الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

و انتصرت الواقعية الجهادية في الشام

و انتصرت الواقعية الجهادية في الشام
بقلم : احمد ابو فرحة
شكل التوافق التركي مع هيئة تحرير الشام صدمة كبيرة لاكثر من طرف في الثورة الشامية . و هذه الصدمة القت بظلالها على نقيضين يحسبان على الثورة و الجهاد . فكان السيناريو المأمول عند متسلقي الثورة ان يضرب الاتراك هيئة تحرير الشام فيحدث الاستنزاف بين قوتين كبيرتين يسندان اهل السنة . و عند الطرف الاخر كان السيناريو المأمول ان يدخل الاتراك المناطق المحررة فتشتغل السيارات المفخخة لتضرب "الطاغوت" اردوغان .لكن ما حدث كان انتصرا للواقعية الجهادية على السلفية الجهادية و على الصبيانية الجهادية في آن معا .
فالسلفية الجهادية التي اما اندمجت مع داعش او انها بقيت على الحياد كحد فاصل بين السنة و الخوارج ابعد ما تكون عن النموذج الجهادي الواقعي الذي يتعاطى مع الاحداث بكل دقة و تروي و مرونة و يركز على القضية الرئيسية و يجمد القضايا الثانوية التي من شأنها ان تحدث الفرقة بين المتحالفين – او حتى بين المتحالفين قسرا لظروف معينة .
اول ما يتبادر لذهنك عندما تسمع بالسلفية الجهادية هذه المفاهيم : الحاكمية – التوحيد – الطاغوت – الردة . و هذه مفاهيم اسلامية اصيلة موجودة , لكن المشكلة في انزالها على الواقع . فلربما اسقاط خاطئ في ظرف خاطئ لمفهوم الطاغوت , نخسر حليفا قويا يسند المستضعفين من اهل السنة , لا لشيء الا لاجتهاد الشيخ فلان او رؤية الشيخ علان . و يؤدي انزال مفهوم الردة بشكل خاطئ بجعل اخوة الخنادق ينشغلون ببعضهم لا لشيء الا انني اخاف على توحيدي بحسب اجتهاد الشيخ حامي حمى التوحيد .هذه هي الجهادية التي قيدت نفسها بحدود السلفية , و اية سلفية ؟ السلفية باجتهاد شيخ معين يخطئ اكثر مما يصيب . لكن عند هيئة تحرير الشام انتصر النهج الجهادي الواقعي القائم على الحفاظ على المكون السني من عدم تكرار تجارب فاشلة تحت اسم و شعارات و مناهج لا تصلح لاحياء امة و لا لحماية مستضعفين .
بالمقابل ايضا , فقد انتصرت الواقعية الجهادية على الصبيانية الجهادية التي قادها قادة دون مستوى الاحداث  هم مزيج يين عبث الاطفال و كيد النساء المطلقات , يتعاطون سفاسف الامور  و يقامرون بالقضية الكبرى انتصارا لذواتهم و نفوسهم المريضة و كل همهم ارضاء الخارج و الاستعلاء على الداخل و كأن لا احد غيرهم يفهم بالسياسة و الدين و لا احد غيرهم ينتهج نهج الوسطية . تراهم يرفعون شعار الجهاد و بنفس الوقت يقيدون انفسهم لمن يدعمهم , و ما كان من نهج الجهاد يوما ان يكون اسيرا لمن يدعمه بالسلاح و المال , فاقدين بذلك اهم خاصية للثورة و الجهاد و هي الاستقلالية . و قادة الصبيانية الجهادية ينتقلون من الضد الى الضد , فمن نهج جهادي الى نهج وطني بيوم واحد , و بيوم واحد ايضا تصبح الراية علما , لا لشيء الا نكاية لمن يخاصمون و كسب انصار لمن يكرهون . و العبرة ليست في الراية او العلم , فهما ليسا ذا قيمة بحد ذاتهما , لكن المشكلة فيمن يجعل الراية محكا او فيمن يجعل العلم محكا , و الصبيان من تاجر بالاثنين معا لكسب معركة ضد خصومهم الذين يفترض ان يكونوا حلفاء .

ان الواقعية الجهادية التي نراها اليوم ما هي الا نتاج خبرة طويلة و محن عظيمة و ارادة حقيقية في الارتقاء لخدمة المسلمين , بعيدا عن التكلس الفكري و الانغلاق المنهجي و بعيدا عن عبثية الصبيان الذين لا تهمهم امة و لا يهمهم وطن . ان الواقعية الجهادية بحاجة الى الشد من عضدها و تقويمها و ابعادها عن الاخطاء ما امكن , فليست هذه الواقعية الجهادية بالمثالية و لا تخلو من زلل و لا هي الحلم المنشود , لكنها في هذا الظرف الحالك من ظروف المسلمين غير المسبوقة تمثل افضل خيار متاح ينصر هذه الامة المظلومة المكلومة التي يتكاثر اعدائها و سفهائها على حد سواء .

هناك 3 تعليقات:

  1. كلام جميل

    ردحذف
  2. كلام بلا معنى مع انه مكتوب بشكل جيد و اسلوب سليم...اردوغان منع على الثوار و المجاهدين صواريخ ارض جو ليحموا انفسهم من البراميل حتى بعد فشل الانقلاب عليه..و تحالف مع قاتل المسلمين بوتين...و مع المحرم روحاني...و لا يزال التبادل الامني مع العدو الصهيوني على قدم و ساق...هنيئا له الواقعية و هنيئا للمجاهدين الابطال في الهيئة ثباتهم على الكتاب و السنة سواء في الحرب او الصلح او المهادنة.

    ردحذف