احمد ابو فرحة
كلما اسمع أحدا من الإسلاميين
يتحدث عن قاعدة " اخف الضررين " اعلم أن مصيبة ستحصل و كارثة , لأنه
بدون أي شك يطبق هذه القاعدة في غير محلها و هو أصلا غير مجبر عليها كي يختار اخف
الضررين . و يخطر في ذهني القصة المروية في الأثر , التي رواها البيهقي بإسناد
صحيح عن الرجل العابد التي حبسته امرأة و طلبت منه احد الأمور الثلاثة , إما أن
يزني بها أو يقتل الطفل الموجود عندها أو أن يشرب الخمر , فهذا الرجل ( و من باب
اخف الضررين ) قرر أن يشرب الخمر اعتقادا منه انه اقل حرمة و إثما , فما كان منه إلا
أن شرب الخمر و زنى بالمرأة ثم قتل الطفل !! هذا بسبب أن الرجل انزل منزول هذه
القاعدة في غير محلها فتضاعفت سيئاته و احدث مصائبا و طوام !! و هذه حال الإسلاميين
الذين سلكوا درب الديمقراطية.
فلو أن الرجل هذا جلس
مكانه و لم يسمح لامرأة أن تجبره بفعل شيء لما حصل ما حصل , طبعا القصة يراد منها
تبيان شدة حرمة الخمر من جهة و سوء التقدير و عواقبه من جهة أخرى.
و أنا أريد أن اسأل الإسلاميين
سلفيين و إخوان و غيرهم الذين ينقسمون بين مؤيد لأبي الفتوح و مؤيد لمرسي : من قال
أن مصر مكرهة على الاختيار بين هؤلاء أو احد من المرشحين الآخرين؟ و إن كان كذلك
فما الفارق الحقيقي الكبير الذي يفصل بين أي احد من المرشحين عن سواه؟؟ ما نراه
انه ليس من احد فيهم قال انه سيطبق الشريعة صراحة و لذلك مهما كانت الفوارق بين أي
منهم فليست جديرة بالذكر.
و للتذكير فقط , هذه
بعض معالم الرجلين ( أبو الفتوح و مرسي ) اللذان يعتبرهما الإسلاميون اخف الضررين
:
*- مواقف أبي الفتوح
:
1- لا مكان للجزية الآن
في ظل الدولة الحديثة.
2- لا مشكلة في أن
يتحول المسلم إلى المسيحية و هذه حرية اعتقاد !!
3- من حق المرأة، أو المسيحي، أو الشيوعي، أو اليساري الترشح
لرياسة الجمهورية!!! لأنّ (المواطنة) هي أساسُ الحقوق والواجبات عندنا!!!
4- نحن و المسيحيين
نعبد إلها واحدا
5- ليس لديه اعتراض
في الكتابة عن الحب و العشق و الجنس ( هذا الكلام قاله قبل الثورة ) و بعد الثورة آتى
ما يؤكده في تصريح له : لا مانع من تدريس " أولاد حارتنا" و ما أدراك ما
أولاد حارتنا.
6- ينكر حد الردة و
يقول لا مكان لها في ظل الدول الحديثة
و مواقف أخرى كثيرة
لا يتسع المقام لذكرها , و الشاهد هنا , ما الفارق بين هذا الرجل و أي مرشح علماني
أو لبرالي أو فلولي آخر ؟؟؟!
أما عن المرشح "
الإسلامي " الثاني و هو الاخواني محمد مرسي , فهذه بعض من آراءه :
1- لا فرق بين
العقيدة الإسلامية و العقيدة النصرانية!!
2- ليس هناك مانع أن
يكون رئيس الدولة مسيحي!!
3- الحدود ليست من
الشريعة و إنما أحكام فقه!!
4- المسيحيون في مصر
لا يقولون أن الله ثالث ثلاثة!!
هذه بعض من مواقفه
التي لا تدل على انه يحمل نهج إسلامي , بل لا تدل على انه عدل أصلا و هو في الشرع
فاقد الأهلية و لا تقبل شهادته , فكيف ب " مشايخ " تدعمه رئيسا
للجمهورية؟؟
و المضحك في الأمر أن
كثيرا من الشيوخ ردوا عليه في تصريحاته , و لكن ما لفت انتباهي رد الشيخ ( محمد
عبد المقصود ) حين قال عنه انه باع دينه لأجل فتات الدنيا و اسأل الله أن يتوب
عليه قبل أن يموت , و نتفاجأ بعدها انه يدعمه و ينظم المؤتمرات حشدا له و يقول ( إن
خير من استأجرت القوي الأمين ) , فسبحان مقلب القلوب!!
و هذا الرابط أضعه كي
لا يقال أن كلامي جزافا بدون توثيق
هل بقي للمسلم بعد
هذا أن يشارك في الإثم العظيم , ألا و هو إقامة الدولة العلمانية بيديه , اجل إن
من يريد الانتخاب لأي كان في الرئاسة , إنما يساهم في إقامة الدولة العلمانية بحجة
اختيار اخف الضررين , هذا علاوة على أن الانتخابات نفسها و الديمقراطية كلها بها
خلل عقائدي للمسلم و حرام و سبيل غير مجدية لإقامة شرع الله .
اذكر هنا موقفا حدث
في فلسطين , عندما قررت (حماس) النزول للانتخابات التشريعية , و بالطبع فان وضع
حماس يختلف كليا عن كل إخوان العالم , فلهم تضحياتهم و جهادهم و أفضالهم , إلا أن
الاخواني يبقى إخواني . كان الجدال وقتها عند البعض الذين كانوا مترددين في الدخول
إلى الانتخابات أم لا , السؤال التالي : لمن نترك الساحة , لفتح العلمانية أم
لحماس الإسلامية؟؟ أيهما اخف ضررا ؟؟ و كانت هذه في فلسطين نقطة بالفعل تستحق أن
تناقش لو أغفلنا أن الانتخابات أصلا حرام , فما كان من اغلب الشعب إلا أن انتخب
حماس بنسبة كاسحة , و لكن ما الذي رأيناه بعد الانتخابات؟؟
لم تقم شريعة و لم
يغير القانون الوضعي و ظلت البنوك الربوية كما هي و دمرت المساجد على رأس الموحدين
و أصبحت مهمة المجاهدين في إطلاق الصواريخ أصعب مئة مرة من عهد فتح , اللهم إلا إذا
سمحت حماس بذلك لمصلحة هنا أو هناك , و المر المرير : أن كل هذا يفعل باسم الدين
!!
هذه كانت نتيجة اخف
الضررين في فلسطين.
و اذكر أيضا في
فلسطين المحتلة 48 كيف أن الحركة الإسلامية المشاركة في الانتخابات الاسرائيلية في الداخل و كانت
هذه الحركة برئاسة الشيخ عبد المالك دهامشة , كانت تصوت في الكنيست الإسرائيلي لمصلحة
حزب العمل ضد حزب الليكود !! من باب اخف الضررين . قد لا تكون هذه المعلومة معروفة
في غير فلسطين و لكنها حقيقة !!
أو كالذين صوتوا من المسلمين افرادا و جمعيات في
الانتخابات الأمريكية لصالح الديمقراطيين ضد الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية ,
أيضا بحجة هذه القاعدة التي يحلونها في غير مكانها.
و الله لا أرى هذا
الزمن إلا " زمن زلزلة الثوابت " كما قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم في
كتاب ألفه في الآونة الأخيرة يتحدث فيه عن تغير أوضاع المشايخ و كيف أن الثوابت لم
تعد ثوابت .يذكر أن الشيخ المقدم دعا أنصاره إلى انتخاب محمد مرسي !! حقا انه زمن
زلزلة الثوابت!
اختم مقالي هذا بحديث
شريف و مقولة للشيخ الشعراوي , أوجه معانيهما إلى إسلاميي مصر:
1- قال صلى الله عليه
و سلم : ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)
2- قال الشيخ
الشعراوي : إن لم تستطع أن تكون عونا للحق , فلا تصفق للباطل
9 – أيار - 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق