السبت، 12 مايو 2012

الاسلاميون و سياسة اخف الضررين

الإسلاميون و سياسة اخف الضررين
احمد ابو فرحة

كلما اسمع أحدا من الإسلاميين يتحدث عن قاعدة " اخف الضررين " اعلم أن مصيبة ستحصل و كارثة , لأنه بدون أي شك يطبق هذه القاعدة في غير محلها و هو أصلا غير مجبر عليها كي يختار اخف الضررين . و يخطر في ذهني القصة المروية في الأثر , التي رواها البيهقي بإسناد صحيح عن الرجل العابد التي حبسته امرأة و طلبت منه احد الأمور الثلاثة , إما أن يزني بها أو يقتل الطفل الموجود عندها أو أن يشرب الخمر , فهذا الرجل ( و من باب اخف الضررين ) قرر أن يشرب الخمر اعتقادا منه انه اقل حرمة و إثما , فما كان منه إلا أن شرب الخمر و زنى بالمرأة ثم قتل الطفل !! هذا بسبب أن الرجل انزل منزول هذه القاعدة في غير محلها فتضاعفت سيئاته و احدث مصائبا و طوام !! و هذه حال الإسلاميين الذين سلكوا درب الديمقراطية.
فلو أن الرجل هذا جلس مكانه و لم يسمح لامرأة أن تجبره بفعل شيء لما حصل ما حصل , طبعا القصة يراد منها تبيان شدة حرمة الخمر من جهة و سوء التقدير و عواقبه من جهة أخرى.

و أنا أريد أن اسأل الإسلاميين سلفيين و إخوان و غيرهم الذين ينقسمون بين مؤيد لأبي الفتوح و مؤيد لمرسي : من قال أن مصر مكرهة على الاختيار بين هؤلاء أو احد من المرشحين الآخرين؟ و إن كان كذلك فما الفارق الحقيقي الكبير الذي يفصل بين أي احد من المرشحين عن سواه؟؟ ما نراه انه ليس من احد فيهم قال انه سيطبق الشريعة صراحة و لذلك مهما كانت الفوارق بين أي منهم فليست جديرة بالذكر.
و للتذكير فقط , هذه بعض معالم الرجلين ( أبو الفتوح و مرسي ) اللذان يعتبرهما الإسلاميون اخف الضررين :
*- مواقف أبي الفتوح :
1- لا مكان للجزية الآن في ظل الدولة الحديثة.
2- لا مشكلة في أن يتحول المسلم إلى المسيحية و هذه حرية اعتقاد !!
3- من حق المرأة، أو المسيحي، أو الشيوعي، أو اليساري الترشح لرياسة الجمهورية!!! لأنّ (المواطنة) هي أساسُ الحقوق والواجبات عندنا!!!
4- نحن و المسيحيين نعبد إلها واحدا
5- ليس لديه اعتراض في الكتابة عن الحب و العشق و الجنس ( هذا الكلام قاله قبل الثورة ) و بعد الثورة آتى ما يؤكده في تصريح له : لا مانع من تدريس " أولاد حارتنا" و ما أدراك ما أولاد حارتنا.
6- ينكر حد الردة و يقول لا مكان لها في ظل الدول الحديثة
و مواقف أخرى كثيرة لا يتسع المقام لذكرها , و الشاهد هنا , ما الفارق بين هذا الرجل و أي مرشح علماني أو لبرالي أو فلولي آخر ؟؟؟!

أما عن المرشح " الإسلامي " الثاني و هو الاخواني محمد مرسي , فهذه بعض من آراءه :
1- لا فرق بين العقيدة الإسلامية و العقيدة النصرانية!!
2- ليس هناك مانع أن يكون رئيس الدولة مسيحي!!
3- الحدود ليست من الشريعة و إنما أحكام فقه!!
4- المسيحيون في مصر لا يقولون أن الله ثالث ثلاثة!!
هذه بعض من مواقفه التي لا تدل على انه يحمل نهج إسلامي , بل لا تدل على انه عدل أصلا و هو في الشرع فاقد الأهلية و لا تقبل شهادته , فكيف ب " مشايخ " تدعمه رئيسا للجمهورية؟؟
و المضحك في الأمر أن كثيرا من الشيوخ ردوا عليه في تصريحاته , و لكن ما لفت انتباهي رد الشيخ ( محمد عبد المقصود ) حين قال عنه انه باع دينه لأجل فتات الدنيا و اسأل الله أن يتوب عليه قبل أن يموت , و نتفاجأ بعدها انه يدعمه و ينظم المؤتمرات حشدا له و يقول ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ) , فسبحان مقلب القلوب!!
و هذا الرابط أضعه كي لا يقال أن كلامي جزافا بدون توثيق

هل بقي للمسلم بعد هذا أن يشارك في الإثم العظيم , ألا و هو إقامة الدولة العلمانية بيديه , اجل إن من يريد الانتخاب لأي كان في الرئاسة , إنما يساهم في إقامة الدولة العلمانية بحجة اختيار اخف الضررين , هذا علاوة على أن الانتخابات نفسها و الديمقراطية كلها بها خلل عقائدي للمسلم و حرام و سبيل غير مجدية لإقامة شرع الله .

اذكر هنا موقفا حدث في فلسطين , عندما قررت (حماس) النزول للانتخابات التشريعية , و بالطبع فان وضع حماس يختلف كليا عن كل إخوان العالم , فلهم تضحياتهم و جهادهم و أفضالهم , إلا أن الاخواني يبقى إخواني . كان الجدال وقتها عند البعض الذين كانوا مترددين في الدخول إلى الانتخابات أم لا , السؤال التالي : لمن نترك الساحة , لفتح العلمانية أم لحماس الإسلامية؟؟ أيهما اخف ضررا ؟؟ و كانت هذه في فلسطين نقطة بالفعل تستحق أن تناقش لو أغفلنا أن الانتخابات أصلا حرام , فما كان من اغلب الشعب إلا أن انتخب حماس بنسبة كاسحة , و لكن ما الذي رأيناه بعد الانتخابات؟؟
لم تقم شريعة و لم يغير القانون الوضعي و ظلت البنوك الربوية كما هي و دمرت المساجد على رأس الموحدين و أصبحت مهمة المجاهدين في إطلاق الصواريخ أصعب مئة مرة من عهد فتح , اللهم إلا إذا سمحت حماس بذلك لمصلحة هنا أو هناك , و المر المرير : أن كل هذا يفعل باسم الدين !!
هذه كانت نتيجة اخف الضررين في فلسطين.
و اذكر أيضا في فلسطين المحتلة 48 كيف أن الحركة الإسلامية المشاركة في الانتخابات الاسرائيلية في الداخل و كانت هذه الحركة برئاسة الشيخ عبد المالك دهامشة , كانت تصوت في الكنيست الإسرائيلي لمصلحة حزب العمل ضد حزب الليكود !! من باب اخف الضررين . قد لا تكون هذه المعلومة معروفة في غير فلسطين و لكنها حقيقة !!
أو كالذين صوتوا من المسلمين افرادا و جمعيات في الانتخابات الأمريكية لصالح الديمقراطيين ضد الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية , أيضا بحجة هذه القاعدة التي يحلونها في غير مكانها.
و الله لا أرى هذا الزمن إلا " زمن زلزلة الثوابت " كما قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم في كتاب ألفه في الآونة الأخيرة يتحدث فيه عن تغير أوضاع المشايخ و كيف أن الثوابت لم تعد ثوابت .يذكر أن الشيخ المقدم دعا أنصاره إلى انتخاب محمد مرسي !! حقا انه زمن زلزلة الثوابت!
اختم مقالي هذا بحديث شريف و مقولة للشيخ الشعراوي , أوجه معانيهما إلى إسلاميي مصر:
1- قال صلى الله عليه و سلم : ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)
2- قال الشيخ الشعراوي : إن لم تستطع أن تكون عونا للحق , فلا تصفق للباطل

9 – أيار - 2012


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق