات الإخوان من هنا و هناك و التي كانت تقابل بغضب من بعض الأوساط
الإسلامية , ما كانت إلا رسائل طمأنة للغرب للحظة التي ستأتي , و اجتماعات قادة
الإخوان و القادة الغربيين طبعا لم تكن عبثية .
الإخوان بعد
الثورة :
بعد الثورة و بعد حسم
نزول الإخوان إلى شارع الثورة هم و السلفيين , أصبح الإخوان و بتاريخهم "
النضالي " وجه الثورة المصرية الأبرز , و أصحاب الكلمة الفصل في كل شيء , فهم
أصحاب العلاقات القوية مع الغرب و أصحاب الطاقة الشبابية الهائلة , و أصحاب
البرنامج
( الإسلامي –
العلماني ) الذي يرضي المسلمين و الغرب في آن واحد , و كانت أي محاولة ثورية
لإنهاء حكم العسكر في مصر مصيرها الفشل , لعدم نزول الإخوان و أتباعهم من الناحية
السياسية ( السلفيون) , و ما أحداث العباسية ببعيد , قمع الثوار بلا هوادة و قضي
على آخر محاولات الثورة الحقيقة ( التي وجهتها ضد العسكر ) , و أيضا الإخوان
انتصفوا المسافة , فمن جهة أدانوا العنف غير المبرر !! و من ناحية أخرى لم يقفوا
الوقفة الصارمة ضد ذباحي مصر
( العسكر ) الوقفة التي يجب أن يقفها اكبر تجمع
بشري و تنظيم سياسي في مصر , فهم شعارهم منتصف المسافة بين الجميع حتى بلوغ الغاية
.
الإخوان و
الانتخابات التشريعية :
هذه النقطة مهمة جدا
هنا , و تبين الحجم الحقيقي أو الوزن الفعلي للقوى المصرية , و التي تفند نظرية أن
( احمد شفيق ) مرشح " الفلول" على حد الوصف , أصبح في المرتبة الثانية
في الانتخابات الرئاسية بعد محمد مرسي ,
وتفند نزاهة الانتخابات.
نتائج الانتخابات
البرلمانية النهائية : الحرية و العدالة 46 % من مجموع الأصوات , النور السلفي 23
% , و الفلول بشتى أطيافهم لم يحصلوا على أكثر من 10 % , فسبحان الله الذي جعل
الفلول ثانيا في الانتخابات الرئاسية !!
لقد لعب التشرذم بين
الصف " الإسلامي" دوره و الإخوان هم السبب في هذا التشرذم , و تم تشتيت
أصوات الإسلاميين لمصلحة الفلول , و لقد
كان بمقدور الإخوان دعم أبو الفتوح , فهو ليس بعيدا عنهم لا فكريا ولا عقائديا و
يستطيعون احتواءه , و كان بالإمكان دعم حازم صلاح من أول الطريق , قبل الكذبة التي
أبعدته عن انتخابات الرئاسة , و كان بإمكانهم أن يرشحوا مرشحهم من أول المضمار و
وقتها لن يشق الصف " الإسلامي الديمقراطي" , و لكنهم كانوا يعلمون ماذا
يفعلون, و كيف و متى سيتصرفون على غفلة من الناس .
بعبع "
الفلول " أو فزاعة "الفلول"
في عالم السياسة ,
إذا أردت أن تلمع شخصا ما أو حزبا ما , فما عليك إلا أن تظهر أسوأ ما في خصمه ,
فكل ما برزت شيطنة الخصم , زادت الثقة في ملائكية من تدعم .
و القاعدة الأبرز في
هذا السياق , أيهما أفضل : الإخوان أم النظام السابق ؟؟ سؤال يطرحه أي شخص يريد
دعم الإخوان , سؤال سيسكت أي شخص لا يحب الإخوان و له تحفظات عليهم , و بالطبع فان
إجابة أي ناخب ستقول : الإخوان .
السؤال هنا : هل بلغ
الاستهتار بالشعب و الاستخفاف بالعقول و( استحمار) الناس , أن يسمح العسكر لأحد
أفراد النظام السابق أن يمسك البلاد بعد أن احتووا آخر محركات الثورة ؟؟
قطعا لا , و أنما كان
بعبع الفلول لتخويف الناس و إجبارهم مكرهين أو مختارين لانتخاب الإخوان المسلمين ,
و بالقطع سيفوز الإخوان في الإعادة , و ليس أي فوز , فحتى " حمدين صباحي
" القومي العلماني يدعوا أنصاره لاختيار مرسي و كذلك النور , و بذلك قد تمت
شرعنة استلام الإخوان لمقاليد البلاد و الكل راض , و لا ننسى أن هذا العصر هو عصر
الإخوان المسلمين في شتى بقاع العالم , افسيختلف الوضع في مصر ؟؟
و إن فاز احد مرشحي
الفلول في الانتخابات الرئاسية , فايضا سيكون برضى الإخوان , و سيكون الغرب قد وصل
مرحلة من تسفيه الشعوب العربية و الشعب المصري خاصة مرحلة لا يمكن وصفها , و كلتا
الحالتين فوز الإخوان أو فوز احمد شفيق , لا يوجد فرق بينهم لا عند الغرب الذي اخذ
تطمينات من الجميع و لا عند الشعب , فحتى لو رجع شفيق لن يكون إلا واجهة عرض لنظام
يريده الغرب , و الإسلام الحقيقي لن يطبق من أي طرف .
فالغرب و أذنابهم
العسكر يعملون أشبه ما يكون ب ( مخطط سير العمليات ) الذي يقوم عليه أي برنامج
حاسوبي , إذا نجحت الخطة (أ) فالخطوة التالية هي .. , و إن فشلت , فان خطة ( ب)
تحل محلها , فان فشلت ..... و هكذا حتى يتم تحقيق مخرجات أي برنامج .
بقي أن نقول أن سنة
الله ماضي في التغيير , و مشيئة الله نافذة , و لا بد من هذه المرحلة , مرحلة حكم
الإخوان , فالتغيير الحقيقي يمر بمراحل كثيرة قبل الوصول إلى الحكم الإسلامي
الرشيد , و لقد رسم الإخوان مخططاتهم قديما و دفعوا تكاليف هذه المرحلة مسبقا , و
عقدوا الصفقات مع العسكر و مع الغرب , و هذه مسلمة لا يقبل النقاش فيها أصلا , و
لكن الذي يذهل العقول هو الاستخفاف بعقول البشر و دقة إتقان إخراج هذه المسرحية ,
التي انتهت ببطولة الإخوان و احتواء الجميع و رضاهم .
25 – أيار - 2012
كلام طيب وفي محلة
ردحذفأنا أبو حمزة هههههههه
حذفمقال يستحق القراءة ...
ردحذف